الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]
5089 -
كذا في "المنهاج"(1)، وكان ينبغي تأخيره إلى قوله:(ولا بُقطع مختلس)(2) لأنه أول الركن الثاني، ويذكر ما قبل ذلك من المسائل في الفصل الذي قبله.
5595 -
قول "المنهاج"[ص 508]: (يقطع مؤجر الحرز) فيه أمران:
أحدهما: علله الرافعي بأن المنافع مستحقة للمستأجر، قال: وفيه إعلام بأن التصوير فيمن استحق بالإجارة إيواء المتاع، دون من استأجر لزراعة فآوى إليها ماشيته مثلًا (3).
وقال ابن الرفعة: إن فيه نظرًا.
قال في "التوشيح": ولعل وجهه أن اليد على الحرز للمستأجر ولا حق للمؤجر في تلك المدة، بل هو كالأجنبي، فلا فرق بين أن يستحق المستأجر إيواء المتاع أم لا، وليس لغاصب الحرز؛ فإنه لا يد له عليه. انتهى.
ونازع شيخنا الإمام البلقيني في هذا المثال، وقال: العادة تقضي بأن من استأجر للزراعة .. يدخل فيها هو ومواشيه ورجاله وآلاته، وذلك لا منع منه قطعًا، فيقطع المؤجر بسرقته قطعا إذا كان محرزًا؛ فلذلك مثله في "تصحيح المنهاج" بما لو استأجر موضعًا لزرع الحنطة مثلًا، فغرس فيه أشجارًا، فدخل المالك فسرق منها .. فإنه لا يقطع؛ لأن ذلك الغراس ليس محرزًا لاستحقاقه القطع.
ثانيهما: قال شيخنا الإمام البلقيني: محله: فيما إذا لم يثبت له خيار الفسخ بطريق معتبر، فإن ثبت على وجه لا يبطل بالتأخير؛ كما لو بلغه ليلًا إفلاس المستأجر، فسرق تلك الليلة من الحرز .. ففيه خلاف المعير؛ لتمكنه من فسخ الإجارة كما أن المعير متمكن من الرجوع في العارية، قال: ولم أر من تعرض له.
5091 -
قوله: (وكذا معيره في الأصح)(4) كان ينبغي أن يقول: (على المنصوص) كما في "التنبيه"(5) فقد نص عليه في "الأم" و"المختصر"، ثم فيه أمران:
أحدهما: محل الخلاف في عارية له الرجوع فيها، فإن كانت لازمة يمتنع الرجوع فيها .. قطع قطعا؛ كالمؤجر الذي لا يتمكن من فسخ الإجارة.
(1) المنهاج (ص 508).
(2)
المنهاج (ص 508).
(3)
انظر "فتح العزيز"(11/ 208).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 508).
(5)
التنبيه (ص 245).
ثانيهما: لو استعمله المستعير في غير المأذون فيه؛ كأن استعار للزرع، فغرس، فسرق المعير من الغراس .. لم يقطع على الأصح كما تقدم في صورة المؤجر.
واعلم: أن في معنى دوام الإجارة والعارية: ما إذا انقضتا لكن لم يتمكن المستأجر والمعير من الانتقال والتفريغ، فاما بعد التمكن والتفريط في الانتقال .. فلا قطع على المالك في الأصح؛ لأنهما صارا غاصبين، فدخل ذلك في قولهم:(ولو غصب حرزًا .. لم يقطع مالكه).
5092 -
قول "التنبيه"[ص 246]: (وإن سرق المغصوب منه من مال الغاصب من الحرز المغصوب، أو المسروق منه من مال السارق .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع، وبه جزم "المنهاج" و"الحاوي"(1)، وقال في "الكفاية": إنه الذي أورده الماوردي والقاضي أَبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ والفوراني والإمام وصاحب "الكافي" والرافعي، وادعى الإمام أنَّه مما لا شك فيه، ولم أر ما يخالفه في شيء مما وقفت عليه. انتهى (2)
قال في "التوشيح": ولك أن تقول: تصريح الشيخ بحكايته وجهًا كاف، وقد أتى النووي في "التصحيح" بلفظ: أن الأصح: عدم القطع؛ فدل على أن مقابله وجه، ولو كان مجزومًا به .. لقال: الصواب. انتهى (3).
