المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنبيه [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌تنبيه [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأصح عندنا: أن القاضي يحلف المدعي على المتمرد؛ لأن هذا احتياط للقضاء، فلا يمنع منه تمرد المدعى عليه، وألحق القاضي الحسين بالغائب والمستتر ما إذا أحضر الخصم خصمه إلى مجلس الحكم ثم هرب قبل أن يسمع الحاكم البينة عليه، أو بعد ما سمعها وقبل أن يحكم .. فإنه يحكم عليه، وادعى أن هذا لا خلاف فيه (1).

‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

قال في " أصل الروضة ": بني على هذا الخلاف ما لو أقام قَيِّمُ الطفل بينة على قيّم طفل؛ فإن أوجبنا التحليف .. انتظرنا حتى يبلغ المدعى له، فيحلف، وإن قلنا بالاستحباب .. قضى بها (2)، ومقتضاه: تصحيح الانتظار؛ لأن الصحيح: وجوب التحليف.

قال في " المهمات ": وقد يشكل عليه قوله بعد ذلك: لو ادعى ولي الصبي دينًا للصبي فقال المدعى عليه: إنه أتلف عليّ من جنس ما تدعيه قدر دينه .. لم ينفعه، بل عليه الأداء، فإذا بلغ الصبي .. حلفه (3)، لكنه فرض تلك فيما إذا كان الصبي هو الذي ادعى له خاصة، وهذه فيما إذا كانا صبيين.

وقد يجاب: بأن اليمين في المسألة الثانية توجهت في دعوى أخرى. انتهى.

وقال السبكي فيما حكاه في " التوشيح ": من طالع كلام الرافعي هذا .. اعتقد أن المذهب: أنه ينتظر ويؤخر الحكم، وقد يترتب على ذلك ضياع الحق؛ فإن تركة الذي عليه الدين قد تضيع أو يأكلها ورثته، فتعريضها لذلك وتأخير الحكم مع قيام البينة مشكل، ولا سيما، ونحن نعلم أن الصبي لا علم عنده من ذلك، واليمين الواجبة عليه بعد بلوغه إنما هي على عدم العلم بالبراءة، وهو أمر حاصل، فكيف يؤخر الحق لمثل ذلك، قال: وهذه المسألة لم يذكرها إلا القاضي الحسين تخريجًا منه، وتبعه من بعده عليها، والوجه عندي خلاف ما قال، وأنه يحكم الآن بما قامت [به البينة](4)، ويؤخذ الدين للصبي الذي ثبت له، وإن أمكن القاضي أخذ كفيل به حتى إذا بلغ يحلف؛ فهو احتياط، وإن لم يمكن ذلك .. فلا يكلف، قال: وينبغي للقاضي أن ينظر نظرًا خاصًا، فإن ظهرت أمارة البراءة .. توقف، وإن ظهر خلافها .. اعتمد الحجة الظاهرة، وإن

(1) انظر " حاشية الرملي "(4/ 325).

(2)

الروضة (11/ 176).

(3)

انظر " الروضة "(11/ 176، 177).

(4)

في (ب)، (د):(البينة به)، والمثبت من (ج) و " فتاوى السبكي ".

ص: 605

استوى الأمران .. اعتمد الحجة بعد قوة الاجتهاد، وقد صرح الأصحاب بأن الوارث في مثل ذلك إنما يحلف على نفي العلم، فكيف يحسن قياس هذا على غريم الغائب الذي يحلف على البت؟ وينبغي للقاضي إذا حكم .. لا يهمل أن يكتب مكتوبًا بيد المحكوم عليه أن له تحليف المحكوم له إذا بلغ، ثم قال: ولو أن الصبي الذي حكمنا له وألزمناه اليمين بعد بلوغه نكل عنها بعد البلوغ

فالوجه أن يقال: يحلف الدافع على ما ادعاه من البراءة، ويرجع على الصبي بما قبض له. انتهى (1).

