المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من يصح يمينه وما يصح به اليمين - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌باب من يصح يمينه وما يصح به اليمين

‌كتابُ الأَيْمان

‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

5689 -

قول "المنهاج"[ص 544]: ([لا ينعقد - أي: اليمين -] (1) إلا بذات الله تعالى أو صفة له) موافق لإحدى الطريقتين المذكورتين في "أصل الروضة" في ضبط ما يحلف به، قال: وهي أقصرهما أنها إنما تنعقد إذا حلف بما مفهومه ذات الله تعالى أو صفة من صفاته، قال: والثانية - وهي أقرب إلى سياق "المختصر" -: أنها لا تنعقد إلا إذا حلف بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، قال: وأرادوا بالقسم الأول: أن يذكر ما يفهم منه ذات الله تعالى، ولا يحتمل غيره من غير أن يأتي باسم مفرد أو مضاف من أسمائه الحسنى؛ كقوله:(والذي أعبده، أو أسجد له، أو فلق الحبة، أو نفسي بيده، ومقلب القلوب) فتنعقد بذلك ظاهرًا وباطنًا وإن نوى غير الله، وفي وجه ضعيف: إن نوى غيره .. دين (2)، واقتصر في "الشرح الصغير" على الطريق الأول.

5695 -

قوله: (كقوله: "والله"، "ورب العالمين"، "والحي الذي لا يموت"، "ومن نفسي بيده")(3) قال شيخنا ابن النقيب: جعله في "الروضة" من قسم الأسماء المختصة، إلا قوله:(ومن نفسي بيده)، وفي "المنهاج" يحتمل ذلك ويحتمل أنه من قسم الذات، وهو الظاهر؛ فإنه قال في "المحرر": (بذات الله أو صفة من صفاته؛ فالأول كقوله: "والذي أعبده"؛ أو "نفسي بيده"، وقوله: "والله

إلى آخره") (4).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": قوله: (والذي أعبده أو نفسي بيده) مثال لما يُفهم منه ذات الله سبحانه وتعالى، ولا يحتمل غيره من غير أن يأتي باسم مفرد أو مضاف من أسمائه الحسنى، وقوله: (أو كقوله: والله

إلى آخره) هذا هو النوع الأول؛ وهو ما يختص بالله تعالى، وهو من القسم الثاني، وهو الحلف بالأسماء.

5691 -

قوله: (وكل اسم مختص به سبحانه وتعالى (5) قال شيخنا ابن النقيب: الذي ينبغي أن يكون معناه: يختص به الله (6).

(1) في (د): (لا تنعقد أي: الأيمان).

(2)

الروضة (11/ 10).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 544).

(4)

المحرر (ص 473)، وانظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 132).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 544).

(6)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 132).

ص: 467

قلت: قد صرح بذلك بقوله: سبحانه وتعالى.

قال (1): والذي في "الروضة" وكتب الرافعي: (يختص بالله)(2).

والأول أصوب؛ لأن الباء تدخل على المقصور، فقولنا:(يختص الله يه) أي: لا يُسمى به غيره، وهو المراد، وقولنا:(يختص بالله) أي: يُسمى الله به ولا يسمى بغيره، وليس مرادًا، والفقهاء يتساهلون في ذلك؛ لفهم المعنى (3).

5692 -

قول "لمنهاج"[ص 544]: (وما انصرف إليه سبحانه عند الإطلاق) و"الحاوي"[ص 644]: (اسم الله الغالب) أحسن من قول "التنبيه"[ص 193]: (وإن حلف باسم له يسمى به غيره مع التقييد) وكذا في "المحرر" و"الروضة" وأصلها (4)؛ لأنه قد يسمى به غيره مع الإطلاق، لكن لا ينصرف إليه بمجرد الإطلاق، بل بالنية؛ ولهذا لو أراد صرفه إلى غيره .. لم ينعقد يمينه.

5693 -

قول "الحاوي" في أمثلة هذا القسم [ص 644]: (والعليم، والحكيم) تبع فيه الغزالي (5)، قال الرافعي: ويشبه أن يُعَدّا فيما ينطلق على الله وعلى غيره على السواء؛ كالعالم والموجود (6)، وسيأتي، وعبر عنه في "الروضة" بالأصح (7).

