المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الدّيات 4715 - قولهما - والعبارة لـ " التنبيه " - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌كتابُ الدّيات 4715 - قولهما - والعبارة لـ " التنبيه "

‌كتابُ الدّيات

4715 -

قولهما - والعبارة لـ " التنبيه " -: (دية الحر المسلم مئة من الإبل)(1) كان ينبغي أن يقولا: (الذكر) ولعلهما سكتا عن ذلك لفهمه من النطق به مذكرًا، ثم محل ذلك: إذا لم يكن في القاتل رق، فإن كان رقيقًا لغير المقتول أو مكاتبًا ولو له .. فالواجب أقل الأمرين من قيمة الرقيق والدية على الأظهر، وإن كان مبَعّضًا .. لزمه لجهة الحرية القدر الذي يناسب الحرية من نصف أو ثلث، ويتعلق بالقدر الرقيق أقل الأمرين من الحصة من الدية والحصة من القيمة.

4716 -

قولهم: (مُثَلّثَة في العمد)(2) يقتضي اختصاص ذلك بدية النفس ولو ناقصة، وليس كذلك؛ فالأطراف يأتي فيها عند العمد المحض وانتفاء القصاص التثليث على الجاني، نص عليه في " الأم " و" المختصر "، واتفق عليه الأصحاب.

4717 -

قولهم: (ومُخَمَّسَة في الخطأ)، والعبارة لـ " المنهاج ":(عشرون بنت مخاض، وكذا بنات لبون وبنو لبون وحقاق وجذاع)(3) هو المنقول، لكن اختار شيخنا الإمام البلقيني على أصل الشافعي وجوب عشرين من بني مخاض بدل بني اللبون؛ لأنه أقل ما قيل في ذلك، قال به ابن مسعود وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وإنما أوجب الشافعي بني اللبون؛ لاعتقاده أنه أقل ما قيل؛ فإنه لم يبلغه مذهب ابن مسعود في ذلك، وسبقه إلى اختيار ذلك لهذا المدرك ابن المنذر (4)، وكلام البيهقي يقتضي ذلك وإن لم يصرح به (5)، ولم يصح في ذلك حديث مرفوع، والله أعلم.

4718 -

قول " التنبيه "[ص 223]: (فإن قتل في الحرم) أي: حرم مكة، كما صرح به " المنهاج " و" الحاوي "(6)، ولا يلتحق بذلك حرم المدينة على الصحيح، واختار شيخنا الإمام البلقيني إلحاقه به؛ لأن الخلاف في ذلك مبني على الخلاف في ضمان صيده، والمختار عند النووي: ضمانه صيده بسلب الصائد (7)، وفي كلامهم معًا أمور:

أحدها: أن ظاهر كلام " التنبيه " و " المنهاج " يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون القاتل والمقتول

(1) انظر " التنبيه "(ص 222)، و " المنهاج "(ص 483).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 222)، و " الحاوي "(ص 556)، و" المنهاج "(ص 483).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 222، 223)، و " الحاوي "(ص 552)، و " المنهاج "(ص 483).

(4)

انظر " الإشراف على مذاهب العلماء "(7/ 392، 393).

(5)

انظر " معرفة السنن والآثار "(6/ 202).

(6)

الحاوي (ص 553)، المنهاج (ص 483).

(7)

انظر " الروضة "(3/ 169).

ص: 68

في الحرم أو أحدهما فقط فيه، وصرح به " الحاوي " بقوله [ص 553]:(رميًا أو إصابة) وهذا هو المنقول، وألحق به في " المطلب " ما إذا جرحه والمجروح في الحرم فخرج المجروح إلى الحل ومات فيه.

