المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الزِّنا 5014 - قول "المنهاج" [ص 503]: (إيلاج الذكر بفرج - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌كتابُ الزِّنا 5014 - قول "المنهاج" [ص 503]: (إيلاج الذكر بفرج

‌كتابُ الزِّنا

5014 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (إيلاج الذكر بفرج محرّم لعينه خالٍ عن الشبهة مشتهًى .. يوجب الحد) و"الحاوي"[ص 584]: (بإيلاج فرج في فرج محرم لعينِهِ مشتهًى بلا ملك وظنه وتحليل عالم

إلى آخره) يرد عليه أمور:

أحدها: المراد: إيلاج الحشفة إن وجدت، وإلَّا .. فقدرها من مقطوعها، قال شيخنا الإمام البلقيني: فلو ثنى ذكره وأولج قدر الحشفة .. ففي ترتيب الأحكام عليه توقف، والأرجح: الترتب إن أمكن.

ثانيها: أن عبارتهما تتناول إيلاج المرأة؛ كاستدخالها ذكر نائم، فينبغي أن يقولا:(إيلاج ذكر آدمي) ليخرج استدخالها ذكر بهيمة؛ فلا حد به.

ثالثها: ويشترط أيضًا كونه متصلًا؛ ليخرج المقطوع، وأصليًا؛ ليخرج الزائد، ومحلِّلًا؛ ليخرج ما لا يمكن انتشاره، أورده شيخنا الإمام البلقيني، وقد يخرج ذلك بقولهما:(مشتهىً).

رابعها: يستثنى من الشبهة: جارية بيت المال بوطئها؛ لأنه يستحق فيه النفقة دون الإعفاف، ذكره في "أصل الروضة" في (السير)(1)، قال شيخنا الإمام البلقيني: قد تكون جارية بيت المال من سهم المصالح .. ففيه الوجهان في وطء جارية من الخمس أو قبل إفراز الخمس، والأصح فيها أيضًا: وجوب الحد.

خامسها: أنَّه يدخل في قول "الحاوي": (وظنه) أي: ظن الملك، ما لو ظن ملك بعضها بالشركة، وفيه تردد للإمام، حكاه الرافعي من غير ترجيح (2)، وزاد في "الروضة": أن الظاهر الجاري على القواعد وجوب الحد (3)، لغلبة الحرمة، فكان من حقه الامتناع، وكذا في "المطلب": أنَّه الظاهر.

لكن في "المهمات": أن الصحيح: عدم الوجوب كما لو سرق مال غيره على ظن أنَّه لأبيه أو ابنه، أو أن الحرز ملكه .. فإن الأصح في "أصل الروضة": أنَّه لا حد فيها (4)، قال: وهي نظير مسألتنا إن لم تكن إياها، وقد اعتبر هنا أمرأنعتقده نحن مسقطا، بخلاف ما إذا علم التحريم واعتقد

(1) الروضة (10/ 273).

(2)

فتح العزيز (11/ 146، 147)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 206).

(3)

الروضة (10/ 95).

(4)

الروضة (10/ 120، 121).

ص: 187

عدم الحد، أو سرق دنانير يظنها فلوسًا؛ فإنه اعتقد أمرًا نعتقده موجبًا، وكذا قال شيخنا الإمام البلقيني: ظاهر نص "المختصر" يشهد لعدم الحد؛ حيث قال في الصداق: (إلَّا أن تكون أمة فيطأها قبل الدخول، ويقول: كنت أراها لا تملك إلَّا نصفها حتَّى يدخل، فيقوم عليه الولد يوم سقط، ويلحق به، ولها مهر مثلها عليه)(1)، قال شيخنا: فجعل اعتقاد أن له شركة بالنصف ينفي عنه حكم الغاصب، ويثبت عليه المهر وقيمة الولد، وذلك يقتضي إسقاط الحد.

5015 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (ومن لاط وهو من أهل حد الزنا .. ففيه قولان: أحدهما: يجب عليه الرجم، والثاني: يجب عليه الرجم إن كان محصنًا، والجلد والتغريب إن لم يكن محصنًا) الأظهر: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(2)، فهو داخل في ضابطهما المتقدم، وذكره "المنهاج" بعد ذلك أيضًا فقال [ص 503]:(ودبر ذكر وأنثى كقبل على المذهب) ويرد عليه أمور:

أحدها: أنَّه يستثنى منه: دبر زوجته أو مملوكته؛ فإن الواجب فيه التعزير فقط على المذهب، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 584]:(لا الزوجة والمملوكة) وقد يفهم ذلك من قول "المنهاج"[ص 503]: (وكذا كل جهة أباح بها عالم).

ثانيها: أن مسألة اللواط ذات قولين كما تقدم، فمن أين جاء التعبير بالمذهب؟ ولعل ذلك؛ لأجل قول ثالث اختلفوا في إثباته، وهو: التعزير فقط، وأسقطه في "الروضة"، وفي ذلك بُعْد.

ثالثها: أن الدبر ليس كالقبل بالنسبة إلى المفعول به، فالمفعول به إنما يجلد ويغرب ولو كان محصنًا، سواء كان رجلًا أو امرأة، وهذا وارد على "التنبيه" و"الحاوي" و"التصحيح" أيضًا.

5016 -

قول "الحاوي"[ص 584]: (والمملوكة المحرمة بنسب) كذلك برضاع أو مصاهرة؛ ولهذا أطلق "المنهاج" قوله [ص 503]: (وكذا مملوكته المحرم)، وقول "التنبيه"[ص 241، 242]: (وإن وطئ بملك اليمين .. ففيه قولان، أحدهما: يحد، والثاني: يعزر وهو الأصح) يتناول أخته من الرضاع، لكنه لا يشمل محرمية المصاهرة ولا بقية المحارم؛ فعبارة "المنهاج" أشملها.

5017 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (ومكره في الأظهر) فيه أمور:

أحدها: أنَّها مسألة دخيلة هنا، كان ينبغي ذكرها عند الشروط مع التكليف ونحوه، كما قال "التنبيه" [ص 241]:(إذا زنا البالغ العاقل المختار).

(1) مختصر المزني (ص 180).

(2)

الحاوي (ص 584)، المنهاج (ص 503).

ص: 188

ثانيها: أن تعبيره بالأظهر يقتضي أن الخلاف قولان، وكذا في "المحرر" و"الوجيز"(1)، لكنه في "الشرحين" وجهان (2)؛ فلهذا عبر في "الروضة" بالأصح (3)، وحكى الماوردي والروياني إسقاط الحد عن المكره عن مذهب الشَّافعي، وإيجابه عن بعض الأصحاب (4)، وذلك يقتضي أن الخلاف قول ووجه.