وظاهر كلام "الحاوي" فيما ينطلق عليه وعلى غيره على السواء: أنه لا ينعقد به اليمين ولو نواه، وهو الذي صححه الرافعي في "شرحيه"(8)، لكنه جزم في "المحرر" بأنه يمين بالنية، وتبعه "المنهاج"(9)، واستدركه في زيادة "الروضة" فقال: الأصح: أنها يمين، وبه قطع الرافعي في "المحرر" وصاحب "التنبيه" والجرجاني وغيرهما من العراقيين؛ لأنه اسم يُطلق على الله تعالى وقد نواه، وقولهم:(ليس له حرمة) مردود (10).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": والذي نقوله في ذلك: أنه إن كان المذكور اسمًا يعم الواجب والممكن وليس فيه صفة مدح؛ كالحي والموجود .. فلا يكون يمينًا وإن نوى الله تعالى، وإن اختص بأولي العلم؛ كالعالم والعليم والحكيم والحليم؛ فإن نوى به الله تعالى .. كان

(1) أي: ابن النقيب.

(2)

فتح العزيز (12/ 241)، المحرر (ص 473)، الروضة (11/ 10).

(3)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 132).

(4)

المحرر (ص 473)، فتح العزيز (12/ 241)، الروضة (11/ 11).

(5)

انظر "الوجيز"(2/ 224).

(6)

انظر "فتح العزيز"(12/ 242).

(7)

الروضة (11/ 11).

(8)

فتح العزيز (12/ 242).

(9)

المحرر (ص 473)، المنهاج (ص 544).

(10)

الروضة (11/ 11).

ص: 468

مترتبًا على ما قبله، وأولى بأن يكون يمينًا. انتهى.

وقول "المنهاج" في هذا القسم [ص 544]: (إلا بنيّة) أي: بنيّة الله تعالى، وقد صرح به "التنبيه"(1)، وكذا هو في "الروضة" وأصلها (2)، ولا يكفي فيه اليمين اتفاقًا.

5694 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن حلف بصفة من صفات الله لا تحتمل غيره، وهي: "وعظمة الله"، "وجلال الله"، "وكبرياء الله"، "وبقاء الله"، "وكلام الله"، "والقرآن" .. انعقدت يمينه، وإن كان يستعمل في مخلوق وهو قوله: "وعلم الله"، "وقدرة الله"، "وحق الله"، ونوى بالعلم المعلوم، وبالقدرة المقدور، وبالحق العبادات .. لم تنعقد يمينه، وإن لم ينو شيئًا .. انعقدت يمينه) الأصح في المذكورات أوّلًا: أنها كالحلف بالعلم ونحوه؛ فقد يراد بالعظمة والجلال والعزة والكبرياء: ظهور أثرها على المخلوقات، وبالكلام: الحروف والأصوات الدالة عليه، وبالقرآن: الخطبة أو الصلاة؛ ولهذا سوّى "الحاوي" بين المذكورات، قال [ص 644]:(وصفته بلا نية غير)، وعبارة "المنهاج" [ص 544]:(والصفة؛ كـ "وعظمة الله"، "وعزته"، "وكبرياه"، "وكلامه"، "وعلمه"، "وقدرته"، "ومشيئته" .. يمين، إلا أن ينوي بالعلم المعلوم وبالقدرة المقدور. ولو قال: "وحق الله" .. فيمين، إلا أن يريد العبادات).

وظاهر كلامه أنه لا يقبل الصرف عن اليمين إلا العلم والقدرة والحق كما صرح به "التنبيه"، وليس كذلك كما عرفته، ومحل ما ذكروه في قوله:(وحق الله) ما إذا كان مجرورًا، فإن رفعه .. قال المتولي: إن نوى اليمين .. فيمين، وإن أطلق .. فلا، وإن نصبه وأطلق .. فوجهان.

والذي أجاب به البغوي: المنع في النصب أيضًا (3).

واعلم: أن مما يندرج في قول "الحاوي"[ص 644]: (وصفته) كلام الله، وقد صرح به حين فصل، وقرره شارحه القونوي بأن يريد بكلامه: الأصوات والحروف، ولم يذكر هذا التأويل في "الروضة" وأصلها في كلام الله كبقية الصفات، بل أطلق أنه تنعقد به اليمين؛ فلذلك كتبتُ بخطي قديمًا: أن الأصح فيما عدا الكلام: أنه مثل الحلف بالعلم والقدرة، وكان اعتمادي في ذلك على ما يفهم من "الروضة" فإنه لم يأت بعبارة شاملة لجميع الصفات، إلا قوله في أثناء الكلام: ولم يفرقوا بين الصفات. انتهى (4).

