المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

6478 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (فيما إذا أبرأه أحدهما عن حقه، أو مات فأبرأه أحد الوارثين عن حقه .. عتق نصيبه، وقوم عليه نصيب شريكه في أحد القولين، ولا يقوم في الآخر) الأظهر في إبراء أحد المكاتبين: التقويم، وبه جزم في "المنهاج" فقال [ص 595]:(ولو أبرأ من نصيبه أو أعتقه .. عتق نصيبه، وقوم الباقي إن كان موسرًا) وكلامهما يفهم التقويم في الحال، والأظهر في "أصل الروضة": لا (1)، بل إن أدى نصيب الآخر من النجوم .. عتق عنه، والولاء بينهما، وإن عجز وعاد إلى الرق .. فحينئذ يسري ويقوم، ويكون كل الولاء له.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الذي نعتمده في ذلك أن السراية في الحال، هذا نص "الأم" و"المختصر"، ولم أقف له على نص في هذه الصورة بخلافه، وإنما ذكر ذلك فيما إذا أذن أحدهما للآخر في التقدم بقبض نصيبه، والفرق أنه محسن بالإذن في التقدم عليه؛ فلا يليق مقابلته بإبطال كتابته في نصيبه عاجلًا، ثم القول بتأخر السراية إلى العجز مخالف للسراية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا تعذرت السراية عند الإعتاق .. بطلت ولا تعود. انتهى.

وصحح النووي في "تصحيح التنبيه" في الثانية وهي إبراء أحد الوارثين: التقويم أيضًا (2)، لكن الأصح في "أصل الروضة" خلافه (3)، وسيأتي حيث ذكرها "المنهاج" في آخر الباب.

‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

6479 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (وعلى السيد أن يحط عن المكاتب بعض ما عليه) لا يتعين ذلك، بل يخير بينه وبين أن يؤتيه، لكن الأصح: أن الحط هو الأصل، والإيتاء يدل عليه؛ فلذلك كان الحط أولى؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 595]:(يلزم السيد أن يحط عنه جزءًا من المال، أو يدفعه إليه، والحط أولى) و"الحاوي"[ص 705]: (ويجب حط أو بذل متمول من جنسه).

ثم محل هذا: في الكتابة الصحيحة، وقد ذكره "الحاوي" في آخر الباب فيما خالفت فيه الفاسدة الصحيحة (4)، وظاهر عبارة "المنهاج": أنه يتعين أن يكون المدفوع من نفس المال المكاتب عليه، والأصح: أنه لا يتعين ذلك، وإنما يتعين كونه من جنسه كما ذكره "الحاوي".

(1) الروضة (12/ 241، 242).

(2)

تصحيح التنبيه (1/ 450).

(3)

الروضة (12/ 229).

(4)

الحاوي (ص 708).

ص: 828

وقول "التنبيه"[ص 147]: (فإن لم يفعل حتى قبض المال .. رد عليه بعضه) يفهم تعين الرد من المقبوض، والأصح: أن له أن يرد من جنسه.

6480 -

قول "المنهاج"[ص 595]: (وفي النجم الأخير أليق)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وإنما يترجح النجم الأخير حيث لم يكن في الدفع أولًا ما يعين على التكسب، وحينئذ .. فيترجح هذا وينضم إلى ذلك التعجيل بأداء الواجب.

6481 -

قوله: (والأصح: أنه يكفي ما يقع عليه الاسم)(1) فيه أمور:

أحدها: أن تعبيره بالأصح يقتضي أنه وجه، وهو نص "الأم": ثانيها: أنه ليس في عبارته بيان المقصود، فلو قال كـ "المحرر":(ما يقع عليه اسم المال)(2) .. لكان أولى، وتقدم أن عبارة "الحاوي" [ص 705]:(متمول)، وعبارة "أصل الروضة": أقل ما يتمول (3).

ثالثها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا من المعضلات؛ فإن إيتاء فلس لمن كوتب على ألف درهم تبعد إرادته بالآية الكريمة، وروى النسائي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ربع المكاتبة"، وصحح النسائي والبيهقي وقفه (4)، وبتقدير ذلك، فعلي رضي الله عنه لا يقول ذلك باجتهاده، وإنما يقوله عن توقيف، فيكون في حكم المرفوع، وكأن الشافعي لم يبلغه هذا، ولو بلغه .. لقال به.

