الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" تصحيح المنهاج " وقال: يلزمه ذلك في المال، ولا يمكن القول به.
خامسها: يرد على اعتبار رد الظلامة ما لو أعسر بالمال الذي ظلم بأخذه .. فقال الماوردي: ينظر به إلى ميسرته والتوبة قد صحت، قال: ولو بذل من عليه القصاص نفسه ليستوفي منه فلم يستوف .. صحت توبته؛ لأن عليه الانقياد، وليس عليه الاستيفاء (1)، وفي " تعليق " القاضي حسين نحوه، وقال: لو مات صاحب الحق .. لا يأتي لوارثه، بل يستغفر الله تعالى للميت، حكاه في " المطلب "، وأقره، وتعقبه في " تصحيح المنهاج " بانتقال الحق للوارث، فلا بد من إعلامه، قال: وإذا تعذر الوصول إلى المستحق؛ لغيبة بعيدة ونحوها .. كفاه الشرطان الأولان مع عزمه أن يمكنه من نفسه عند القدرة.
سادسها: خرج بذكر الآدمي حقوق الله تعالى كالزكاة، ولا شك أن أداءها معتبر في صحة التوبة، والله أعلم.
فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]
6167 -
قول " المنهاج "[ص 570]: (لا يحكم بشاهد إلا في هلال رمضان في الأظهر) أورد على الحصر أمور:
أحدها: لو اختلفا في شيء هل هو عيب أم لا؟ صدق البائع بيمينه، فلو قال واحد من أهل العلم به أنه عيب .. قال البغوي: ثبت الرد، واعتبر المتولي اثنين، حكاه في " أصل الروضة " في البيع (2).
ثانيها: في " الوجيز " في اللقطة: (لو أطنب شخص في وصفه .. جاز الدفع إليه وفي الوجوب بغير بينة وجهان، ولعل الاكتفاء بعدل واحد أولى؛ فإن البينة قد تعسر إقامتها)(3)، استثناه الشيخ برهان الدين بن الفركاح في " نكت المنهاج "، وفيه نظر؛ فليس هذا شهادة، وإنما هو خبر، ألا ترى أنه قال:(فإن البينة قد يعسر إقامتها) وقريب من ذلك في المأخذ قول الرافعي في مستند علم الشاهد: إن أبا الفرج السرخسي حكى وجها في جواز الاعتماد على خبر الشخص الواحد إذا سكن القلب إليه، ولا يعتبر عدد الشهادة كما لا يعتبر لفظها (4)، وفي قوله:(كما لا يعتبر لفظها) دليل على أنها ليست شهادة.
(1) انظر " الحاوي الكبير "(17/ 29، 30).
(2)
الروضة (3/ 489).
(3)
الوجيز (1/ 435).
(4)
انظر " فتح العزيز "(13/ 69، 70).
ثالثها: في " شرح المهذب " في أواخر الصلاة على الميت عن المتولي: لو مات ذمي فشهد عدل أنه أسلم .. لم يكف في الإرث والحرمان، وفي الاكتفاء به في الصلاة عليه وجهان بناء على القولين في هلال رمضان (1).
رابعها: ذكر الماوردي في " الحاوي ": أن من شروط العدالة: البلوغ، قال: ويعلم بأوجه: منها: أن يشهد ببلوغه شاهد عدل، فيحكم ببلوغه، وتكون شهادة لا خبرًا (2)، استثناه الشيخ برهان الدين أيضًا، قال في " المهمات ": وهو غلط؛ فإن الماوردي عبر بقوله: (شاهدًا عدلٍ) بألف التثنية، فخفيت الألف عليه، أو سقطت من النسخة التي وقف عليها، وقال في " التوشيح ": رأيته في غير نسخة من " الحاوي " أي: بالإفراد، وكنت أرجح أن تكون صيغته:(شاهدا عدل) ولكن أوقفني عن ذلك قوله: (وتكون شهادة لا خبرًا) فإن ذلك لا يقال في شهادة الاثنين؛ لوضوحه فيه.
خامسها: إذا نذر صوم شعبان فشهد واحد برؤيته .. فهل يجب الصوم إذا قلنا يجب به رمضان؟ حكى ابن الرفعة فيه وجهين عن " البحر ".
سادسها: هل يثبت هلال ذي الحجة بواحد كرمضان، أو لا يثبت إلا بعدلين؟ فيه وجهان حكاهما الدارمي والقاضي حسين.