(1) التنبيه (ص 193، 194).

(2)

فتح العزيز (12/ 242)، الروضة (11/ 11).

(3)

انظر "التهذيب"(8/ 99).

(4)

الروضة (11/ 12).

ص: 469

ولكن الظاهر أنه لا فرق بين الكلام وغيره من الصفات؛ لأن احتمال إرادة أثرها مشترك بين الجميع، والعجب أن النووي والإسنوي لم يستدركا في ذلك على "التنبيه" شيئًا!

قال النووي: ولو قال: (والمصحف) وأطلق .. فهو يمين، صرح به بعض الأصحاب، وبه أفتى أبو القاسم الدولعي خطيب دمشق، قال: لأنه إنما يقصد به الحلف بالقرآن المكتوب، ومذهب أصحابنا وغيرهم من أهل السنة: أن القرآن مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور، ولا يقصد الحالف نفس الورق والمداد؛ ويؤيده أن الشافعي رضي الله عنه استحسن التحليف بالمصحف، واتفق الأصحاب عليه، ولو لم ينعقد اليمين عند الإطلاق .. لم يحلف به (1).

وفي "المهمات": جزم القاضي حسين والشيخ أبو على وابن أبي الدم أنه لا يكون يمينًا عند الإطلاق، ونقله الأخيران عن الأصحاب، وهو المشهور، ومقتضى كلام الماوردي وابن الصلاح في "فتاويه": انعقاده (2).

5695 -

قول "المنهاج"[ص 544]: (وتختص التاء بالله) فيه أمران:

أحدهما: أن صواب العبارة: (ويختص الله بالتاء) وقد سمع دخولها شذوذًا على غيره، فقالوا: تربي وترب الكعبة، وتالرحمن.

ثانيهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إن كان مراده: أنه لا يصح القسم بها شرعًا إلا إن دخلت على الله .. فهذا لا يستقيم، فلو قال: تالرحمن .. انعقدت يمينه، وغايته أنه استعمل شاذًا، وكذا لو قال: تحياة الله، أو تالرحيم، أو غير ذلك .. انعقدت يمينه.

5696 -

قول "الحاوي" في أمثلة الكناية [ص 644]: (وبلَّه) أي: بحذف الألف، هو المنقول في "أصل الروضة" عن الشيخ أبي محمد والإمام والغزالي، قالوا: ويحمل حذف الألف على اللحن؛ لأن الكلمة تجري كذلك على ألسنة العوام والخواص، وقال النووي: ينبغي ألَّا يكون يمينًا؛ لأن اليمين لا تكون إلا باسم لله تعالى أو صفة، ولا نسلم أن هذا لحن؛ لأن اللحن: مخالفة صواب الإعراب، بل هذه كلمة أخرى. انتهى (3).

وقال ابن الصلاح: ينبغي أن يكون يمينًا عند الإطلاق، قال: وليس لحنًا، بل لغة حكاها الزجاجي، وهي شائعة في ألسنة العامة.

5697 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن قال: "أقسمت بالله"، أو "أقسم بالله" .. انعقدت يمينه) أحسن من قول "المنهاج"[ص 544]: (ولو قال: "أقسمت"، أو "أقسم"، أو

(1) الروضة (11/ 13).

(2)

فتاوى ابن الصلاح (2/ 478).

(3)

الروضة (11/ 10)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 299)، و"الوجيز"(2/ 225).

ص: 470

"حلفت"، أو "أحلف بالله لأفعلن" .. فيمين)، وقول "الحاوي" [ص 644]:(كأحلف، وأقسمت بالله) لعدم التصريح بلفظة: (بالله) إلا في الأخيرة مع أنها لا بد منها في الكل؛ فإنه لو لم يذكرها .. لم تنعقد يمينه ولو نواها، وإن كان هذا مراد "المنهاج" و"الحاوي"، لكن تصريح "التنبيه" به في كل لفظة أصرح.