6021 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (فإذا قدم الغائب أو بلغ الصبي .. فهو على حجته) قال في " الكفاية ": ظاهره أنه على حجته وإن لم يشترط الحاكم ذلك في الحكم، وقال الماوردي: إن القاضي يشترط في حكمه على الغائب أنه جعله على حجته إن كانت له حجة؛ لئلا يقتضي إطلاق حكمه عليه إبطال حجته (2).

6022 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (ولو ادعى وكيل - أي: عن غائب - على الغائب .. فلا تحليف) أي: لا يتوقف الحكم بالبينة على يمين الوكيل، بل يعطى المال المدعى به.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه ممنوع وإن إيجاب التحليف هو المعتمد، ثم استشهد بما تقدم قريبًا فيما لو أقام قيم طفل بينة على قيم طفل، وقال: يؤخر مستحق الطفل إلى بلوغه، وتكون المدة طويلة، وتؤدي إلى ضياع حقه، ولا يؤخر حق الغائب الذي يمكن حضوره بعد يوم أو يومين إلى أن يحضر، هذا من العجائب؛ والمعتمد عندنا: أنه لا يقضي هنا على الغائب حتى يحضر المدعى له ويحلف اليمين الواجبة، ثم قال: أطلق قوله: (فلا تحليف)، لكن لو قال الحاضر الذي يدعي عليه الوكيل: أنت تعلم أن موكلك أبرأني فاحلف أنك لا تعلم ذلك .. ففي " أصل الروضة " عن الشيخ أبي حامد: أن له تحليفه على نفي العلم بالإبراء، ومن الأصحاب من خالفه (3)، قال الرافعي: ولك أن تقول: مقتضى ما ذكره الشيخ أبو حامد: أن يحلف القاضي وكيل المدعي على الغائب على نفي العلم بالإبراء، وسائر الأسباب المسقطة نيابة عن المدعى عليه فيما يتصور منه لو حضر كما ناب عنه في تحليفه من يدعي لنفسه (4)، قال شيخنا: نحن لا نثبت ذلك، ونقطع بأن الوكيل لا يحلفه القاضي التحليف المذكور من جهته؛ لأن المدعى عليه إذا كان حاضرًا .. يستفيد بذلك إسقاط مطالبة الوكيل، وأما يمين الاستظهار .. فمصبّها أن المال ثابت في ذمة الغائب، وهذا لا يتأتى من الوكيل؛ فلم يبق إلا إسقاط يمين الاستظهار على ما ذكره الإمام

(1) انظر " فتاوى السبكي "(1/ 324، 325).

(2)

انظر " الحاوي الكبير "(16/ 304).

(3)

الروضة (11/ 177).

(4)

انظر " فتح العزيز "(12/ 514).

ص: 606

ومن تبعه، أو امتناع القضاء على الغائب على ما قررناه، وهو المعتمد؛ لقيام الدليل عليه.

6023 -

قوله: (ولو حضر المدعى عليه وقال لوكيل المدعي: " أبرأني موكلك " .. أُمر بالتسليم)(1) فيه أمران:

أحدهما: هذه مسألة مبتدأة ليست من تمام التي قبلها ولا هي في الحقيقة من فروع هذا الباب، وصورتها: أن يكون المدعى عليه حاضرًا وموكل المدعي غائبًا، وهل المراد: الغيبة المعتبرة في القضاء عليه وهي الزائدة على مسافة العدوى، أو مطلق الغيبة عن البلد؛ رجح شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الثاني، وقال: لم أر من تعرض للتصريح به.

ثانيهما: يرد على إطلاق الأمر بالتسليم: ما لو طلب الحاضر من الوكيل الحلف على نفي العلم بأن موكله أبرأه .. فإنه يجاب إليه كما تقدم عن الشيخ أبي حامد، وهو الأصح، وفي معناه: دعواه علمه بأن موكله استوفى أو أنه عزله عن الوكالة، والتحليف فيها هو قياس نظائره في دعواه ما ليس حقًا له، لكن ينفعه في ذلك، والله أعلم.

