المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في قتل من ظن كفره] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

4569 -

قول "المنهاج"[ص 470]: (وجد من شخصين معاً فعلان مزهقان مذففان؛ كَحَزٍّ وَقَدٍّ، أو لا كقطع عضوين .. فقاتلان) بقي: لو كان أحدهما مذففاً دون الآخر .. قال في "أصل الروضة": قياس ما سنذكره: أن يكون المذفف هو القاتل (1).

قال شيخنا الإمام البلقيني: لم يذكر ما يقتضي القياس المذكور؛ فإن المذكور في صورة الترتيب لا دلالة له على صورة المعية؛ فإن التذفيف على معنى الانتهاء إلى حركة المذبوح لا يؤثر ما بعده ولا ما قبله لقطعه أثره، وفي "أصل الروضة" في آخر (الصيد والذبائح) فيما إذا كانت إحداهما مذففة وشككنا في الأخرى هل أثرت أم لا؟ عن القفال: أنهما قاتلان، وعن الإمام: استبعاده، وأن الوجه تخصيص القصاص بصاحب المذففة (2).

4570 -

قوله: (ولو قتل مريضاً في النزع وعيشه عيش مذبوح .. وجب القصاص)(3) قد يخالفه قول النووي من زيادة "الروضة" في (الفرائض) عن الأصحاب: أن من صار في حال النزع .. فله حكم الميت (4).

وقوله في (الوصية): إن من وصل إلى ذلك في حيّز الأموات (5).

وجوابه: حمل ما في الفرائض على من صار إلى تلك الحالة بجراحة، وما في الوصية على ترك الاعتداد بقوله.

‌فصل [في قتل من ظن كفره]

4571 -

قول "المنهاج"[ص 471]: (قتل مسلماً ظن كفره بدار الحرب .. لا قصاص، وكذا لا دية في الأظهر) فيه أمران:

أحدهما: صورة المسألة: أن يكون القاتل مسلمة، فلو كان ذمياً لم يستعن به المسلمون .. وجب عليه القصاص على الأرجح المعتمد، كما قال شيخنا الإمام البلقيني، قال: وفي نص الشافعي ما يشهد له.

(1) الروضة (9/ 145).

(2)

الروضة (30/ 265)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 145).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 471).

(4)

الروضة (6/ 38).

(5)

الروضة (6/ 123).

ص: 17

ثانيهما: أنه لا يكفي ظنه كفره، بل لابد من ظن حرابته، فلو ظنه ذمياً .. فقد ذكر في "المنهاج" عقبه [ص 471]:(أنه لو قتل من عهده ذمياً فبان خلافه .. فالمذهب: وجوب القصاص) ولو لم يظن كونه ذمياً ولا حربياً .. وجب القصاص على الأرجح، قاله شيخنا الإمام البلقيني.

واعلم: أن الرافعي قال في ظن كفره: بأن كان عليه زي الكفار أو رآه يعظم آلهتهم (1)، فأما كونه عليه زي الكفار: فاقتضى كلام الرافعي في الردة: موافقة الحنفية على أنه ردة، لكن رجح النووي خلافه.

وأما تعظيم آلهتهم: فقد حكاه الرافعي عن البغوي، وأطلقه في "الروضة"، لكن في (باب الردة) أن تعظيم الأصنام بالسجود والذبح ردة (2)، وقال في "المهمات": الظاهر أنه على سبيل المثال، وقال شيخنا الإمام البلقيني: قد يحمل على ما إذا كان مكرها على التعظيم والقاتل لا يدري، أو يكون فعل من الخدمة لمواضعها من كنس وغيره ما لا يقتضي كفراً.

4572 -

قوله: (أو بدار الإسلام .. وجبا)(3) يستثنى منه: ما إذا كان مع كونه بدار الإسلام في صف أهل الحرب .. فلا قصاص قطعا، ولا دية في الأظهر؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 552]:(في دار الحرب، أو صفّهم).

4573 -

قول "المنهاج"[ص 471]: (وفي القصاص قول) شرطه: أن يعهده حربيا، وإلا .. فيجب القصاص قطعاً، بخلاف ما إذا كان بدار الحرب .. فإنه يكفي فيه ظن كونه حربياً وإن لم يعهده كذلك.