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومقتضى الإلحاق بالصيد: أنه لو كان بعض القاتل أو المقتول في الحل وبعضه في الحرم، أو قطع السهم في مروره هواء الحرم وهما في الحل .. غلظت الدية، قال شيخنا: وعندي أن إلحاق ذلك بالصيد بعيد، وأن الاعتبار بأن يكون القتيل أو الجريح في الحرم سواء أكان القاتل أو الجارح في الحرم أم لا، وهو ظاهر نص الشافعي في كتبه وكلام كثير من أصحابه.

ثانيها: أنه لا يختص التغليظ بالقتل؛ فالجراح في الحرم مغلظة وإن لم يمت منها، وقد نص عليه في " المختصر " فقال:(وكذلك التغليظ في النفس والجراح في الشهر الحرام والبلد الحرام وذي الرحم)(1)، وصرح به الشيخ أبو حامد.

ثالثها: مقتضى كلامهم: أنه لا تغليظ في الجنين ولو قتل في الحرم، وبه صرح الشيخ أبو حامد، لكن نص في " الأم " على خلافه، فقال:(وقيمة الغرة نصف عشر دية الرجل المسلم، وذلك في العمد وعمد الخطأ خمس من الإبل خمساها وهو بعيران قيمة خلفتين، وثلاثة أخماسها قيمة ثلاث جذاعٍ وحقاقٍ من إبل عاقلة الجاني)، ثم قال:(وفي الخطأ عن قيمتها: خمس من الإبل أخماسًا قيمة بنت مخاض وقيمة بنت لبون وقيمة ابن لبون ذكر وقيمة حقة وقيمة جذعة)(2).

4719 -

قول " الحاوي "[ص 553]: (ولذي رحم) يقتضي الاكتفاء بذلك وإن لم يكن محرمًا، وبه قال الشيخ أبو حامد، وحكي عن القفال، واختاره الشيخ أبو محمد والروياني، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الأرجح، وحكاه عن ظاهر نص " الأم " و" المختصر " فإنه لم يعتبر فيهما إلا كونه ذا رحم (3)، لكن صحح الرافعي والنووي اشتراط المحرمية أيضًا (4)، وحكى القاضي حسين إجماع الأصحاب عليه، وعليه مشى " التنبيه " و" المنهاج "(5)، ولا تغليظ لمحرمية الرضاع والمصاهرة قطعًا.

(1) مختصر المزني (ص 244).

(2)

الأم (6/ 109).

(3)

الأم (6/ 113)، مختصر المزني (ص 244).

(4)

انظر " فتح العزيز "(10/ 316)، و " الروضة "(9/ 255).

(5)

التنبيه (ص 223)، المنهاج (ص 483).

ص: 69

4720 -

قول " التنبيه "[ص 223]: (ولا يؤخذ فيها معيب ولا مريض) و" الحاوي "[ص 556]: (لا المعيب)، قال في " المنهاج " [ص 483]:(إلا برضاه) والمراد: العيب المثبت للرد في البيع.

4721 -

قول " المنهاج "[ص 483]: (ويثبت حَمْلُ الخلفة بأهل الخبرة) و" الحاوي " بقول [ص 553]: (أهل البصر) المراد: عدلان منهم.

4722 -

قول " المنهاج "[ص 483]: (والأصح: إجزاؤها قبل خمس سنين) يقتضي أن الخلاف وجهان، وهو في " الروضة " وأصلها قولان، ولم يعتبروا لنهاية سنها حدًا (1)، وروى النسائي بإسناد رجاله ثقات في حديث مرفوع:" منها أربعون ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفة"(2) ومقتضاه: أنها لا تجزئ إذا جاوزت بازل عام، وذلك بعد تسع سنين، وقد يكون بعد ثمان؛ لأن البازل ما فطرنا به؛ أي: انشق، وذلك في السنة التاسعة، وربما بزل في الثامنة.

وقد اعتبر ذلك شيخنا الإمام البلقيني وقال: لم يبلغ الشافعي رضي الله عنه هذا الخبر بهذه الزيادة، ولو بلغه وثبت عنده .. لقال به، قال: ووهم صاحب " المطلب " فقال: إن مقتضى هذا الحديث: ما حمل بعد استكمال خمس سنين وما بعدها إلى إحدى عشرة سنة؛ لأنه الذي يقال فيه بازل عام ثم بازل عامين وهكذا.

