الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الهدنة
(1)
5446 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (لا يجوز عقد الهدنة إلا للإمام أو لمن فوض إليه الإمام) محله في عقدها للكفار مطلقاً أو لكفار إقليم، فأما لأهل بلدة خاصة .. فيجوز لوالي الإقليم أيضاً كما ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(2)، وهنا أمور:
أحدها: قال في "أصل الروضة": وكأنه مأذون فيه بتفويض مصلحة الإقليم إليه. انتهى (3).
وهذا التعليل يقتضي أن له فعله بغير إذن الإمام؛ ولذلك أوردناه على"التنبيه"، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج" أن هذا مخالف لنص "الأم" و"المختصر" فإنه اقتصر فيهما على الإمام ونائبه، ولم يذكر والي الإقليم (4)، قال: وهذا التوجيه قابل للنزاع؛ فقد لا يخطر ذلك بالبال عند التولية، وأيضاً فإذا أمكنت مراجعة الإمام من غير ضرر .. تعينت، وقال الماوردي في ولاة الثغور الذين تضمن تقليدهم الجهاد وحده: وليس لأحدهم عقد الهدنة إلا قدر فترة الاستراحة، وهي أربعة أشهر، ولا يجوز سنة، وفيما بينهما قولان (5)، وصدر به في "الكفاية" كلامه غير ناقل له عن الماوردي، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهو طريق غير ما سبق.
ثانيها: مرادهما أهل بلدة في إقليمه كما صرح به في "أصل الروضة"(6)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ويرد عليه ما لو لم تكن في إقليمه ولكن مجاورة له، ورأى المصلحة لأهل إقليمه في الهدنة معها؛ لأنه من مصالح إقليمه.
ثالثها: قال الرافعي: القصور على بلدة واحدة في ذلك الإقليم لا معنى له؛ فإن الحاجة قد تدعو إلى مهادنة أهل بلاد في ذلك الإقليم، وتكون المصلحة في ذلك (7).
رابعها: قال شيخنا أيضاً: ينبغي على مقتضى ما قالوه: ألَاّ يختص ذلك بوالي إقليم، بل من ولَاّه الإمام القيام بمصالح بلدة مجاورة للعدو .. جازت له الهدنة؛ لأنه فوض إليه مصلحة بلدة، وهذا منها.
5447 -
قول "المنهاج"[ص 530]: (وإنما تعقد لمصلحة؛ كضعفنا بقلة عدد وأهبة، أو رجاء
(1) في (ح): (كتاب الهدنة).
(2)
الحاوي (ص 622)، المنهاج (ص 530).
(3)
الروضة (10/ 334).
(4)
الأم (4/ 189)، مختصر المزني (ص 279).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 369).
(6)
الروضة (10/ 334).
(7)
انظر "فتح العزيز"(11/ 554).
إسلامهم، أو بذل جزية، فإن لم يكن .. جازت أربعة أشهر) يتبادر إلى الفهم منه أن مراده: فإن لم يكن مصلحة، وإياه فهم شيخنا في "المهمات"، وهذا باطل؛ فإنه إذا انتفت المصلحة .. لم يجز عقدها مطلقاً، وإنما مراده: أن المصلحة قد توجد مع ضعفنا بقلة عدد وأهبة، وقد يكون مع قوتنا رجاء إسلامهم أو بذل جزية؛ ففي الحالة الثانية وهي القوة .. تعقد أربعة أشهر؛ فقوله:(فإن لم يكن) أي: ضعف، وأحسن "التنبيه" في التعبير عن هذا فقال [ص 239، 240]: (وإذا رأى في عقدها مصلحة .. جاز، ثم ينظر: فإن كان مستظهراً .. فله أن يعقد أربعة أشهر، ثم قال: وإن لم يكن مستظهراً .. جاز أن يهادنهم عشر سنين) وأطلق "الحاوي" عقدها أربعة أشهر ثم قال: (ولضَعْفٍ عشر سنين)(1) فعلم أن مراده أولاً: مع القوة كما عرف من عادته، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج" مشيراً إلى ما فهمه في "المهمات" من عبارة "المنهاج": إن هذا لا يتخيله من له تأمل، وما ظننت أحداً يتخيله فضلاً عن الجزم به.