4574 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (وإن قتل حر عبداً أو مسلم ذمياً ثم قامت البينة أنه كان قد أعتق أو أسلم .. ففي القود قولان) الأظهر: الوجوب، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 471]:(أو من عهده مرتداً أو ذمياً أو عبداً أو ظنه قاتل أبيه فبان خلافه .. فالمذهب: وجوب القصاص)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن تعبيره بالمذهب يقتضي ترجيح طريقة القطع في الجميع، وليس كذلك، بل الصحيح في صورة المرتد والذمي والعبد: إثبات القولين، ولم يصر أحد إلى القطع في الجميع، وقوله في "الروضة":(وقيل: يجب القصاص في الجميع)(4) متعقب.

وفيما ذكره شيخنا نظر؛ فالتعبير بالمذهب إنما يقتضي على اصطلاحه أن في المسألة طريقين أو

(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 155).

(2)

الروضة (10/ 65).

(3)

انظر"المنهاج"(ص 471).

(4)

الروضة (9/ 147).

ص: 18

طرقًا في الجملة، لا على أن الراجح: القطع بما ذكره، وتعبير "التنبيه" بأنه أعتق أو أسلم أحسن من قول "المنهاج" [ص 471]:(فبان خلافه) لصدق هذه العبارة على ما إذا تبين أنه غير الذي عهده بتلك الصفة، ولا خلاف هنا في وجوب القصاص، وتصريحه أيضاً بأن القاتل حر ومسلم أحسن من عبارة "المنهاج" لصدقها على ما إذا كان القاتل عبداً أو ذمياً، ولا إشكال هنا في وجوب القصاص، لحصول المكافأة، ولو كان المقتول على الصفة التي كان يعهده عليها، لكن قول "المنهاج" [ص 471]:(عهده ذمياً أو عبداً) أحسن من قول "التنبيه"[ص 213]: (عبداً أو ذمياً) لأنه تبين أنه حر ومسلم.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: المتجه فيما إذا ظنه قاتلاً بغير عهد: أنه يقتل به قطعاً كما إذا ظنه مرتدًا فلم يكن، وإنما يساوي ما سبق أن يعهده قاتل أبيه ويظن بقاء القصاص عليه، فيتبين سقوط القصاص عنه بعفو وكيله أو شريكه في الإرث. انتهى.

وأصل هذا في كلام الرافعي، حيث قال: والمفهوم مما أورده - يعني: الغزالي - فيما إذا ظنه حربياً أو مرتداً من غير أن يعهده كذلك، ولم يكن كذلك: القطع بوجوب القصاص، والوجه: التسوية بينهما وبين من ظنه قاتل أبيه، إما في القطع أو إثبات القولين، قال: وقد يرجح القطع بالوجوب فيما إذا قال: تبينت أن أبي كان حياً حين قتلته، مع أن أصل الظن أو الشبهة قائم (1).

4575 -

قول "المنهاج"[ص 471]: (ولو ضرب مريضاً جهل مرضه ضرباً يفتل المريض .. وجب القصاص) استثنى منه شيخنا الإمام البلقيني ما إذا ضربه في تأديب، وحكاه عن "الوسيط"(2).

4576 -

قوله: (ويشترط لوجوب الفصاص في الفتيل: إسلامٌ أو أمانٌ)(3) أحسن من قول "الحاوي"[ص 548]: (معصوم بإيمانٍ وأمان) لأن أحدهما كاف، وعبارة "الحاوي" أحسن من وجه آخر؛ لأنه تكلم على الضمان الذي هو أعم وتكلم "المنهاج" على القصاص الذي هو أخص، فلو عبر بالضمان .. لكان أولى، لكنه عقبه بقوله:(فيهدر حربي ومرتد)(4) ولا يخفى أن إهدار المرتد إنما هو على غير مرتد مثله، وسيأتي في كلامهم.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: يشترط في القتيل مع الإسلام والأمان: ألَاّ يكون صائلاً أو قاطع

(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 156).

(2)

الوسيط (6/ 257، 258).

(3)

انظر"المنهاج"(ص 471).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 471).

ص: 19

طريق لا يندفع شره إلا بالقتل .. فهو غير معصوم في تلك الحالة مع أنه مسلم، فإن كان ذميًا .. انتقض عهده بقطع الطريق إن شرط انتقاض عهده به، وإلا .. فلا، وهل ينتقض عهده بالصيال أو يقال: هو مهدر مع بقاء عهده؛ الثاني هو المعتمد؛ وهو مقتضى كلام الشافعي وأصحابه، وأما في الهدنة والأمان .. فمقتضى المنقول: انتقاض عهده وأمانه، ولا يقال في الصائل وقاطع الطريق: إنهما معصومان بالنسبة لغير المصول عليه والمقطوع عليه الطريق، بل هما مهدران مطلقاً إذا تعين قتلهما لدفع شرهما.

