المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب السير 5230 - كذا في "المنهاج" (1)، ولو عبر بقتال - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌كتاب السير 5230 - كذا في "المنهاج" (1)، ولو عبر بقتال

‌كتاب السير

5230 -

كذا في "المنهاج"(1)، ولو عبر بقتال المشركين كما في "التنبيه"(2) أو الكفار كما في " النبيه " أو بالجهاد .. لكان أولى؛ لأنه المقصود، وإنما عبر بذلك؛ لأن الأحكام المذكورة فيه متلقاة من سير رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته.

5231 -

قول "التنبيه"[ص 231، 232]: (الجهاد فرض على الكفاية) محله: ما إذا كان الكفار ببلادهم، فإن دخلوا بلدة إسلام .. لزم أهلها ومن كان منهم دون مسافة القصر الدفع بالممكن، وكذا من على مسافة القصر إن لم يكف أهلها ومن يليهم، وكذا يتعين الجهاد فيما لو أسروا مسلماً وتوقعنا خلاصه، وقد ذكرهما "المنهاج" و"الحاوي"(3)، وسيأتي الكلام عليهما، وقد يدل على الأولى قول "التنبيه" [ص 232]:(فإن أحاط العدو بهم وتعين الجهاد .. جاز من غير إذنهم) وقد يقال: لا يلزم من دخولهم بلدة إسلام الإحاطة بهم.

5232 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (كان الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كفاية، وقيل: عين، وأما بعده .. فللكفار حالان) فيه أمور:

أحدها: أن كونه في عهده فرض كفاية إنما هو بعد الهجرة، أما قبلها .. فكان ممنوعا منه، ثم صار بعد الهجرة مباحاً، ثم أمر بقتال من قاتله، ثم أبيح الابتداء به في غير الأشهر الحرم، ثم أمر به مطلقاً.

ثانيها: أنه يقتضي أن الخلاف في ذلك وجهان، وبه صرح في "المحرر" و"الروضة" وأصلها (4)، لكن نص في "الأم" على كونه فرض كفاية (5).

ثالثها: كلامه يقتضي أن الجهاد لا يكون في عهده عليه الصلاة والسلام فرض عين، وليس كذلك، بل إذا أحاط العدو بالمسلمين كما وقع في قضية الأحزاب .. صار فرض عين كما تقدم في دخول الكفار بلاد الإسلام.

رابعها: الظاهر أن القائل بأنه فرض عين لا يقول باستمرار ذلك إلى وفاته عليه الصلاة والسلام؛ فإنه يلزم عليه النسخ بعد وفاته، وإنما يقول به حين كان عدد المسلمين قليلاً، فلما كثروا .. صار

(1) المنهاج (ص 518).

(2)

التنبيه (ص 231).

(3)

الحاوي (ص 609)، المنهاج (ص 519).

(4)

المحرر (ص 446)، فتح العزيز (11/ 344)، الروضة (10/ 208).

(5)

الأم (4/ 161).

ص: 284

فرض كفاية، وكلام القاضي حسين والماوردي والروياني والدارمي وغيرهم يفهم ذلك، وإن لم يصرحوا به.

5233 -

قوله في تفسير كونه فرض كفاية: (إذا فعله من فيهم كفاية .. سقط الحرج عن الباقين)(1) قيده "الحاوي" بأن يكون كل سنة مرّة (2)، وفي "التنبيه" [ص 232]:(وأقل ما يجب في السنة مرّة) وفي "أصل الروضة": أنه تحصل الكفاية بشيئين:

أحدهما: أن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم من الكفار.

الثاني: أن يدخل الإمام دار الكفر غازياً بنفسه أو بجيش يؤمّر عليهم من يصلح لذلك، وأقله مرة واحدة في كل سنة، وحكاه عن نص الشافعي والأصحاب، ثم قال: وقال الإمام: المختار عندي في هذا: مسالك الأصوليين، وأنهم قالوا: الجهاد دعوة قهرية، فيجب إقامته على حسب الإمكان، حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم، ولا يختص بالمرة الواحدة، وإذا أمكنت الزيادة .. لا يعطل الفرض، وما ذكره الفقهاء حملوه على العادة الغالبة، وهي: أن الأموال والعدد لا تواتي لتجهيز الجنود في السنة أكثر من مرة. انتهى (3).