ثالثها: أن محل الخلاف: في الرجل، أما المرأة: فلا يجب عليها الحد قطعًا.

قول "الحاوي"[ص 584]: (ودون ولي وشهود) يفهم سقوط الحد مع خلو العقد عن ولي وشهود معًا، وليس كذلك، وإنَّما يسقط إذا خلا عن أحدهما فقط؛ لشبهة أبي حنيفة في عدم اعتبار الولي، ومالك في عدم اعتبار الشهود، فلو عبرب (أو) .. لكان أولى.

وكذا يرد ذلك على قول "التنبيه"[ص 242]: (وإن وطئ في نكاح مختلف في إباحته؛ كالنكاح بلا ولي ولا شهود) على أن في عبارته ما يرشد إلى مراده انتفاء أحدهما فقط من وجهين:

أحدهما: قوله: (مختلف في إباحته) فإن المختلف في إباحته فاقد أحدهما فقط، أما فاقد كل منهما .. فمجمع على تحريمه.

ثانيهما: قوله بعد ذلك: (وقيل: إن وطئ في النكاح بلا ولي وهو يعتقد تحريمه .. حد)(5) ولم يبال شيخنا الإسنوي بهاتين القرينتين، فأورد ذلك على "التنبيه"، وقال:(الصواب: وجوب الحد فيما إذا وطئ في نكاح بلا ولي ولا شهود)(6)، واقتصر "المنهاج" على التمثيل بنكاح بلا شهود (7)، فلا إيراد عليه، لكن شاححه شيخنا الإمام البلقيني في قوله:(على الصحيح)(8) وقال: إن مقتضى المنقول: أنَّه لا يجب الحد في الوطء بلا شهود قطعًا، وإن كان قوله:(على الصحيح) راجعًا للقاعدة .. فهو أولى بالاعتراض بأنه لا خلاف فيها ولا في هذا المثال، إنما الخلاف في النكاح بلا ولي، وقيد محل الخلاف في درء الحد بشبهة عالم بما إذا لم يحكم حاكم بإبطاله أو صحته، فإن حكم بإبطاله وفرق بين الزوجين .. فقال الماوردي: إنهما زانيان عليهما الحد؛ لأن شبهة العقد قد ارتفعت بحكم الحاكم بينهما بالفرقة (9)، قال شيخنا: وإن

(1) الوجيز (2/ 169)، المحرر (ص 427).

(2)

فتح العزيز (11/ 149).

(3)

الروضة (10/ 95).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(13/ 241).

(5)

التنبيه (ص 242).

(6)

تذكرة النبيه (3/ 465).

(7)

المنهاج (ص 503).

(8)

المنهاج (ص 503).

(9)

انظر "الحاوي الكبير"(9/ 48).

ص: 189

حكم بالصحة حيث لا ينقض .. فلا حَدّ قطعًا، قال: وهذا مقيد عند المحققين بأن يكون للعالم في تلك الجهة مستند متماسك.

5018 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (وإن وطئ أجنبية ميتة .. فقد قيل: يحد، وقيل: لا يحد) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، وتقييد "التنبيه" بالأجنبية يفهم عدم الحد إذا كانت مباحة له في حياتها بملك أو زوجية، وكذا صححه النووي في "نكت الوسيط"، لكن صحح في "شرح المهذب": عدم الحد مطلقًا، وجعل هذا الوجه المفصل ضعيفًا (2).

5019 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (وإن أتى بهيمة .. ففيه قولان؛ كاللواط، وقيل: فيه قول ثالث: أنَّه يعزر) الأظهر: هذا القول الثالث كما في "المنهاج"(3)، وقطع به بعضهم، وعليه مشى "الحاوي"(4)، وقال في "المطلب": إنه الصحيح عند عامة الأصحاب، ونازعه شيخنا الإمام البلقيني في ذلك، وصحح وجوب الحد؛ فإن الشَّافعي رضي الله عنه نص عليه في الحدود، وكلامه في غيره محتمل.

5020 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (فإن كانت البهيمة تؤكل .. وجب ذبحها وأكلت، وقيل: لا تؤكل) صحح في "الروضة" حل أكلها (5)، وكذا صححه الإمام والبغوي وغيرهما (6)، وفي "المطلب" تبعا للرافعي: أن الشيخ أبا حامد صحح أنَّها حرام (7)، قال شيخنا الإمام البلقيني: ولم أجد ذلك في "تعليقه".

5021 -

قوله: (وإن كانت لا تؤكل .. فقد قيل: تذبح، وقيل: لا تذبح)(8) الأصح: الثاني، كذا صححه الرافعي والنووي (9)، وقال في "المطلب": صرح الأصحاب بتصحيح عدم قتلها.

قال شيخنا الإمام البلقيني: وما قاله مردود؛ فلم يصرح الأصحاب بذلك، قال: والأصح على أن الحجة بالخبر: أنَّها تقتل مطلقًا، وعلى أن الحجة مجرد القياس: لا تقتل مطلقًا، قال:

(1) الحاوي (ص 584)، المهاج (ص 503).

(2)

المجموع (2/ 152).

(3)

المنهاج (ص 503).

(4)

الحاوي (ص 584).

(5)

الروضة (10/ 92).

(6)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 199، 200)، و"التهذيب"(7/ 243).

(7)

انظر "فتح العزيز"(11/ 143).

(8)

انظر "التنبيه"(ص 241).

(9)

انظر "فتح العزيز"(11/ 143)، و"الروضة"(10/ 92).

ص: 190

وقد احتججنا بالخبر، وحملناه على المحصن من جهة القياس، وذلك يقتضي قتل البهيمة مطلقًا.

5522 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (ويحد في مَحْرَمٍ وإن كان تزوجها) أعم من قول "الحاوي"[ص 584]: (ونكح الأم).

5023 -

قول: "التنبيه"[ص 241]: (إذا زنى العاقل البالغ المختار وهو مسلم أو ذمي أو مرتد .. وجب عليه الحد) يشترط أيضًا: العلم بتحريمه، وقد ذكره بعد ذلك فقال:(وإن زنى بامرأة وادعى أنَّه جهل تحريم الزنا؛ فإن كان يجوز أن يخفى عليه؛ بأن يكون قريب العهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة .. لم يحد)(1) وخرج بجهل التحريم ما لو علمه وجهل الحد، وقد تردد فيه الإمام، وحكاه عنه الرافعي (2)، وقال النووي: الصحيح: الجزم بوجوب الحد، وهو المعروف في المذهب والجاري على القواعد (3)، وجزم به الرافعي في نظيره من شرب الخمر، وعبارة "المنهاج" [ص 503]:(وشرطه التكليف - إلَّا السكران - وعلم تحريمه) فصرح باشتراط العلم بتحريمه، وقد عرفت أن الجهل بذلك إنما يقبل ممن يمكن خفاؤه عليه عادة، وفي كلامه مع ذلك أمران:

أحدهما: ما اقتضاه كلامه من أن السكران غير مكلف تقدم له نظيره في الطلاق، وتقدم الرد عليه فيه هناك.