قلت: الإيراد على الألفاظ ولفظ "المنهاج" يعطي ما ذكره وإن لم يكن مراده، والله أعلم.
واقتصر الثلاثة على اعتبار المصلحة، واعتبر الرافعي أن يكون بالمسلمين إليه حاجة وفيه مصلحة، ثم قال: وقد تكون - أي: المصلحة - مع القوة. انتهى (2).
وهو دال على أن المصلحة مع القوة، وتنتهي مع الضعف إلى الحاجة، ولما لم يتوقف عقد الذمة عليها .. صح أن المعتبر المصلحة، والصحيح عند انتفاء المصلحة والمضرة: أنه لا يجب، بل يجتهد فيه الإمام، قال الإمام: وما يتعلق باجتهاده لا يعد واجباً وإن لزمه رعاية الأصلح (3).
5448 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وفيما بينهما أي: الأربعة والسنة - قولان) الأظهر: منعه، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(4)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": نصوص الشافعي رضي الله عنه متفقة في الهدنة عند القوة على أنها لا تجوز فوق أربعة أشهر، والقول الآخر محكي عن (سير الواقدي)، والذي في (سير الواقدي) ليس في الهدنة، وإنما هو في ترك وثني يقيم في دار الإسلام (5)، فعلى هذا: لا يثبت هذا القول هنا، وبتقدير إثباته .. فلا أكتفي في دون السنة بلحظة، بل أشترط أن يكون دونها بزمان يمكن الجهاد فيه في تلك السنة، نظراً إلى أن الجهاد فرض كل سنة، قال: ولم أر من تعرض لذلك.
5449 -
قول "المنهاج"[ص 530] و"الحاوي"[ص 622]: (ولضَعْفٍ تجوز عشر سنين فقط)
(1) الحاوي (ص 622).
(2)
انظر "فتح العزيز"(11/ 554).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(18/ 79).
(4)
الحاوي (ص 622)، المنهاج (ص 530).
(5)
الأم (4/ 283).
عبارة "التنبيه"[ص 240]: (وإن لم يكن مستظهراً، أو كان ولكن يلزمه مشقة في غزوهم؛ لبعدهم) فزاد حالة المشقة، ومرادهم: أن العشر غاية المدة، ولا يجوز الوصول إليها إلا عند الاحتياج لها، فلو اندفعت الحاجة بدون ذلك .. لم تجز الزيادة عليه.
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ويستثنى من المدتين المذكورتين: الهدنة مع النساء خاصة؛ فإنهن يجوز أن يعقد لهن الهدنة من غير تقييد؛ لانتفاء المعنى المذكور في التقييد.
5450 -
قول "المنهاج"[ص 530]: (ومتى زاد على الجائز .. فقولا تفريق الصفقة) يتناول صورتي القوة والضعف، وقد نص في "الأم" في الأولى على التفريق فقال:(وليس له أن يقول: لا أفي لك بأربعة أشهر؛ لأن الفساد إنما هو فيما جاوزها)(1)، وفي الثانية على البطلان فقال:(وإن هادنهم إلى أكثر منها .. فالهدنة منتقضة)(2)، واختار شيخنا في "تصحيح المنهاج" تقرير النصين، وفرق بأن الأشهر الأربعة منصوصة في القرآن، وأما في صورة الضعف .. فأمر اجتهادي بحسب الحاجة، وقال: لم أر أحداً تعرض لذلك، وهو طريق راجح.
5451 -
قوله: (وإطلاق العقد يفسده)(3) يقتضي أنه لا خلاف فيه؛ لحكايته الخلاف فيما بعده، وليس كذلك؛ ففيه وجه أنه يصح، وينزل عند الضعف على عشر، وعند القوة على سنة أو أربعة أشهر قولان.
5452 -
قوله: (وكذا شرط فاسد على الصحيح)(4) كان ينبغي أن يقول: (على النص) فإنه منصوص عليه في "الأم" و "المختصر"(5).