رابعها: قال شيخنا أيضًا: لا يظهر منه ما يلزم الشريكين إذا كاتبا عبدهما، ولم أر من تعرض لهذه المسألة، والأرجح: أنه يلزم كل واحد ما يلزم المنفرد بالكتابة، ولو كاتب بعض عبد باقيه حر، أو وصى بكتابة عبده فلم يخرج من الثلث إلا بعضه، وكوتب ذلك البعض

فإنه يلزم في ذلك ما يلزم في الكتابة الكاملة قطعًا، وأما الورثة .. فإن اللازم لهم ما كان يلزم مورثهم، نص عليه (5).

خامسها: قال في "التوشيح": ظاهره عدم اشتراط كون المحطوط معلومًا، فلو قال:(حططت شيئًا) .. كفى، ولا أعرفه منقولًا، والظاهر أنه لا بد من العلم بالمحطوط.

قال الرافعي: ولو وضع عنه من الدراهم ما يقابل غيره دنانير وهو مجهول عندها .. ففي صحته

(1) انظر "المنهاج"(ص 595).

(2)

المحرر (ص 525).

(3)

الروضة (12/ 249).

(4)

سنن النسائي الكبرى (5034) وسنن البيهقي الكبرى (10/ 328، 329).

(5)

انظر "حاشية الرملي"(4/ 486).

ص: 829

وجهان، ففي وجه: لا يصح، وفي وجه: يصح، ويحمل على أقل ما يتيقن (1)، واختصره في "الروضة" بقوله: في وجه: لا يصح، ويحمل على أقل ما يتيقن، وهو غير منتظم. انتهى (2).

قلت: لا نسلم أن عبارة "المنهاج" تقتضي عدم اشتراط كون المحطوط معلومًا، والله أعلم.

6482 -

قول "المنهاج"[ص 595]: (ويستحب الربع، وإلا .. فالسبع) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": بقي بينهما السدس، روى البيهقي عن أبي سعيد مولى أبي أسيد: أنه كاتب مولى له على ألف درهم ومائتي درهم، قال: فأتيته بمكاتبتي .. فرد عليّ مائتي درهم (3).

6483 -

قولهم في وطء المكاتبة: (ويجب المهر)(4) ظاهره مهر واحد ولو تكرر الوطء، وهو الأصح من زيادة "الروضة" في الصداق (5)، لكن نص في "الأم" على مهر واحد حتى تخير فتختار الصداق أو العجز، فإذا خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها .. فلها صداق آخر، وكلما خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها .. فلها صداق آخر كناكح امرأة نكاحًا فاسدًا؛ فالإصابة مرارًا توجب صداقًا واحدًا، فإذا فُرِّق بينهما وقضى بالصداق ثم نكحها نكاحًا آخر .. فلها صداق آخر (6).

واستثنى شيخنا في "تصحيح المنهاج" من إيجاب المهر: المكاتبة بالتبعية، وحق الملك فيها للسيد كبنت المكاتبة، فلا يجب المهر على السيد بوطئها.

6484 -

قول "المنهاج"[ص 595، 596]: (ولا تجب قيمته - أي: الولد - على المذهب) كان ينبغي أن يقول: (على الأظهر) فإن المسألة ذات قولين، ولا نعرف فيها طريقين، قاله شيخنا في "تصحيح المنهاج".

قلت: تقرير الطريقين أنا إن قلنا: لا يثبت له حكم الكتابة .. لم تلزمه قيمته؛ لأنه قن له، وإن قلنا: يثبث له حكم الكتابة وهو الأظهر .. فهل يلزمه قيمته؟ فيه خلاف بني على أن حق الملك فيه لمن؟ إن قلنا: للسيد وهو الأظهر .. لم تلزمه، وإن قلنا: للأم .. لزمته.

6485 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (فإن مات السيد قبل أن تؤدي .. عتقت بالاستيلاد، وعاد الكسب إلى السيد) الأصح في "أصل الروضة": أنها تعتق بالكتابة، ويتبعها كسبها (7)، وذكر بعضهم أنه وقع في بعض نسخ "الروضة" عكسه، والصورة فيما إذا لم تعجز، فإن عجزت ..