4723 -

قولهما - والعبارة لـ " التنبيه " -: (وإن كان للقاتل أو العاقلة إبل .. وجبت الدية منها، وإن لم يكن لهم إبل .. وجبت من غالب إبل البلد)(3) فيه أمور:

أحدها: أن مقتضاه: أنه لا يعدل إلى غالب إبل البلد إلا إذا لم يكن للقاتل أو العاقلة إبل، ومقتضى كلام " الروضة " وأصلها: أنه مخير بينهما؛ فإنه قال فيما إذا كان يملك إبلًا من غير غالب إبل البلد: أخذت أيضًا من أي صنف كانت، هذا هو الصحيح، وبه قطع الأكثرون، وهو ظاهر نصه في " المختصر "، فقوله أيضًا يدل على قبول إبل البلد؛ ويدل له قوله بعده: ولو دفع نوعًا غير ما في يده .. أجبر المستحق على قبوله إذا كان غالب إبل البلد أو القبيلة كذلك، وحكاه الرافعي عن البغوي (4)، ويوافقه قول " الحاوي " [ص 556]:(من غالب إبل البلد أو إبله).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه ليس بمعتمد.

ثانيها: مقتضاه: أنه إذا تفرقت العاقلة في البلدان أو القبائل .. أخذت حصة كل واحد منهم من

(1) فتح العزيز (10/ 321)، الروضة (9/ 260).

(2)

سنن النسائي (4794).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 223)، و " المنهاج "(ص 483).

(4)

فتح العزيز (10/ 322، 323)، الروضة (9/ 260، 261)، وانظر " مختصر المزني "(ص 244)، و " التهذيب "(7/ 139).

ص: 70

غالب إبل بلدته أو قبيلته، وهو كذلك، لكن حكى الرافعي عن أبي الفرج الزاز أنه قال: هذا لا يتحقق تصوره في تفرق الآحاد؛ فإن الواجب على الواحد منهم لا يبلغ ما يؤخذ به الإبل، وإنما يظهر التصوير إذا كان بطن في قبيلة أو بلدة وبطنٌ في أخرى (1).

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومقتضاه: أنه عند تفرق الآحاد يتعذر رعاية غالب البلد، فيحتمل أن يراعى حينئذ غالب أقرب بلد إلى الكل، فإن تفرقوا بحيث كان لكل واحد بلد أقرب .. تعذر أيضًا رعاية أقرب البلاد، فينتقل إلى القيمة كما لو عدمت الإبل، والمصير إلى أن يؤخذ من إبل كل واحد بقدر الواجب عليه بحيث تتكثّر الأشقاص على المستحق بعيد؛ لما فيه من النقص الداخل عليه، قال: ومقتضى هذا: أنه لو كان للعاقلة إبل مختلفة وأخذنا من كل واحد الواجب عليه شقص بعير بحيث تتكثّر الأشقاص .. سقط اعتبار إبله أيضًا، قال: فأما لو تعددت الجناة في العمد وكل واحد في بلد ولا إبل له، أو كانوا في بلد ولكل واحد إبل تخالف إبل الآخر .. فهل نقول: تؤخذ الأشقاص لتعدد الجناة بخلاف العاقلة فإنها تحملت عن الجاني الواحد، أو يراعى حق المجني عليه فيؤخذ له قيمة الإبل بالكامل منهم للتعذر؟ لم أر من تعرض لهذا، والأول أرجح. انتهى.