5453 -
قوله في أمثلته: (أو بدفع مال إليهم)(6) استثنى منه في "أصل الروضة": ما إذا دعت ضرورة إلى بذل مال؛ بأن كانوا يعذبون الأسرى في أيديهم ففديناهم، أو أحاطوا بنا وخفنا الاصطلام .. فيجوز بذل المال ودفع أعظم الضررين بأخفهما، قال: وفي وجوب بذل المال عند الضرورة وجهان بناء على وجوب دفع الصائل، قال النووي من زيادته: ليس هذا البناء بصحيح، وقد سبق أن الصائل إذا كان كافراً .. وجب دفعه قطعاً، ثم الخلاف في وجوب الدفع هناك بالقتال وهنا بالمال، والأصح: وجوب البذل هنا للضرورة. انتهى (7).
(1) الأم (4/ 191).
(2)
الأم (4/ 189).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 530).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 530).
(5)
الأم (4/ 196)، مختصر المزني (ص 279).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 530).
(7)
الروضة (10/ 335).
وأشار لاستثناء ذلك في "الحاوي" بقوله [ص 622]: (والتزام مال بلا خوف)، وقد نص على استثنائهما في "الأم" و"المختصر"، ولم يقيد الفداء بتعذيبهم الأسرى، ومقتضاه: جوازه وإن لم يوجد التعذيب.
وقال في "المهمات": دعواه بطلان البناء مردود؛ فقد ذكره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وصاحب "البيان" وغيرهم، ومحل القطع بوجوب دفع الكافر: إذا قصد النفس ولم يندفع إلا بالقتل، وهو هنا يندفع بالمال، وللخلاف هنا وجه؛ فإن الذل كما يحصل بالاستسلام يحصل ببذل مال، وقوله:(ثم الخلاف في وجوب الدفع بالقتال وهنا بالمال) مراده به: أن الخلاف مع انتفائه في حق الكافر وثبوته في حق المسلم خاصة إنما صورته في المسلم في القتال وهنا في بذل المال، فكيف يأتي؟ ، وجوابه ما ذكرناه أن مجيء الخلاف فيه أيضاً ظاهر، وتصحيحه وجوب البذل هنا مخالف لقوله آخر (السير): إن قل الأسرى مستحب، وممن جزم بجوازه فقط القاضي حسين والإمام والغزالي. انتهى.
وحمل شيخنا في "تصحيح المنهاج" استحباب فك الأسرى على ما إذا لم يعاقبوا، فإن عوقبوا .. وجب، وقال: إن المراد: الخلاف فى دفع الصائل على غير الدافع، والخلاف فيه معروف؛ لأن الإمام يدفع الصائل على المسلمين بما يدفعه من المال، وبتقدير بذله من المحاط بهم، فكل واحد يعطي عن نفسه وعن غيره.
5454 -
قولهما - والعبارة لـ"المنهاج" -: (وتصح الهدنة على أن ينقضها الإمام متى شاء)(1) لا يختص ذلك بالإمام، بل لو عقدها على أن لفلان نقضها متى شاء .. صح أيضاً، بشرط كون فلان مسلماً عدلاً ذا رأي؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 622]:(أو ما شاء مسلمٌ عدل ذو رأي).
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": والمقصود أنه مع القوة يحتاج إلى نقضها عند انقضاء الأربعة، ومع الضعف عند انقضاء العشر أو انتهاء الحاجة، وفيما قبل ذلك يتخير، ولم أر من صرح بذلك.
5455 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وعلى الإمام أن يدفع عنهم الأذية من جهة المسلمين، ولا يلزمه دفع الأذية عنهم من جهة أهل الحرب) سكت عن أهل الذمة، ومفهومه فيهم متدافع، وكذا قول "المنهاج" [ص 530]:(ومتى صحت .. وجب الكف عنهم) والمنقول: أنه يجب دفع أذى أهل الذمة عنهم أيضاً؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص 623]: (ويمنع الإمامُ من قصدهم مسلماً وذمياً) ولا يختص ذلك بالإمام العاقد، بل يتعدى إلى من بعده من الأئمة، فإن رآه من بعده
(1) انظر "التنبيه"(ص 240)، و"المنهاج"(ص 530).
فاسداً .. قال الروياني: إن كان فساده بالاجتهاد .. لم ينقضه، أو بنص أو إجماع .. نقضه، ولو انفردوا ببلد بطرف بلاد الإسلام .. لم يجب ذب أهل الحرب عنهم ولو أمكن، ذكره في "الكفاية".
