المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

أحدهما: هذا الوجه الضعيف حكاه الإمام عن القيَّاسين، واقتضى كلامه وكلام الغزالي ترجيحه (1).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه الأرجح، قال: وحكاية الخوارزمي عن أكثر الأصحاب ما يقتضي مقابله أخذه من قول البغوي: إن الحكام عليه.

ثانيهما: استبعد شيخنا المذكور حكاية هذا الوجه هكذا؛ لأن الجزم بالدعوى الأولى يخالفه الجزم بالدعوى الثانية، وقال: الوجه على هذا صرف الدعوى إلى المالية كما ذكره الإمام والغزالي، وفي " المطلب ": إذا لم تسمع الدعوى مردودة .. كانت الدعوى بالقيمة، قال: وكلام " الوسيط " يفهم أنه لو ادعى أولًا بالعين وحلف المدعى عليه .. لم يكن له أن يدعي ثانيًا بالقيمة (2).

6054 -

قوله: (ويجريان فيمن دفع ثوبه إلى دلال ليبيعه فجحده وشك هل باعه فيطلب الثمن، أم أتلفه فقيمته، أم هو باق فيطلبه؟ )(3) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": قد يكون باعه وتلف الثمن أو الثوب في يده تلفًا لا يقتضى تضمينه، وقد يكون باعه ولم يسلمه ولم يقبض الثمن، والدعوى المذكورة ليست جامعة لذلك، والقاضي إنما يسمع الدعوى المردودة حيث اقتضت الإلزام على كل وجه، فلو أتى ببقية الاحتمالات .. لم يسمعها الحاكم؛ لأن فيها ما لا إلزام فيه، قال: ولم أر من تعرض لذلك (4).

‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

6055 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (وإن ادعى على غائب) يقتضي الاكتفاء بمطلق الغيبة، لكن في " المنهاج " [ص 565]:(الغائب الذي تسمع البينة ويحكم عليه: من بمسافة بعيدة، وهي التي لا يرجع منها مبكر إلى موضعه ليلًا، وقيل: مسافة قصر)، وفي " الحاوي " [ص 677]:(وعلى غائب فوق العدوى)، وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": اعتبار البعد على اختلاف الوجهين ليس في نصوص الشافعي رضي الله عنه ما يشهد له، ولم يذكره أحد من العراقيين ولا جماعة من الخراسانيين، وإطلاق نصوص الشافعي وصريح كلام جمهور أصحابه مخالف لذلك، ثم بسط

(1) انظر " نهاية المطلب "(18/ 532)، و " الوجيز "(2/ 244).

(2)

الوسيط (7/ 330).

(3)

انظر " المنهاج "(ص 565).

(4)

انظر " حاشية الرملي "(4/ 324).

ص: 619

ذلك، وتعجب من إهمال الرافعي طريقة العراقيين، وهي في كتبهم، حتى " التنبيه "، ثم قال: والصواب جواز القضاء على الغائب عن بلد القضاء مطلقًا، وليس في الأدلة الشرعية ما يقتضي اعتبار بعد الغيبة، وما يذكر في التزويج بغيبة الولي والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي فلا يعتمد القياس عليه؛ لأمور، ثم قال: وخرج من ذلك انفراد البغوي بهذا، ولم أقف على تعليق القاضي حسين في ذلك، ثم ذكر أن تعبير " المنهاج في غير مستقيم؛ لأن قوله:(منها) يعود على المسافة البعيدة، والمسافة البعيدة ليست التي لا يرجع منها، بل التي لا يصل إليها ليلًا من خرج بكرة من موضعه إلى بلد الحكم، فلو قال:(التي لو خرج منها بكرة إلى بلد الحاكم .. لا يرجع إليها ليلًا لو عاد في يومه) .. لكان محصلًا للمقصود.

قلت: لو قال " المنهاج ": (مبكر منها) .. لاستقام، وهو مراده.

قال شيخنا: وقوله: (ليلًا) يريد به: أوائل الليل، وهو القدر الذي ينتهي به سفر الناس غالبا، ثم قال: لم يثبتوا مقدار الإقامة في المحاكمة، وعندي أنه إذا خرج من بلده بكرة واشتغل بالمحاكمة على العادة بحيث لا يتمكن من العود ليلًا على ما فسرناه .. فهو بمسافة بعيدة عند من اعتبر البعد في الغيبة؛ لأن الفور من غير نظر إلى زمن المحاكمة على العادة يؤدي إلى الضرر الذي راعوه، قال: ولم أر من تعرض لذلك (1).