سابعها: هلال شوال يثبت بواحد على قول أبي ثور، قال صاحب " التقريب ": ولو قلت به .. لم أكن مبعدًا، والأصح: ثبوته بطريق التبعية فيما إذا ثبت رمضان بواحد ولم نر الهلال بعد الثلاثين .. فإنا نفطر في الأصح.
ثامنها: في قبول واحد في الوقوف بعرفة والطواف ونحوه وجهان في " تعليق القاضي حسين ".
6168 -
قول " المنهاج "[ص 570] و" الحاوي "[ص 672]: (ويشترط للزنا أربعة رجال) كذا اللواط وإتيان البهيمة، وقد ذكرهما " التنبيه "(3)، وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ووطء الميتة لا يوجب الحد على الأصح، وهو كإتيان البهيمة في أنه لا يثبت إلا بأربعة على المعتمد، ولم يتعرضوا للتصريح به، وتعليلهم يقتضي ما قررناه، قال: ومقتضاه: أن كل وطء لا يوجب إلا التعزير لا يثبت إلا بأربعة أيضًا، ويخرج عنه ما لا عقوبة فيه؛ كوطء الشبهة .. فيثبت برجلين، ورجل وامرأتين، وشاهد ويمين.
(1) المجموع (5/ 214).
(2)
الحاوي الكبير (17/ 157).
(3)
التنبيه (ص 270).
6169 -
قول " التنبيه "[ص 271]: (وفي الإقرار بالزنا قولان، أحدهما: يثبت بشاهدين، والثاني: لا يثبت إلا بأربعة) الأظهر: الأول، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(1).
6170 -
قول " الحاوي " فيما يثبت برجل وامرأتين [ص 672]: (كموضحة عجز عن تعينيها) معدود من أفراده، لا سلف له فيه، وصريح كلام الغزالي والرافعي وغيرهما في الجنايات أن البينة الناقصة لا تثبت الأرش في الصورة المذكورة.
6171 -
قولهما فيما لا يقبل فيه إلا رجلان: (كنكاح)(2) يستثنى منه: ما إذا ادعت أنه نكحها وطلقها وطلبت شطر الصداق، أو أنها زوجة فلان الميت وطلبت الإرث .. فيثبت نكاحها برجل وامرأتين، وبشاهد ويمين؛ لأن مقصودها المال، حكاه في " أصل الروضة " في آخر الدعاوى عن " فتاوى الغزالي "(3).
قال شيخنا ابن النقيب: وهو واضح (4).
وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه غير معمول به ولا معتمد عليه، فكيف يثبت إرث من لم تثبت زوجيتها، وقضية ذلك: أن الزوج تثبت زوجتيه بعد وفاة زوجته برجل وامرأتين، أو بشاهد ويمين، وهذا بعيد، ويلزم منه أن تثبت المرأة النفقة والكسوة بالحجة الناقصة وإن لم تثبت الزوجية والزوج ينكرها، وهو غريب لا يصح على مذهب الشافعي، ونازع شيخنا أيضًا في المجزوم به في " أصل الروضة " أنه يثبت الصداق برجل وامرأتين، وقال: الأصح - وهو مقتضى نصوص الشافعي وكلام أصحابه - خلافه، وهو الذي ذكره الشيخ أبو علي، وحكاه عنه الإمام، وقال: إنه أفقه.
6172 -
قولهما: (وطلاق)(5) أي: بلا عوض، فإن كان بعوض وهو الخلع؛ فإن ادعته المرأة .. فكذلك؛ لأن غرضها اندفاع النكاح، وإن ادعاه الرجل .. ثبت برجل وامرأتين؛ لأن غرضه المال، وهذا مما يعايا به، وإطلاق الجواب فيه خطأ، والصواب التفصيل، نبه عليه ابن يونس في [" تنويهه "](6).
6173 -
قول " المنهاج " في أمثلة ما يطلع عليه الرجال غالبًا [ص 570]: (وموت) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هو ممنوع؛ فإن النساء يحضرن المحتضر غالبًا ولا سيما إذا كان امرأة؛
(1) المنهاج (ص 570)، الحاوي (ص 672).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 270)، و" المنهاج "(ص 570).
(3)
الروضة (12/ 99)، وانظر " فتاوى الغزالي "(ص 124، 125) مسألة (182).
(4)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(8/ 270).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 270)، و" المنهاج "(ص 570).