5456 -
قول "المنهاج"[ص 530]: (أو ينقضوها بتصريح، أو قتالنا، أو مكاتبة أهل الحرب بعورة لنا، أو قتل مسلم) قد يقتضي الحصر فيما ذكره، وليس كذلك؛ فقد زاد عليه في "أصل الروضة" إيواء عيون الكفار وأخذ مال أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم قال: قال الإمام: والمضرات التي اختلف في انتقاض عقد الذمة بها ينتقض العهد بها بلا خلاف؛ لأن الهدنة ضعيفة غير متأكدة ببذل الجزية (1).
5457 -
قوله: (وإذا انتقضت .. جازت الإغارة عليهم وبياتهم)(2) فيه أمران:
أحدهما: أن محله: فيما إذا كانوا في بلادهم، فأما من في بلادنا .. فلا يغتال ويبلغ المأمن كذا في "الروضة" وأصلها (3).
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": نص "الأم" يخالفه؛ حيث قال: (كانوا في وسط دار الإسلام وفي بلاد العدو، وهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة)(4)، قال: والمعتمد ما نص عليه.
ثانيهما: ظاهره جواز ذلك وإن لم يعلموا أنه ناقض، وهو الأصح في "أصل الروضة"(5)، وقال الرافعي: إنه الموافق لإطلاق المعظم، ثم قال: وينبغي أن يقال: إذا لم يعلموا أنه خيانة .. لا ينتقض العهد إلا إذا كان المأتي به بما لا يشك في مضادته للهدنة كالقتال (6).
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": والذي نقوله: أنه إذا كان الغالب أن ذلك مما تعرفه الأنفس أنها خالفت ما صدر منها .. فإنه ينتقض به العهد، وإن لم يعلموه؛ لأنهم مقصرون باقدامهم عليه، ولكن ينذرون، فإن قالوا: نجدد صلحاً .. أجابهم إليه.
5458 -
قولهم - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن خيف منهم نقض العهد .. جاز أن ينبذ إليهم عهدهم)(7) الأصح في الخوف: أنه لا ينتقض إلا بحكم حاكم بذلك، وكلامهم يوهم خلافه.
(1) الروضة (10/ 337)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 101).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 530).
(3)
فتح العزيز (11/ 560)، الروضة (10/ 337).
(4)
الأم (4/ 186).
(5)
الروضة (10/ 337).
(6)
انظر "فتح العزيز"(11/ 560).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 240)، و"الحاوي"(ص 623)، و "المنهاج"(ص 530).
5459 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن جاءت مسلمة .. لم يجز ردها إليهم) كذا لو جاءت كافرة وأسلمت عندنا .. لا يجوز ردها إليهم.
5460 -
قول "المنهاج"[ص 530 - 531]: (ولا يجوز شرط رد مسلمة تأتينا منهم، فإن شُرط .. فسد الشرط، وكذا العقد في الأصح) هو داخل في قوله فيما تقدم: (وكذا شرط فاسد) وقد عبر فيه بالصحيح (1)، وهو مخالف لتعبيره فيه هنا بالأصح، وكان ينبغي أن يقول:(على النص) فقد نص عليه في كتبه.
5461 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن جاء زوجها يطلب ما دفع إليها من الصداق، . ففيه قولان: أحدهما: يجب رده إليه، والثاني: لا يجب) الأظهر: الثاني، وعليه مشى "الحاوي"(2) و"المنهاج"، وعبارته:(وإن شرط رد من جاءنا، أو لم يذكر رداً فجاءت امرأة .. لم يجب دفع مهر إلى زوجها في الأظهر)(3) وفيه أمور:
أحدها: لا يخفى أن المراد: فجاءت امرأة مسلمة، وكذا لو جاءت كافرة فأسلمت عندنا كما تقدم، وكذا لو ارتدت بعد إسلامها وجاء زوجها يطلبها قبل أن تقتل كما نص عليه.
ثانيها: أنه خص محل الخلاف بهذين التصويرين .. فاقتضى وجوب دفع المهر فيما لو شرط رد النساء، وليس كذلك، فكان ذكر هذه الصورة أولى؛ لأنهما يفهمان منها بطريق الأولى.
نعم؛ لو شرط عدم الرد .. فلا غرم قطعاً.