ثالثها: أنه يدخل في ذلك بيت المال إذا انتهى الحال إليه في الدية ولم يكن له إبل .. فمقتضاه: أنه يجب منه غالب إبل البلد، ورجح شيخنا الإمام البلقيني: أن الواجب في هذه الحالة القيمة، وأن اعتبار غالب إبل البلد متعذر؛ لأن المراد ببيت المال في حق من لا وارث له إذا مات: أهل البلد الذي يموت فيه دون غيرهم، وإلى الآن لم يمت الجاني، وإذا أريد ببيت المال: جهة الإسلام .. كان اعتبار بلد بعينها دون غيرها تحكمًا.

رابعها: ذكر شيخنا الإمام البلقيني أن كل من أوجبنا عليه أن يفدي بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية .. لا يقضى عليه بالإبل، فإذا كان الأقل القيمة دفعها من النقد أو الأرش .. فالخيار له إن شاء أعطى الأرش إبلًا وإن شاء أعطى بقدر الأرش من قيمة العبد نقدًا، قال: ولم أر من صرح به، ثم ذكر من كلامهم ما يدل عليه.

خامسها: أن مقتضاه: أنه إذا لم يكن له إبل يؤخذ الواجب منها لعيب فيها .. الانتقال إلى غالب إبل بلده، وليس كذلك، بل يتعين نوع إبله، وعليه تحصيله سليمًا، نص عليه في " الأم "(2)، كذا أورده شيخنا الإمام البلقيني، وهو مخالف لما قدمناه عن مقتضى كلام " الروضة " وأصلها من تخييره بين إبله وإبل البلد (3)، وتقدم عنه أنه ليس بمعتمد.

(1) انظر " فتح العزيز "(10/ 322).

(2)

الأم (6/ 114).

(3)

فتح العزيز (10/ 322، 323)، الروضة (9/ 260، 261).

ص: 71

وهذه الأمور الأربعة إن صحت .. وردت على " الحاوي " أيضًا، ويختص " التنبيه " و" الحاوي " بأن قولهما:(إبل بلد) يخرج عنه من ليس من أهل البلاد، وهو البدوي، فالعبرة بقبيلته؛ ولهذا قال " المنهاج " [ص 483]:(أو قبيلة بدوي) فلو لم يكن في بلده ولا لقبيلته إبل .. وجب من غالب إبل أقرب البلاد إليه، وقد صرح به " المنهاج " و" الحاوي "(1).

ومحله: فيما إذا قربت المسافة ولم تعظم مؤنة النقل، فإن بعدت وعظمت المؤنة والمشقة .. لم يلزمه، وسقطت المطالبة بالإبل، كما جزم به في " الروضة " وأصلها، قال: وأشار بعضهم إلى ضبط البعيد بمسافة القصر، وقال الإمام: لو زادت مؤنة إحضارها على قيمتها في موضع العزة .. لم يلزمه تحصيلها، وإلا .. فيلزم (2).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إجراء هذا الكلام على ظاهره متعذر، وتأويله: أنه إذا زادت بمؤنة إحضارها على قيمتها في موضع العزة .. فلا بد من إدخال الباء على مؤنة؛ ليستقيم المعنى.

واعلم: أن المذكور هنا قد يظن مخالفته؛ لقولهم في العاقلة إن على غني نصف دينار، ومتوسط ربع دينار كل سنة من الثلاث وليس كذلك، وقد قال الرافعي والنووي هناك: يشبه أن يكون المرعي في إيجاب الربع والنصف مقدارهما، لا أنه يجب على العاقلة بذل الدنانير بأعيانها؛ لأن الإبل هي التي تجب في الدية، وما يؤخذ يصرف إلى الإبل، وللمستحق ألا يقبل غيرها. انتهى (3).