5698 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن قال: أردت بالأول الخبر عن ماضٍ وبالثاني الخبر عن مستقبل .. قبل فيما بينه وبين الله، وهل يصدق في الحكم؟ قيل: لا يصدق، وقيل: إن كان في الإيلاء .. لا يصدق، وإن كان في غيره .. صدق، وقيل: فيه قولان) الأصح: طريقة القولين، وأصحهما: القبول؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص 544]: (صدق باطنًا، وكذا ظاهرًا على المذهب) وقد يفهم من تعبيره بالمذهب ترجيح طريقة القطع، وليس كذلك؛ فإن اصطلاحه في التعبير بها الدلالة على أن في المسألة طريقين أو طرقًا، وأن الراجح في الجملة ما ذكره من غير دليل على ترجيح قطع ولا خلاف.

ثم محل الخلاف: ما إذا لم يُعلم له يمين ماضية، فإن علمت .. قبل في إرادتها بأقسمت أو حلفت قطعًا، وهذه المسألة واردة على إطلاق "الحاوي" لأنه لم يستثن ما إذا قال: قصدت الماضي أو المستقبل.

واعلم: أنه يشكل على القبول في الإيلاء فرعان:

أحدهما: أنه لو حلف وقال: لم أقصد اليمين .. صدق، وفي الطلاق والعتاق والإيلاء لا يصدق في الظاهر؛ لتعلق حق الغير به.

ثانيهما: حلف لا يدخل الدار ثم قال: أردت شهرًا؛ فإن كان بطلاق أو عتاق .. لم يقبل في الحكم، ويلحق بهما الإيلاء؛ لتعلقه بحق آدمي، وإن كانت اليمين بالله تعالى ولم يتعلق بحق آدمي .. قبل ظاهرًا وباطنًا، ذكرهما في "أصل الروضة"؛ الأول في أول (الأيمان)، والثاني في أواخره (1).

5699 -

قول "الحاوي"[ص 644]: (أو عليك بالله) محله: ما إذا قصد يمين نفسه، فإن قصد الشفاعة، أو عقد اليمين على المخاطب، أو أطلق .. فإنه ليس يمين؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 545]:(ولو قال لغيره: "أقسم عليك بالله"، أو "أسألك بالله لتفعلن" وأراد يمين نفسه .. فيمين، وإلا .. فلا) وعبارة "التنبيه"[ص 194]: (فليس بيمين إلا أن ينوي به اليمين) أي: يمين نفسه، ونازع شيخنا في "تصحيح المنهاج" في الصورتين الأخيرتين، وهما: عقد اليمين على

(1) الروضة (11/ 3، 81).

ص: 471

المخاطب، والإطلاق، ورجح فيهما: أنه يمين عند الإقران بقوله: (أقسم عليك)، وأوّل نص "الأم" و"المختصر" مع نقله عن الماوردي أنه قال في صورة الإطلاق: لا يختلف مذهب الشافعي في أنه ليس يمينًا (1).

5700 -

قول "التنبيه" فيمن قال: إن فعلت كذا .. فأنا يهودي [ص 193]: (ويستغفر الله تعالى) يقتضي أنه ارتكب معصية، وبه صرح النووي في "الأذكار"(2) وابن الرفعة في "المطلب"، وحكى عن الخطابي: أنه يلزمه التوبة والاستغفار، ولا يخفى أن هذا إنما هو فيما إذا قصد تبعيد نفسه عن ذلك الأمر، فإن قصد تعليق التهود على فعل ذلك الأمر .. كفر في الحال، فإن لم يعرف قصده لموت أو غيبة .. ففي "المهمات": القياس: تكفيره إذا عري عن القرائن الحاملة على غيره؛ لأن اللفظ بوضعه يقتضيه، وكلام النووي في "الأذكار" يقتضي خلافه.

5701 -

قوله: (ويقول: لا إله إلا الله)(3) أي: استحبابًا كما قاله النووي في "نكته"، أو وجوبًا كما قاله صاحب "الاستقصاء"، وفي "مذاكرة أهل اليمن": أنه لا بد مع هذا من قوله: (أشهد أن محمدًا رسول الله) وعلله: بأن إحدى الشهادتين لا يكتفى بها في الإيمان. انتهى.

وفيه نظر؛ فإن الصورة أنه لم يخرج عن الإيمان بذلك كما تقدم تصويره، وقد يقال: هذا تجديد الإيمان على طريق الاحتياط؛ فليأت فيه بما يدخل به في الإيمان، وقد ذكر في "زيادة الروضة" عن الأصحاب: أنه إذا لم يكفر .. فليقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله (4).