ثانيهما: يشترط مع ذلك أيضًا: كونه ملتزمًا للأحكام؛ ليخرج الحربي والمستأمن، وقد ذكره "التنبيه" بقوله [ص 241]:(وهو مسلم أو ذمي أو ومرتد).

5024 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (وهو - أي: المحصن - .. مكلف حر ولو ذمي غَيَّب حشفته بقُبُلٍ في نكاح صحيح لا فاسد في الأظهر، والأصح: اشتراط التغييب حال حرية وتكليف) مثل قول "الحاوي"[ص 585]: (المكلف الحر المصيب بعدهما بصحيح نكاح) إلَّا أن تعبير "المنهاج" بتغييب حشفة بقبل أوضح من تعبير "الحاوي" بالإصابة، وأنه يرد على تعبير "المنهاج": إدخالها حشفته وهو نائم، وإدخاله فيها وهي نائمة؛ فإنه يحصل الإحصان للنائم أيضًا وإن لم يكن التغييب حالة التكليف، ولا يرد ذلك على تعبير "الحاوي" بالإصابة؛ لأن الإصابة في هاتين الصورتين بعد التكليف، لكن يرد عليه: من بلغ وهو نائم، وأصيب في حالة النوم، أو أصاب حال الجنون الطارئ بعد التكليف، وأنه لا معنى لاشتراط "المنهاج" التكليف في الإحصان بعد اشتراطه التكليف في مطلق وجوب الحد، بخلاف "الحاوي" فإنه لم يتقدم له ذلك.

(1) التنبيه (ص 242).

(2)

فتح العزيز (11/ 150)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 206).

(3)

انظر "الروضة"(10/ 95).

ص: 191

بقي أمر مشترك بينهما، وهو: أنهما اعتبرا في المحصن كونه حرًا، ولم يعتبر ذلك "التنبيه"، بل قال [ص 241]:(إنه من وطئ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل) فاعتبر الحرية حالة الإصابة لا حالة الزنا، ومقتضاه: أنَّه لو أحصن ذمي ثم نقض العهد والتحق بدار الحرب واسترققناه فزنا .. أنَّه يحد حد المحصن، وإن كان رقيقًا حالة رجمه، وبذلك صرح شيخنا الإمام البلقيني، وقال: إن المراد: الحرية حالة التحصين لا حالة الزنا، لكنه مخالف لما في "الروضة" وأصلها: أن شرط الإحصان ثلاثة: التكليف، والحرية، والوطء في نكاح صحيح (1)، وحكى في "الكفاية" ذلك عن القاضي أبي الطيب، وأن الماوردي قال: إنه مذهب الشَّافعي، وعليه جمهور أصحابه (2)، ثم ألزم في "الكفاية""التنبيه" هذه الصورة، قال: وقد صرح القاضي حسين وغيره بأن عليه جلد خمسين والتغريب إن رأيناه؛ لأن الاعتبار في الحدود بحالة الوجوب، قال: فيجب أن يقال: (هو: من وطئ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل في حالة الوطء وحالة الزنا)، قال: ويدخل في ذلك ما إذا وطئ في نكاح صحيح وهو كذلك، ثم نقض العهد واسترق، ثم عتق فزنا .. فإنه يرجم اتفاقًا كما صرح به القاضي حسين. انتهى

فما أدري من أين أخذ شيخنا ما قاله" ولعله أراد هذه الصورة التي حكى في "الكفاية" فيها الاتفاق، أو أنَّه زنا قبل الرق حالة كونه ذميًا محصنًا حرًا، لكن ينافي الصورتين معًا قوله: (إن المراد: الحرية حالة التحصين لا حالة الزنا)، ويختص "المنهاج" بأمور:

أحدها: أنَّه لو قال: (ولو ذميًا) .. لكان أولى من قوله: (ذمي) لاحتياج الرفع إلى تكلف، بل لو حذف هذه اللفظة .. لكان أولى؛ لأن الحربي إذا أصاب في حالة حرابته وبلوغه وعقله في أنكحتهم .. محصن وإن لم يكن ذميًا، فلو عقدت له ذمة فزنى .. رجم؛ فالذمة شرط لإقامة الحد عليه لا لكونه محصنًا.

ثانيها: أن قوله: "لا فاسد في الأظهر) (3) يقتضي قوة الخلاف، وتعبير "الروضة" عنه بأنه المشهور وبه قطع الجمهور يقتضي ضعفه (4)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: كونه لا يحصل التحصين بالوطء في الفاسد هو المعروف في الطريقين، ونسب القاضي حسين مقابله إلى أبي ثور مذهبًا له، لا أنَّه نقله عن الشَّافعي، ولا نعرف حكاية القولين إلَّا في كلام الفوراني والإمام والغزالي (5).

(1) فتح العزيز (11/ 131)، الروضة (10/ 90).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(9/ 385، 388).

(3)

المنهاج (ص 503).

(4)

الروضة (10/ 86).

(5)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 184)، و"الوجيز"(2/ 166).

ص: 192

ثالثها: أن قوله: (الأصح: اشتراط التغييب حال حرية وتكليف)(1) يقتضي أنَّه وجه، وأن مقابله قوي، وليس كذلك فيهما؛ فهو نص الشَّافعي في "الأم" و"المختصر"(2)، ومقابله ضعيف.

رابعها: يرد عليه أن مقتضاه: أن الإصابة حال سكره لا يحصل بها التحصين؛ لأنه غير مكلف على طريقته، وإن كان الراجح خلافه كما تقدم، لكنه ألحق السكران وإن كان غير مكلف عنده بالمكلفين في إيجاب الحد عليه، فكذلك في التحصين.

وأورد عليهم معًا أمور:

أحدها: أن تعبيرهم لا يتناول الأنثى.

وجوابه: أن المراد: الجنس؛ فيتناولها لا سيما قول "التنبيه"[ص 241]: (من وطئ) فإنه شامل لهما، وأما التذكير بعد ذلك؛ فلمراعاة اللفظ، إلَّا أن يقال: المرأة ليست واطئة، وإنما هي موطوءة.