6056 -

قول " المنهاج "[ص 565]: (والأظهر: جواز القضاء على غائبٍ في قصاصٍ وحد قذفٍ) عبر في " الروضة " بالمشهور (2)، وبينهما في اصطلاحه تناف.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": من له إسقاط حد القذف باللعان لا يجوز القضاء عليه به في غيبته؛ لتمكنه من إسقاطه، والقاضي إنما يقضي بالأمر اللازم، وهذا ليس بلازم، ولم أر من تعرض لذلك.

6057 -

قوله: (ولو سمع بينة على غائب فقدم قبل الحكم .. لم يستعدها، بل يخبره ويمكنه من " الجرح ")(3)(4) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ليس فيه التصريح بالمقصود، وهو توقف الحكم على إخباره بالشهادة، وفي " المطلب ": أن حكمه يتوقف على إعلامه بالشهادة، وعندي فيما قاله في " المطلب " نزاع؛ فإن هذا من صور الأعذار، وهو غير شرط عندنا لصحة الحكم.

قلت: ذاك في غير هذه الصورة؛ لوقوع الدعوى والبينة في وجه الخصم، فهو متمكن من

(1) انظر " حاشية الرملي "(4/ 370).

(2)

الروضة (11/ 196).

(3)

في (ب)، (د):(جرح).

(4)

انظر " المنهاج "(ص 565).

ص: 620

دفعها بالطريق الشرعي، وأما هنا .. فلا بد منه؛ لعدم العلم به، والله أعلم.

وأورد شيخنا أيضًا على " المنهاج " أن محله: إذا لم يتحقق حضوره عند الدعوى، فإن تحققت .. وجبت الاستعادة، ولا يحتاج لذلك؛ فإنه متى تحقق حضوره عند الدعوى .. فليس من هذا الباب ولا عبرة بالظن البين خطاؤه، وقال شيخنا لما ذكر ذلك: لم أر من تعرض له، والدليل يقضيه.

قلت: في " فتاوى البغوي ": أن القاضي إذا زوج من غاب وليها ثم قدم وليها بعد العقد بحيث يعلم أنه كان قريبًا من البلد عند العقد .. لم يصح النكاح، حكاه في " أصل الروضة "، وأقره (1)، وهو من مادة ذلك، والله أعلم.

6058 -

قوله: (ولو عُزل بعد سماع بينة ثم وُلِّي .. وجبت الاستعادة)(2) قيده في " المطلب " بما إذا لم يشهد على نفسه بالسماع، فإن أشهد على نفسه بذلك وقلنا أنه حكم منه بالسماع .. فينبغي أن يعمل بموجبها من غير استعادة إذا قلنا: أن للقاضي أن يقضي بعلمه.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هذا مفرع على أن ذلك حكم منه بالسماع، والأرجح خلافه، قال: ولو قيد صاحب " المطلب " ذلك بحالة عدم الحكم بقبول البينة .. لكان أليق؛ فإنه لو حكم بقبول البينة .. لم تجب الاستعادة وإن لم يحكم بالإلزام بالحق، وحكى في " المطلب " عن الماوردي ما يقتضيه.

6059 -

قولهم: (وإذا استعدى على حاضر بالبلد .. أحضره)(3) استثنى منه السبكي بحثًا من وقعت الإجارة على عينه وكان يعطل حضوره مجلس الحكم حق المستأجر، ذكره في التفسير من " شرح المهذب "، وأخذه من فتوى الغزالي بعدم حبس من وقعت الإجارة على عينه، وقال: لا يعترض باتفاق الأصحاب على إحضار البرزة وإن كانت متزوجة وحبسها؛ لأن للإجارة أمدًا ينتظر، وقد تقدم ذلك، وقيده شيخنا في " تصحيح المنهاج بقيدين:

أحدهما: أن لا يعلم القاضي كذبه، فإن علم كذبه .. لم يحضره، ولا يتخرج على خلاف القضاء بالعلم، بل هو قريب من القضاء على خلاف العلم.

ثانيهما: أن يلزم الحاكم الحكم بينهما، فلو استعدى معاهدًا على معاهد .. لم يلزم الحاكم إحضاره كما لا يلزم الحكم، ثم حكى عن "المحرر " أنه قيده بأن يكون ظاهرًا؛ ليخرج المتواري (4)، قال:

(1) الروضة (7/ 70).

(2)

انظر " المنهاج "(ص 565).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 256)، و" الحاوي "(ص 679)، و " المنهاج "(ص 565).

(4)

المحرر (ص 492).

ص: 621

وينبغي أن يقال: يمكن إحضاره كما في " أصل الروضة " ليخرج المتعزز (1)، ثم قال شيخنا: لو كان المستعدى عليه من ذوي الهيئات وأراد أن يوكل من يحضر عنه ويحاكم .. فلا توقف في أن الحاكم لا يلزمه الحضور؛ لما فيه من الضرر، وهو أكثر من ضرر المخدرة.