5702 -

قوله: (وإن قال: "لعمر الله" .. انعقدت يمينه، إلا أن ينوي به غير اليمين على ظاهر المذهب، وقيل: ليس بيمين إلا أن ينوي اليمين)(5) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "الحاوي" فعده في الكنايات (6)، وذكر في "الكفاية": أن في عبارة "التنبيه" تقديمًا وتأخيرًا، وأن قوله:(على ظاهر المذهب) يتعلق بانعقاد اليمين حالة الإطلاق، لا بما إذا نوى به غير اليمين؛ فإن تلك لا خلاف فيها.

قال في "التوشيح": ولكنه جعل الاستثناء منقطعًا، ويمكن حمل كلام الشيخ على ظاهره، والمراد: ظاهر المذهب في أصل المسألة، وحاصله: أنه إن نوى الحلف .. فيمين قطعًا، أو عكسه .. فلا قطعًا، أو أطلق .. فوجهان، أصحهما: ليس بيمين.

(1) انظر "الحاوي الكبير"(15/ 279).

(2)

الأذكار (ص 285).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 193).

(4)

الروضة (11/ 7).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 194).

(6)

الحاوي (ص 644).

ص: 472

5753 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن قال: "أشهد بالله" .. فقد قيل: هو يمين إلا أن ينوي بالشهادة غير القسم، وقيل: ليس بيمين إلا أن ينوي به اليمين) الأصح: الثاني، وعليه مشى "الحاوي"(1).

5704 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن قال: "عليّ عهد الله وميثاقه وذمته وأمانته وكفالته لا فعلت كذا" .. فليس بيمين إلا أن ينوي به اليمين) ظاهره أنها يمين واحدة ولو نوى بها كلها اليمين، وهو المنقول، قال الرافعي: ولك أن تقول: إن قصد بكل لفظة يمينًا .. فليكن كما لو حلف على الفعل الواحد مرارًا (2).

قال في "الروضة" وهذا الاستدراك موافق للنقل، قال الدارمي: قال ابن القطان: إذا نوى التكرار .. ففي تكرار الكفارة القولان فيمن حلف على الفعل الواحد مرارًا، وطرده في قوله: والله الرحمن الرحيم (3).

5705 -

قوله: (وإن حلف رجل بالله فقال آخر: يميني في يمينك، أو يلزمني مثل ما يلزمك .. لم يلزمه شيء، وإن كان ذلك في الطلاق والعتاق ونوى .. لزمه ما لزم الحالف)(4) ذكر ابن الصباغ أن قوله: (يميني في يمينك) بمعنى: يلزمني من اليمين ما يلزمك، وحينئذ .. فجمع "التنبيه" بينهما مع اتحاد معناهما؛ ليفيد أنه لا فرق بين اللفظين، ويحتمل أن معنى قوله:(يلزمني مثل ما يلزمك) أي: من الكفارة أو الطلاق أو العتاق؛ فلا يكون معناهما حينئذ متحدًا، وفي كلام المتولي ما يقتضي وقوع الطلاق في الثانية خاصة.

5706 -

قول "المنهاج"[ص 545]: (ومن سبق لسانه إلى لفظها بلا قصد .. لم تنعقد) كذا لو قصد اليمين على شيء فسبق لسانه إلى غيره، ذكره "التنبيه" قال [ص 193]:(وذلك لغو اليمين) محله فيما إذا كانت اليمين بالله تعالى في غير الإيلاء، فأما الإيلاء والحلف بالطلاق والعتاق إذا ادعى فيه سبق اللسان .. لم يقبل في الحكم.

5707 -

قول "التنبيه"[ص 194]: (وإن قال: الطلاق والعتاق لازم لي ونوى ذلك .. لزمه) يقتضي أنه كناية، وأقره النووي في "التصحيح"، وحكاه في "أصل الروضة" عن البوشنجي، لكن في "أصل الروضة" عن العبادي: أنه صريح، وعن صاحب "العدة" عزوه للأكثرين، وحينئذ .. فيقع به الطلاق بغير نية (5).

(1) الحاوي (ص 644).

(2)

انظر "فتح العزيز"(12/ 248).

(3)

الروضة (11/ 16).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 194).

(5)

الروضة (8/ 33).

ص: 473

5708 -

قولهما: (ويصح على ماض ومستقبل)(1) يستثنى من المستقبل: ممتنع الحنث لذاته؛ كقوله: (والله لا أصعد السماء) .. فالأصح: أن يمينه لا ينعقد، بخلاف:(لأصعدن السماء) .. فالأصح: انعقاد يمينه ولزوم الكفارة في الحال.