ثانيها: أن عبارتهم تتناول الحرية في الظاهر؛ كاللقيط الساكن والعتيق في مرض الموت مع أنهما لا يرجمان، والمراد: من استقرت حريتهما، قال شيخنا الإمام البلقيني: ولم أر من تعرض لهذين الفرعين، ولا بد من التنبيه عليهما.

قلت: قد يقال: لم تتناولهما عبارتهم؛ لأنهما ليسا محققي الحرية، ولا بد من تحققها؛ لأنها شرط، وهذا شأن الشروط.

ثالثها: أنَّه دخل في عبارتهم وطء من لا يوطأ مثلها مع عدم تمييزها، وقد تردد في ذلك شيخنا الإمام البلقيني، وقال: الأرجح: أنَّه لا يصير به محصنًا، وكذا لو استدخلت المرأة حشفة زوجها الفطيم .. لا تصير محصنة.

قلت: كلامهم قد يخالف ذلك؛ ففي "أصل الروضة" بعد حكاية الخلاف في إصابة الكامل الناقص: قال الإمام: هذا الخلاف في صغيرة أو صغير لا يشتهيه الجنس الآخر، فإن كان مراهقًا .. حصل قطعًا. انتهى (3)

فالتي لا تشتهى هي التي لا يُوطأ مثلها، إلَّا أن يقال: صورة تردد الشيخ ليس في كل من لا يشتهى، بل بقيد كونه غير مميز، ويختص كلام الإمام بوجود التمييز، والله أعلم.

5025 -

قول "المنهاج" عطفًا على ما عبر فيه بالأصح [ص 503]: (وأن الكامل الزاني بناقصٍ محصنٌ) فيه أمران:

(1) المنهاج (ص 503).

(2)

الأم (4/ 288)، مختصر المزني (ص 261).

(3)

الروضة (10/ 87)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 184).

ص: 193

أحدهما: أنَّه يقتضي أن الخلاف وجهان، وكذا في "المحرر"(1)، وهو في "الروضة" وأصلها قولان (2).

ثانيهما: كان ينبغي أن يقول: (المصيب لناقص) لأن المراد: إذا كان أحد الزوجين في حال إصابته كاملًا؛ أي: مكلفًا حرًا، والآخر ناقصًا؛ أي: بخلاف ذلك .. هل يحصل الإحصان للكامل وإن لم يحصل للناقص؟ الأظهر: نعم، وأما الكامل الزاني بناقص .. لا يصير بذلك محصنًا بلا شك، والمعنى واضح، وإنما الإيراد على التعبير، وقد قيل: إنها بالبناء؛ أي: الدخول بدل الزاني، وهو حسن، وقال السبكي: هذه عبارة قلقة ومقصودة، وأن الزاني الكامل المصيب لناقصة محصن؛ فالوجه في التعسف لتصحيح كلامه: أن يجعل بناقص معلقًا بالكامل على سبيل التجوز، حكاه عنه ولده في "التوشيح"، وقال: وما أحسن اعترافه بالتعسف في هذا المحمل، وحاصله: أن الذي يكمل بوطء في نكاح ناقص هل يكون كاملًا محصنًا؟ وهذا أحسن ما حمل عليه كلامه، وإلَّا .. فلا يبقى له وجه.

5026 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (إلى مسافة تقصر فيها الصلاة) و"الحاوي"[ص 585]: (مرحلتي جهةٍ شاء) مقتضاه: أنَّه لو رأى تغريبه إلى ما فوق مسافة القصر .. لم يجز، وبه قال المتولي، إذا كان هناك موضع صالح، لكن الصحيح: الجواز مطلقًا، وبه قطع الجمهور؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 503]:(إلى مسافة قصر فما فوقها) وقد غرب عمر رضي الله عنه إلى الشام، وعثمان رضي الله عنه إلى مصر (3).

5027 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (وإذا عين الإمام جهة .. فليس له طلب غيرها في الأصح) كان ينبغي أن يقول: (لم يعدل إلى غيرها) فإن له طلب غيرها قطعًا، لكن الإمام بالخيرة في إجابته إليها، ويرد ذلك على قول "الحاوي" [ص 585]:(مرحلتي جهة شاء) واستثنى شيخنا الإمام البلقيني من ذلك: ما إذا صادفنا من وجب عليه التغريب محرمًا أو خارجًا لجهاد تعين عليه، ولو غربناه إلى جهة أخرى فإنه الحج أو الجهاد .. قال: فيجاب إذا طلب جهة قصده، ولا يصار إلى تفويت مقصده عليه، ولا إلى تأخير التغريب حتَّى يفرغ.

5028 -

قول "المنهاج"[ص 503]: (ويغرب غريب من بلد الزنا إلى غير بلده) و"الحاوي"[ص 585]: (لا بلده) كذا لا يغرب إلى بلد بينه وبين بلده دون مسافة القصر؛ فحكمها حكم بلده، فلو لم يكن للغريب وطن؛ بأن هاجر حربي عند إسلامه ولم يتوطن بلدًا .. قال المتولي: يتوقف

(1) المحرر (ص 428).

(2)

فتح العزيز (11/ 133)، الروضة (10/ 86).

(3)

انظر "الروضة"(10/ 88).

ص: 194

الإمام حتَّى يتوطن ثم يغربه، حكاه عنه في "أصل الروضة"، وأقره (1).

وتعقبه شيخنا الإمام البلقيني وقال: يغربه من بلد الزنا كمسافر زنا في طريقه؛ فإنه يغربه من غير أن يتوقف حتَّى يرجع إلى بلده أو يقيم في موضع، ونازع شيخنا أيضًا في قول الرافعي والنووي: إن المسافر يغرب إلى غير مقصده (2)، وقال: لا يحجر على الإمام في ذلك، بل إذا رأى الإمام تغريبه في جهة مقصده .. لم يمنع من ذلك، ولا سيما إذا كان مسافرًا للحج أو للجهاد .. فلا ينبغي تفويت مقصوده، ويكفي في التنكيل أن يمنع من العودة والتصرف في السفر يمنة ويسرة.

5029 -

قول "الحاوي"[ص 585]: (والمرأة بمحْرَم) تبع فيه "الوجيز"(3)، ويرد عليه: الزوج؛ فهو في ذلك كالمحرم، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 504]:(ولا تغرب امرأة وحدها في الأصح، بل مع زوج أو مَحْرَمٍ) وكذا النسوة الثقات كما جزموا به في الحج، وهذا أولى؛ لكونه على الفور والحج على التراخي، وحكى في "أصل الروضة" في ذلك وجهين بلا ترجيح عند أمن الطَّرِيقِ، قال: وربما اكتفى بعضهم بواحدة ثقة (4).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو المعتمد تفريعًا على أنَّها لا تخرج وحدها، قال: ونص الشَّافعي في "الأم" في باب حج المرأة والعبد صريح في الاكتفاء في الحج بالمرأة الواحدة (5)، وصرح به الماوردي والنووي في "شرح المهذب"(6)، قال: ونص في موضعين من "الأم" على تغريبها وحدها، وأن النهي عن سفرها وحدها إنما هو فيما لا يلزمها (7)، قال: ولم أقف على نص للشافعي يخالفه. انتهى.