(1) انظر "فتح العزيز"(13/ 534).

(2)

الروضة (12/ 271).

(3)

سنن البيهقي الكبرى (21465).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 147)، و"الحاوي"(ص 707)، و"المنهاج"(ص 595).

(5)

الروضة (7/ 288).

(6)

الأم (8/ 59).

(7)

الروضة (12/ 291).

ص: 830

عتقت بالاستيلاد، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 596]:(فإن عجزت .. عتقت بموته).

6486 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (وإن أتت المكاتبة بولد من نكاحٍ أو زنًا .. ففيه قولان، أحدهما: أنه [يملك] (1) للمولى يتصرف فيه، الثاني: وأنه موقوف على عتق الأم) الأظهر: الثاني، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 704]:(وولدها إن قبض كل قسطه) و"المنهاج" فقال [ص 596]: (وولدها من نكاحٍ أو زنًا مكاتب في الأظهر) وتجوّز في قوله: (مكاتب)، والمراد: أنه يثبت له حكم الكتابة كما عبر في "المحرر" و"الشرح" و"الروضة"(2)، ويدل له قوله عقبه:(يتبعها رقًا وعتقًا، وليس عليه شيء)(3)، قال الرافعي: ليس المقصود نصب الخلاف في صيرورته مكاتبًا؛ فقد نصوا على أنه لا يدخل في الكتابة، ولا يطالب بشيء من النجوم؛ لأنه لم يوجد منه قبول ولم يجر معه عقد، بل المقصود: أنه هل يتبعها في العتق بعتقها والرق برقها أم لا؟ (4).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ويستثنى من حكم المكاتب صور:

إحداها: أنه لا تجوز له معاملة السيد ولو قلنا: يتوقف في أكسابه وهو المرجح؛ لأنا لم نجزم فيها بما جزمنا به في كسب المكاتب، وذلك يقتضي بطلان تصرفه معه، قال: ولم أر من تعرض لذلك، وهو فقه حسن.

الثانية: أن للسيد مكاتبته كما جزم به الماوردي تفريعًا على أن له إعتاقه؛ لأن الحاصل له كتابة تبعية لا استقلالية.

الثالثة: لو كان أنثى فوطئها السيد .. لم يجب عليه مهر تفريعًا على الأصح: أن حق الملك في الولد للسيد.

الرابعة: أن أرش الجناية عليه ليس له. انتهى (5).

ولا يخفى أن الكلام في ولدها الحادث بعد الكتابة، أما الموجود حال الكتابة .. فهو باق على ملك السيد.

6487 -

قول "المنهاج"[ص 596]: (والحق فيه للسيد، وفي قول: لها) محل هذا الترجيح: ما إذا لم يكن ولدها من عبدها، فإن كان من عبدها .. ففي "أصل الروضة": يشبه أن

(1) في (د): (ملك).

(2)

المحرر (ص 526)، فتح العزيز (13/ 556)، الروضة (12/ 286).

(3)

المنهاج (ص 596).

(4)

انظر "فتح العزيز"(13/ 557).

(5)

انظر "حاشية الرملي"(4/ 499).

ص: 831

يكون كولد المكاتب من جاريته (1)؛ يعني: فيكون حق الملك فيه للأم قطعًا.

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وعندي أنه وهم؛ فإن المكاتب يملك جاريته، والولد يتبع أمه في الرق، وولد المكاتبة إنما جاءه الرق من أمه لا من رق أبيه الذي هو عبدها.

6488 -

قوله: (والمذهب: أن أرش جناية عليه، وكسبه ومهره يُنفق منها عليه، وما فضل .. وُقف، فإن عتق .. فله، وإلا

فللسيد) (2) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": تعبيره بالمذهب يقتضي طريقين أو طرقًا، وليس ذلك في كلام الأصحاب، وإنما فيه قولان؛ فكان ينبغي التعبير بالأظهر.