وأورد في "المهمات" على الحصر في الإيمان والأمان: ضرب الرق على أسير، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا يرد؛ فإنه صار مالاً للمستحقين المسلمين ومال المسلمين في أمان.

4577 -

قول "المنهاج"[ص 471]: (ومن عليه قصاص كغيره) أي: بالنسبة إلى غير مستحق القصاص، أما بالنسبة إليه .. فهدر؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 548]:(كالقاتل، ويد السارق على غير المستحق) وأورد عليهما شيخنا الإمام البلقيني من عليه قصاص؛ لأنه قتل في قطع الطريق، إذا قتله غير المستحق .. لا يقتل به، إلا إن كان مثله في تحتم القتل، وما ذكره "الحاوي" من أن يد السارق معصومة بالنسبة لغير المسروق منه، فإذا قطعها .. قطعت يده، صرح به الماوردي، لكن المجزوم به في "الروضة" وأصلها في (باب السرقة) أنه لا قطع مطلقاً، وهو ظاهر؛ لاستحقاقها القطع (1).

4578 -

قول "التنبيه"[ص 220]: (ومن قتل من وجب رجمه بالبينة، أو انحتم قتله في المحاربة .. لم تلزمه الدية) يستثنى منه: ما إذا كان القاتل ذميًا أو مستأمنًا أو زانياً محصنًا .. فعليه القصاص؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص 471]: (والزاني المحصن إن قتله ذميٌّ .. قُتل، أو مسلم .. فلا في الأصح) وفيه أمور:

أحدها: لا يختص ذلك بالذمي، بل لو قتله زان محصن .. قتل به في الأصح مع كونه مسلماً، وكذا يقتل به المرتد في الأصح؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 548]:(والزاني المحصن على الذمي ومثله والمرتد).

ثانيها: استثنى شيخنا الإمام البلقيني من قتل الذمي بالزاني المحصن ما إذا كان الزاني المحصن ذمياً كتابيًا وكان الذمي القاتل له ليس زانياً محصنًا ولا وجب قتله بقطع طريق ونحوه .. قال: فلا يقتل به على المعتمد به، وتعليلهم بأنه لا تسلط له على المسلم ولا حق له في الواجب عليه يدل عليه، قال: والقياس أنه لا فرق بين أن يكون القاتل كتابيًا أو مجوسيًا.

(1) فتح العزيز (11/ 245)، الروضة (10/ 151).

ص: 20

ثالثها: تعبيره بالأصح مخالف لتعبير "الروضة" بالصحيح المنصوص (1)، فكان ينبغي أن يقول:(على النص).

رابعها: قال القاضي أبو الطيب: محل الخلاف: إذا قتله قبل أمر الإمام بقتله، فإن كان بعده .. فلا قصاص قطعاً، حكاه عنه في زيادة "الروضة"(2).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وفيه توقف فيما إذا قتله بالسيف بعد أمر الإمام برجمه، أو عين لرجمه جماعة فرجمه غيرهم.

خامسها: صحح النووي في "تصحيح التنبيه": التفصيل بين أن يثبت زناه بالبينة .. فلا يقتل به، أو بالإقرار .. فيقتل به (3).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا اعتماد عليه، والإطلاق هو المعتمد.

نعم؛ لو قتله بعد رجوعه عن الإقرار .. لم يقتل به كما نقل في "أصل الروضة" تصحيحه عن ابن كج (4).

لكن قال شيخنا الإمام البلقيني: الأصح: أنه يقتل به، وفي نص الشافعي فيمن قتله بعد أمر الإمام ما يشعر به.

قلت: بل هو صريح فيه؛ فإنه قال: لا شيء على قاتله؛ لأنه لا يحل حقن دم هذا أبداً حتى يرجع عن الإقرار بكلامٍ إن كان .. قضي عليه بماقراره

إلى آخر كلامه (5).

قال شيخنا: أما لو قتله بعد رجوع الشهود .. قتل به جزماً، إلا إذا ظن بقاء شهادتهم .. فهو كظن بقاء الردة، وقد تقدم، قال: فلو قتله قبل أمر الحاكم بقتله ثم رجع الشهود وقالوا: تعمدنا .. فالأقوى الأقيس: أنه يقتل به دون الشهود، ولم يذكروه.

سادسها: محل الخلاف: فيما إذا ثبت زناه ببينة أو إقرار، فلو رآه يزني وعلم أنه محصن .. لم يقتل بلا خلاف، نص عليه كما حكاه شيخنا الإمام البلقيني.