وفهم من تقييد "التنبيه" محل الخلاف بأن يكون السارق المغصوب منه: أنَّه لو كان السارق أجنبيًا .. قطع قطعًا، وليس كذلك، بل هذه الصورة الثانية هي محل الخلاف في كلام الرافعي والنووي، والأصح فيها في "المنهاج": أنَّه لا قطع، وعليه مشى "الحاوي"(4).
5093 -
قول "المنهاج"[ص 508]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 587]: (ولو غصب مالًا وأحرزه بحرزه فسرق المالك منه مال الغاصب .. فلا قطع في الأصح) قال شيخنا الإمام البلقيني: ليس بالأصح، والأصح: أنَّه يقطع؛ لئلا يؤدي إلى أن من غصب من شخص فلسًا ووضعه في حرزه الذي فيه النقود والحلي .. أن المالك يسرق جميع ما هنالك ولا يقطع، وهذا خرق عظيم، لا يصار إليه ولا يعول عليه؛ ويؤيده ما في "أصل الروضة": أن صاحب الدين إذا أخذ مقدارًا لا بقصد استيفاء الحق مع جحد المديون أو مطله .. قطع على الأصح (5)، وأن الراهن أو المؤجر أو المعير أو المودع أو مالك القراض لو سرق مع مال نفسه نصابًا آخر لزمه القطع (6)، وأما ما صححه
(1) الحاوي (ص 587)، المنهاج (ص 508).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(17/ 249)، و"الحاوي الكبير"(13/ 123)، و"فتح العزيز"(11/ 209).
(3)
تصحيح التنبيه (2/ 240).
(4)
الحاوي (ص 587)، المنهاج (ص 508).
(5)
الروضة (10/ 119).
(6)
الروضة (10/ 113، 114)
في "الروضة" وأصلها: من أن المشتري إذا لم يقبض العين المعينة وأدى ثمنها؛ أنَّه إذا سرق معها مالكٌ آخر لم يقطع في الأصح (1) .. فهو نظير المصحح هنا، وهو غير معتمد، والمعتمد أنَّه يقطع.
5094 -
قول "التنبيه"[ص 246]: (وإن سرق الأجنبي المال المغصوب من الغاصب، أو المسروق من السارق .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع، وعليه مشى "المنهاج"(2)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه ليس بمعتمد، بل الأصح: أنَّه إن أخذه بنية السرقة .. قطع، أو بنية رده على مالكه .. فلا قطع كما تقدم في صاحب الدين إذا أخذ لا بنية استيفاء الحق، وقد جعل البغوي محل الوجهين: في غير أخذه بنية الرد على المالك، وجزم فيها بعدم القطع (3)، وأشار الإمام وغيره إلى بناء الخلاف على أن الأجانب هل لهم انتزاعه لمالكه حسبة؟ (4) ومقتضى هذا البناء: أنَّه إذا لم يكن معرضًا للضياع .. يقطع قطعًا؛ لأنه يمتنع الأخذ قطعًا.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن البناء المذكور غير صحيح، والأصح: أنَّه يقطع وإن أجزنا له الأخذ؛ لأنه لم يأخذه على القصد المذكور.
5095 -
قول "التنبيه"[ص 246]: (ولا قطع على من خان أو جحد) يُسأل عن الفرق بينهما؛ فإن الذي يظهر اتحادهما، وقد اقتصر "المنهاج" على الجاحد (5)، وقد فرق بينهما بأن الجاحد من ينكر أصل الوديعة، والخائن من يأخذ بعضها، وقد يقال: هو جحد في ذلك البعض.
5096 -
قول "المنهاج"[ص 508]: (ولو نقب وعاد في ليلة أخرى فسرق .. قُطع في الأصح) لا يخفى أن محل الخلاف: ما إذا لم يُعَد الحرز، فلو أعيد فسرق .. قُطع قطعًا، وقد ذكر ذلك "المنهاج" فيما لو سرق نصابًا بدفعات، فقال:(فإن تخلل علم المالك وإعادة الحرز .. فالإخراج الثاني سرقة أخرى)(6).