6060 -

قول " المنهاج "[ص 565]: (بدفع ختم طينٍ رطبٍ) أنكره شيخنا في " تصحيح المنهاج " وقال: لا أصل له، ولم يذكره الشافعي.

قلت: والأمر فيه قريب؛ فإن القصد علامة تدل على طلب القاضي حضوره، وقد قال بعده:(أو غيره)(2) ولذلك لم يزد " الحاوي " على إحضاره، ولم يذكر ما يحضر به (3).

6061 -

قول " المنهاج "[ص 565]: (أو بمرتب لذلك) كذلك يقتضي التخيير بينهما، والذي في " تعليق الشيخ أبي حامد ": أنه يرسل الختم أولًا، فإن لم يحضر .. بعث إليه العون.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وفيه مصلحة؛ لأن الطالب قد يتضرر بأخذ العون أجرته منه.

6062 -

قوله: (فإن امتنع بلا عذر .. أحضره بأعوان السلطان وعزره)(4) أي: إذا اثبت عليه ذلك؛ ولهذا قال " التنبيه "[ص 256]: (فإن امتنع .. أشهد عليه شاهدين أنه امتنع، ثم يتقدم إلى صاحب الشرطة ليحضره).

6063 -

قوله: (وإن ادعى على ظاهر في البلد غائب عن المجلس .. فقد قيل: يسمع البينة عليه ويحكم، وقيل: لا يسمع)(5) الأصح: الثاني، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(6).

6064 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (وإن استعدى على غائب عن البلد) لا يخفى أن محل الإعداء عليه: إذا كان في محل ولايته، وبه صرح " المنهاج "(7).

6065 -

قوله: (أو فيها وله هناك نائب .. لم يحضره، بل يسمع بينته ويكتب إليه)(8) أطلق سماع البينة، ومحله عنده: إذا كان فوق مسافة العدوى، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وما ذكره هنا جار على المعتمد.

(1) الروضة (11/ 191).

(2)

المنهاج (ص 565).

(3)

الحاوي (ص 679).

(4)

انظر " المنهاج "(ص 565).

(5)

انظر " التنبيه "(ص 256).

(6)

الحاوي (ص 677)، المنهاج (ص 565).

(7)

المنهاج (ص 565).

(8)

انظر " المنهاج "(ص 565).

ص: 622

6066 -

قوله: (أو لا نائب .. فالأصح: يحضره من مسافة العدوى فقط)(1) و" الحاوي "[ص 677]: (ويحضره دونه إن لم يكن ثمَّ قاض) محل إحضاره: إذا لم يكن هناك من يتوسط بينهما بالصلح، وقد ذكره " التنبيه " فقال [ص 256]:(وإن استعدى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه .. كتب إلى رجل من أهل الستر ليتوسط بينهما)، وفي " شرحي التنبيه " لابن يونس وابن الرفعة: أنه يعتبر فيه الصلاحية للقضاء، والظاهر عدم اشتراطه؛ ولهذا لم يذكره في " الروضة " وأصلها، والمراد بأهل الستر الرؤساء وأصحاب المكارم؛ ولهذا قال:(ليتوسط) وما قال: (ليحكم).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وينبغي أن يقيد أيضًا بما إذا لم يكن للمدعي بينة يقيمها عند القاضي المطلوب منه إحضاره، فإن كان بحيث يمكن القضاء عليه وفصل القضية .. فلا يجيبه إلى الإحضار؛ إذ لا معنى له، وقد سبق في كلام الشيخ أبي حامد ما يقتضي ذلك الإحضار من مسافة العدوى فقط، صححه الإمام والغزالي (2)، والذي قطع به العراقيون: أنه يحضره قربت المسافة أو بعدت، وقال الماوردي: هو ما ذهب إليه الأكثرون، وهو ظاهر النص (3)، حكاه في " الكفاية "، ومقتضى كلام " الروضة " وأصلها ترجيحه؛ لنقله إياه عن العراقيين، ونقل الأول عن الإمام فقط (4)، لكنه أشار في " المحرر " و" الشرح الصغير " إلى ترجيح الأول (5)، وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه مخالف للدليل؛ فإنا لو لم نحضره له .. لأدى إلى تعطيل حق الطالب، وإطلاق الآية في إجابة الداعي إلى الحكم دال على ذلك، ثم إن الإمام والغزالي لما صححاه .. قيداه بأن يقيم المدعي بينة على ما يدعيه، وحكاه في " أصل الروضة " عنهما وعن " العدة " لأنه قد لا يكون للطالب حجة .. فيتضرر المطلوب بالحضور ثم أورد على ذلك أنه قد لا يكون له حجة ويقصد تحليفه لعله ينزجر، قال: ولم يتعرض الجمهور لذلك، وإنما قالوا: يبحث القاضي عن جهة دعواه؛ فقد يريد مطالبته بما لا يعتقده كذمي أراد مطالبة مسلم بضمان خمر (6).