4724 -

قول " المنهاج "[ص 483]: (ولا يعدل إلى نوع وقيمة إلا بتراضٍ) و" التنبيه "[ص 223]: (فإن تراضيا على أخذ العوض عن الإبل .. جاز) فيه أمران:

أحدهما: قال في " البيان ": كذا أطلقوه، وليكن مبنيًا على جواز الصلح عنها، حكاه عنه في " الروضة " وأصلها من غير اعتراض عليه (4)، وجزم به الرافعي قبل ذلك بأربعة أوراق (5)، ومقتضاه: تصحيح المنع؛ فإن الأصح: منع الصلح عن إبل الدية إذا لم توجب الجناية قصاصًا، وحمل ذلك في " المطلب " على حالة العلم بصفاتها مع العلم بأسنانها ومقاديرها؛ فإن الغزالي قال في الصلح في هذه الحالة بالصحة جزمًا، وإن حكى الخلاف في حالة الجهل بالصفة.

ورده شيخنا الإمام البلقيني: بأن العلم بصفاتها جاء من قضية الواقع المعين، والواقع المعين لم يقع أخذ القيمة عنه؛ لأن ذلك يستدعي أن يملكه مستحق الإبل، ثم يأخذ عنه القيمة حيث يجوز

(1) الحاوي (ص 556)، المنهاج (ص 483).

(2)

فتح العزيز (10/ 322)، الروضة (9/ 260)، وانظر " نهاية المطلب "(16/ 321).

(3)

انظر " فتح العزيز "(10/ 479)، و" الروضة "(9/ 356، 357).

(4)

البيان (11/ 489)، فتح العزيز (10/ 323)، الروضة (9/ 261).

(5)

انظر " فتح العزيز "(10/ 320).

ص: 72

بيعه، وإنما وقع أخذ القيمة عن الذي في الذمة وهو مجهول الصفة، قال شيخنا: وجواب ما قاله صاحب " البيان ": أن الصلح عن إبل الدية وقع على عوض غير قيمتها وهي مجهولة الصفة، فجاء الخلاف في الاعتياض عنها، وأما التراخي على أخذ القيمة .. فإنه يُنزل الإبل منزلة العدم، ولو عدمت .. عدل إلى قيمتها على المذهب، قال: وقد نص في " الأم " على جواز أخذ القيمة بالتراضي مع وجود الإبل (1).

ثانيهما: أورد عليه شيخنا الإمام البلقيني: أن العدول من نوع إلى نوع بالتراضي اعتياض؛ ولهذا صححوا في السلم: أنه لا يجوز أن يستبدل عنه غير نوعه، والاعتياض عن إبل الدية لا يصح في الأصح، ثم ذكر أن هذا الإيراد على النووي على طريقته وإن كان الفتوى عند الشيخ في (السلم) على الجواز، وكلام الشافعي رضي الله عنه يقتضيه، والله أعلم.

4725 -

قولهما - والعبارة لـ" المنهاج " -: (ولو عدمت .. فالقديم: ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم)(2) فيه أمور:

أحدها: أنه يقتضي التخيير بينهما، والجمهور أن على أهل الذهب ذهبًا، وعلى أهل الورق ورقًا.

ثانيها: أن مقتضى " المنهاج ": استواء المغلظة وغيرها، وأنه لا يزاد للتغليظ شيء، وهو الأصح في " الروضة " وأصلها (3)، لكن صحح شيخنا الإمام البلقيني مقابله، وعليه مشى" التنبيه " فقال [ص 223]:(ويزداد التغليظ قدر الثلث).

ثالثها: أنه صريح في توقف إيجاب النقدين على عدم الإبل، وكذا حكاه الأكثرون عن القديم، لكن قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه يقرب من خرق الإجماع، وإن النقدين يجبان ابتداءً مع وجود الإبل على القديم، لا بالتخيير، بل بالنظر إلى حالة من يلزمه.

4726 -

قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (والجديد: قيمتها)(4) أورد عليه شيخنا الإمام البلقيني: أنه يعدل على الجديد إلى القيمة أيضًا فيما إذا بيعت في البلد وما قرب منه هي والنوع الغالب في أقرب البلاد إليه بأكثر من ثمن المثل.