(6)
في (ب): ("النبيه ").
فإن النساء مختصات بالحضور عندها، ولكن المدرك لمنع الحجة الناقصة فيه أنها مختصة بالأموال وعقودها وحقوقها، قال: ويستثنى من الموت: ما إذا كان بقتل يوجب المال؛ كما إذا شهد رجل وامرأتان أن فلانًا مات بقتل فلان له خطأ، أو بقتل صبي أو مجنون له، أو بقتل حر له وكان عبدًا، أو بقتل مسلم له وكان ذميًا، أو بقتل أصله .. ففي جميع هذه المسائل يثبت الموت بالحجة الناقصة؛ لأنه موجب للمال بسبب الإزهاق، وكذا إذا كان الموت بقتل يوجب استحقاق السلب، أو كان موت حيوان: رقيق، أو غير ناطق تحت يد أمانة، وقلنا: لا بد من إثبات موته؛ لأنه من الأسباب الظاهرة كما ذكره المتولي .. فيثبت بالحجة الناقصة؛ لدفع المطالبة ببدله، وكذا قيام الحجة الناقصة بحلول الدين المؤجل بموت المديون.
6174 -
قوله: (وإعسار)(1) يستثنى منه: إعسار المكاتب الذي يسلط السيد على فسخ الكتابة الصحيحة.
6175 -
قولهم: (والوكالة)(2) يقتضي أنه لا يثبت التصرف المالي المترتب عليها، وجزم الإمام والغزالي بأن البيع المدعي صدوره من وكيل فلان في البيع يثبت وإن لم تثبت الوكالة، وهو قياس ما تقدم عن الرافعي والنووي من ثبوت المهر بالشاهد واليمين وإن لم يثبت النكاح، وقد تقدم النزاع فيه، وكيف يثبت البيع الصادر من الوكيل ولم تثبت وكالته؟ !
6176 -
قولهم: (والوصاية)(3) يقتضي أنه لو شهد رجل وامرأتان بأن فلانًا أوصى إلى فلان بأن يدفع لفلان كذا .. لم تثبت الوصية، وقد صرح الغزالي بخلافه، وهو جار على طريقته المتقدمة، وقياس ثبوت المهر بالشاهد واليمين، وقد تقدم ما فيه.
6177 -
قول " التنبيه "[ص 270]: (وأما الوقف .. فقد قيل: يقبل فيه ما يقبل في المال، وقيل: إن قلنا: إنه ينتقل إلى الآدمي .. قبل، وإن قلنا: إنه ينتقل إلى الله عز وجل .. لم يقبل) الأصح: الأول، وإذا ادعى على شخص أنه نذر أن يتصدق عليه بكذا .. فهل هو كالوقف فيطرقه الخلاف في ثبوته بالحجة الناقصة، أو يقطع بثبوته بذلك؛ لأنه ينتقل إلى ملكه إذا أخذه منه؛ قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأرجح: الثاني، ولم أر من تعرض له.
6178 -
قول " المنهاج " في أمثلة ما يثبت بما سبق - أي: وهو رجلان، ورجل وامرأتان -، وبأربع نسوة:(وحيض)(4) يقتضي أن الحيض مما يمكن الشهادة عليه، وبه صرح في " أصل
(1) انظر " المنهاج "(ص 570).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 270)، و" الحاوي "(ص 672)، و" المنهاج "(ص 570).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 270)، و " الحاوي، (ص 672)، و" المنهاج " (ص 570).
(4)
المنهاج (ص 570).
الروضة " هنا (1)، وحكاه النووي في " فتاويه " عن ابن الصباغ والبغوي، لكن في " الشرحين " في الطلاق: لو علق بحيضها فقالت: حضت، وأنكر .. صدقت بيمينها؛ لتعذر إقامة البينة عليه؛ فإن الدم وإن شوهد لا يعلم أنه حيض؛ لاحتمال أنه استحاضة، وصرح بمثله في الديات عند الكلام على دية الشم، وبه أجاب العماد بن يونس في " فتاويه ".
قال شيخنا ابن النقيب: والحق الجواز، وما ذكر في الطلاق ينبغي حمله على عسر البينة لا على التعذر (2).
6179 -
قولهم: (ورضاع)(3) قيده المتولي بما إذا كان من الثدي، فإن كان من إناء حلب فيه .. لم تقبل شهادتهن به لكن تقبل شهادتهن على أن هذا اللبن من هذه المرأة، حكاه عنه في " أصل الروضة " وأقره.
