الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلو بريء عن بعضه .. انفك بقسطه، بخلاف المرهون، ذكره الرافعي في (الوصايا)(1).
4871 -
قول "التنبيه"[ص 228]: (ومولاه بالخيار بين أن يسلمه فيباع في الجناية، وبين أن يفديه؛ فإن أراد الفداء .. فداه في أحد القولين باقل الأمرين من قيمته وأرش الجناية، وبأرش الجناية بالغًا ما بلغ في الآخر) الأظهر: الأول، وعليه مشي "المنهاج" و"الحاوي"(2)، واستثني منه شيخنا الإمام البلقيتي مسائل:
أحدها: إذا كان العبد غير مميز أو أعجميًا يعتقد وجوب الطاعة وأمره سيده بذلك .. قال: فلا يفديه بالأقل، بل أرش الجناية بالغًا ما بلغ.
الثانية: إذا اطلع السيد على اللقطة في يد العبد، وقررها، وفرعنا على الأظهر: أنه لا يصح التقاطه، فتلفت عنده، أو أتلفها .. تعلق الضمان برقبة العبد وسائر أموال السيد، وكذا لو لم يقرها عنده، ولكنه أهمله وأعرض عنه فتلفت، أو أتلفها على الأصح المعتمد، وهو منقول الربيع.
الثالثة: إذا أمر أجنبي العبد الذي لا يميز أو الأعجمي الذي يري طاعة الآمر .. تعلق برقبته وبالأجنبي على مقتضي النص، خلافًا لما صححه في "الروضة"(3)، فيباع في الجناية بالغًا ما بلغ الأرش، فإن بقي منه شيء .. فعلي الأجنبي الآمر.
تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]
محل ذلك أيضًا: ما إذا لم يكن مرهونًا مقبوضًا بالإذن، فإن كان كذلك واعترف الراهن بجنايته وأنكرها المرتهن .. فالقول قول المرتهن بيمينه، فيباع في الدين، ولا شيء على الراهن للمقر له.
4872 -
قول "المنهاج"[ص 493]: (ولو أعتقه أو باعه وصححناهما أو قتله .. فداه بالأقل، وقيل: القولان) كذا في "أصل الروضة" ترجيح طريقة القطع (4)، لكن جزم في البيوع بطريقة القولين، ذكره في بيع العبد الجاني (5)، ولم يفصح "التنبيه" و"المنهاج" عن وقت اعتبار القيمة، وقد يتبادر إلى الفهم من عبارتهما اعتبار وقت الجناية، وهو الذي حكاه البغوي عن النص، وقال القفال: ينبغي اعتبارها يوم الفداء؛ لأن ما نقص قبله لا يؤاخذ به السيد، وحمل
(1) فتح العزيز (7/ 233).
(2)
الحاوي (ص 552)، المنهاج (ص 493).
(3)
الروضة (9/ 140).
(4)
الروضة (9/ 363).
(5)
الروضة (3/ 358).
النص على ما إذا صدر من السيد منع من بيعه حال الجناية ثم نقصت قيمته (1)، وعليه مشي "الحاوي" فقال [ص 576]:(بأقل القيمة يوم الفداء).
قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو متجه، وقضية ذلك: أنه لو حصل من السيد منع وزادت قيمته .. أن النظر إلى وقت الفداء؛ لتعلق حق المجني عليه بالزيادة.
4873 -
قول "التنبيه"[ص 228]: (وإن جنى مكاتب؛ فإن كان على أجنبي .. فدي نفسه بأقل الأمرين، وإن كان على مولاه .. فدي بأقل الأمرين في أحد القولين، وبأرش الجناية في الآخر) الأصح: طرد القولين في الأجنبي أيضًا، وأصحهما: فيهما الفداء بأقل الأمرين، إلا إذا أعتقه السيد بعد الجناية وفي يده وفاء .. فالمذهب: القطع بالثاني.
4874 -
قوله: (فإن لم يفد .. بيع في الجناية، وانفسخت الكتابة)(2) فيه أمران:
أحدهما: أن محل بيعه فيها: إذا كانت قيمته قدر أرشها أو أنقص، فإن كانت أزيد .. بيع منه بقدر الجناية، واستمر الباقي مكاتبًا.
ثانيهما: ظاهر كلامه أنه لا حاجة إلى تعجيزه، والذي في كتب الرافعي والنووي: أن القاضي يعجّزه بطلب مستحق الأرش (3).
4875 -
قول "المنهاج"[ص 493]: (ولا يتعلق بذمته مع رقبته في الأظهر) قال في "أصل الروضة": إنهما مستنبطان من قواعد الشافعي رحمه الله، ويقال: وجهان (4)، وصرح الإمام بأنهما ليسا منصوصين (5).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن كلام الشافعي في "الأم" يشهد لخلو ذمة العبد عن التعلق بالأرش، ولم أقف على مقابله في كلام الشافعي، وعبر الماوردي عن الخلاف بعبارة أخرى، فقال: في الأرش وجهان:
أحدهما: أنه يجب ابتداء في رقبته.