5097 -
قوله من زيادته: (هذا إذا لم يعلم المالك النقب ولم يظهر للطارقين، وإلَّا .. فلا يقطع قطعًا)(7) فيه مُخَالَفَة لقوله في أول الباب: (ولو أخرج نصابًا من حرز مرتين)(8) فإن مقتضى
(1) فتح العزيز (11/ 180)، الروضة (10/ 114).
(2)
المنهاج (ص 508).
(3)
انظر "التهذيب"(7/ 375).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(17/ 249).
(5)
المنهاج (ص 508).
(6)
المنهاج (ص 506).
(7)
المنهاج (ص 508).
(8)
المنهاج (ص 506).
كلامه هنا: أن ظهور ذلك للطارقين كعلم المالك، ومقتضى كلامه هناك: خلافه، وقد تقدمما في ذلك هناك.
5098 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرج المتاع .. لم يقطع واحد منهما، وقيل: فيه قولان كالمسألة قبلها، وإن نقب واحد فانصرف وجاء آخر فسرق .. لم يقطع واحد منهما) تناول الصورتين معًا قول "المنهاج"[ص 508]: (ولو نقب وأخرج غيره .. فلا قطع) ويستثنى من عدم قطع الثاني: ما لو كان في الحرز حافظ بقرب النقب يلاحظ المتاع .. فيقطع الآخذ، إلَّا إن كان ذلك الحافظ نائما في الأصح، وقول "التنبيه" [ص 245]:(وقيل: فيه قولان كالمسألة قبلها) أي: وهي: ما لو نقبا ودخل أحدهما فوضع المتاع في وسط النقب وأخذه الخارج؛ مقتضاه: أن أحد القولين: أنهما يقطعان، وجعل الرافعي هذه الطريقة حاكية للخلاف في قطع الثاني خاصة (1)، ونسبه شيخنا الإمام البلقيني في ذلك إلى الوهم، وليس كذلك؛ فقد سبقه إليه الإمام (2)، ورجحه بعضهم، ولم يستحضر شيخنا الإمام البلقيني المسألة الثانية في "التنبيه"، فذكرها بحثًا، وقال: ينبغي أن يختص الخلاف فيها بقطع الثاني، وقد عرفت النقل من "التنبيه" بالجزم في هذه الصورة بعدم قطع واحد منهما، وأنه لا يأتي فيها تلك الطريقة، وذكر ذلك صاحب "المعين" بحثًا، وقال: لعل الخلاف إذا تواطأا على ذلك.
5099 -
قول "المنهاج"[ص 508]: (ولو تعاونا في النقب وانفرد أحدهما بالإخراج، أو وضعه ناقب بقرب النقب فأخرجه آخر .. قُطع المخرج) قد يفهم كلامه في الصورة الثانية أن المراد: أخرجه آخر لا مدخل له في النقب، وليس كذلك، بل المراد: أن يخرجه ناقب آخر، فلو قال:(الآخر) بالتعريف .. لاندفع هذا الإيهام، وحاصله: أنهما إذا تعاونا في النقب لإخراج أحدهما صورتان:
إحداهما: أن ينفرد أحدهما بالدخول، فيدخل، فيأخذ المال ويخرج به، وهي قوله:(وانفرد أحدهما بالإخراج).
والثانية: أن يدخل أحد الشريكين في النقب يده فيه فيخرج المال، وهي قوله:(فاخرجه آخر) وبسبب (3) هذا الإيهام جعل في "المهمات" هذا مناقضًا لقول "المنهاج" قبله [ص 508]: (ولو نقب وأخرج غيره .. فلا قطع) وقال: إذا لم يقطع فيما إذا كان هو الداخل والسارق .. فطريق الأولى: ألَّا يقطع مع عدم الدخول وتقريب الناقب له من النقب. انتهى.
(1) انظر "فتح العزيز"(11/ 212).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(17/ 234).
(3)
في النسخ: (وسبب)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.