6180 -
قول " المنهاج "[ص 570]: (وعيوب تحت الثياب) أي: تحت ثياب النساء، وقول " الحاوي " [ص 672]:(كعيبهن) أي: تحت الثياب، وجمع " التنبيه " الأمرين فقال [ص 271]:(والعيوب تحت ثياب النساء) فعبارته أحسن منهما؛ لجمعه ما تفرق فيهما، أما ما في وجه الحرة وكفيها، فقال البغوي: لا يثبت إلا برجلين، وما في وجه الأمة وما يبدو منها في المهنة .. يثبت برجل وامرأتين؛ لأن مقصوده المال، وهنا أمور:
أحدها: أن المحكي هنا عن البغوي مخالف للمحكي عنه في الرد بالعيب: أنه يثبت الرد بقول واحد.
ثانيها: أن مقتضى تعليله بأن مقصوده المال اختصاص ذلك بما إذا كان الإثبات لردها في البيع، فإن كان لفسخ النكاح به .. لم يقبل، ذكرهما في " المهمات ".
ثالثها: مقتضى تقييد البغوي بما يبدو منها في المهنة أنه لو كان تحت إزارها .. ثبت بالنسوة المتمحضات، وبه صرح شيخنا في " تصحيح المنهاج "، وقال: وإن كان يقصد منه المال إلا أنه غلب فيه جانب اطلاعهن.
رابعها: قال شيخنا المذكور أيضًا: ينبغي على مقتضى تصحيح النووي في إلحاق الأمة بالحرة في النظر أن يدخل النساء المتمحضات في عيب الأمة في وجهها وكفيها، وكذا الحرة بناء على حرمة نظر الأجنبي إلى وجهها وكفيها.
قلت: أطلق الماوردي نقل الإجماع على أن عيوب النساء في الوجه والكفين لا يقبل فيه إلا
(1) الروضة (11/ 253، 254).
(2)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(8/ 270).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 271)، و" الحاوي "(ص 672)، و" المنهاج "(ص 570).
الرجال، ولم يفصل بين الحرة والأمة (1)، وبه صرح القاضي حسين فيهما، والله أعلم.
خامسها: خرج بالنساء الخنثى؛ فالمرجح أنه يحتاط فيه، فلا يراه بعد بلوغه الرجال ولا النساء، وفي وجه يستصحب حكم الصغر، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": فإن قلنا بهذا الوجه .. فعيوبه تحت الثياب لا تثبت بالنسوة المتمحضات وإن قلنا بالأرجح .. لم تثبت بالنسوة المتمحضات أيضاً؛ لفقد المعنى المقتضي لقبول شهادة النسوة المنفردات.
سادسها: استثنى البغوي مما تحت الثياب الجرح على فرج المرأة؛ لأن جنس الجراحة يطلع عليه الرجال، قال الرافعي بعد نقله عنه: لكن جنس العيب أيضاً مما يطلع عليه الرجال غالباً، إنما الذي لا يطلعون عليه العيب الخاص، وكذا الجراحة الخاصة (2)، وقال النووي: الصواب: إلحاق الجراحة على فرجها بالعيوب تحت الثياب، وعجب من البغوي كونه ذكر خلاف هذا، وتعلق بمجرد الاسم (3).
وفي "المهمات": سبق البغويَّ إليه القاضي حسين في "تعليقه"، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الصواب ما ذكره البغوي؛ لأن الجراحات في أي موضع كانت ولو على الفرج من متعلقات حضور الرجال دون النساء، فلم يتعلق بمجرد الاسم، بل بالمعنى المعتبر.
6181 -
قول "المنهاج"[ص 570]: (وما ثبت بهم - أي: برجل وامرأتين - ثبت برجل ويمين إلا عيوب النساء ونحوها) يستثنى منه: العيب الذي يتعلق به المال؛ فإنه يثبت بشاهد ويمين، ويستثنى أيضًا: الترجمة في الدعوى بالمال أو الشهادة به؛ فإنها تثبت برجل وامرأتين، ولا مدخل للشاهد واليمين فيها؛ لأن ذلك ليس مالاً، وإنما هو إخبار عن معنى لفظ المدعي أو الشهود.