ثالثها: أن مقتضاه: أن مقابل الأظهر: وجوب دفع مهر؛ إما المسمى أو مهر المثل، وكلاهما غير صحيح، وإنما الواجب على ذلك القول ما دفعه الزوج من الصداق المسمى؛ ولهذا عبر به "التنبيه".
رابعها: محل الخلاف: عند طلب الزوج كما صرح به "التنبيه"، وكذا وكيله، فلو طلبها غير الزوج من المحارم وغيرهم .. لم يجب الدفع قطعاً، وأطلق "المنهاج" محل الخلاف (4)، وإن كانت أمة وكان زوجها عبداً ولم يفسخ بالعتق .. فلا بد من طلب الزوج والمالك الذي أعطى المهر، نص عليه في "الأم"(5).
خامسها: محل الخلاف: ما إذا جاءت بلد الإمام أو نائبه، فلو جاءت بلداً ليس فيها الإمام
(1) المنهاج (ص 530).
(2)
الحاوي (ص 623).
(3)
المنهاج (ص 531).
(4)
المنهاج (ص 531).
(5)
الأم (4/ 195، 196).
ولا نائبه .. فعلى أهل البلد منعها حسبة، ولا يغرمون المهر ولا الإمام، نص عليه في "الأم"(1)، وحكى الرافعي عدم غرم الإمام عن ابن كج، ثم قال: والأحسن ما حكاه البغوي وغيره: أنه إن قال عند المهادنة: (من جاءني منكم مسلماً .. رددته) .. لم يلزمه شيء، وإن قال:(من جاء من المسلمين، أو من جاءنا) .. وجب (2).
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهذا التفصيل ليس بحسن، والمعتمد ما أطلقه في "الأم".
سادسها: ومحل الخلاف أيضاً: مع بقاء العدة، فلو كان بعد انقضائها .. لم يدفع له شيء قطعاً، ذكره الرافعي بحثاً (3)، وحكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج" عن نص "الأم"(4).
سابعها: ومحل الخلاف أيضاً: ما إذا لم يخالعها قبل الطلب أو يطلقها طلاقاً بائناً، فإن فعل ذلك بعد الطلب .. لم يسقط حقه على ذلك القول.
ثامنها: ومحل الخلاف أيضاً: ما إذا كانت حية عند الطلب، فإن ماتت قبله .. لم يستحق شيئاً، ذكره والذي قبله في "أصل الروضة"(5).
5462 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن جاء منهم مسلم .. لم يجب رده إليهم) يستثنى منه: ما إذا شُرط ذلك .. فيجب رده في صورتين:
إحداهما: إذا كانت له عشيرة تحميه وطلبته عشيرته.
الثانية: أن يطلبه غير عشيرته، لكنه يقدر على قهر طالبه، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 623]:(ويفي بالشرط الصحيح؛ كردِّ رجل حر قادر على طالبه، أو ذي عشيرة إن طلبت) و"المنهاج" فقال [ص 531]: (ويرد من له عشيرة طلبته إليها لا إلى غيرها، إلا أن يقدر المطلوب على قهر الطالب والهرب منه)، ولم يصرح "المنهاج" بوجوبه بالشرط، ثم ليس المراد بالرد: إلزامه بذلك، وقد أوضحه "المنهاج" بقوله [ص 531]:(ومعنى الرد: أن يخلي بينه وبين طالبه، ولا يُجبر على الرجوع، ولا يلزمه الرجوع).
وفي "أصل الروضة" فيمن لا عشيرة له وغلب على الظن أنه يُذَل ويهان (6)، فاحتمل أن يكون شرطاً زائداً، أو أن يكون وصفاً لازماً لمن لا عشيرة له غالباً.
(1) الأم (4/ 195).
(2)
فتح العزيز (11/ 568)، وانظر "التهذيب"(7/ 525).
(3)
انظر"فتح العزيز"(11/ 568).
(4)
الأم (4/ 196).
(5)
الروضة (10/ 344).
(6)
الروضة (10/ 345).
ونازع شيخنا في "تصحيح المنهاج" في الصورة الثانية، وقال: هذا شيء ذكره البغوي ومن تبعه (1)، وهو غير صحيح، فلا يرد إلا إذا طلبته عشيرته، وقول "المنهاج" [ص 531]:(وكذا عبد وحر لا عشيرة له على المذهب) يقتضي أن في العبد طريقين، وليس فيه في "الروضة" إلا وجهان، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": كان ينبغي التعبير فيه بالنص؛ لأنه نص في "الأم" على عدم رده.