ومحل ذلك مع الأمن كما قيد به الإمام والغزالي موضع الوجهين (8).

5530 -

قولهما: (وإن كان عبدًا .. فحده جلد خمسين)(9) لو عبرا (بمن فيه رق) ليتناول المبعض وغيره .. لكان أولى، وقد سوى في ذلك بين القن والمدبر وأم الولد، وإنَّما قال: "لا المكاتب وحر البعض) (10) لأجل أن السيد لا يقيم الحد عليهما، وكلامه فيه، وأما بالنسبة إلى

(1) الروضة (10/ 89).

(2)

انظر "فتح العزيز"(11/ 137)، و "الروضة"(10/ 89).

(3)

الوجيز (2/ 167).

(4)

الروضة (10/ 87).

(5)

الأم (2/ 117).

(6)

الحاوي الكبير (4/ 363)، المجموع (7/ 55).

(7)

الأم (2/ 117)، (6/ 134).

(8)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 181)، و"الوجيز"(2/ 167).

(9)

انظر "التنبيه"(ص 241)، و"المنهاج"(ص 504).

(10)

الحاوي (ص 586).

ص: 195

تنصيف حد الحر .. فهما كالقن في ذلك، وقيد شيخنا الإمام البلقيني وجوب الحد على العبد والأمة بالإسلام، وقال: إن حكم الكافرين كالمعاهد؛ لأنهما لم يلتزما الأحكام بالذمة؛ إذ لا جزية عليهما، والمعاهد لا يحد، فكذا العبد والأمة الكافران، قال: ونص الشَّافعي في "الأم" يقتضي ذلك؛ لأنه فسر الإحصان في الأمة بالإسلام (1).

5031 -

قول "التنبيه"[ص 241]: (وفي تغريبه ثلاثة أقوال) الأظهر: الثالث، وهو: وجوب تغريب نصف عام، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(2).

5032 -

قول "المنهاج"[ص 504]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 586]: (ويثبت ببينة، أو إقراره) كذا بلعان الزوج في حق المرأة إن لم تلاعن كما سبق في بابه، والمراد: الإقرار الحقيقي دون التقديري، وهو اليمين المردودة بعد نكول الخصم؛ فإنه لا يثبت به الزنا، ولكن يسقط به الحد عن القاذف، ويثبت به مهر المثل في صورة دعوى الإكراه على الزنا .. فالأصح: أنَّه يشترط في الإقرار بالزنا التفسير.

5033 -

قول "المنهاج"[ص 504]: (ولو قال: لا تحدوني أو هرب .. فلا في الأصح) أي: لا يسقط الحد، لكن يخلى في الحال ولا يتبع؛ ولذلك قال "التنبيه" [ص 243]:(فإن رجم فهرب .. لم يتبع) ونبه في "التصحيح" على أن هذا فيمن ثبت زناه بالإقرار، فإن ثبت بالبينة .. فإنه يتبع، وهو كذلك، وليس المراد: ترك إقامة الحد عليه مطلقًا، ولكن الإعراض عنه احتياطًا، فإن رجع، وإلا .. حد.

نعم؛ لو اتبع الهارب فرجم .. فلا ضمان، ومقتضى عبارة "المنهاج": قوة الخلاف، وليس كذلك، بل مقابل الأصح ضعيف جدًا، وعبارة الشَّافعي رحمه الله توافق الأول؛ حيث قال:(حتَّى يرجع عن الإقرار بكلام)(3)، قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحل الخلاف: في هرب مشعر بالرجوع؛ كهربه عند إقامة الحد عليه، فلو هرب على وجه لا إشعار له بالرجوع .. لم يسقط الحد قطعًا.

5034 -

قول "المنهاج"[ص 504]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 584]: (ولو شهد أربعة بزناها وأربع أنَّها عذراء .. لم تحد هي ولا قاذفها) قال شيخنا الإمام البلقيني: محله: فيما إذا لم تكن غوراء بحيث يمكن تغييب الحشفة مع بقاء البكارة، فإن كانت كذلك .. حُدَّتْ؛ لثبوت الزنا، قال: ولا يتوقف ذلك على أربع نسوة، فلو شهد به رجلان. كان كذلك.

(1) الأم (6/ 155).

(2)

الحاوي (ص 586)، المنهاج (ص 504).

(3)

انظر "الأم"(6/ 71).

ص: 196

5035 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (ولا يقيم الحد على الحر إلَّا الإمام أو من فوض إليه الإمام) كذلك المبعض والمكاتب كما صرح بهما "المنهاج" و"الحاوي"، والعبد الموقوف كله أو بعضه بناء على أن الملك فيه لله تعالى، وهو الأظهر، وعبد بيت المال، والموصى بإعتاقه إذا زنى بعد موت الموصي وقبل إعتاقه، وهو يخرج من الثلث بناء على أن أكسابه له، وهو المذهب، والرقيق المسلم لكافر كمستولدته، ذكر ذلك كله شيخنا الإمام البلقيني.

5036 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (ويجوز للمولى أن يقيم الحد على عبده وأمته) يفهم أنَّه لا يتعين عليه ذلك، بل للإمام فعله أيضًا، وبه صرح "المنهاج" و"الحاوي"(1)، والمراد بالمولى: بقدر الحد وكيفيته؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص 586]: (إن علم حكم الحد).

ويستثنى من المولى: المحجور عليه ولو بسفه، فليس له ذلك، ويقيمه عنه وليُّه ولو وصيًا وقيمًا بناء على أنَّه إصلاح، وهو الأصح، والمراد: سيده عند إقامة الحد، فلو زنا ثم باعه .. أقام المشتري الحد عليه بطريقه.

5037 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (وقيل: إن ثبت بالإقرار .. جاز له، وإن ثبت بالبينة .. لم يجز) اعترضه في "الكفاية" بما معناه: أن هذا الخلاف ليس معروفًا، بل المنقول: أن له الحد مطلقًا، والخلاف إنما هو في أن له سماع البينة أم لا كما مشى عليه "المنهاج"(2)، وللسيد أن يقيم عليه حد الشرب والقذف، وفى الأول وجه طرد في الثاني، وقطع السرقة والمحاربة وقتله في الردة في الأصح وقتله في قطع الطَّرِيقِ وصَلْبَه كما قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الأرجح.