6182 -
قوله: (ولا يثبت شيء بامرأتين ويمين)(4) قال في "الروضة": قطعًا (5)، وليس في الرافعي، والخلاف موجود في الشفعة لو أخر الأخذ؛ لأنه لم يصدق المخبر وكن نسوة .. ففيه وجهان بناء على أن المدعي هل يقضى له بيمينه مع امرأتين؛ إن قلنا: لا .. فهو كالمرأة، وإلا .. كالعدل الواحد.
6183 -
قول "المنهاج"[ص 570، 571] و"الحاوي"[ص 673]: (ويذكر في حلفه صدق الشاهد) أي: فيما شهد له به، وقد نص عليه في "الأم"، وقل من صرح به، ولا بد منه، وأهمل "المنهاج" أنه يحلف في يمنيه على استحقاق ذلك المبلغ أيضاً، وقد نص عليه في
(1) انظر "الحاوي الكبير"(17/ 19).
(2)
انظر "فتح العزيز"(13/ 49).
(3)
انظر "الروضة"(11/ 254).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 570).
(5)
الروضة (11/ 278).
"الأم"، وتبعه الأصحاب، وذكره "الحاوي" فقال [ص 674]:(وأني مستحق كذا) ويجوز تقديمه على تصديق الشاهد.
6184 -
قول "المنهاج"[ص 571]: (فإن ترك الحلف وطلب يمين خصمه .. فله ذلك، فإن نكل .. فله أن يحلف يمين الرد في الأظهر) فيه أمران:
أحدهما: أنه يفهم أن المدعى عليه إذا لم ينكل بل حلف .. فليس للمدعي أن يحلف بعد ذلك مع شاهده، وبه صرح ابن الصباغ، بخلاف ما لو أقام بعد يمين المدعى عليه بينة .. فإنها تسمع، ولو أتى بشاهد وحلف معه .. سمع أيضاً، ولو كان قد نكل عن يمين الرد، نص عليه في "المختصر".
ثانيهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنما يجري الخلاف في حلفه يمين الرد إذا كان قد نكل عن الحلف مع الشاهد، ومجرد الترك لا يلزم منه النكول، قال: وفي "النهاية" في باب الامتناع من اليمين: إذا أقام المدعي شاهداً .. فكيف وجه نكوله عن الحلف مع شاهد؟ ومن يعرض عليه اليمين حتى ينكل؟ وما المأخذ الفقهي الذي يرتبط النكول به؟ .
وأجاب عن ذلك: بأنه إذا أقام شاهداً واحداً .. قال له القاضي: إن حلفت معه .. ثبت حقك، وإن لم تحلف .. أبان له إن لم تحلف المدعى عليه .. منعتك من إعادته إلى مجلس الحكم، فهذا تصوير النكول عن اليمين مع الشاهد (1)، قال شيخنا: وما ذكره الإمام من قوله: إن لم يحلف المدعى عليه لا مدخل له في نكول المدعي عن اليمين مع شاهده، والمذكور في "الأم" في ترجمة الامتناع من اليمين ليس فيه ذلك، ولفظه:(ومن كانت له اليمين على حق مع شاهدٍ .. قيل له: إن حلفت .. استحقيت، وإن امتنعت من اليمين سألناك لِم تمتنع؟ فإن قلت: لآتي بشاهد آخر .. تركناك حتى تأتي به، فتأخذ حقك بلا يمين، أو لا تأتي به .. فنقول: احلف وخذ حقك، فإن امتنعت بغير أن تأتي بشاهد أو تنظر في أصل كتاب لك أو لاستثبات .. أبطلنا حقك في اليمين، وإن طلبت اليمين بعدها .. لم نعطكها؛ لأن الحكم قد مضى بإبطالها، وإن جئت بشاهد آخر .. أعطيناكه؛ لأنا إنما أبطلنا حقك في اليمين لا في الشاهد الآخر ولا الأول) انتهى (2).
وفي "أصل الروضة" في الدعوى والبينات في النكول: لو أقام المدعي شاهداً ليحلف معه فلم يحلف؛ فإن علل امتناعه بعذر .. عاد الوجهان في أنه يمهل أبداً أم لا يزاد على ثلاثة أيام، والأصح: الثاني، وإن لم يعلل بشيء أو صرح بالنكول .. فذكر الغزالي والبغوي: أنه يبطل حقه من الحلف، وليس له العود، واستمر العراقيون على ما ذكروه هناك؛ أي: من أنه يتمكن من
(1) نهاية المطلب (18/ 663).