6024 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (وإذا ثبت مال على غائب وله مال .. قضاه الحاكم منه) و" الحاوي "[ص 678]: (ووفى من ماله إن حضر) قيده شيخنا في " تصحيح المنهاج " بقيدين:

أحدهما: أن محله: ما إذا لم يجبر الحاضر على دفع مقابله للغائب، فإن أجبر؛ كالزوجة تدعي بصداقها الحال قبل الدخول على الغائب .. فلا يوفيها القاضي من ماله الحاضر؛ لأن الزوج والزوجة يجبران، وقضية إجبارهما امتناع قضاء الصداق من مال الغائب، ومثله لو كان البائع حاضرًا وادعى بالثمن على المشتري الغائب .. فلا تسمع هذه الدعوى؛ لأنه لا يلزم الغائب تسليمه؛ لأن البائع يجبر على التسليم أولًا، وحيث قلنا: يجبران .. فالحكم كما في الزوجين.

ثانيهما: ومحله أيضًا: ما إذا لم يتعلق بالمال الحاضر حق، فإن تعلق به؛ كمالٍ وجد للغائب وهناك بائع له .. لم يقبضه الثمن، وطلب من الحاكم الحجر على المشتري الغائب حيث استحق البائع ذلك؛ فإن القاضي لا يوفي مدعي الدين من المال الحاضر، ويجيب طالب الحجر إلى مدعاه، ولو كان للغائب من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب .. قدمت نفقتهما ذلك اليوم على صاحب الدين؛ لأنه إذا قدم ذلك في المحجور عليه بالفلس .. فغير المحجور عليه أولى، فإن كان مرهونًا أو عبدًا جانيًا وهناك فضلة .. فهل للقاضي بطلب صاحب الدين أن يلزم المرتهن والمجني عليه بأخذ مستحقهما بطريقه ليوفي ما بقي من ذلك لمدعي الدين على الغائب، أم ليس له ذلك؟ قال: هذا موضع نظر، والأرجح: إجابة صاحب الدين لذلك، ولم أر من تعرض لشيء من ذلك (2).

(1) انظر " المنهاج "(ص 563).

(2)

انظر " حاشية الرملي "(4/ 327).

ص: 607

6025 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (وإلا؛ فإن سأل المدعي إنهاء الحال إلى قاضي بلد الغائب .. أجابه) يقتضي أنه لا يجيبه إذا كان للغائب مال حاضر، وليس كذلك، وجوابه: أن هذا خرج مخرج الغالب في أن صاحب الدين لا يطلب إنهاء الحال إلى قاضي بلد الغائب إلا حيث لا يكون له مال حاضر، فلو لم يتعرض للمال الحاضر وطلب الإنهاء مع وجوده .. فله ذلك.

وقد يفهم من تعبير ومن تغيير " التنبيه " بقوله [ص 256]: (إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم) أنه لا بد أن يكون المكتوب إليه معينًا، وليس كذلك، فيجوز أن يكتب إلى من يصل إليه من قضاة المسلمين، ولو كان لمعين فشهد الشاهدان عند غيره قبل شهادتهما وأمضاه، وقد صرح به " الحاوي " فقال [ص 679]:(ويشهد عند كلٍّ وإن لم يعمِّم) ويدل عليه.

قول " التنبيه " بعد ذلك [ص 256]: (أنه لو مات المكتوب إليه أو عزل أو ولي غيره .. حمل الكتاب إليه، وعمل به).

6026 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (فينهي سماع بينة ليحكم بها ثم يستوفي) فيه نقص؛ فقد لا يكون هناك بينة كاملة، بل شاهد ويمين، وفي هذه الصورة لا بد من ثبوت عدالة الشاهد؛ لأنه لا يحلف المدعي إلا بعد تعديله، وقد يكتب بعلم نفسه كما ذكره السرخسي.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إنه الأصح المعتمد خلافًا لما في " العدة "، وقد تناول ذلك كله قول " التنبيه " [ص 256]:(وإن ثبت عنده).