وأورد على قول "الحاوي": (كرد رجل حر قادر على طالبه) أن مقتضاه: أنه إذا عقد بشرط رد من جاءنا من المسلمين أو من الرجال المسلمين منهم مطلقاً من غير تفصيل .. أنه لا يصح العقد؛ لأنه يدخل فيه من يجوز رده ومن لا يجوز، وبه صرح أصحابنا البغداديون، وكلام الإمام والغزالي يقتضي الصحة (2)، وكذا الرافعي (3)، ونقله العمراني عن المسعودي، وصوبه (4) الفوراني (5).
5463 -
قول "المنهاج"[ص 531]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 623]: (وله قتل الطالب، ولنا التعريض له به لا التصريح) قيده شيخنا في "تصحيح المنهاج" فيهما بأن يكون ذلك بغير حضرة الإمام، وأشار في "المحرر" لخلاف فيهما بتعبيره بالظاهر (6)، فجزم بذلك "المنهاج"، وأسقط ذلك الخلاف، وقال في "الدقائق": إن قول "المحرر": (والظاهر أن له قتل الطالب) فيه إشارة إلى احتمال فيه، ولم يُرد إثبات خلاف فيه. انتهى (7).
والاحتمال المذكور للإمام، وقد أقامه الرافعي وجهاً، وأعلم له بالواو (8)، وقد أكثر "المنهاج" من عد احتمالات الإمام وجوهاً، وعبر فيها بالأصح، والله أعلم.
5464 -
قول "المنهاج"[ص 531]: (والأظهر: جواز شرط ألَاّ يردوا) أي: من جاءهم مرتدًا منا.
استثني منه: النساء، وقد صرح به "الحاوي" فقال [ص 623]:(لا المرأة)، واستثنى شيخنا في "تصحيح المنهاج" شيئين آخرين:
(1) انظر "التهذيب"(7/ 525).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(18/ 93)، و"الوجيز"(2/ 205).
(3)
انظر "فتح العزيز"(11/ 573).
(4)
في النسخ: (وصوابه)، ولعل الصواب ما أثبت.
(5)
انظر "البيان"(12/ 312).
(6)
المحرر (ص 460).
(7)
الدقائق (ص 75).
(8)
فتح العزيز (11/ 574)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 96).
أحدهما: العبيد، فقال: لا بد من ردهم على ملاكهم، قال: وذكر الماوردي أنهم يغرمون قيمتهم؛ تفريعاً على أنه لا يجب عليهم تسليمهم ولا التمكين منهم (1)، قال: والمعتمد ما ذكرناه.
الثاني: الأحرار المجانين بعد الردة الذين ذهبوا إليهم في حال جنونهم يطالبهم بردهم؛ لأن مجيئهم إليهم لم يكن باختيارهم، فلا أثر له، فإن ذهبوا في حال عقلهم ثم جنوا هناك .. لم نطالبهم بردهم، قال: ولم أر من تعرض لذلك.
5465 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن دخل حربي إلى دار الإسلام من غير أمان .. جاز قتله واسترقاقه) يستثنى منه: ما إذا دخل لرسالة أو سماع قرآن .. فله حكم الأمان، وقد ذكرهما "الحاوي"(2)، وعبر عنهما النووي في "تصحيحه" بالصواب (3)، وفيه نظر؛ ففي "الكفاية": أن كلام القاضي أبي الطيب والبندنيجي وغيرهما يفهم أن دخوله لأداء رسالة يتوقف على الإذن، وكلام غيرهم - منهم ابن الصباع والإمام - يقتضي خلافه.
وفي معناهما أيضاً: ما لو دخل ليبذل الجزية .. فهو في أمان، ذكره في "الكفاية"، وعبر ابن يونس في "النبيه" بأنه كالأسير؛ ليشمل جواز فدائه والمن عليه.
5466 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن استأذن في الدخول ورأى الإمام المصلحة في الإذن .. جاز أن يأذن له، فإن دخل .. جاز أن يقيم اليوم والعشرة) محله: ما إذا لم تنقض حاجته إلا في هذه، فإن انقضت في دونها .. لم يمكن من الإقامة بمطلق الإذن؛ للغرض السابق، ذكره في "الكفاية".