والثاني: وجب ابتداء في ذمته ثم انتقل إلى رقبته (6)، قال شيخنا المذكور: ويستثني منه: ما لو أقر السيد بأنه جنى على عبد قيمته ألف جناية خطأ، وقال العبد: قيمته ألفان .. فنص في
(1) انظر "التهذيب"(7/ 174).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 228).
(3)
انظر "فتح العزيز"(13/ 521)، و"الروضة"(12/ 262).
(4)
الروضة (9/ 362).
(5)
انظر "نهاية المطلب"(16/ 455).
(6)
انظر "الحاوي الكبير"(7/ 42).
"الأم" على أنه يلزم العبد بعد العتق القدر الزائد على ما أقر به سيده (1)، قال شيخنا: فقد اجتمع في هذه الصورة التعلق بالرقبة والتعلق بالذمة على المذهب، لكن لم يتحد محل التعلق.
4876 -
قوله: (ولو جني ثانيًا قبل الفداء .. باعه فيهما أو فداه بالأقل من قيمته والأرشين)(2) محله: ما إذا لم يمنع من بيعه مختارًا للفداء، فإن منع .. لزمه أن يفدي كلًّا منهما كما لو كان منفردًا، صرح به الرافعي في الكلام على جناية المستولدة (3)، وأسقطه في "الروضة"، ولكن ذكر قبل ذلك: أنه لو امتنع السيد من تسليمه للبيع .. كان مختارًا للفداء (4)، وهذا لا يلزم منه ما صرح به الرافعي في الكلام على المستولدة.
4877 -
قوله: (ولو اختار الفداء .. فالأصح: أن له الرجوع وتسليمه)(5) هو معنى قول "الحاوي" عطفًا على المنفي [ص 577]: (والاختيار) أي: ولا باختياره الفداء؛ فإنه لا يلزمه، وفيه أمور:
أحدها: أن محل الخلاف: ما إذا كان العبد حيًا، فإن مات .. فلا رجوع بحال، وقد يقال: لا يرد ذلك على "المنهاج" لقوله: (وتسليمه) ومع الموت لا يمكن التسليم.
ثانيها: قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحله أيضًا: ما إذا لم تنقص قيمته بعد اختيار الفداء، فإن نقصت .. لم يمكن من الرجوع والاقتصار على تسليم العبد قطعًا؛ لأنه فوت باختياره ذلك القدر من قيمته، فإن قال: أنا أسلمه وأغرم النقص .. قبل.
ثالثها: قال شيخنا أيضًا: لو كان يتأخر بيعه تأخرًا يضر بالمجني عليه وللسيد أموال غيره .. فليس له الرجوع قطعًا؛ للضرر الحاصل للمجني عليه بالتأخير.
رابعها: عبر في "الروضة" بالصحيح (6)، فدل على ضعف مقابله، وهو أولي.
4878 -
قولهما: (وإن جنت أم الولد .. فداها المولي بأقل الأمرين)(7) زاد "المنهاج": (وقيل: القولان) استثني شيخنا الإمام البلقيني من ذلك: أم ولده التي تباع؛ لأنه استولدها وهي مرهونة رهنًا لازمًا وهو معسرٌ إذا جنت جناية توجب مالًا متعلقًا بالرقبة .. فإنه يقدم حق المجني عليه على المرتهن، فإذا قال الراهن: أنا أفديها على صورة لا يكون فيها موسرًا يسارًا ينفذ به الاستيلاد
(1) الأم (6/ 27).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 493).
(3)
انظر "فتح العزيز"(10/ 501).
(4)
الروضة (9/ 363).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 493).
(6)
الروضة (9/ 364).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 228)، و "المنهاج"(ص 493).
في حق المرتهن .. فيأتي القولان قطعًا، وإن لم يذكروه؛ لأنه بفدائها مانع للمجني عليه من بيعها، فتصير كالقن، فإذا فداها .. استمرت مرهونة، فإن وفي الدين من غيرها .. نفذ الاستيلاد، وإن بيعت في الدين .. استمر الرق في حق مشتريها، فإن ملكها الراهن .. نفذ الاستيلاد في الأظهر.
4879 -
قول "المنهاج"[ص 493]: (وجناياتها كواحدة في الأظهر) هو معنى قول "الحاوي"[ص 577]: (وإن غرم القيمة فجنت .. استرد وَوُزِّع) وليس المراد: استرداد الكل، بل بحسب ما يقتضيه الحال، واستثنى شيخنا الإمام البلقيني من ذلك: أم الولد المرهونة المتقدم ذكرها لو جنت مرة بعد أخرى .. لا نقول: جناياتها كواحدة؛ لأنه يمكن بيعها، بل هي كالقن يجني جناية ثم أخرى قبل الفداء، فيقطع فيها بأن السيد إما أن يسلمها لتباع في الجنايتين، وإما أن يفديها بأقل الأمرين من قيمتها وأرش الجنايتين، ورجح شيخنا المذكور: القول الثاني، وهو: أنه يلزمه لكل جناية فداء، وحكي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: والقول الثاني أحب إلينا، واختاره المزني والربيع، وصححه البغوي والخوارزمي (1)، قال شيخنا: وهو المذهب الجاري على القواعد.
* * *
(1) انظر "مختصر المزني"(ص 247)، و "التهذيب"(7/ 176).