(2)
الأم (6/ 258).
استئناف الدعوى وتحليفه في مجلس آخر، قال المحاملي: لو امتنع من الحلف مع شاهده واستحلف الخصم .. انقلبت اليمين من جانبه إلى جانب صاحبه، وليس له أن يعود ويحلف، إلا إذا استأنف الدعوى في مجلس آخر وأقام الشاهد .. فله أن يحلف معه، وعلى الأول: لا ينفعه إلا بينة كاملة. انتهى (1).
6185 -
قول "التنبيه"[ص 270]: (وإن كان في يد رجل جارية لها ولد، فادعى رجل أنها أم ولده وولدها منه، وأقام شاهداً وامرأتين، أو شاهداً وحلف معه .. قضي له بها، وفي نسب الولد وحريته قولان) الأظهر: أنهما لا يثبتان، وعليه مشى "الحاوي" و"المنهاج"(2)، لكن تعبيره بقوله:(علقت بهذا في ملكي)(3) لا يكفي، بل لابد أن يقول:(مني)، وأيضاً فقوله:(ثبت الاستيلاد)(4) يقتضي ثبوته بالحجة الناقصة، وكذا توهمه عبارة "الروضة" هنا (5)، وليس كذلك؛ فإن الاستيلاد لا يثبت بالحجة الناقصة كما قرر في موضعه، وثبوته هنا إنما هو بالإقرار؛ ولهذا قال "التنبيه" [ص 270]:(قضي له بها) و"الحاوي"[ص 673]: (وملك المستولدة).
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا بد أن يقول: (وهي باقية على ملكي على حكم الاستيلاد إلى الآن) لجواز أن يكون ملكه زال عنها ببيع بعد استيلادها؛ بأن استولدها وهي مرهونة رهناً لازماً، ولم يأذن له المرتهن في الوطء، وكان معسراً .. فإنه لا ينفذ الاستيلاد في حق المرتهن، وكذا الجانية، قال: ولم أر من تعرض له.
قلت: في هاتين الصورتين لم يثبت الاستيلاد، ولا يفيد زوال الاستيلاد بعد ثبوته؛ فلا يحتاج لهذه التتمة، والله أعلم.
6186 -
قول "المنهاج"[ص 571]: (ولو كان بيده غلام فقال رجل: " كان لي وأعتقته" وحلف مع شاهد .. فالمذهب: انتزاعه ومصيره حراً) حريته إنما هي بإقراره، وقد تفهم عبارته خلافه، وكذا يرد ذلك على قول "الحاوي" [ص 673]:(وعتق من قال: " كان ملكي فأعتقته").
6187 -
قول "المنهاج"[ص 571]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 674]: (ولو ادعت ورثةٌ مالاً لمورثهم وأقاموا شاهداً حلف معه بعضهم .. أخذ نصيبه ولا يشارك فيه) المراد: الحلف على الجميع لا على حصته فقط، سواء حلف بعضهم أو كلهم، كما حكاه في "أصل الروضة" عن
(1) الروضة (12/ 47).
(2)
الحاوي (ص 673)، المنهاج (ص 571).
(3)
المنهاج (ص 571).
(4)
المنهاج (ص 571).
(5)
الروضة (11/ 279).
الشيخ أبي الفرج، ثم قال: وفي كلام غيره إشعار بخلافه (1)، وحكى في التفليس في مسألة الغريم: أنه لا يحلف إلا على قدر حصته، وهو مخالف لكلام أبي الفرج صريحاً لا إشعاراً.
6188 -
قولهما أيضًا - والعبارة "للمنهاج" -: (ويبطل حق من لم يحلف بنكوله إن حضر وهو كامل)(2) أي: من اليمين مع الشاهد، وهو المتكلم فيه، فلا يرد ما أورده شيخنا في "تصحيح المنهاج: من أنه لو أقام شاهداً آخر .. قُبِل، وهذا بإطلاقه مخالف لما في "الروضة" عن العراقيين والهروي والروياني: أنه إذا ادعى في مجلس آخر وأقام شاهده .. فله أن يحلف معه (3).
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لكن نحن لا نفتي بهذا؛ لمخالفته نص الشافعي في "الأم" من إبطال حقه من الحلف مع الشاهد مطلقاً. انتهى.