وقال شيخنا ابن النقيب: كيفية الطريقين: أنا أن قلنا: إن حق الملك فيه للأم .. فهذه الأمور لها تصرف لها يومًا بيوم بلا توقف، وإن قلنا: للسيد، وهو الأظهر .. فوجهان:

أحدهما: يصرف للسيد بلا توقف، والصحيح: الإنفاق منها عليه ووقف الباقي، قال: وحاصله تصحيح طريقة الخلاف. انتهى (3).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": قيد الشافعي في "الأم" و"المختصر" عتقه بأن يكون يعتق أمه، ومفهومه: أنه لو عتق بإعتاق السيد .. لم يكن المال للولد، قال: ولم أر من صرح بهذا، والقاعدة أن المكاتب كتابة صحيحة إذا أعتق بأي وجه كان مع بقاء الكتابة .. فعتقه عن جهة الكتابة؛ فيتبعه كسبه وأولاده.

نعم؛ لو رقت الأم بعد .. فالأرجح: عود كسبه للسيد؛ لأنه لم يتبعها كسبها، والفرع لا يزيد على الأصل، وهو محتمل. انتهى بمعناه.

6489 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (ولا يعتق المكاتب ولا شيء منه ما بقي عليه درهم) تبع فيه لفظ الحديث: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم"، رواه أبو داوود (4)، وهو مثل للتقليل، فلو بقي عليه أقل من درهم ولو فلس .. كان حكمه كذلك؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 596]:(ولا يعتق شيء من المكاتب حتى يؤدي الجميع).

لكن يرد عليه: أنه كما يعتق بأداء ما عليه .. يعتق بالإبراء منه؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص 704]: (وعتق إن قبض كل قسطه أو برئ) وفي معنى ذلك: الاستبدال عنه إذا جوزناه، وإذا جوزنا الحوالة بالنجوم أو عليها .. حصل العتق بنفس الحوالة أيضًا؛ فتعبير "التنبيه" من هذا

(1) الروضة (12/ 289).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 596).

(3)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 385).

(4)

سنن أبي داوود (3926) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا.

ص: 832

الوجه أحسن، وسيأتي أن الشافعي نص على أنه لو أعتقه وأخر النجوم دينا عليه .. عتق.

6490 -

قول "المنهاج"[ص 596]: (ولو خرج المؤدى مستحقًا .. رجع السيد ببدله) كان ينبغي أن يقول: (لمستحقه) فإنه لا يرجع ببدل المؤدى.

6491 -

قوله: (فإن كان في النجم الأخير .. بأن أن العتق لم يقع)(1) لا يختص ذلك بالأخير، بل لو كان في غيره ودفع الأخير على الوجه المعتبر .. فإنه يتبين بخروج غير الأخير مستحقًا أنه لا عتق؛ ولذلك عبر في "أصل الروضة" ببعض النجوم (2)، وقال "الحاوي" [ص 705]:(وبان الرق؛ كأن استحق) أي: بعض النجوم أو جميعها، ولم يقيد ذلك بالأخير.

6492 -

قول، "المنهاج" [ص 596]:(وإن كان قال عند أخذه: "أنت حر") و"الحاوي"[ص 705]: (وإن قال: "عتقت") قال في "أصل الروضة": وفي كلام الإمام إشعار بأن قوله: (أنت حر) إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتبه على القبض، فلو انفصل عن القولين .. لم يقبل التأويل، وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به، لكن في "الوسيط" لا فرق بين أن يكون جوابًا عن سؤال حريته أو ابتداء، وبين أن يكون متصلًا بقبض النجوم أو غير متصل؛ لشمول العذر (3).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": محل هذا: ما إذا قال ذلك على وجه الخبر بما جرى، فلو قاله على سبيل الإنشاء أو أطلق .. لم يرتفع بخروج المدفوع مستحقًا، بل يعتق عن جهة الكتابة، ويتبعه كسبه وأولاده، وقد نص في "الأم" على ما يقتضي ذلك، فقال:(أُحْلِفَ بالله ما أراد إحداث عتق له على غير الكتابة)(4).

قلت: ليس في هذا النص إلا حالة إرادة الإنشاء، والأمر فيها بين، وليس فيه تعرض لحالة الإطلاق، وقد قال في "أصل الروضة": وهذا السياق يقتضي أن مطلق قول السيد محمول على أنه حر بما أدى وإن لم يذكر إرادته. انتهى (5).