وكذا قال في " التنبيه "[ص 256]: (لم يحضره حتى يحقق دعواه) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": فالذي أطلقه " المنهاج " ليس جاريًا على طريقة الإمام ولا طريقة الجمهور.

(1) انظر " المنهاج "(ص 565).

(2)

انظر " نهاية المطلب "(18/ 536)، و " الوجيز "(2/ 244).

(3)

انظر " الحاوي الكبير "(16/ 304).

(4)

الروضة (11/ 195).

(5)

المحرر (ص 492).

(6)

الروضة (11/ 195، 156).

ص: 623

6067 -

قول " المنهاج "[ص 565]: (وهي التي يرجع منها مبكر ليلًا) اعترضه في " المهمات ": بأن عبارته تتناول أول الليل ووسطه وآخره، وليس كذلك، بل الضابط أن يرجع قبل الليل، كذا ذكره الأصحاب، وكذا هو في " أصل الروضة " في النكاح في سوالب الولاية (1).

قلت: وكذا هو في " أصل الروضة ": في أداء الشهادة (2)، وتقدم عن شيخنا الإمام البلقيني أنه قال:(ليلًا) يريد به: أوائل الليل، وهو القدر الذي ينتهي به سفر الناس غالبًا، وقال في موضع آخر من تصحيح " المنهاج ": إن طريقة المراوزة في ذلك مضطربة، وإن المعتمد فيها أن العدوى هي التي ترجع إلى أهله في يومه.

6068 -

قوله عطفًا على ما عبَّر فيه بالأصح: (وأن المخدرة لا تُحضر)(3) ظاهره عدم إحضارها ولو لليمين، وبه صرح " التنبيه " فقال [ص 256]:(فإذا وجب عليها اليمين .. أنفذ إليها من يحلفها) لكن الأصح في " أصل الروضة " في الباب الثالث في اليمين: أنه يغلظ عليها بالمكان، وتكلف حضور الجامع في الأصح (4)، وقد يفهم ذلك قول " المحرر ":(لا تكلف حضورها مجلس الحكم)(5) لأن ذلك لا ينافي حضورها موضع التغليظ؛ لأنه ليس مجلس الحكم.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هذا في غير اللعان، فأما إذا جاء الزوج وقذفها .. فإن القاضي يحضرها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه هلال بن أمية، وذكر له عن زوجته ما ذكر، ونزلت آية اللعان .. قال:" ادعوها " فدعيت، ولم يسأل أهي مخدرة أم لا؟ وترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة العموم في المقال، وكأنه قال: ادعوها سواء كانت مخدرة أم غير مخدرة، وعلى هذا: تحضر مكان التغليظ قطعًا. انتهى.

وقد يفهم من اقتصارهما على المخدرة إحضار البرزة ولو من خارج البلد من غير محرم ولا نسوة ثقات، والأصح: أن القاضي يبعث إليها محرمًا أو نسوة ثقات كالحج، ذكره في " أصل الروضة "(6).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وعندي لا يتعين البعث، بل يأمر القاضي بإحضارها مع محرم أو نسوة ثقات، قال: والمرأة الواحدة هنا كافية للإحضار معها، بخلاف إيجاب الحج؛ لتعلق الحق هنا بالآدمي الطالب. انتهى.

(1) الروضة (7/ 69).

(2)

الروضة (11/ 295).

(3)

انظر " المنهاج "(ص 565).

(4)

الروضة (12/ 33).

(5)

المحرر (ص 492).

(6)

الروضة (11/ 196).

ص: 624

6069 -

قول " المنهاج "[ص 565]: (وهي من لا يكثر خروجها لحاجات) كان ينبغي تقييد الحاجات بالمتكررة كما فعل " المحرر "(1)، فمن تكثر الخروج لحاجات نادرة؛ [كعزاء](2) وحمام ونحوهما .. مخدرة في الأصح، قال في " أصل الروضة ": ثم إنما يتحتم حضور المخدرة على أحد الوجهين للتحليف، وأما ما عداه .. فيقنع فيه بالتوكيل من المخدرة وغيرها (3).

(1) المحرر (ص 492).

(2)

في (د): (كغزل).

(3)

الروضة (11/ 198).

ص: 625