5038 -

قول "المنهاج"[ص 504]: (فإن تنازعا .. فالأصح: الامام) يقتضي أنهما وجهان منقولان، وإنَّما هما احتمالان للإمام (3).

5039 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (فإن كان المولى فاسقًا أو امرأة .. فقد قيل: لا يقيم، وقيل: يقيم وهو الأصح) الأصح: أنَّه يقيم كما صرح به "المنهاج" و"الحاوي"(4)، وهو في "التنبيه" أيضًا، وإنَّما نبهت عليه؛ لأنه قد يتحرف بسبب تقديمه النفي أولًا، وفى معناهما: الكافر، وقد صرح به "المنهاج"(5)، ويستثنى منه: ما إذا كان الزاني من رقيقه مسلمًا؛ كمستولدته ونحوها؛ فإنه لا يحده بحال كما جزم به في "أصل الروضة"(6)، فإن كان كافرًا .. فلا

(1) الحاوي (ص 586)، المنهاج (ص 504).

(2)

المنهاج (ص 504).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 211، 212).

(4)

الحاوي (ص 586)، المنهاج (ص 504).

(5)

المنهاج (ص 504).

(6)

الروضة (10/ 104).

ص: 197

حد عليه قهرًا، فإن اعتقد سيده أن عليه الحد .. حده على مقتضى عقيدته.

5040 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (وإن كان مكاتبًا .. فقد قيل: يقيم، وقيل: لا يقيم وهو الأصح) الأصح: أنَّه يقيم، وعليه "المنهاج" و"الحاوي"(1)، لكن نص الشَّافعي على خلافه؛ وعلله: بأن الحد لا يكون إلى غير حر، والمراد: أن يكون السيد مكاتبًا، أما لو كان السيد مكاتبًا - بكسر التاء - والعبد مكاتَبًا - بالفتح - .. فإقامة الحد عليه للإمام خاصة كما ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(2)، وقد تقدم، ولم يتعرضوا لعبد المبعَّض، وقال شيخنا الإمام البلقيني: مقتضى النص المتقدم: أنَّه لا يقيمه عليه؛ لأنه غير حر، ويحتمل أن يقيمه عليه كما تجب عليه الزكاة فيما ملكه ببعضه الحر، والأرجح: الأول.

5041 -

قول "المنهاج" عطفًا على ما عبر فيه بالأصح [ص 504]: (وأن السيد يعزر) فيه أمور:

أحدها: أنَّه يقتضي أنَّه لا نص فيه للشافعي، وليس كذلك؛ فقد نص عليه، فقال:(وللمكاتَب أن يؤدب عبده)(3).

ثانيها: أن تعبيره بالأصح يقتضي قوة مقابله، وليس كذلك؛ ففي "أصل الروضة": أنَّه ضعيف (4).

ثالثها: أنَّه أطلق الخلاف، ومحله: في حقوق الله تعالى، وله أن يؤدبه لحق نفسه قطعًا، وقد جعله في "أصل الروضة" أصلًا مقيسًا عليه (5).

5042 -

قوله: (ويسمع البينة بالعقوبة)(6) يقتضي أن السيد لا يحده بعلمه، ويوافقه تخريجه ذلك في "شرح مسلم" على القضاء بالعلم في الحدود (7)، وقد ذكر الرافعي أيضًا هذا البناء، لكنه عقبه بقوله: الأظهر: نعم (8)، ومراده: ترجيح ذلك هنا، وإن كان الأظهر في القاضي خلافه؛ ولهذا قال في "أصل الروضة": فلو شاهده السيد .. فله إقامتها في الأصح. انتهى (9)

والفرق أن الحاكم إنما منع من القضاء بالعلم مطلقًا للتهمة، وهذا مفقود في السيد، ومن منع

(1) الحاوي (ص 586)، المنهاج (ص 504).

(2)

الحاوي (ص 586)، المنهاج (ص 504).

(3)

انظر "الأم"(8/ 71).

(4)

الروضة (10/ 103).

(5)

الروضة (10/ 103).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 504).

(7)

شرح مسلم (11/ 211).

(8)

انظر "فتح العزيز"(11/ 166).

(9)

الروضة (10/ 104).

ص: 198

في حدود الله تعالى؛ فلأنه مندوب إلى ستره، فليس له هتكه بإقامة الحد عليه بلا بينة، والسيد إنما يقيمه سرًا من غير هتك.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: يمكن أن يقال: إن قلنا: السيد يقيم الحد استصلاحًا .. أقامه بعلمه قطعًا، وإن قلنا: ولاية .. فوجهان، والأصح: أنَّه يقيمه بعلمه. انتهى

وتبعت أولًا في إيرادي ذلك على "المنهاج" شيخنا المذكور، والحق: أنَّه لا يرد، ولا يلزم من ذكر الخلاف في سماع البينة التي هي طريق لإثبات الحد بالاتفاق منع غيرها من الطرق، والله أعلم.

5043 -

قوله: (والرجم بمدرٍ وحجارةٍ معتدلةٍ)(1) و"الحاوي"[ص 585]: (بحجارة معتدلة) يقتضي منع الصخرة الكبيرة والحصيات الخفيفة، وبه صرح الإمام والغزالي (2)، وهو مقتضى كلام "الروضة" وأصلها (3)، ومنع ذلك شيخنا الإمام البلقيني، ومال: بل يُرمى بالخفيف والثقيل على حسب ما يتفق مما يجده الرامي؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد في قصة ماعز: (فرميناه بالعظام والمدر والخزف)، قال:(فاشتد واشتددنا خلفه حتَّى أتى عُرْض الحَرَّةِ، فانتصب لنا، فرمشِاه بجلاميد الحَرَّة، يعني: الحجارة حتَّى سكت)(4) قال شيخنا: ففيه أنهم رموه بالعظام والمدر والخزف بحسب ما وجدوا في ذلك الموضع، فلما وجدوا في الحرة الحجارة الكبار وهي الجلاميد .. رجموه بها، فدل على أنَّه لا يضيق في ذلك، وأنه بحسب ما يجده الذي يرجمه؛ وفي رواية عبدِ الرزاق عن ابن جريج:"أن ماعزًا لم يقتل حتَّى رماه عمر بلحي بعير، قام رأسه، فقتله) (5) وفي رواية للبيهقي: (أن عبدِ الله بنُ أنيس رماه بوظيف حمار أي: وهو مستدق الذراع والساق فصرعه، ورماه الناس حتَّى قتلوه) (6) وفي "صحيح مسلم": (أن خالد بنُ الوليد رمى رأس الغامدية بحجر فنضح الدم على وجهه)(7) قال: ولعل الإمام أراد: البداءة بالصخرة الكبيرة والاستمرار على الرمي بالحصيات الخفيفة.