5709 -

قول "التنبيه"[ص 193]: (فإن حلف على ماض وهو صادق .. فلا شيء عليه) المراد بصدقه: موافقة ما قصده إذا احتمله اللفظ وإن خالف الظاهر، إلا أن يحلفه حاكم .. فالمعتبر موافقه ظاهر لفظ الحاكم.

5710 -

قوله: (وإن كان كاذبًا .. أثم)(2) المراد: مع علمه بذلك؛ بدليل قوله بعده: (وهي الغموس) فإن جهل .. فلا إثم، وفي الكفارة خلاف حنث الناسي.

5711 -

قول "المنهاج"[ص 545]: (وهي مكروهة إلا في طاعة) يستثنى أيضًا: الأيمان الواقعة في الدعاوى إذا كانت صادقة .. فإنها لا تكره، قال النووي: وكذا لا تكره للحاجة؛ كتوكيد كلام وتعظيمه؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في "الصحيح": "فوالله؛ لا يمل الله حتى تملوا"(3)، وقوله: "والله؛ لو تعلمون ما أعلم

" الحديث (4)، وهو كثير (5).

5712 -

قوله: (فإن حلف على ترك واجب .. عصى)(6) استثنى منه شيخنا في "تصحيح المنهاج" مسألتين:

أحدهما: الواجب الذي يمكن سقوطه كالقصاص بعد الحكم به؛ فإنه يمكن سقوطه بالعفو، واستشهد على ذلك بقول أنس بن النضر:(والله؛ لا تكسر ثنية الربيع) والحديث في "الصحيح"، وفيه أن القوم عفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من عباد الله من لو أقسم على الله .. لأبرّه"(7).

ثانيهما: الواجب على الكفاية؛ كما لو حلف لا يصلي على فلان الميت حيث لم يتعين .. فإنه لا يعصي بهذا الحلف.

5713 -

قول "التنبيه"[ص 193]: (فإن كان على أمر مباح .. فقد قيل: إن الأولى ألَّا يحنث، وقيل: الأولى أن يحنث) فيه أمران:

(1) انظر "التنبيه"(ص 193)، و"المنهاج"(ص 545).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 193).

(3)

أخرجه البخاري (43) ومسلم (782).

(4)

أخرجه البخاري (997) ومسلم (901).

(5)

انظر "الروضة"(11/ 20).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 545).

(7)

أخرجه البخاري (2556) ومسلم (1675).

ص: 474

أحدهما: أن الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج"(1)، وكذا في "أصل الروضة"، لكنه قال عقبه: وقد حصل مما ذكرناه أن اليمين لا تغير حال المحلوف عليه عما كان وجوبًا وتحريمًا وندبًا وكراهة وإباحة (2)، وهذا في الإباحة مخالف لتصحيحه: أن الأفضل عدم الحنث؛ فقد تغير حكم المحلوف عليه وصار تركه أفضل من فعله؛ ولهذا لما حكى الإمام وجهًا ثالثًا بالتخيير بينهما .. قال: إنه يعتضد بالقاعدة الكلية: أن الأيمان لا تغير الأحكام (3).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ومن ذلك يظهر أن الأرجح: وجه التخيير بجريانه على القاعدة، وجرى عليه القاضي حسين، وهو مقتضى كلام الفوراني في "الإبانة".

ثانيهما: محل هذا الخلاف: فيما لا يتعلق بفعله ولا تركه غرض ديني؛ كدخول دار، أما إذا حلف لا يأكل طيبًا ولا يلبس ناعمًا .. فقال الشيخ أبو حامد وجماعة: هو يمين مكروهة؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} الآية، واختار القاضي أبو الطيب: أنها يمين طاعة؛ اتباعًا للسلف في خشونة العيش، وقال ابن الصباغ: يختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، وقصودهم وفراغهم للعبادة، واشتغالهم بالضيق والسعة، قال الرافعي: وهذا أصوب (4).

5714 -

قول "التنبيه"[ص 193]: (وإن زال - أي: عقله - بمحرم .. صحت يمينه، وقيل: فيه قولان (الأصح: طريقة القولين، وأصحهما: الصحة.

(1) المنهاج (ص 545).

(2)

الروضة (11/ 20، 21).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(18/ 303، 304).

(4)

انظر "فتح العزيز"(12/ 262).

ص: 475