ولك أن تقول: المذكور في "الروضة" هو ما يحصل به الحراسة، وهو غير الجهاد.

5234 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (وبعلوم الشرع؛ كتفسير وحديث، والفروع) إن كان قوله: (والفروع) معطوفا على: (تفسير) .. اقتضى أن يكون بقي من علوم الشرع شيء لم يذكره، وليس كذلك، وإن كان معطوفاً على:(علوم الشرع) .. اقتضى أن الفروع ليست منها، وليس كذلك.

ثم اعلم أن كون علم الفروع من فروض الكفايات إنما هو في غير القدر المحتاج إليه، فأما ذاك .. فتعلمه فرض عين؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 609]:(كظاهرِ علمِ صنعتِهِ).

5235 -

قول "الحاوي"[ص 603]: (والأمر بالمعروف) زاد "المنهاج"[ص 518]: (والنهي عن المنكر) وهو داخل في الأمر بالمعروف؛ ولذلك حذفه "الحاوي"، فزيادة "المنهاج" له إيضاح، قال الرافعي: والمراد منه: الأمر بواجبات الشرع والنهي عن محرماته (4)، لكن صحح النووي من زيادته: أنه يجب على المحتسب الأمر بصلاة العيد، وإن قلنا: إنها سنة؛ وعلله: بأن الأمر بالمعروف هو الأمر بالطاعة لا سيما ما كان شعارًا ظاهراً (5).

(1) انظر "المنهاج"(ص 518).

(2)

الحاوي (ص 603).

(3)

الروضة (10/ 208، 209)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 397).

(4)

انظر " فتح العزيز"(11/ 352).

(5)

انظر "الروضة"(10/ 217).

ص: 285

وقد يجاب عنه: بأنه ذكر أولا موضع الإجماع، ثم ذكر موضع الخلاف، قالوا: ولو نُصب لذلك واحد .. تعين عليه، وهو المحتسب، ولا يسقط بعلمه أو ظنه أنه لا يفيد، وفي "المهمات": لا نعرف أحدًا قال به، بل نقل الإمام في "الشامل في أصول الدين" عن القاضي أبي بكر: أنهم أجمعوا على عدم الوجوب، ولم يخالفه فيه، وإنما ينكر المجمع عليه، إلا أن يرى الفاعل تحريمه .. فالصحيح في "أصل الروضة" في (الوليمة): أنه كالمجمع عليه (1)، ويشكل عدم إنكار المختلف فيه إذا لم يره الفاعل؛ بأن الصحيح: حد الحنفي بشرب النبيذ مع أن الإنكار بالفعل أبلغ من الإنكار بالقول.

5236 -

قول "المنهاج"[ص 518]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 603]: (وإحياء الكعبة كل سنة بالزيارة) كذا عبر به في "المحرر"(2)، وعبارة "الروضة" وأصلها: بالحج (3)، قال الرافعي: كذا أطلقوه، وينبغي أن تكون العمرة كالحج بل الاعتكاف، والصلاة في المسجد الحرام؛ فإن التعظيم وإحياء البقعة يحصل بكل ذلك (4)، قال النووي: لا يحصل مقصود الحج بذلك؛ لفوات الوقوف والرمي والمبيت وإحياء تلك البقاع بالطاعات (5).

قال في "المهمات": وهو غير ملاق له؛ فإن الكلام في إحياء الكعبة لا في إحياء هذه البقاع، وإن كان المتجه في الصلاة والاعتكاف ما ذكره .. فإنه ليس فيهما إحياء الكعبة، ولو كان الاعتكاف داخل الكعبة؛ لعدم الاختصاص، والمتجه: أن الطواف كالعمرة، وأجاب شيخنا في "تصحيح المنهاج" عن بحث الرافعي: بأن المقصود الأعظم ببناء البيت الحج، فكان إحياؤه به بخلاف العمرة والاعتكاف والصلاة والطواف.