6527 -

قوله: (ثم يقول لهما: " اشهدا عليّ أني كتبت إلى فلان بن فلان بما سمعتما)(1) يفهم أنه لو قال بعد القراءة: (هذا كتابي إلى فلان) ولم يسترعهما .. لم يكف (2)، وكذا يفهمه قول " المنهاج " [ص 563]:(والإنهاء: أن يشهد عدلين بذلك) و" الحاوي "[ص 678]: (وأشهد رجلين بتفصيله) وقد حكى ذلك في " الكفاية " وجهًا بناء على منع الشهادة على المقر من غير استرعاء، والذي حكاه الرافعي عن " الشامل " أنه يكفي (3)، وحكاه في " الكفاية " عن القاضي أبي الطيب.

6028 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (ويستحب كتاب به يذكر فيه ما يتميز به المحكوم عليه) كان ينبغي أن يقول: (والمحكوم له) كما فعل " الحاوي "(4)، ولو عبرا بالغائب وصاحب الحق .. لكان أولى؛ ليتناول الثبوت المجرد عن الحكم.

6029 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (ويشهدان عليه إن أنكر) كلام غير مستقيم؛ لأن

(1) انظر " التنبيه "(ص 256).

(2)

انظر " الحاوي الكبير "(16/ 226).

(3)

انظر " فتح العزيز "(12/ 516).

(4)

الحاوي (ص 678).

ص: 608

الشاهدين لا يشهدان على الخصم المنكر، وإنما يشهدان بما جرى عند القاضي من الثبوت أو الحكم، فإن قيل: فقد يكون القاضي شخصه لهما.

قلت: فتخرج المسألة عن هذا الباب؛ لأنه ليس حينئذ حكما على غائب، ولم يرد " المنهاج " هذه الصورة؛ فإنه قال عقبه:(فإن قال: " لست المسمى في الكتاب " .. صدق بيمينه)(1).

6035 -

قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (وعلى المدعي بينة بأن هذا المكتوب اسمه ونسبه، فإن أقامها فقال: " لست المحكوم عليه " .. لزمه الحكم إن لم يكن هناك مشارك له في الاسم والصفات)(2) فيه أمران:

أحدهما: محل عدم اللزوم إذا كان له مشارك في الاسم والصفات: ما إذا كان ذلك المشارك حيًا أو ميتًا بعد صدور ما جرى في الكتاب أو قبله وعاصره الحي على الأصح في هذه، فأما إذا لم يعاصره .. فلا إشكال كما جزم به في " أصل الروضة "(3).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وعندي أنه لا اعتبار بعدم المعاصرة؛ لأن الدين قد يكون له على ذلك الميت وإن لم يعاصره من جهة معاملة مع مورثه أو غير ذلك مما يمكن، وإنما المدار على أنه إن ظهر في أمر المدعى به ونحوه مما لا يمكن صدوره مع الميت .. فلا إشكال، وإلا .. وقع الإشكال.

ثانيهما: قال شيخنا أيضًا: إلزامه الحكم مع إنكاره أنه المحكوم عليه بمجرد قيام البينة بأن هذا المكتوب اسمه ونسبه من معضلات الفقه، وجزم به الأصحاب، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه لكنه قال قبل ذلك:(وإن أنكر .. لم يؤخذ به حتى تقوم بينة أنه هو المكتوب عليه بهذا الكتاب)(4)، وهو يخالف ما تقدم، قال شيخنا: وعندي أن النصين منزلان على حالين، فمحل كلامه الأول: إذا كان هناك نوع من الالتباس، والثاني: عند عدم الالتباس.

6031 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (وإلا .. بعث إلى الكاتب ليطلب من الشهود زيادة صفة تميزه ويكتبها ثانيًا) يقتضي الاقتصار على كتابة الصفة المميزة من غير حكم.

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهو ممنوع، بل لا بد عندنا من حكم مستأنف على الموصوف بالصفة الزائدة المميزة له، ولا يحتاج إلى تحديد دعوى، ولا حلف، وإنما

(1) المنهاج (ص 563).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 256)، و" الحاوي "(ص 678)، و " المنهاج "(ص 563).

(3)

الروضة (11/ 182).

(4)

انظر " الأم "(6/ 212).

ص: 609

يحتاج إلى حكم على ما قررناه، ولم أر من تعرض لذلك.