5044 -

قول "التنبيه"[ص 243]: (وإن ثبت الحد بالبينة .. استحب أن تُحفر له حفيرة) المشهور: الجزم بأنه لا يحفر للرجل، والخلاف إنما هو في المرأة، والصحيح فيها: هذا

(1) انظر "المنهاج"(ص 504).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 189، 190)، و "الوجيز"(2/ 169).

(3)

فتح العزيز (11/ 156)، الروضة (10/ 99).

(4)

صحيح مسلم (1694).

(5)

مصنف عبدِ الرزاق (13339).

(6)

سنن البيهقي الكبرى (16735).

(7)

صحيح مسلم (1695).

ص: 199

التفصيل، وعلى هذا مشى "المنهاج"(1)، وهو الذي في كتب الرافعي والنووي (2)، لكن في "الأحكام السلطانية" للماوردي مثل ما في "التنبيه"(3)، إلَّا أنَّه حكى ذلك في "الحاوي" عن اختيار العراقيين، وأراد بهم: المخالفين لأصل المذهب، لا أصحابنا، ثم قال: وهذا عندنا غير مختار في رجم الرجل، سواء رجم بشهادة أو إقرار (4)، وذكر ابن يونس أن في بعض نسخ "التنبيه":(يحفر لها) وأن هذه النسخة هي الصحيحة.

قال ابن الرفعة: وما ذكره من تصحيح هذه النسخة تظهر صحته؛ لأن النووي لم ينبه في هذا الموضع على شيء، فلو كان لفظ الشيخ بالتذكير .. لنبه على ذلك على عادته، وحكى في "التوشيح" عن نسخة صحيحة عليها خط المصنف رحمه الله بالصحة له بالتذكير، واستشكل شيخنا الإسنوي في "التنقيح" المنقول بما في "صحيح مسلم":(أن ماعزًا حفر له)(5)، مع أن زناه ثبت بالإقرار، وما في "سنن أبي داوود":(أن فتى محصنًا اعترف بالزنا فحفر له ورجم)(6)، قال في "التوشيح": لكن قد ثبت في "صحيح مسلم" أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري: (فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد، فما حفرنا له)(7)، قال: وهذه الرواية عندنا أرجح؛ لتظافر الأحاديث على أنَّه هرب، واتبعوه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم:"فهلا تركتموه"، قال: ويؤيدها - أعني في عدم الحفر - ما رواه النَّسائي من حديث أبي هريرة: (أنَّه اضطجع في ظل شجرة ورُجم حتَّى مات).

ومال شيخنا الإمام البلقيني إلى أن الإمام يتخير في الحفر للرجل؛ إن شاء .. حفر له وإن شاء .. لم يحفر، قال: وهو الموافق لمقتضى الأحاديث الصحيحة، بل يمكن أن يدعي في ذلك السنة، قال: ولو بلغ الشَّافعي رضي الله عنه الحديثان اللذان فيهما الحفر .. لقال به تخييرًا أو سنة، قال: ويمكن الجمع بين الراويتين - أي: في حديث ماعز - أنَّه حفر له حفرة صغيرة، فلما رجم .. هرب منها، ولا ينافي ذلك قوله في رواية البيهقي من حديث بريدة:(فجعل فيها إلى صدره)(8) لأنه لا يمتنع أن يهرب من الحفيرة المذكورة؛ لأنه ليس المراد: أن يرد عليه التراب

(1) المنهاج (ص 504).

(2)

انظر "المحرر"(ص 429)، و"فتح العزيز"(11/ 157)، و"الروضة"(10/ 99).

(3)

الأحكام السلطانية (ص 293).

(4)

الحاوي الكبير (13/ 202).

(5)

صحيح مسلم (1695).

(6)

سنن أبي داوود (4435).

(7)

صحيح مسلم (1694).

(8)

سنن البيهقي الكبرى (16742).

ص: 200

بحيث لا يتمكن من الخروج، وناقش شيخنا المذكور "المنهاج" في قوله [ص 504]:(والأصح: استحبابه إن ثبت ببينة) وقال: العبارة الوافية: (إن لم يثبت بإقرارها) ليشمل ما إذا وجب عليها الحد بلعان الزوج .. فإنه كالبينة؛ لأنه لا يستحب لها أن تلاعن بعد امتناعها كما لا يستحب للشهود الرجوع بعد شهادتهم، قال: ويحتمل أن يجعل كإقرارها؛ لأنها متمكنة من إسقاط الحد باللعان، وصحح شيخنا المذكور: استحباب الحفر لها ولو ثبت بالإقرار؛ فإن في "صحيح مسلم" من حديث بريدة الأمر بالحفر للغامدية مع أن زناها بالإقرار (1)، قال: ولا يحل أن يثبت في مذهب الشَّافعي ما يخالف السنة الصحيحة.

5045 -

قول "التنبيه"[ص 242، 243]: (فإن وجب الرجم في الحر أو البرد أو المرض؛ فإن كان قد ثبت بالبينة .. رجم، وإن ثبت بالإقرار .. فالمنصوص: أنَّه يؤخر إلى أن يبرأ ويعتدل الزمان، وقيل: يقام عليه) صحيح "المنهاج" الثاني، فقال [ص 504]:(ولا يؤخر لمرض وحر وبرد مفرطين، وقيل: يؤخر إن ثبت بالإقرار) وكذا قال "الحاوي"[ص 585]: (وإن مرض، وفي الحر والبرد المفرطين) وقيد التأخير بأن يكون الحر والبرد مفرطين، واستفدنا من "التنبيه" أن التأخير منصوص، فلا ينبغي التعبير عنه بقيل على اصطلاحه.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: لم أقف عليه في "الأم"، وما أظنه يصح عن الشَّافعي، وإنَّما هو وجه حكاه ابن أبي هريرة، وعدم التأخير منصوص "المختصر"، فالمسألة ذات قولين إن صح نص "الأم"، وهنا أمور:

أحدها: أن محل الخلاف: في المرض الذي يُرجى برؤه، ولا خلاف في رجمه في المرض الذي لا يرجى زواله، ذكره شيخنا الإمام البلقيني، قال: وما وقع في "شرح التنبيه" لابن يونس عن الشيخ أبي حامد: أنَّه إن كان مريضًا .. أخّر الرجم، سواء رجي برؤه أم لا، نقلٌ غير صحيح، ولم يقله الشيخ أَبو حامد.

ثانيها: ومحل الخلاف أيضًا ما إذا لم يرتد بعد ذلك، ولم يتحتم قتله في المحاربة، فإذا وُجد أحدهما .. رجم قطعًا، ذكره شيخنا أيضًا.