5237 -

قول "الحاوي"[ص 603]: (ودفع الضر عن المسلمين) زاد "المنهاج"[ص 518]: (ككسوة عارٍ وإطعام جائعٍ إذا لم يندفع بزكاةٍ وبيت مالٍ) كذا لو اندفعت بنذر أو وقف أو وصية، وظاهر كلامهما وجوب دفع الضرر وإن لم يبق لنفسه شيئًا، لكن في "زيادة الروضة" عن الإمام في "الغياثي": أنه يجب على الموسر المواساة بما زاد على كفاية سنة (6)، ومقتضاه: أنه لا يتوجه فرض الكفاية بمواساة المحتاج على من ليس معه زيادة على كفاية سنة، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهذا لا يقوله أحد.

(1) الروضة (7/ 335).

(2)

المحرر (ص 446).

(3)

فتح العزيز (11/ 353)، الروضة (10/ 221).

(4)

فتح العزيز (11/ 353، 354).

(5)

الروضة (10/ 221).

(6)

الروضة (10/ 222).

ص: 286

5238 -

قول "المنهاج"[ص 518] و"الحاوي"[ص 603]: (وتحمل الشهادة) محله: ما إذا حضر إليه المتحمل عليه، فإن دعي إليه .. فالأصح: المنع، إلا أن يكون الداعي قاضياً أو معذوراً بمرض ونحوه.

5239 -

قولهما أيضاً: (وأداؤها)(1) قد يرد عليه ما لو كان في الواقعة جماعة وطلب الأداء من اثنين .. فإنه يلزمهما في الأصح، وقد ذكره "المنهاج" في (الشهادات)(2).

5240 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (وجواب سلام على جماعة) أحسن من قول "الحاوي"[ص 603]: (على الجمع) لأن جواب السلام على الاثنين فرض كفاية أيضًا، مع أنهما جماعة وليسا جمعا، وأما جواب السلام على الواحد .. فإنه فرض عين، ويستثنى منه: ما إذا كان المسلّم أو المسلَّم عليه أنثى شابة والآخر رجلاً ولا زوجية بينهما ولا محرمية ولا رق .. فلا يجب الرد، ثم إن سلم هو .. لم يجز لها الرد، وإن سلمت هي .. كره له الرد.

ويستثنى منه أيضًا: وجوب السلام على المجنون والسكران، في وجوبه وجهان بلا ترجيح في "أصل الروضة"(3)، ورجح شيخنا في "تصحيح المنهاج": أنه لا يجب، إلا أن يخاف من تركه شر .. فيجب " دفعا للشر، وصحح في "شرح المهذب" في (الجمعة): أنه لا يجب الرد عليهما ولا يستحب (4)، وكذا لا يجب الرد على الفاسق إذا كان في تركه زجر، ولا على المرتد والحربي.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لم أر في كلامهم التصريح بإيجاب الرد على الذمي، والظاهر أنه يسن الرد عليه ولا يجب، وفي الرافعي في الجزية عن البغوي: أنه لا يجاب (5)، وقال النووي: الصحيح بل الصواب: أنه يجاب بما ثبت في الأحاديث الصحيحة: "وعليكم"(6).

5241 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (ويسن ابتداؤه، لا على قاضي حاجةٍ وأكلٍ وفي حمامٍ، ولا جواب عليهم) و"الحاوي"[ص 610]: (والسلام - لا على المصلي، وقاضي الحاجة، وفي الحمام - سنة) فيه أمور:

أحدها: أن "المنهاج" أطلق الأكل كما فعل الجويني والقاضي حسين والمتولي، وحمله الإمام على مَنْ اللقمة في فيه، وكان يمضي زمان في المضغ والابتلاع، ويعسر الجواب في الحال،

(1) انظر "الحاوي"(ص 603)، و"المنهاج"(ص 518).

(2)

المنهاج (ص 572).

(3)

الروضة (10/ 230).

(4)

المجموع (4/ 507).

(5)

انظر "فتح العزيز"(11/ 374).

(6)

انظر "الروضة"(10/ 326).

ص: 287

أما بعد البلع وقبل وضع لقمة أخرى .. فلا منع (1)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وما ذكره الإمام أرجح.

قلت: وجزم به النووي في "الأذكار"(2).