وقد عرفت أن الصورتين لم يتواردا على محل واحد، فتلك فيما إذا لم يكن للمخرج مدخل في النقب، وهذه فيما إذا كان له مدخل فيه، وقوله:(أو وضعه) معطوف على قوله: (وانفرد أحدهما بالأخراج) فهو من تتمة مسألة التعاون في النقب ولو عبرب (الآخر) كما في "المحرر"(1) .. لزال هذا الإيهام كما قدمته، والله أعلم.
5100 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن نقب رجلان فدخل أحدهما فأخذ المتاع ووضعه في وسط النقب وأخذه الخارج .. ففيه قولان، أحدهما: يقطعان، والثاني: لا يقطعان) الأظهر: الثاني، ومحل الخلاف: ما إذا ساوى المتاع نصابين، هالا .. فلا قطع قطعًا، وعلى ذلك مشى "المنهاج" فقال [ص 509]:(ولو وضعه بوسط نقبه فأخذه خارج وهو يساوي نصابين .. لم يقطعا في الأظهر) وعبارته موهمة؛ لأن المراد: أن الواضع له بوسط النقب منفرد بالنقب، والآخذ الخارج لا مدخل له في النقب، وليس كذلك، وإنما أراد: أن الواضع له في النقب أحد الناقبين والخارج شريكه في النقب، فهي من أحوال مسألة التعاون في النقب، فكان ينبغي أن يقول:(ولو وضعه أحد الناقبين بوسط النقب فأخرجه الآخر).
5101 -
قول "المنهاج"[ص 509]: (ولو رماه إلى خارج حرز .. قطع) يخرج ما إذا رماه من بيت مغلق إلى صحن دار بابها مغلق، ومن إحدى داري المالك إلى دار له أخرى، وستأتي الأولى في كلامه، وألحق بها الدارمي في "الاستذكار" الثانية، ويرد عليه: ما إذا رماه إلى دار غير المالك .. فيقطع ولو كانت حرزًا مع ذلك.
فيستثنى من رميه إلى خارج حرز: ما لو وقع في نار فاحترق، أو ماء فغرق .. ففي "الاستذكار" للدارمي عن ابن القطان: أنَّه لا قطع، وعن ابن المرزبان: أنَّه يقطع، قال الدارمي: وعندي إن رمى بها للنار والماء عالمًا .. فلا قطع، وإن لم يقصد إلَّا إخراجها لأخذها .. قطع، حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: هذا الذي ذكره الدارمي أرجح، ولم أر من تعرض لهذا الفرع غيره، وقال: لو رماه فانكسر .. فعلى قول ابن القطان تعتبر قيمته مكسورًا، وابن المرزبان صحيحًا، وقال: إن أخذه رجل قبل أن يقع على الأرض .. قطع الرامي دون الآخذ.
5102 -
قول "المنهاج"[ص 509] و"الحاوي"[ص 590]: (أو وضعه بماء جار .. قطع) كذا لو وضعه بماء راكد وحرّكه حتَّى خرج به، أما لو حرّكه غيره .. قطع المحرّك دون الواضع.
5103 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن تركه في ماء راكد فتفجر وجرى وخرج مع الماء إلى خارج الحرز .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع.
(1) المحرر (ص 435).
5104 -
قول "المنهاج"[ص 509]: (أو ظهر دابة سائرة) كذا لو سيّرها، وقد صرح به "المحرر " و"الحاوي"(1)، وحذفه "المنهاج" لفهمه من طريق الأولى.
5105 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن ترك المال على بهيمة ولم يَسُقها فخرجت البهيمة بالمال .. فقد قبل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع، وعليه مشى "المنهاج"(2)، وهو مفهوم "الحاوي"(3).
قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحله فيما إذا لم يستول عليها وكان الباب مفتوحًا، فإن استولى عليها وكان الباب مغلقًا ففتحه لها .. فلا توقف في وجوب القطع؛ لأنها صارت تحت يده من حين الاستيلاء، ولما فتح لها الباب وهي تحمله فخرجت .. كان الإخراج منسوبا إليه، قال: وقضية هذا: أنَّه لو كانت الدابة له أو مستأجرة معه أو مستعارة وخرجت وهو معها .. أن يقطع؛ لأنها تحت يده، ففعلها منسوب إليه؛ ولهذا لو أتلفت شيئًا بيدها أو رجلها وهو معها .. كان ضامنًا له، فكذلك يكون سارقًا لما خرجت به وهو معها، ولم أر من تعرض لذلك.
5106 -
قول "المنهاج"[ص 509]: (أو عرّضه لريح هابةٍ فأخرجته .. قُطع) منعه شيخنا الإمام البلقيني، قال: وليس تعريضه للريح مما يقتضي العادة أن تخرج به، بخلاف الماء الجاري.
5107 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن نقب الحرز وقال لصغير لا يعقل: أخرج المال، فأخرجه .. وجب القطع) مثله: المجنون والأعجمي الذي يعتقد وجوب طاعة الآمر له.
5108 -
قوله (وإن ابتلع جوهرة في الحرز وخرج .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا بقطع)(4) الأصح: وجه ثالث: أنَّها إن خرجت منه بعد ذلك .. قطع، وإلَّا .. فلا، وعليه مشى "الحاوي"(5)، وصححه في "أصل الروضة" مع كون الرافعي إنما نقل تصحيحه عن الإمام والروداني (6).
5109 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن سرق حرًا صغيرًا وعليه حلي يساوي نصابًا .. فقد قبل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 509]:(ولو سرق صغيرًا بقلادة .. فكذا في الأصح) و"الحاوي" فقال [ص 590]: (أو حرًا بثوبه) وفيه أمور:
(1) المحرر (ص 436)، الحاوي (ص 590).
(2)
المنهاج (ص 509).
(3)
الحاوي (ص 590).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 245).
(5)
الحاوي (ص 590).
(6)
فتح العزيز (11/ 215)، الروضة (10/ 136)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 237، 238).
أحدها: كان ينبغي أن يقيد محل الخلاف بكونه غير مميز، وفي معناه: المجنون والأعجمي الذي لا تمييز له كما ذكروه في سرقة العبد الصغير.
ثانيها: الزيادة والحلي مثال، والمدار على أن يكون ما معه من ثيابه وغيرها يبلغ نصابًا .. ففيه الخلاف.
ثالثها: كان ينبغي لـ"المنهاج" أن يصور المسألة بكونه حرًا، وأن يعبر بالصحيح؛ لأن الخلاف ضعيف جدًا.
رابعها: محل الخلاف: ما إذا لم يجاوز ما يليق به، فإن جاوزه .. قطع إن أخذ الصبي من حرز الحلي، وإلَّا .. فلا، ذكره في "الكفاية".
خامسها: محل الخلاف أيضًا: أن يكون ذلك للصبي، فلو كان لغيره؛ فإن أخذه من حرز مثل ما عليه .. قطع، وإلَّا .. فلا وجها واحدًا فيهما، قاله الماوردي (1).
سادسها: محل الخلاف أيضًا: فيما إذا سرق الصبيَّ من حرز مثله؛ بأن يكون في دار، أو على بابها بحيث يُرى، أو يكون مع حافظ، وإلَّا .. لم يقطع قطعًا، صرح به الماوردي (2)، وقيد الإمام الوجهين بما إذا كان الصبي نائمًا أو مربوطًا عند الحمل (3)، ولا يحتاج إلى ذلك مع كونه غير مميز، والنوم أو الربط يجعل المميز كغير المميز.
5110 -
قول "المنهاج"[ص 509]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 590]: (ولو نام عبد على بعير فقاده وأخرجه عن القافلة .. قُطع، أو حُرٌّ .. فلا في الأصح) أي: فيهما؛ فيه أمور:
أحدها: أنَّه أطلق العبد والحر، ومحل الخلاف فيهما: إذا كانا مستقلين؛ بأن يكونا بالغين عاقلين.
ثانيها: يستثنى من العبد: المكاتب كتابة صحيحة .. فهو كالحر؛ لاستقلاله.