وهو واضح؛ لأن القرينة دالة على ذلك، فيستغنى بها عن النية، والله أعلم.

6493 -

قول "الحاوي"[ص 705]: (كان ظننت وأُفتي بضده؛ كالطلاق) ذكر الصيدلاني أنه قياس ما تقدم، وذكره غيره أيضًا، ونقله الروياني ولم يعترضه، وقال الإمام: هو عندي غلط؛

(1) انظر "المنهاج"(ص 596).

(2)

الروضة (12/ 247).

(3)

الروضة (12/ 248)، وانظر "نهاية المطلب"(19/ 400)، و"الوسيط"(7/ 522).

(4)

الأم (8/ 78).

(5)

الروضة (12/ 247).

ص: 833

لأن الإقرار جرى بصريح الطلاق، فقبول قوله في دفعه محال، ولو فتح هذا الباب .. لما استقر إقرار، بخلاف إطلاق لفظ الحرية عقب قبض النجوم؛ فإنه محمول على الإخبار عما يقتضيه القبض، ولم توجد الإشارة في الطلاق إلى واقعةٍ (1).

قال الرافعي: وفي كلام الإمام إشعار بأنه لو وجدت قرينة عند الإقرار؛ بأن كان يتخاصمان في لفظة أطلقها، فقال ذلك ثم ذكر التأويل .. يقبل، ولو انفصل عن القرائن .. لم يقبل، وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به، لكن مال في الوسيط إلى قبول التأويل في الطلاق وغيره (2).

6494 -

قول "المنهاج"[ص 596]: (وإن خرج معيبًا .. فله رده وأخذ بدله) أعم منه قول "الحاوي"[ص 705]: (ورد الناقص) لتناوله نقص صفة بالعيب، ونقص جزء، وقد يوهم كلامهما حصول العتق بالأخذ الأول، وليس كذلك؛ بل الأصح: أنا نتبين بالرد أن العتق لم يحصل بالأخذ الأول.

6495 -

قول "المنهاج"[ص 596]- والعبارة له - "والحاوي"[ص 704]: (ولا يتسرى بإذنه على المذهب) لو عبرا بالوطء .. لكان أولى؛ لأن التسري أخص من الوطء؛ لاعتبار الإنزال فيه على الأصح.

وفي "أصل الروضة" في نكاح العبد، وزيادتها في آخر معاملات العبيد: أن فيه القولين في تبرعاته (3)، ومقتضاه: ترجيح جوازه بالإذن، والصواب: المنع، قاله في "المهمات".

وقال النشائي: إن المذكور في نكاح العبد مبني على ملك القن بالتمليك كما صرح به هنا، أما إذا لم يملكه .. فلا يجوز من المكاتب بالإذن وهو الأصح، قال: وبهذا يجتمع كلام الرافعي في جميع المواضع (4).

6496 -

قول "التنبيه"[ص 147]: (وإن أحبل جاريته .. فالولد مملوك يعتق بعتقه، وفي الجارية قولان، أحدهما: أنها تصير أم ولد له، والثاني: لا تصير) الأظهر: الثاني، كما فى "المنهاج"(5)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 704]:(بلا استيلادها) وعبارة "الروضة": لا تصير مستولدة في الحال على المذهب؛ فإن عتق .. ففي مصيرها أم ولد قولان (6).

ومحل المذكور في "التنبيه" و"الحاوي": أن تلده في الكتابة أو بعد عتقه لدون ستة أشهر،

(1) انظر "نهاية المطلب"(19/ 401).

(2)

فتح العزيز (13/ 500)، وانظر "الوسيط"(7/ 522).

(3)

الروضة (7/ 239).

(4)

انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 132).

(5)

المنهاج (ص 596).

(6)

الروضة (12/ 285).

ص: 834

قال في "المنهاج"[ص 596]: (وإن ولدته بعد العتق لفوق ستة أشهر وكان يطؤها .. فهو حر وهي أم ولد)، وتبع في ذلك "المحرر"(1)، والذي في "أصل الروضة": وإن كان لستة أشهر فأكثر .. فأطلق الشافعي أنها مستولدة، وللأصحاب طريقان:

أصحهما: أن هذا إذا وطئ بعد الحرية وولدت لستة أشهر فصاعدًا من الوطء؛ لظهور العلوق بعد الحرية، ولا نظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبًا للحرية، فإن لم يطأها بعد الحرية .. فالاستيلاد على الخلاف.