ثانيها: ما ذكراه في الحمام، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لم يقم عليه دليل، ولا سيما إذا كان في الموضع الذي يوضع فيه الثياب، والمعتمد عندنا: أنه كغيره، وفي توجيه الرافعي ما يقتضي أنه ليس الكلام في موضع نزع الثياب. ثالثها: يستثنى أيضًا: المجامع، وهو مفهوم من قاضي الحاجة من طريق الأولى إن لم يكن داخلأ في مسماه، وسلام رجل على شابة أجنبية وسلامها عليه، والسلام على الكافر، وفي زيادة "الروضة": المختار: أنه لا يبدأ المبتدع بالسلام إلا لعذر أو خوف مفسدة (3)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لم يتعرضوا للمجنون والسكران، والظاهر أنه لا يسن ابتداء السلام عليهما، وقالوا: لا يسلم على من هو في الأذان أو الإقامة أو الخطبة، فلو سلم على المؤذن .. لم يجب حتى يفرغ، وهل الإجابة بعد الفراغ واجبة أو مستحبة؛ لم يصرحوا به، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الذي يظهر أنه لا يجب، وأطلق الغزالي أنه لا يسلم على المصلي (4)، ولم يمنعه المتولي، لكن قال: إذا سلم عليه .. لم يرد حتى يفرغ، ويجوز أن يجيب في الصلاة بالإشارة، نص عليه في القديم، وقيل: يجب الرد بعد الفراغ، والصحيح: أنه لا يجب الرد مطلقًا، فإن قال في الصلاة:(عليكم السلام) .. بطلت، أو: عليهم السلام .. لم تبطل، وفي حاضر الخطبة - تفريعا على الجديد: أنه لا يحرم الكلام - ثلاثة أوجه، أصحها عند البغوي: وجوب الرد، والثاني: استحبابه، والثالث: جوازه، وقطع الإمام بأنه لا يجب الرد، ورجح شيخنا في "تصحيح المنهاج" مقالة البغوي، قال: والقياس: أن هذا يعم كل خطبة، قال: والأرجح: أن الخلاف في غير الخطيب، أما الخطيب .. فلا يجب عليه الرد قطعا؛ لاشتغاله، وفي "أصل الروضة": أنه إذا سُلّم على الملبي .. رد، نص عليه، وزاد النووي: أنه يكره التسليم عليه في حالة التلبية (5)، ومقتضاه: أنه لا يجب عليه الرد، ويحمل النص على الاستحباب، وفي زيادة "الروضة" عن الواحدي المفسر: الأولى: ترك السلام على القارئ، فإن سلّم عليه .. كفاه الرد

(1) انظر "نهاية المطلب"(17/ 421).

(2)

الأذكار (ص 198).

(3)

الروضة (10/ 231).

(4)

انظر "الوجيز"(2/ 189).

(5)

الروضة (10/ 232).

ص: 288

بالإشارة، ولو رد باللفظ .. استأنف الاستعاذة وقرأ، قال: وفيما قاله نظر، والظاهر أنه يسلَّم عليه، ويجب الرد (1).

رابعها: قول "المنهاج"[ص 518]: (ولا جواب عليهم) قد يفهم استواء حكمهم، وليس كذلك، فيكره لقاضي الحاجة والمجامع، ويندب للَاكل ومن في الحمام، وفي الرافعي فيمن سلم على قاضي الحاجة .. هل يستحق الجواب بعد الفراغ؛ فيه جوابان (2)، وأسقطه من "الروضة"، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح: أنه لا يستحق، ولكن إن خيف أمر .. رد عليه بعد الفراغ.

5242 -

قولهم - والعبارة لـ "التنبيه" -: (ولا يجب الجهاد إلا على ذكر، حر، بالغ، عاقل، مستطيع)(3) أهملوا اشتراط كونه مسلماً؛ لوضوحه، وقد نبه عليه في "الكفاية"، وتعبير "التنبيه" و"الحاوي" باشتراط الذكورة (4)، أحسن من قول "المنهاج" [ص 518]:(ولا جهاد على امرأة) لخروج الخنثى بالعبارة الأولى دون الثانية.

ويرد على "التنبيه": أن وصف الحرية لا يعتبر إذا دخل الكفار بلاد الإسلام، وإن حصلت المقاومة بالأحرار على الأصح، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي" بعد ذلك (5)، وسيأتي ما فيه.

5243 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (ولا جهاد على مريض) و"الحاوي"[ص 603]: (بلا مرض) قيده "التنبيه" بالمريض الذي لا يقدر على القتال (6)، وفي معناه: ما إذا لم يقدر على القتال إلا بمشقة شديدة، وخرج بذلك الصداع ووجع الضرس والحمى الخفيفة ونحوها.