وهذا المذكور هنا من بطلان حقه باليمين حكاه في "أصل الروضة" عن الإمام، وأنه قال: لو مات .. لم يكن لوارثه أن يحلف (4)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 674]:(كوارث الساكت، لا الناكل) ثم قال في "أصل الروضة": وفي كتاب ابن كج ما ينازع فيه (5).
وقال في "المهمات": الصحيح: أن حقه لا يبطل حتى يحلف هو ووارثه؛ فقد قاله أيضاً القاضي أبو الطيب وابن الصباغ، وحكى الإمام في موضع آخر فيه وجهين، وكذا الغزالي، وجوزوا له على ذلك الوجه أن يدعي به ثانياً ويحلف إذا ردت اليمين عليه، حكاه في "المطلب".
ثم اعترض شيخنا في "تصحيح المنهاج" على قوله: (إن حضر) وقال: النكول لا يتوقف على الحضور؛ فقد يدعي وكيله ويقيم شاهداً، فتعرض اليمين على الموكل في غيبته عن مجلس الحكم، فينكل.
قلت: المراد: حضوره في البلد بحيث يحلف، لا مجلس الحكم.
ثم قال شيخنا: وأما غير الكامل .. فعبارته مسلوبة، ولا يتصور منه نكول حتى يحترز عنه.
6189 -
قول "المنهاج"[ص 571]: (فإن كان غائباً أو صبياً أو مجنوناً .. فالمذهب: أنه لا يقبض نصببه) عبر في "الروضة" بالصحيح (6).
6190 -
قوله: (فإذا زال عذره .. حلف وأخذ بغير إعادة شهادة)(7) و"الحاوي"[ص 674]:
(1) الروضة (11/ 283).
(2)
انظر "الحاوي"(ص 674)، و"المنهاج"(ص 571).
(3)
الروضة (12/ 46).
(4)
الروضة (11/ 281).
(5)
الروضة (11/ 281).
(6)
الروضة (11/ 282).
(7)
انظر "المنهاج"(ص 571).
(بلا إعادة الشهادة؛ كالغائب والطفل) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا لا يستقيم في الغائب؛ لأن القاضي لو أرسل له من حلفه وهو غائب .. فحلفه صحيح، وإن لم يزل عذره.
قلت: المراد: أن تأخر اليمين للعذر لا يقطع الحق منها، ولا يحوج إلى إعادة شهادة، وهذا موجود في الغيبة، والله أعلم.
قال الرافعي: وينبغي أن يكون الحاضر الذي لم يشرع في الخصومة، أو لم يشعر بالحال كالمجنون في بقاء حقه، بخلاف ما سبق في الناكل. انتهى (1).
ومحل ما تقدم: إذا لم يتغير حال الشاهد، فإن تغير .. فوجهان، قال القفال: لا يقدح، فيحلف ويأخذ؛ لاتصال الحكم بشهادته، وقال الشيخ أبو علي: لا؛ لأنه اتصل في حق الحالف فقط؛ ولهذا لو رجع الشاهد .. لم يكن له أن يحلف، أما إذا أقام بعضهم شاهدين، فثبت المدعى عليه، فإذا حضر الغائب، وكمل غير المكلف .. أخذ نصيبه بلا دعوى ولا بينة، ويقبض القاضي نصيب الصبي والمجنون عيناً كان أو ديناً، وأما نصيب الغائب؛ فإن كان ديناً .. فسنذكره، وإن كان عيناً .. انتزعها الحاكم، وكلام الأصحاب يقتضي وجوب ذلك، وهو الظاهر، لكن سبق في الوديعة أن الغاصب لو حمل المغصوب إلى القاضي والمالك غائب .. ففي قبوله وجهان، قال الرافعي: فيجوز أن يعود ذلك الخلاف هنا مع قيام البينة (2)، ونبه في "المهمات" على أنه تقدم في استيفاء القصاص أن محل الخلاف في انتزاع الحاكم: فيما عدا هذه الصورة، فيجب فيها قطعاً؛ حفظاً لحق الميت، فهذا البحث ذهول عما قدره هناك.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا يجوز أن يعود ذلك الخلاف هنا، والفرق أن المدعى عليه منكر معتقد أن الدار ملكه، فوجب أن يأخذ الحاكم نصيب الغائب قطعاً؛ لتزول هذه المفسدة المؤدية لضياع حق الغائب، ولا كذلك في الغاصب المقر الذي أحضر المغصوب للحاكم. انتهى.