4579 -

قولهما - والعبارة لـ"المنهاج" -: (وفي القاتل: بلوغٌ وعقلٌ)(6) لو قال: (كونه ملتزما للأحكام) .. لكان أولى؛ ليدخل الحربي في الضابط، ثم يفصله كما في "الروضة"(7)،

(1) الروضة (9/ 148).

(2)

الروضة (9/ 148).

(3)

تصحيح التنبيه (2/ 167).

(4)

الروضة (10/ 96).

(5)

انظر "الأم"(6/ 71).

(6)

انظر "التنبيه"(ص 213)، و"المنهاج"(ص 471).

(7)

الروضة (9/ 149).

ص: 21

وإن كان "المنهاج" قد قال بعد ذلك [ص 472]: (ولا قصاص على حربي) وصرح "الحاوي" بأنه لا قصاص على الحربي ولا كفارة (1).

4580 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (ويجب على من زال عقله بمحرم، وقيل: فيه قولان (الأصح: طريقة القولين، وأصحهما: الوجوب، وعبارة "المنهاج" [ص 471]: (والمذهب: وجوبه على السكران) ولا يعرف منه هل الراجح طريقة القطع أو الخلاف؛ ويرد عليه: أن محل الخلاف: في غير المعذور بسكره، أما من أكره على شرب الخمر أو جهل كونها خمراً .. فلا شيء عليه، وأن المتعدي بشرب دواء يزيل العقل كالسكران، ولا يرد ذلك على تعبير "التنبيه".

4581 -

قوله: (ولا يجب القصاص على المسلم بقتل الكافر)(2) أعنم من قول "المنهاج"[ص 472]: (فلا يقتل مسلم بذمي) لكنه إذا لم يقتل بالذمي .. فبالمعاهد والحربي أولى.

4582 -

قوله: (ويقتل ذمي بذمي وإن اختلفت ملتهما)(3) يقتضي أن الكفر ملل، والمذهب: أنه ملة واحدة، إلا أن يريد: بمقتضى زعمهما.

4583 -

قوله: (فلو أسلم القاتل .. لم يسقط القصاص)(4) أي: فيما إذا قتل ذمي ذمياً، وكلامه يقتضي الجزم بذلك؛ فإنه حكى الخلاف في التي بعدها دونها، وكذا في "الروضة" وأصلها (5)، لكن فيه وجه في "الكفاية"، ونقله شيخنا الإمام البلقيني قولاً عن رواية الربيع، وقال: لم أر من ذكره، بل ذكر أن الخلاف يأتي أيضًا فيما إذا قتل ذمي مسلما ثم أسلم من الوجه الصائر إلى إسقاط القصاص بالتوبة، وهو في (كتاب قاطع الطريق) فإن الإسلام من أعظم التوبات.

4584 -

قوله: (ولو جرح ذمي ذميًّا ثم أسلم الجارح ثم مات المجروح .. فكذا في الأصح)(6) يقتضي أن الخلاف وجهان، وكذا في "الروضة" وأصلها (7)، لكن حكاه القاضي حسين وغيره قولين، وحكى شيخنا الإمام البلقيني النص على أنه لا يسقط، قال: وإذا كان له قولان في إسلام القاتل .. ففي الجراحة أولى.

ومحل الخلاف: في قصاص النفس، فأما قصاص الطرف: فيجب قطعًا.

(1) الحاوي (ص 551).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 213).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 472).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 472).

(5)

فتح العزيز (10/ 160)"الروضة"(9/ 150).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 472).

(7)

فتح العزيز (10/ 160)، الروضة (9/ 150).

ص: 22

4585 -

قوله: (وفي الصورتين إنما يقتص الإمام بطلب الوارث)(1) لا يخفى أن محله؛ إذا لم يسلم الوارث.

4586 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (فإن قتل المرتد ذمياً .. ففيه قولان) الأظهر: وجوب القصاص، وعليه مشى "المنهاج"(2).

4587 -

قوله: (وبمرتد)(3) أي: الأظهر: قتل مرتد بمرتد، يقتضي أن الخلاف قولان، وكذا في "المحرر"(4)، لكن في "الروضة" وأصلها أنه وجهان (5).

قال شيخنا الإمام البلقيني: ووهم صاحب "المطلب" فذكر أن الخلاف في ذلك حكاه في "الأم" قولين.