5244 -

قول "التنبيه"[ص 232]: (إنه لا جهاد على الأعرج) قيده "المنهاج" و"الحاوي بالعرج البين (7)، ليخرج عرج يسير لا يمنع المشي ولا الركوب؛ فإنه يجب معه الجهاد.

5245 -

قول "المنهاج"[ص 518]: (وأقطع) أي: اليد بكمالها أو معظم أصابعها، ولا يضر قطع أصابع الرجلين إذا أمكنه المشي من غير عرج بيّن.

5246 -

قوله: (وأشل)(8) أي: أشل اليد أو أشل معظم أصابعها.

(1) الروضة (10/ 232).

(2)

فتح العزيز (11/ 376).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 232)، و"الحاوي"(ص 603)، و"المنهاج"(ص 518).

(4)

التنبيه (ص 232)، الحاوي (ص 603).

(5)

الحاوي (ص 604)، المنهاج (ص 519).

(6)

التنبيه (ص 232).

(7)

الحاوي (ص 603)، المنهاج (ص 518).

(8)

انظر "المنهاج"(ص 518).

ص: 289

5247 -

قوله: (وكل عذر منع وجوب حج منع الجهاد، إلا خوف الطريق من كفار، وكذا من لصوص مسلمين على الصحيح)(1) يقتضي منع خوف لصوص المسلمين وجوب الحج مطلقًا، ومحله: فيما إذا عم الخوف أهل ناحيته، فإن اختص بإنسان .. لم يمنع ذلك إيجاب الحج عليه، حتى إذا مات ولم يحج .. قضي من تركته كما نص عليه في "الأم"(2).

5248 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (والدين الحال يُحرّم سفر جهادٍ وغيره إلا بإذن غريمه)(3) له شرطان:

أحدهما: أن محله: في الموسر، فأما المعسر .. فليس له منعه على الصحيح في "أصل الروضة"، وحكى الرافعي عن ابن كج: أنه المذهب (4)، لكن في "الكفاية" عن الأصحاب خلافه. ثانيهما: أن محله: إذا لم يستنبْ من يقضي دينه من مال حاضر، فإن فعل ذلك .. فله السفر بغير إذنه.

5249 -

قول "التنبيه"[ص 232]: (وقيل: يجوز في الدين المؤجل أن يجاهد بغير إذنه) يقتضي أن الأصح: منعه في المؤجل أيضًا، وليس كذلك كما صرح "المنهاج" بتصحيحه (5)، وهو مقتضى تقييد "الحاوي" بالحال (6)، وقال النووي في "تصحيحه": ورجحه المصنف في (باب التفليس)(7)، وقال شيخنا الإسنوي في "التنقيح": ما قاله ممنوع، فإن الذي جوزه الشيخ في التفليس إنما هو السفر لا نفس الجهاد، فإنه قال:(وقيل: يمنع من سفر الجهاد)(8)، والذي منعه هنا إنما هو نفس الجهاد، فإنه قال:(ولا يجاهد)(9)، ولم يتعرض للسفر، فليسا مسألة واحدة كما ذكر، فأي ضرورة إلى ارتكاب دعوى التناقض في كلام الشيخ مع تغاير المحكوم عليه، وسبقه إلى الإشارة لذلك في "الكفاية".

5255 -

قول "المنهاج" في الدين المؤجل [ص 519]: (وقيل: يمنع سفراً مخوفاً) أعم من تعبير "التنبيه" بالجهاد (10)، وقيد هذا الوجه في "الروضة" بألَاّ يقيم كفيلاً بالدين (11).

(1) انظر "المنهاج"(ص 518).

(2)

الأم (2/ 120).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 232)، و"الحاوي"(ص 603)، و"المنهاج"(ص 519).

(4)

فتح العزيز (11/ 358)، الروضة (10/ 210).

(5)

المنهاج (ص 519).

(6)

الحاوي (ص 603).

(7)

تصحيح التنبيه (2/ 201).

(8)

التنبيه (ص 101).

(9)

التنبيه (ص 232).

(10)

التنبيه (ص 232).

(11)

الروضة (10/ 211).