6191 -
قول "التنبيه"[ص 265]: (وإن ادعى رجل أن أباه مات عنه وعن أخ غائب وله مال عند رجل حاضر وأقام بينة بذلك .. سلم إليه نصف المال وأخذ الحاكم نصيب الغائب ممن هو عنده وحفظه، وقيل: إن كان ديناً .. لم يأخذ نصيبه، بل يتركه في ذمة الغريم حتى يقدم) هذا الثاني هو الأصح في "أصل الروضة" هنا وفي الوديعة (3)، قال الرافعي: حكاه ابن كج عن النص (4).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: رأيت النص في "الأم" في باب ميراث سيد المكاتب، ولفظه:
(1) انظر "فتح العزيز"(13/ 98).
(2)
انظر "فتح العزيز"(13/ 99).
(3)
الروضة (11/ 283، 284).
(4)
انظر "فتح العزيز"(13/ 100).
(فإن كان الورثة الكبار غُيَّباً فسأل المكاتب يعني: الحاكم أن يدفع الكتابة إلى عدل يقبضه لهم إن لم يكن لهم وكيل .. كان ذلك له، فإذا دفعه .. عتق المكاتب، وليس هذا كدين لهم على رجل ثم غابوا عنه فجاء به إلى الحاكم ليدفعه .. هذا لا يدفع إلا إليهم أو وكيل لهم، فإن لم يكن لهم وكيل .. تركه الحاكم، فلم يأمر بقبضه من صاحبه الذي هو عليه؛ لأن في الكتابة عتقاً للعبد، فلا يحبس بالعتق، وليس في الدين شيء يحبس عنه صاحب الدين)(1)، قال شيخنا: وهو يقتضي أنه لو كان بالدين رهن .. أن القاضي يقبضه؛ لوجود ما حبس عن صاحب الدين، وهذا الذي ينبغي أن يفتى به. انتهى.
وقول "الحاوي"[ص 675]: (ويؤخذ للمجنون والغائب بشاهدين) يحمل في الدين على الجواز، لا على الوجوب؛ لما عرفته، لكن لا يمكن حمله على ذلك في المجنون، وفي "التنقيح" لشيخنا الإسنوي: أن في هذه المسألة تعارضاً، ولم أره، ولم يستدركه في "تصحيحه" على "التنبيه"، وكان حقه استدراكه، وقال الفارقي في هذا: إذا كان من عليه الدين ثقة ملياً، وإلا .. فالأخذ منه أولى.
6192 -
قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (ولا تجوز شهادة على فعل كزناً وغصبٍ وإتلافٍ وولادةٍ إلا بالإبصار)(2) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": مقتضاه: أن الأعمى لا تدخل له في ذلك، وليس كذلك فتتصور شهادته في هذه الأمور كلها؛ ففي الزنا إذا وضع يده على ذكر داخل في فرج امرأة أو دبر صبي فأمسكهما ولازمهما حتى شهد عند الحاكم بما عرفه بمقتضى وضع اليد .. فهذا أبلغ من الرؤية، وفي الغصب أو الإتلاف لو جلس الأعمى على بساط لغيره فغصبه غاصب أو أتلفه فأمسكه الأعمى في تلك الحالة والبساط وتعلق به حتى شهد بما عرفه .. جاز، وفي الولادة وضعت العمياء يدها على قُبل المرأة وخرج منها الولد وهي واضعة يدها على رأسه إلى أن يكمل خروجه وتعلقت بهما حتى شهدت بولادتها مع غيرها .. قبلت.
6193 -
قول "المنهاج"[ص 571]: (والأقوال كعقدٍ يشترط سمعها وإبصار قائلها) أعم من قول "التنبيه"[ص 271]: (وإن كان عقداً أو إقراراً .. فلا بد من مثاهدة العاقد والمقر وسماع كلامهما) لأنه يدخل في القول غير العقد والإقرار كالفسخ والردة وغيرهما، ومثل الأول قول "الحاوي" [ص 671]:(وسمع القول به) أي: بالإبصار، والباء بمعنى مع، وهي عبارة قلقة.
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": يحتاج إلى شرط ثالث، وهو: أن يكون الشاهدان عارفين باللغة التي يعقد بها النكاح على الصحيح، فإن قيل: هذا شرط لانعقاد النكاح والكلام في
(1) الأم (8/ 83).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 271)، و "الحاوي"(ص 671)، و"المنهاج"(ص 571).