والثاني: يثبت الاستيلاد سواء وطئ بعد الحرية أم لا. انتهى (2).

وقيد شيخنا في "تصحيح المنهاج" ذلك بما إذا تحقق حدوثه بعد العتق؛ بأن لم يطأ قبل العتق أو وطئ واستبرأ منه، فلو وطئ قبل العتق ولم يستبرئ ثم وطئ بعده وأمكن كونه منهما .. قال: فلا أحكم بحرية الولد ولا باستيلاد أمه، قال: وفي "الأم" ما يقتضي ما قررته، وهو قوله:(ولا تكون في حكم أم الولد حتى تلد منه بوطء كان بعد عتقه)(3)، قال شيخنا: ولم يقيده أحد بما قيدته وأيدته بنص "الأم".

6497 -

قول "المنهاج"[ص 596]: (ولو عَجَّلَ النجوم .. لم يجبر السيد على القبول إن كان له في الامتناع غرض كمؤنة حفظه أو خوف عليه، وإلا .. [فيجبر] (4)، فإن أبى .. قبضه القاضي) فيه أمور:

أحدها: كان ينبغي إطلاق المؤنة؛ ليدخل فيه العلف، وقد ذكره في "المحرر"(5).

ثانيها: اعتبار مطلق الخوف لم يقله أحد؛ فإن كل قابض مال لا يخلوا عنه، والذي في "المحرر":(بأن كان زمان نهب)(6)، وعبارة "أصل الروضة": أو كان في أيام فتنة أو غارة (7)، وظهر بذلك أنه لا بد أن يكون للخوف سبب ظاهر يتوقع زواله.

ثالثها: أهمل من "المحرر" من الأغراض ما إذا كان طعامًا يريد أن يأخذه عند المحل طريًا، وقد يدخل في قول "المنهاج" [ص 596]:(أو خوف عليه) أي: خوف الفساد إلى وقت الاحتياج إليه.

(1) المحرر (ص 527).

(2)

الروضة (12/ 285).

(3)

الأم (8/ 56).

(4)

في (د)، (ج):(فيتخير).

(5)

المحرر (ص 527).

(6)

المحرر (ص 527).

(7)

الروضة (12/ 251).

ص: 835

وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج" من الأغراض: أن الدين الذي في ذمة المكاتب إذا كان نقدًا .. لا زكاة فيه، فإذا جاء به قبل المحل .. كان للمالك غرض في أن لا يأخذه؛ لئلا تتعلق به الزكاة، قال: ولم يذكره الأصحاب، والظاهر اعتباره.

رابعها: ذكروا فيما إذا أتى المكاتب بمال فقال السيد: هذا حرام، ولا بَيّنة: أنه إذا حلف المكاتب أنه حلال .. أجبر السيد على أخذه أو الإبراء منه، فإن أبى .. قبضه القاضي، ولم يذكروا مثل ذلك هنا، فيحتمل الفرق لحلول الحق هناك بخلافه هنا، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح في الصور كلها أنه لا يتعين الإجبار على القبض، بل عليه أو على الإبراء.

خامسها: قال في "التوشيح": لا يتبين لي معنى قوله: (فإن أبى .. قبضه القاضي) مع قوله: (إنه يجبر) والفقه أن القاضي يتخير بين إجباره على القبض والقبض له كما في الإكراه بحق، وقد يقال: يجبره، فإن عجز أو لم يفد (1) .. قبض له حينئذ، وليس في "الشرح" و"الروضة" ذكر قبض القاضي هنا، وإنما ذكراه فيما إذا أتى بالنجم والسيد غائب.

سادسها: وقع في الرافعي في الجراح في أثناء تعليل: أنه لو عجل المكاتب النجم قبل المحل .. يجبر السيد على القبول، بخلاف سائر الديون المؤجلة؛ فإن فيها خلافًا وتفصيلًا. انتهى (2).

والمعروف استواء سائر الديون المؤجلة في هذا التفصيل، والله أعلم.