ص: 290

5251 -

قولهما - والعبارة لـ "التنبيه" -: (ولا يجوز لمن أحد أبويه مسلم أن يغزو إلا بإذنه)(1) يفهم اختصاص ذلك بالأبوين، وليس كذلك؛ فسائر الأجداد والجدات في ذلك كالأبوين، ولو مع وجودهما في الأصح؛ ولذلك عبر "الحاوي" بأصل مسلم (2)، وظاهر كلامهم اعتبار ظهور الإسلام؛ فهو الذي تعلق عليه الأحكام، لكن لو علم الولد نفاقهما .. جاز له سفراً لجهاد بغير إذنهما ولو كانا مسلمين في الظاهر، نص عليه في "الأم"(3) كما حكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وتناول كلامهم الأصل الرقيق، وهو كذلك على الصحبح، فلو كان الولد رقيقا .. اعتبر في سفر الجهاد وغيره إذن سيده لا أبويه، قاله الماوردي، قال: ويلزم المبعض استئذان الأبوين بما فيه من الحرية والسيد بما فيه من الرق (4).

5252 -

قول "المنهاج"[ص 519]: (لا سفر تعلم فرض عين، وكذا كفاية في الأصح) هو مقتضى إطلاق "الحاوي" قوله [ص 603]: (لا للعلم)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ويستثنى منه: ما إذا كان السفر مخوفاً .. فإنه لا يسافر لطلب فرض الكفاية، والظاهر سقوط فرض العين عنه كالحج، وما إذا كانت نفقة الأبوين أو أحدهما لازمة له .. فيجب استئذانهما، إلا أن يستنيب في الإنفاق عليهما من مال حاضر، صرح به الماوردي (5)، قال شيخنا: وقضيته: أنه لو كان الفرع تجب نفقته على الأصل .. لم يجز له أن يسافر إلا بإذنه إن كان الفرع أهلاً للإذن، وأن يستنيب في الإنفاق عليه من مال حاضر، ثم ذكر أن القياس: أنه لو أداه نفقة ذلك اليوم وسافر في بقيته .. كان كالمديون بدين مؤجل. انتهى.

وصحح السبكي في كتاب له في بر الوالدين: أنه يمتنع السفر لتعلم فرض الكفاية إذا منعاه (6) صريحاً.

5253 -

قول "الحاوي"[ص 603]: (كسفر البحر والبادية المخطرة للتجارة) يقتضي أنه لا يمنعه سفر التجارة في غيرهما، ولذلك صححه الرافعي والنووي (7)، لكن صحح السبكي: أن لهما منعه من سفر التجارة ولو غلب الأمن.

(1) انظر "التنبيه"(ص 232)، و"المنهاج"(ص 519).

(2)

الحاوي (ص 603).

(3)

الأم (4/ 163).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(14/ 124).

(5)

انظر "الحاوي الكبير"(14/ 124، 125).

(6)

في النسخ: (منعناه)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.

(7)

انظر "فتح العزيز"(11/ 361)، و"الروضة"(10/ 211، 212).

ص: 291

5254 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (فإن أذن أبواه والغريم ثم رجعوا .. وجب الرجوع إن لم يحضر الصف)(1) يستثنى منه صور:

أحدها: أن يخاف على نفسه أو ماله .. فلا يجب الرجوع، فلو أمكنه أن يقيم بقرية في الطريق .. لزمه، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 603]:(فإن عجز .. أقام قرية).

ثانيها: أن يخاف انكسار قلوب المسلمين .. فلا يجوز الرجوع، بل يحرم.

ثالثها: أن يكون خروجه بجُعْلٍ مع السلطان .. فلا يرجع كما حكاه في "الكفاية" عن الماوردي (2)، ونص عليه في "الأم"(3) كما حكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج".