ثالثها: ظاهر كلامهما وجوب التأخير على ذلك الوجه، وليس كذلك، وإنَّما هو مستحب، قاله شيخنا المذكور، وقال: لم أر من تعرض له هنا، وتعرضوا له في الجَلْد.

5046 -

قول "الحاوي"[ص 585]: (ويؤخر الجلد) أي: في المرض والحر والبرد المفرطين، فيه أمران:

(1) صحيح مسلم (1695).

ص: 201

أحدهما: أن هذا التأخير مستحب؛ فقد قال في "التنبيه"[ص 242]: (فإن جلده في هذه الأحوال فمات .. فالمنصوص: أنَّه لا يضمن) وكذا قال في "المنهاج"[ص 504]: (فلا ضمان على النص فيقتضي أن التأخير مستحب) لكن في "زيادة الروضة": المذهب: وجوب التأخير مطلقًا (1)، يعني: سواء أوجبنا الضمان أم لا.

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو مخالف لقول الشَّافعي رضي الله عنه في "الأم": (وإذا وقع على رجل حَدٌّ، فضربه الإمام وهو مريض أو في برب شديدٍ أو حَرٍّ شديدٍ .. كرهت ذلك)(2) فتصريحه بالكراهة يدل على أنَّه لا يجب التأخير، ثم صوب شيخنا أن الاستحباب فيما إذا كان الجلد في المرض أو الحر أو البرد لا يهلك غالبا ولا كثيرًا، والوجوب فيما إذا أهلك غالبًا أو كثيرًا.

ثانيهما: أن محل التأخير: في مرض يرجى برؤه، قال في "التنبيه" [ص 242]:(وإن كان نضو الخلق أو مريضًا لا يرجى برؤه .. جلد بأطراف الثياب وإثكال النخل)، وقال في "المنهاج" [ص 504]:(فإن لم يُرج برؤه .. جلد لا بسوط، بل بعثكال عليه مائة غصن، فإن كان خمسين .. ضرب مرتين، وتمسه الأغصان أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم) وحذف ابن يونس في "النبيه" إضافة الإثكال إلى النخل كما فعل "المنهاج" لأن الإثكال لا يطلق إلَّا على شمراخ النخل كما نبه عليه في "تنويهه"، قال: وغلطناه في قوله: (أطراف الثياب)(3) إذ لا يكاد يوجد لغيره؛ وهذا لأن الإمساك بطرف ثوبه لا أثر له في الإيلام، ولا يسمى جلدًا، وكذا أنكر على الشيخ ابن عمه في "شرحه" والنووي في "نكته"، وقال ابن الرفعة: إنه صرح به جماعة من الأئمة، ولا التفات إلى من قال: إنه لم يره إلَّا في "المستظهري"(4)، وفي "أصل الروضة": ولا يتعين العثكال، بل له الضرب بالنعال وأطراف الثياب، كذا حكاه ابن الصباغ والروياني وغيرهما (5).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو عندي متعقب في النعال إذا كان ألمها أكثر من ألم العثكال، وأما أطراف الثياب .. فالظاهر أن أمرها مساو للعثكال أو أخف منه، وفي الحديث في شارب الخمر:(أنهم ضربوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بالنعال وأطراف الثياب) وفي معنى المرض الذي لا يرجى برؤه: إذا كان البلد شديد الحر أو البرد دائما كما صرح به الماوردي، فقال: فإن كان في بلاد الحر التي لا يسكن حرها أو البرد التي لا يقل بردها .. لم يؤخر حده، ولم

(1) الروضة (10/ 102).

(2)

الأم (6/ 87).

(3)

التنبيه (ص 242).

(4)

حلية العلماء (3/ 1135).

(5)

الروضة (10/ 100).

ص: 202

ينقل إلى البلاد المعتدلة؛ لما فيه من تأخير الحد، ولكن يخفف، ويقابل إفراط الحر وإفراط البرد بتخفيف الضرب حتَّى يسلم فيه من القتل (1).

وفي معنى المريض ونحوه: النفساء، ومن به جرح أو ضرب .. فإنه يؤخر حتَّى يبرأ، نص عليه في "مختصر المزني"، فقال:(ولا يقام حد الجلد على كذا ولا كذا ولا في أسباب تلف)(2)، وهو شامل لما ذكرناه.

5047 -

قول "النبيه"[ص 242]: (ولا تجلد المرأة في حال الحبل حتَّى تضع وتبرأ من ألم الولادة) لا بد مع ذلك من انقطاع دم النفاس أيضًا.

5048 -

قوله: (وإن وجب الرجم وهي حامل .. لم ترجم حتَّى تضع ويستغني الولد بلبن كيرها)(3) الأصح: أنَّها لا ترجم حتَّى تفطمه هي، وإن وجدت مرضعة غيرها، ثم يوجد له كا فلة، وعليه مشى "الحاوي" في (الجنايات) فقال [ص 573]:(وفي الحد الفطام، وكافل).

5049 -

قول "التنبيه"[ص 242]: (ويتوقى الوجه والرأس) الأصح: أنَّه لا يتوقى الرأس.

5050 -

قوله: (ولا يقيم الحد في المسجد)(4) أي: على سبيل الكراهة كما قاله في "الكفاية"، وحكاه عن القاضي أبي الطيب وابن الصباغ، لكن مقتضى كلام الرافعي تحريمه.

5051 -

قوله في حد الخمر: (وإن زنى وهو بكر فلم يحد حتَّى زنى وهو محصن .. جلد ورجم، ويحتمل أن يقتصر على رجمه)(5) أقره النووي في "تصحيحه" على الأول، وهو في "الروضة" وأصلها محكي عن تصحيح البغوي وغيره (6)، وحكاه في "الكفاية" عن البندنيجي وآخرين، والاحتمال المذكور وجه منقول، صححه الإمام والغزالي (7)، وعليه مشى "الحاوي" في حد الزنا فقال [ص 585]:(ودخل فيه - أي: في الرجم - حد البكر) لكنه خالفه في اللعان فقال آخر الباب: (قذف بكرًا، فتزوجت آخر، ووطئها، ثم قذفها، ولاعنا ولم تلاعن .. فتجلد ثم ترجم)(8).

(1) انظر "الحاوي الكبير"(13/ 214).

(2)

مختصر المزني (ص 261).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 243).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 242).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 248).

(6)

فتح العزيز (11/ 271)، الروضة (10/ 166)، وانظر "التهذيب"(7/ 405).

(7)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 179)، و"الوجيز"(2/ 179).

(8)

الحاوي (ص 528).

ص: 203