6498 -

قوله: (ولا يصح بيع النجوم، ولا الاعتباض عنها)(3) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": منع الاعتياض عنها مخالف لنص الشافعي في "الأم"، وهو قوله:(ولو حل نجومه كلها وهي دنانير فأراد أن يأخذها منه دراهم أو عرضًا يتراضيان ويقبضه السيد قبل أن يتفرقا .. جاز)(4)، قال شيخنا: وتبع الرافعي في المنع البغوي، ولم يطلعا على النص، وذكر الرافعي في الشفعة الاعتياض عن النجوم بشقص وأثبت فيه الشفعة، وقال: يؤخذ مثل النجوم أو قيمتها؛ أي: إن كانت متقومة، وكذا قال في "المهمات": خالفه في الشفعة، والصواب: جوازه؛ فقد نص عليه في "الأم"، وحكى النص المتقدم.

قلت: ويوافقه كلام "الحاوي" حيث قال [ص 708 - 709]: (والفاسد كهو، لا في الاعتياض) فاقتضى جواز الاعتياض في الكتابة الصحيحة، وحمله صاحبا "التعليقة" و"المصباح"

(1) في (ج): (يقيد).

(2)

فتح العزيز (10/ 237).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 597).

(4)

الأم (8/ 65).

ص: 836

على حصول العتق بالاعتياض في الصحيحة دون الفاسدة.

6499 -

قول "المنهاج"[ص 597]: (فلو باع وأدى إلى المشتري .. لم يعتق في الأظهر) هي طريقة الجمهور، وحمل أبو إسحاق النصين على حالين، وقال: إن قال بعد البيع: خذها منه، أو قال للمكاتب: ادفعها إليه: فهو وكيل، فيعتق بقبضه وإلا .. فلا، ويقال: إنه عرضه على ابن سريج فلم يعبأ به، وقال: هو وإن صرح بالإذن فإنما يأذن لحكم المعاوضة لا بالوكالة.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح عندنا: طريقة أبي إسحاق، ثم قال: ومحل القولين: إذا لم يأذن للمشتري في قبض النجوم، فإن أذن مع علمهما بفساد البيع، فقبض .. عتق قطعا، وهذا أيضًا وارد على إطلاق "الحاوي" قوله [ص 704]:(لا مشتري النجم) أي: لا يحصل العتق بقبضه.

6500 -

قولهم - والعبارة لـ "التنبيه" -: (ولا يجوز للمولى بيع المكاتب في أصح [القولين])(1)(2) يستثنى منه صور:

إحداها: إذا رضي المكاتب بالبيع .. فإنه يجوز، ويكون رضاه فسخًا، حكاه البيهقي في "سننه" عن نص الشافعي (3)، وذكره القاضي حسين في "تعليقه"، حكاه في "المهمات" وقال: وهي مسألة حسنة.

قلت: نص على ذلك صريحًا في "اختلاف الحديث"(4)، ونص في "مختصري المزني والبويطي" على ما يقتضيه (5).

الثانية: إذا بيع بشرط العتق وإن لم يرض .. صح، وارتفعت الكتابة، ولزم المشتري إعتاقه، والولاء له، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج" تخريجًا؛ لأن الشافعي رضي الله عنه أطلق جواز بيع العبد بشرط العتق محتجًا بحديث بريرة، والحال أنها كانت مكاتبة.

الثالثة: في البيع الضمني إذا قال: أعتق مكاتبك عني على ألف .. فذكر شيخنا المذكور: أنها أولى بالجواز من التي قبلها مع اعترافه بأن المنقول في "أصل الروضة" البطلان (6).

الرابعة: قال شيخنا المذكور: إذا باع المكاتب من نفسه .. صح، سواء قلنا: إنه عقد عتاقة أو بيع، وترتفع الكتابة ويعتق لا عن جهة الكتابة، فلا تستتبع كسبًا. ولا ولدًا، وهذا بخلاف ما لو

(1) في (ج): (الوجهين).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 147)، و"الحاوي"(ص 704)، و"المنهاج"(ص 597).

(3)

سنن البيهقي الكبرى (21527).

(4)

اختلاف الحديث (ص 520).

(5)

مختصر المزني (ص 332).

(6)

الروضة (12/ 272).

ص: 837