4588 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (وإن قتل ذمي مرتداً .. فقد قيل: يجب القود، وقيل: لا يجب) الأصح: أنه لا يجب، وعليه مشى "المنهاج"(6)، وعبارته تقتضي أن الخلاف فيه قولان، وكذا في "الروضة"، لكن في أصلها قولان أو وجهان (7)، وتعبير "التنبيه" يقتضي أنهما وجهان، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الموجود في تصانيف الطريقين.

وقد يفهم من إيجاب القود وجوب الدية إذا عفي على مال أو كان خطأ، والأصح: خلافه؛ لأنه لا قيمة لدمه، وإنما أوجبنا القصاص؛ لأن الذمي يقتله عناداً لا تديُّناً؛ فإنه يعتقده محقون الدم، بخلاف المسلم فقتلناه به زجراً وسياسة.

قال الرافعي: وقد يقال: هذا المعنى إن اقتضى الفرق بين المسلم والذمي في القصاص .. اقتضاه في الدية، فيقال: لا قيمة لدمه في حق المسلم دون الذمي، وليس في التوجيه المذكور ما يوجب الفرق بين القصاص والدية (8).

4589 -

قول "المنهاج"[ص 472]: (ولا يقتل حر بمن فيه رق) أحسن من قول "التنبيه"[ص 213]: (ولا يجب القصاص على الحر بقتل العبد) لتناوله المبعض وغيره.

4590 -

قول "المنهاج"[ص 472]: (ويقتل قن ومدبر ومكاتبٌ وأم ولدٍ بعضهم ببعض)

(1) انظر "المنهاج"(ص 472).

(2)

المنهاج (ص 472).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 472).

(4)

المحرر (ص 390).

(5)

فتح العزيز (10/ 162)، ولم أقف عليه في "الروضة".

(6)

المنهاج (ص 472).

(7)

فتح العزيز (10/ 162)، ولم أقف عليه في "الروضة".

(8)

انظر "فتح العزيز"(10/ 162).

ص: 23

و"الحاوي"[ص 567]: (لم يفْضُله لدى الإصابة بإسلام وحرية وأصليَّتهِ) أورد عليه شيخنا الإمام البلقيني: أن المكاتب لا يقتل بعبده الذي تكاتب عليه، كما إذا ملك أباه على الأصح في "الروضة" وأصلها، وقال في "الشرح الصغير": الأقوى الوجوب، وقال في "الشرح الكبير": إنه يحكى عن إشارة النص (1)، قال البارزي: فلو قال "الحاوي": (لم يفضله بإسلام وحرية وسيادته) .. لوافق الأصح، وأما قوله قبل ذلك:(ولو مكاتباً وأباً؛ بأن يشتري المكاتب أباه وقتله)(2) فإنما ذكره لنفي الضمان.

4591 -

قول "المنهاج"[ص 472]: (ومن بعضه حر لو قتل مثله .. لا قصاص) و"الحاوي"[ص 569]: (أو اشتركا حرية ورقاً) زاد "المنهاج": (وقيل: إن لم تزد حرية القاتل .. وجب) هذا الوجه قال في "أصل الروضة": إنه أشبههما عند المتقدمين، وبه قال الشيخ أبو حامد والماوردي، قال: وأصحهما عند المتأخرين - وهو اختيار القاضي أبي الطيب -: لا قصاص (3).

قال شيخنا الإمام البلقيني: والمسألة من قاعدة الحصر والإشاعة، فمن حصر الحرية في الحرية والرق في الرق .. حكم بوجوب القصاص، بشرط ألَّا تكون الحرية من القاتل أكثر، ومن أشاع .. منع، والإشاعة هي المعتمد عليها في المذهب في إبطال قاعدة مد عجوة، والمصححة في (البيع) ومجزوم بها في (القراض)، ولكن الأصح في (الفلس) و (الوصية): الحصر.

4592 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (وإن جنى حر على رجل لا يعرف رقه ولا حريته، فقال الجاني: هو عبد، وقال المجني عليه: أنا حر .. فالقول قول المجني عليه، وقيل: فيه قولان) الأصح: طريقة القولين، وأصحهما: تصديق المجني عليه، لكن يخالفه ما حكاه في "أصل الروضة" عن "البحر" أنه لو قتل حر من لا يعلم أنه حر أو عبد .. فلا قصاص؛ للشبهة.