5467 -
قوله: (وإن طلب أن يقيم مدة .. جاز أن يأذن له في المقام أربعة أشهر، ولا يجوز سنة وفيما بينهما قولان)(4) الأظهر: أنه لا يجوز، وقد تقدم ذلك من كلام "المنهاج" و"الحاوي" في أمان الآحاد.
5468 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وفي حد السرقة والمحاربة قولان) الأظهر: أنه لا يجب، وعليه يدل كلام "الحاوي" في (السرقة)(5)، واستحسن الرافعي أنه إن شرط عليهم القطع؛ إذا سرق .. قطع، وإلا .. فلا.
(1) انظر "الحاوي الكبير"(14/ 368).
(2)
الحاوي (ص 612).
(3)
تصحيح التنبيه (2/ 220).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 240).
(5)
الحاوي (ص 591).
5469 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (فإن رجع إلى دار الحرب بإذن الإمام في تجارة أو رسالة .. فهو باق على الأمان في نفسه وماله) كذا الزيادة، ولم يتعرض في "المهذب" لاعتبار إذن الإمام، وكذا سكت عنه غيره.
نعم؛ لو عقد الإمام على تكرره مدة .. كان آمناً في كل دفعة.
5470 -
قوله فيما إذا رجع للاستيطان: (فإن أودع مالاً في دار الإسلام .. لم ينتقض الأمان فيه، ويجب رده إليه)(1) قد يفهم أنه لا يجوز دخوله لأخذه، وليس كذلك؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 611]:(وطلبه يُؤمِّنه) أي: طلب المال، ويحتمل عوده على المالك أو الوارث؛ لقوله قبله:(وإن مات .. فلوارثه)(2) وحينئذ .. فعوده على الوارث أظهر، وهو المذكور في "شرحي الرافعي" والموافق لعبارة "الوجيز"(3).
5471 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (فإن قتل ومات في دار الحرب .. ففي ماله قولان: أحدهما: أنه يرد إلى ورثته، والثاني: يغنم ويصير فيئاً) الأظهر: الأول، وعليه مشى "الحاوي"(4)، ولا يخفى أنه إذا لم يكن له وارث .. فهو فيء قطعاً.
5472 -
قول "التنبيه"[ص 240]: (وإن أُسِر واسترق .. صار ماله فيئاً) الذي في الرافعي بناء هذه المسألة والتي بعدها - وهي ما إذا مات في الأسر - على التي قبلها، وهي ما إذا مات في دار الحرب على حريته، فإن قلنا هناك بالأظهر: أنه لورثته .. وقف هنا؛ فإن عتق .. فهو له، وإن مات رقيقاً .. فالأظهر: أنه يكون فيئاً، وإن قلنا هناك: يكون فيئاً .. فهنا قولان:
أحدهما: هذا.
والثاني: يوقف؛ لاحتمال أن يعتق ويعود، بخلاف الموت، فإن عتق .. سلم إليه، وإلا .. فهو فيء على الأصح، وقيل: للسيد (5).
وفي "أصل الروضة": أن ابن الصباغ قطع بهذا القول الثاني (6)، قال في "الكفاية": ولم أره فيه، وذكر في "الكفاية": أن قول "التنبيه" أولاً [ص 240]: (وإن أسر واسترق .. صار ماله فيئاً) تفريع على القول في المسألة قبلها بأنه فيء؛ فكان الأحسن حينئذ: أن يكون بالفاء، فيقال:(فإن أسر).
(1) انظر "التنبيه"(ص 240).
(2)
الحاوي (ص 611).
(3)
الوجيز (2/ 196)، فتح العزيز (11/ 477، 478).
(4)
الحاوي (ص 611).
(5)
فتح العزيز (11/ 476، 477).
(6)
الروضة (10/ 291).
وظهر بما ذكرناه أن قول "الحاوي"[ص 611]: (فإن رق. . ففيء) محله: فيما إذا مات على رقه، وأما ما دام حياً. . فلا يحكم بكونه فيئاً، بل هو موقوف، وأن قوله بعده:(وإن مات. . فلوارثه)(1) أي: مات على حريته.
(1) الحاوي (ص 611).