5255 -

قول "التنبيه"[ص 232]: (وإن كان قد حضر الصف .. ففيه قولان) الأظهر: أنه لا يرجع، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 519]:(فإن شرع في قتال .. حرم الانصراف في الأظهر) وعليه مشى "الحاوي" بقوله [ص 603]: (لا من القتال) ولو عبرا كـ "التنبيه" بحضور الصف .. لكان أولى؛ لأنه لا يتوقف ذلك على القتال حقيقة، بل التقاء الفريقين كاف في ذلك، وعبر في "الروضة" بالأصح (4)، وهو يقتضي أن الخلاف وجهان، والرافعي قال في "الشرح": فيه قولان أو وجهان (5)، وجزم في "المحرر" بأنه قولان (6)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لم نقف للشافعي رضي الله عنه على نص في عين المسألة، ولكنه لما أجاز الرجوع في غير ما استثناه .. احتمل أن يكون مطلقاً، واحتمل أن يكون ما لم يحضر الصف، فكان الظاهر أن الخلاف وجهان، قال: ومحل الخلاف ما لم يخش انكسار المسلمين، فإن خشي ذلك .. حرم الانصراف.

5256 -

قول "المنهاج"[ص 519]: (الثاني: يدخلون بلدة لنا فيلزم أهلها الدفع بالممكن) لا يتوقف ذلك على دخولها، بل لو أظلوا عليها ونزلوا بها قاصدين لها .. كان الحكم كذلك، وكذا لو نزلوا على خراب أو جبل في دار الإسلام بعيد عن البلدان كما حكاه الإمام عن الأصحاب، واختار خلافه (7)، وقال النووي: هذا الذي اختاره الإمام ليس بشيء، وكيف يجوز تمكين الكفار من الاستيلاء على دار الإسلام مع إمكان الدفع؟ (8).

(1) انظر "التنبيه"(ص 232)، و"الحاوي"(ص 603)، و "المنهاج"(ص 519).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(14/ 128).

(3)

الأم (4/ 164).

(4)

الروضة (10/ 213).

(5)

فتح العزيز (11/ 364).

(6)

المحرر (ص 447).

(7)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 415).

(8)

انظر "الروضة"(10/ 216).

ص: 292

قلت: لم يجوز الإمام في اختياره تمكينهم من دار الإسلام، بل قال: إنه فرض كفاية يجب القيام به، وإنما نفى كونه فرض عين، وعلى الأول مشى "الحاوي" فقال [ص 609]:(ولو خراب الإسلام) فلو صار بينهم وبين بلاد الإسلام دون مسافة القصر .. فقال الماوردي: يتعين فرض القتال على أهل الثغر (1)، ومنعه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقال: الأرجح: بقاء فرض الكفاية، ونازع شيخنا المذكور في أصل هذا الحكم، وقال: جرى نحو ذلك غزوة الأحزاب، ولم ينقل فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعلم كل وأحد من أهل المدينة بتعين الجهاد عليه، وإنما الحال مستمر على فرض الكفاية، وأطلق الشافعي أن الجهاد فرض كفاية، ولم يستثن من ذلك إلَاّ حالة الزحف التي يحرم فيها الفرار، وقال فيما لو غزا المشركون بلاد المسلمين: لا يضيق على المسلمين أن يتحصنوا من العدو وإن كانوا قاهرين للعدو، وفيما يرون إذا ظنوا ذلك أزيد في قوتهم ما لم يكن العدو يتناول من المسلمين أو أموالهم شيئاً في تحصنهم عنهم، قال شيخنا: وهذا يخالف القول بأن الجهاد صار فرض عين، والمذهب المعتمد ما نص عليه صاحب المذهب، وبه صرح القفال، فقال في هذه الصورة: فإن قامت به طائفة". سقط الفرض عن الباقين، وإن لم يقم به أحد .. خرجوا أجمعين.

5257 -

قول "المنهاج" في هذه الحالة [ص 519]: (فإن أمكن تأهب لقتال .. وجب الممكن حتى على الفقير وولدٍ ومَدِين وعبد بلا إذن) و "الحاوي"[ص 609]: (فرض على كل قوي، وزال الحجر) ثم قال "المنهاج"[ص 519]: (وقيل: إن حصلت مقاومة بأحرار .. اشترط إذن سيده) وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا الذي ضعفه هو المعتمد في الفتوى، وهو مقتضى نص الشافعي؛ فإنه جعل تولي المسلمين لو غزاهم المشركون كتولي المسلمين من الزحف، ولم يجعل العبد الغازي بغير إذن سيده آثماً بالتولي من الزحف؛ فلذلك لا يتوجه إليه الخطاب فيما إذا وطئ الكفار بلاد الإسلام وأمكنت المقاومة بالأحرار، قال: وهذان الوجهان لم أرهما إلا في "النهاية" بلا ترجيح (2)، وقال الرافعي فيما رجحه: إنه أليق بفقه الباب وأشبه (3)، قال شيخنا: وهو ممنوع؛ فالأليق بفقه الباب والأشبه: أنه لا يتوجه الخطاب للعبيد في هذه الحالة؛ لقيام الأحرار بالمطلوب، ولا سيما وقد نص الشافعي على ذلك فوجب اطراح ما يخالفه، ولا ينبغي أن يعد وجهًا.