4593 -

قول "المنهاج"[ص 472]: (ولا بقتل ولد وإن سفل) أخصر وأعم من قول "التنبيه"[ص 213]: (ولا يجب القصاص على الأب والجد ولا على الأم والجدة بقتل الولد وولد الولد) ومع ذلك فلو قال: (ولا بقتل فرع) .. لكان أحسن، والمذهب كما في "النهاية": أنه لم يجب القصاص أصلاً، وقيل: وجب ثم سقط (4)، فلو قتل منفيه باللعان .. ففي وجوب القصاص عليه وجهان في "أصل الروضة" فيما يحرم من النكاح عن حكاية المتولي (5).

(1) فتح العزيز (10/ 165)، الروضة (9/ 151).

(2)

الحاوي (ص 551).

(3)

الروضة (9/ 150، 151).

(4)

نهاية المطلب (16/ 22).

(5)

الروضة (7/ 109).

ص: 24

4594 -

قول "المحرر": (وكذا لو قتل من يرثه ولد القاتل كما لو قتل زوجة ابنه أو زوجته وله منها ولد)(1) أسقطه في بعض نسخ "المنهاج" وذكره في بعضها.

واعلم: أن عبارة "المنهاج" تقتضي أن الولد لا يكافئ أباه؛ لذكره هذا في فروع المكافأة، وبه قال بعضهم، لكن قال في "البسيط": إنه فاسد، واستدل بأن الولد يكافئ عمه وعمه يكافئ أباه، ومكافئ المكافئ مكافئ.

قال ابن الرفعة: وقوله عليه الصلاة والسلام: "المسلمون تتكافأ دماؤهم"(2) يدل عليه.

4595 -

قول "التنبيه"[ص 213]: (وإن وجب القصاص على رجل فورث القصاص ولده .. لم يستوف) يقتضي أن الولد يرث القصاص الواجب على والده ثم يسقط، والقياس كما قال ابن الرفعة: يقتضي عدم إرثه؛ لأن المسقط قارن سبب الملك وجزم به قبل صدقة المواشي فقال: لا يجب شيء أصلاً، ولا يخفى أن ذكر الرجل مثال.

4596 -

قول "المنهاج"[ص 472]: (ويقتل بوالِديهِ) يستثنى منه: والد المكاتب الذي هو ملكه كما تقدم.

4597 -

قوله: (ولو تداعيا مجهولاً فقتله أحدهما؛ فإن ألحقه القائف بالآخر .. اقتص، وإلا .. فلا)(3) فيه أمران:

أحدهما: رجح شيخنا الإمام البلقيني: أنه لا يقتص من القاتل بإلحاق القائف بالآخر؛ لأن قول القائف حجة على خلاف القياس، فيقتصر بها على مجرد لحاق النسب؛ كثبوت هلال رمضان بواحد لا يتعدى لحلول الدين ونحوه، وقال: إنه ظاهر نص "الأم"، وبه جزم الماوردي، وهو المعتمد، قال: وقول صاحب "المطلب" فيما إذا رآه القائف قبل القتل هذه لا خلاف فيها؛ أي: في جواز الإلحاق لا في القود.

ثانيهما: أنه دخل في قوله: (وإلا .. فلا) ما إذا ألحقه بثالث، والمجزوم به في "الروضة" وأصلها: وجوب القصاص في هذه الصورة أيضاً (4)، لكن قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه مردود؛ فإنه لا يثبت بذلك نسب الملحق به، بل يترك حتى يبلغ لو كان حياً وينتسب، وقد تعذر ذلك هنا؛ فلا إلحاق.

4598 -

قوله: (ولو قتل أحد الأخوين الأب والآخر الأم معاً .. فلكل واحد قصاص، ويُقَدَّم

(1) المحرر (ص 390).

(2)

أخرجه أبو داوود (2751) وابن ماجه (2685) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

(3)

انظر "المنهاج"(ص 472).

(4)

فتح العزيز (10/ 167)، الروضة (9/ 153).

ص: 25

بقرعةٍ، فإن اقتص بها، أو مبادراً .. فلوارث المقتص منه قتل المقتص إن لم نُوَرّث قاتلاً بحق، وكذا إن قتلا مرتباً ولا زوجية، وإلا .. فعلى الثاني فقط) (1) فيه أمور:

أحدها: أن المراد: الأخوان الشقيقان؛ ولهذا عرّف الأب والأم، وتمام التصوير أن يكونا حائزين، فلو كان معهما وارث آخر .. لم يتم التفريع المذكور.

ثانيها: لا يخفى أن القرعة عند التنازع، فلو طلب القصاص أحدهما دون الآخر .. أجيب الطالب.