4727 -

قول " المنهاج "[ص 483]: (بنقد بلده) قال شيخنا ابن النقيب: لم أدر أي بلد هو؛ أبلد الجاني أم المجني عليه أم الولي القابض أم الذي يجب التحصيل منه؟ لم أر تصريحا بشيء منه (5).

(1) الأم (6/ 114).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 223)، و " المنهاج "(ص 483).

(3)

فتح العزيز (10/ 325)، الروضة (9/ 262).

(4)

انظر " التنبيه "(ص 223)، و " الحاوي "(ص 556)، و" المنهاج "(ص 483).

(5)

انظر " السراج على نكت المنهاج "(7/ 225).

ص: 73

وقال شيخنا الإمام البلقيني: كلامه يوهم أن المراد: بلد من لزمته كما سبق في قوله: (وإلا .. فغالب إبل بلده) وليس كذلك، فالمراد هنا: بلد العدم المفهوم من قوله: (فإن عدمت).

وفي " أصل الروضة ": هل تعتبر قيمة موضع الوجود أم موضع الإعواز لو كانت فيه إبل؟ وجهان: أصحهما: الثاني (1).

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحل الخلاف: أن تعدم الإبل في بلد الجاني وفي أقرب البلاد إليه، وتوجد في بلد لا يجب النقل من مثله .. فهل تعتبر قيمة موضع الوجود الذي لا يجب النقل من مثله، أم موضع الإعواز وهو أقرب البلاد؛ قال: واعتبار موضع الوجود غلط فاحش، وموضع الإعواز مشكل؛ إذ ليس به شيء تعتبر قيمته، إلا أن يحمل على أنه به نوعًا معيبا .. فيقوم سليمًا باعتبار موضع الإعواز.

4728 -

قولهم: (ودية اليهودي والنصراني ثلث دبة السلم)(2) المراد: من تحل مناكحته، فمن لا يعرف دخول أصوله في ذلك الدين قبل النسخ أو بعده، أو قبل التحريف أو بعده .. لا يناكح، ويقر بالجزية، وتجب فيه دية مجوسي.

4729 -

قولهما: (ومجوسي ثلثا عُشر مسلم)(3) لو عبرا بثلث خمس كما عبر به " الحاوي "(4) .. لكان أولى؛ لتصويب الحساب له؛ لكونه أخصر؛ فإن في الثلثين تكريرًا ليس في الثلث.

4730 -

قول " التنبيه "[ص 223]: (ومن لم تبلغه الدعوة .. فالمنصوص: أنه إن كان يهوديًا أو نصرانيًا .. وجب ثلث الدية) محمول على ما إذا تمسك من ذلك بغير مبدل، فإن تمسك بالمبدل .. فالواجب فيه دية مجوسي؛ ولذلك قال " الحاوي "[ص 556، 557]: (ومن لم تبلغه دعوة نبي أو دعوتنا وبذل .. ثلث الخمس، وإن لم يبدِّل .. فدية دينه) و" المنهاج "[ص 484]: (والمذهب: أن من لم يبلغه الإسلام إن تمسك بدين لم يُبدّل .. فدية دينه، وإلا .. فكمجوسي) لكن تعبيره بالمذهب يقتضي أن الخلاف فيه طريقان، وهو في " الروضة " وأصلها وجهان (5)، وقد عرفت أن " التنبيه " حكى أحدهما عن النص، ورجح شيخنا الإمام البلقيني ما اقتضاه كلام " التنبيه " من وجوب ثلث الدية ولو تمسك بمبدل، وقال: إنه ظاهر النص، ورجحه جماعة، ودخل في قول " المنهاج " [ص 484]:(وإلا .. فكمجوسي) من لم تبلغه دعوة

(1) الروضة (9/ 262).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 223)، و" الحاوي "(ص 556)، و" المنهاج "(ص 484).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 223)، و " المنهاج "(ص 483).

(4)

الحاوي (ص 557).

(5)

فتح العزيز (10/ 332)، الروضة (9/ 259).

ص: 74