5258 -

قول "المنهاج"[ص 519]: (وإلا؛ فمن قُصِدَ .. دَفَعَ عن نفسه بالممكن إن علم أنه إن أخذ قتل، وإن جوز الأسر .. فله أن يستسلم) محله في الرجل، فأما المرأة إذا علمت امتداد اليد

(1) انظر "الحاوي الكبير"(14/ 144).

(2)

نهاية المطلب (17/ 429، 430).

(3)

انظر "فتح العزيز"(11/ 366).

ص: 293

إليها بالفاحشة .. فعليها الدفع وإن قتلت، أما إذا لم تقصد بالفاحشة في الحال وتوقعته بعد السبي .. قال الرافعي: فيحتمل جواز الاستسلام الآن، وتدفع حينئذ (1).

ومحل الاستسلام عند تجوز الأسر: إذا كان لو امتنع .. لقُتل، وإلا .. فلا يجوز الاستسلام.

5259 -

قوله: (ومن هو دون مسافة قصر من البلد كأهلها)(2) يقتضي أنه يصير عليهم فرض عين، حتى على الفقير والولد الذي له أصل حي مسلم والمديون والعبد من غير اعتبار إذن، وأنه يجري في العبيد الخلاف فيما إذا حصلت المقاومة بالأحرار.

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهذا شيء لم يقل به أحد، والإمام الذي سلك هذه الطريقة الضعيفة لم يذكر جميع ذلك صريحا وإن اقتضاه كلامه، واعتبر وجود الزاد فيمن هو دون مسافة القصر.

5260 -

قوله: (ومن على المسافة .. تلزمهم الموافقة بقدر الكفاية إن لم يكف أهلها ومن يليهم، قيل: وإن كفوا)(3) مقتضى التعبير: أن المعنى: قيل: وإن كفوا .. تلزمهم الموافقة بقدر الكفاية، وهذا غير مستقيم؛ فكان ينبغي أن يقول:(ومن على المسافة .. قيل: تلزمهم الأقرب فالأقرب، والأصح: إن كفى أهلها .. لم تلزمهم).

5261 -

قول "الحاوي"[ص 609]: (أو أسرت مسلماً يُرجى خلاصه .. فرض على كل قوي) أحسن من قول "المنهاج"[ص 519]: (ولو أسروا مسلماً .. فالأصح: وجوب النهوض إليهم لخلاصه إن توقعناه) لأن تعبير "المنهاج" قد يفهم أن الخلاف في كونه فرض كفاية، وليس كذلك، وإنما الخلاف في فرض العين، وتعبير "الحاوي" صريح في ذلك، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن هذا الخلاف لا وجود له في شيء من كتب الطريقين، وإنما هو تردد للإمام (4)، قال: ولا توقف عندنا في أنه لا يكون فرض عين في هذه الصورة، وليس للولد والعبد والمديون الخروج بغير إذن، وحيث كان الجهاد فرض كفاية .. فهو مستمر بحاله، وهذا هو الظاهر من كلام الشافعي وأصحابه؛ والدليل على هذا: أنه كان في الحديبية عند المشركين أسرى رجال ونساء، وجاء بعض الرجال قبل عقد الصلح، وكانت المقاومة ممكنة؛ بدليل قول عمر رضي الله عنه:(فلم نعطِ الدَّنية في ديننا)(5) مع أن في الأعصار تقع أسرى المسلمين في يد الكفار ولم فسمع أن جيشا من جيوش المسلمين تحرك لخلاص أولئك الأسرى.

(1) انظر "فتح العزيز"(11/ 366).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 519).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 519).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(17/ 414، 415).

(5)

أخرجه البخاري (3011)، ومسلم (1785).

ص: 294