ثالثها: يستغنى عن القرعة أيضاً فيما إذا قطع كل منهما من مقتوله عضواً وماتا بالسراية معاً .. فلكل منهما طلب قطع عضو الآخر حالة قطع عضوه، ذكره شيخنا الإمام البلقيني، ثم إذا مات الأخوان بالسراية معاً أو مرتباً .. وقع قصاصاً.

رابعها: ويستغنى عنها أيضاً فيما لو قتلاهما معاً في قطع طريق .. فللإمام أن يقتلهما معاً؛ لأنه حد وإن غلب فيه معنى القصاص، لكنه لا يتوقف على الطلب، ذكره شيخنا الإمام البلقيني أيضًا.

خامسها: لوارث المقتص منه قتل المقتص وإن ورثنا القاتل بحق إذا كان محجوباً؛ كأن يكون لذلك الأخ ابن، ذكره في "الروضة، وأصلها (2).

سادسها: قوله: (وكذا إن قتلا مرتباً ولا زوجية) يقتضي أن التقديم بالقرعة هنا أيضاً، لكن الأرجح عند النووي: أنه يبدأ بالقاتل الأول (3)، ولكن قال شيخنا الإمام البلقيني: المعتمد عندنا الإقراع، وهو الذي يفتى به؛ لأن تقديم أحد الحقين في الإيجاب لا يوجب التقديم في الاستيفاء؛ فإن من أتلف مال رجل ثم مال آخر وضاق ماله عنهما .. لا يقدم أولهما، وإنما قيل بالأول فيما إذا قتل جماعة؛ لأن ذاته صارت كالمرتهنة بقصاص الأول، وهنا وجب لكل منهما قصاص على صاحبه وهما متنازعان في التقديم .. فتعين الإقراع، ويمكن حمل كلام "المنهاج" على مجرد إيجاب القصاص لكل منهما على الآخر؛ بدليل قوله:(وإلا .. فعلى الثاني).

ثم محل ذلك: في غير قطع الطريق، فأما فيه .. فلا حاجة لإقراع ولا تقديم مبتدئ، وللإمام قتلهما معاً كما تقدم.

سابعها: قوله (وإلا .. فعلى الثاني فقط) أي: كانت الزوجية بين الأبوين قائمة، فهو نفي لنفي الزوجية، وإنما اختص القصاص بالثاني؛ لأن الأول ورث من أمه شيئاً مما ورثته من قصاص أبيه الثابت عليه .. فسقط الكل.

(1) انظر "المنهاج"(ص 473).

(2)

فتح العزيز (10/ 169)، الروضة (9/ 154).

(3)

انظر "الروضة"(9/ 154).

ص: 26

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحل هذا: إذا لم يكن هناك مانع من إرث، ومنه الدور، حتى لو تزوج الرجل بأمهما في مرض موته ثم وجد القتل المذكور من الولدين .. فلكل منهما القصاص على الآخر مع وجود الزوجية، وعلى هذا: ففي صورة الدور لو ماتت الزوجة أولاً .. لم يمتنع الزوج من إرثها، فإن كان هو المقتول أولاً .. فكل منهما يستحق القصاص على الآخر، وإن كانت هي المقتولة أوَّلًا .. فالقصاص على الثاني، قال: فليتنبه لذلك؛ فإنه من النفائس.

قال شيخنا المذكور في "حواشيه": ولم يصر أحد من الأصحاب إلى أنهما يوكلان ويقتص وكيلاهما معاً؛ لأن شرط دوام استحقاق كل منهما قتل صاحبه: أن يكون حياً بصفة الاستحقاق عند قتل غريمه، قال: فلو قتلهما الوكيلان معا .. فهل يقع الموقع؛ لم أقف على نقل فيه.

4599 -

قول "المنهاج"[ص 473]: (وللولي العفو عن بعضهم على حصته من الدية باعتبار الرؤوس) وقول "الحاوي"[ص 556]: (والرؤوس إن شارك) يستثنى منه: ما إذا كان الضرب بالسياط أو العِصِي الخفيفة، وكانت ضربات كل واحد منهم قاتلة لو انفردت .. فالأظهر: أن التوزيع على عدد الضربات لا الرؤوس، هذه عبارة الرافعي (1)، وعبر عنه في "الروضة" بقوله: كانت الضربات كل واحدة منهن قاتلة (2)، وهو غير مستقيم؛ لتصويره أولًا أن الضرب بعصي خفيفة، وأيضأ: فلا نظر حينئذ للعدد، بل يقطع باعتبار الرؤوس كما في الجراح.