ثالثها: المراد: أخرجه عن القافلة إلى مَضيعة، فلو أخرجه عنها إلى قافلة أخرى أو بلدة .. لم تجيء فيه الأوجه.
5111 -
قول "الحاوي" عطفا على ما قطع فيه [ص 590]: (أو خرج - أي: العبد المميز - مكرهًا) تبع فيه تصحيح بعض نسخ الرافعي، لكن أكثرها لا ترجيح فيه، والأولى في "الشرح الصغير"، والأصح في "أصل الروضة": وجوب القطع في هذه الصورة (4).
(1) انظر "الحاوي الكبير"(13/ 304).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(13/ 304).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(17/ 251).
(4)
الروضة (10/ 138).
5112 -
قول "التنبيه"[ص 245]: (وإن كان المال محرزًا ببيت في دار وأخرجه منه إلى الدار وهي مشتركة بين سكان .. قطع، وإن كان الجمبع لواحد وباب الدار مفتوح .. قطع، وإن كان مغلقًا .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج"(1)، وهو مفهوم قول "الحاوي" [ص 590]:(ورمي من بيت مغلق إلى صحن الدار المفتوحة وترك).
قال الرافعي: وهذا ظاهر إذا لم يوجد من السارق تصرف في باب الدار؛ بأن تسور الجدار ودخل، أما إذا فتح الباب المغلق ثم أخرج المتاع إلى الصحن .. فالحرز الذي يهتكه السارق كالحرز الدائم بالنسبة إليه، فيكون كالنقل إلى الصحن وباب الدار مغلق، هذا ما رآه الإمام أصح، فإن أغلق الباب بعد فتحه .. فهو أظهر. انتهى (2).
فعلى هذا: المراد: المفتوح بنفسه لا ما فتحه هو، سواء تركه مفتوحًا أم أغلقه؛ ونازع في ذلك شيخنا الإمام البلقيني فيما إذا لم يغلقه، وقال: قوله: (الحرز الذي يهتكه السارق كالحرز الدائم بالنسبة إليه) هو فيما إذا عاد، أما بالنسبة إلى غيره .. فلا يكون حرزًا، ونبه شيخنا على أن كلامهم هنا مخالف لقولهم: إن الصحن ليس حرزًا للنقد ولا للحلي، قال: والمذكور هنا هو النص المعتمد، قال: وينبغي تقييد وجه القطع بما لا يكون الصحن حرزًا له، فلو كان الصحن حرزًا له .. فلا يقطع قطعًا.
5113 -
قول "المنهاج"[ص 509]: (وبيت خان وصحْنُهُ كبيتٍ ودارٍ في الأصح) تبع فيه "المحرر"(3)، وفي "الشرح الصغير": إنه الأظهر، وحكاه في "أصل الروضة" عن قطع البغوي والغزالي وغيرهما، وعن قطع صاحب "المهذب" وغيره: أنَّه يقطع بكل حال؛ لأن الصحن ليس حرزًا لصاحب البيت، بل هو مشترك كالسكة المنسدة (4)، وحكاه شيخنا الإمام البلقشِي عن نصه في "الأم" و"المختصر" حيث قال:(وإن أخرجه من البيت والحجرة إلى الدار، والدار للمسروق وحده .. لم يقطع حتَّى يخرجه من جميع الدار؛ لأنها حرز لما فيها، ولو كانت مشتركة وأخرجه من الحجرة إلى الدار .. فليست الدار بحرز لأحد من السكان، وقطع)(5) قال: وعليه جرى الشيخ أَبو حامد وأتباعه، ومنهم صاحبا "المهذب" و"الشامل" وغيرهما، وهو المعتمد في الفتوى، ومحل الخلاف: ما إذا كان السارق من غير السكان، فإن كان منهم ..
(1) المنهاج (ص 509).
(2)
انظر "فتح العزيز"(11/ 222).
(3)
المحرر (ص 436).
(4)
الروضة (10/ 140)، وانظر "المهذب"(2/ 278)، و"الوجيز"(2/ 174)، و"التهذيب"(7/ 683).
(5)
الأم (6/ 149)، مختصر المزني (ص 263).