وإن لم يكن ضرب كل واحد قاتلًا وتواطؤوا وفرعنا على إيجاب القصاص وهو الأصح .. فهل يتوزع على عدد الضربات على الأرجح كالتي قبلها أم على عدد الروس؟ قال شيخنا الإمام البلقيني: القياس الأول.

4600 -

قول "التنبيه"[ص 215]: (وإن جرح نفسه وجرحه آخر، أو جرحه سبع وجرحه آخر .. ففيه قولان، أحدهما: يجب القود على الجارح، والثاني: لا يجب) الأصح في الأولى: الوجوب، وعليه مشى "المنهاج"(3)، وأما الثانية: فمقتضى كلام "الروضة" وأصلها فيها ترجيح الوجوب أيضاً؛ لأنه حكى فيها طريقين، أشهرهما: طرد القولين في شريك الحربي، والأظهر فيه: وجوب القصاص، والثانية: القطع بعدم القصاص، وصححها القاضي حسين والإمام والغزالي (4).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنها غير صحيحة؛ فقد نص في "الأم" على إيجاب القصاص على شريك السبع. انتهى.

(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 185).

(2)

الروضة (9/ 166).

(3)

المنهاج (ص 473).

(4)

فتح العزيز (10/ 180، 181)، الروضة (9/ 162)، وانظر "نهاية المطلب"(16/ 79)، و"الوجيز"(2/ 131).

ص: 27

لكن رجح في "تصحيح التنبيه" عدم وجوبه (1)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 568]:(لا خاطئاً أو سبعاً) والفرض فيما إذا كان جرح السبع يحصل منه الموت غالباً، وإلا .. فشريك شبه العمد، ومحل الطريقين على ما يقتضيه كلام الإمام: أن يقصده السبع، أما لو وقع عليه بلا قصد .. فلا قصاص قطعاً، وقال البغوي: لا فرق (2).

وتعبير "الحاوي" بالخاطئ لغة في المخطئ حكاها أبو عبيدة وغيره، لكن المشهور: أنه فاعل ما لا ينبغي عمداً؛ ولذلك عبر "التنبيه" و"المنهاج" بـ (المخطئ).

4601 -

قول "المنهاج"[ص 473]: (ولو داوى جرحه بسم مُذففٍ .. فلا قصاص على جارحه) أي: في النفس، وعليه قصاص الجراحة إن اقتضت القصاص، وإلا .. فأرشها.

4602 -

قول "التنبيه"[ص 215]: (وإن جرحه واحد جراحة وداوى هو جرحه بسم غير موح ولكنه يقتل غالباً، أو خاط الجرح في لحم حي .. فقد قيل: لا يجب القود على الجارح، وقيل: على قولين) فيه أمران:

أحدهما: الأصح: طريقة القولين، وأظهرهما: الوجوب، وعليه مشى في الأولى "المنهاج" فقال [ص 473]:(فشريك جارح نفسه، وقيل: شريك مخطىٍ) و"الحاوي"، لكنه أطلق وجوب القصاص فيما إذا شارك مداويًا (3)، وهو محمول على ما إذا كان يقتل غالباً وعلم حاله، وقد صرح بهما "المنهاج"(4)، وصرح "التنبيه" بالأول كما قد عرفت.

ثانيهما: قال الجيلي: الصواب في التعبير أن يقال: في جلد حيّ؛ إذ لا يخاط على لحم، وقال غيره: إنهم احترزوا باللحم عن الجلد؛ فإنه إذا خاط في جلد حي .. فليس بشريك.

4603 -

قول "التنبيه"[ص 215]: (وإن خاط الجرح من له عليه ولاية .. ففيه قولان، أحدهما: يجب القود على الولي والجارح، والثاني: لا يجب على الولي ولا على الجارح) صحح النووي في "تصحيحه": أنه لا قود على الولي، ولم يتعرض للجارح (5)، وكلامه في "الروضة" وأصلها يقتضي تصحيح الوجوب على الجارح؛ فإنهما بنياه على ما لو تولاه المجروح، والأصح: الوجوب فيه كما تقدم (6).

وفي "الكفاية": أن النووي صحح أنه لا قصاص على الجارح، وليس كما نقل عنه،

(1) تصحيح التنبيه (2/ 158).

(2)

انظر "التهذيب"(7/ 48).

(3)

الحاوي (ص 568).

(4)

المنهاج (ص 473).

(5)

تصحيح التنبيه (2/ 158).

(6)

فتح العزيز (10/ 184)، الروضة (9/ 165).

ص: 28