6032 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (وإن مات القاضي الكاتب أو عزل .. حمل الكتاب إليه، وعمل بما فيه) و" الحاوي "[ص 679]: (أو مات) محله: ما إذا لم يكن المكتوب إليه نائبًا عن الكاتب، فإن كان نائبًا عنه وفرعنا على انعزاله بعزله .. لم يعمل به، وهو الأصح، إلا أن يأذن له الإمام في الاستخلاف ويقول له: استخلف عني، ولا يخفى أن الجنون والعمى والخرس كالموت.

6033 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (وإن فسق الكاتب؛ فإن كان فيما ثبت عنده ولم يحكم به .. بطل كتابه) محله كما قال في " الكفاية ": ما إذا كان فسقه قبل عمل المكتوب إليه بما في الكتاب، فإن كان بعده .. لم ينقض، صرح به الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم (1).

6034 -

قوله: (فإن حكم عليه فقال: " اكتب إلى الكاتب أنك حكمت عليّ حتى لا يدعى ذلك مرة أخرى " .. فقد قيل: يلزمه، وقيل: لا يلزمه)(2) الأصح: الثاني.

6035 -

قوله: (إلا إذا ادعى عليه ذلك مرة أخرى)(3) قال في " الكفاية ": هذه الزيادة لم أرها لغير الشيخ، والفقه يقتضيها.

6036 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (ولو حضر قاضي بلد الغائب ببلد الحاكم فشافهه بحكمه .. ففي إمضائه إذا عاد إلى ولايته خلاف القضاء بالعلم) أي: إن قلنا به .. جاز هذا، وعليه مشى " الحاوي "(4)، وإن قلنا: لا يجوز .. امتنع.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وهذا هو الموجود في التصانيف، وفي " الروضة " تبعا "للشرح " إثبات وجهين في جواز ذلك هنا تفريعًا على منع القضاء بالعلم (5)، وتبعًا فيه " الوسيط "(6)، وهو غير ممكن، وفي " المطلب ": أنه لا يكاد يوجد في كلام غير " الوسيط "، ثم قرره بأن علة منع القضاء بالعلم التهمة، وإذا كان القاضي منفذًا لحكم غيره .. انتفت التهمة؛ إذ يمكنه أن يقول عند السؤال عن السبب: حكم به قاض من قضاة المسلمين، ولا يشترط تعيينه، ولا إظهار الإشهاد عليه به، كما أنه يحكم بالبينة اتفاقًا، ولا يلزمه أن يذكر السبب، ثم قال: وأيضًا: فالمحكوم به هنا بالعلم الاستيفاء، والاستيفاء لا يعتبر فيه ما يعتبر في الحكم؛ ألا ترى أنه

(1) انظر " الحاوي الكبير "(16/ 232).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 256).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 256، 257).

(4)

الحاوي (ص 678).

(5)

فتح العزيز (12/ 521)، الروضة (11/ 183، 184).

(6)

الوسيط (7/ 326).

ص: 610

يجوز أن يفوض إلى الوالي في محل الولاية وإن لم يصلح للقضاء، قال شيخنا: وما ذكره صاحب " المطلب " من التقرير مردود؛ لأن اتصال ذلك الحكم به إذا كان من جهة علمه .. فلا يمكن أن يقال بجواز القضاء به مع منع القضاء بالعلم، قال: والجواب الثاني مردود؛ فإن الوالي المستوفي الذي لا يصلح للقضاء يجوز للقاضي على ما قضى به، فالصادر منه مجرد استيفاء بمقتضى شوكته، وليس قضاء، بخلاف القاضي الذي يحكم بما صدر من القاضي.

وفي " المهمات ": هذا الخلاف لا وجه له، ولا نعلم أيضًا من حكاه، بل الذي وقفنا عليه في كتبهم الجزم بالمنع، وعبارة " الوسيط ": وإن لم نجوز القضاء بالعلم .. فقد أطلق بعض الأصحاب جوازه، وقال الإمام: لا يجوز (1)، ومراده بذلك: أن بعض الأصحاب أطلق جوازه من غير تقييد بجواز القضاء بالعلم، والإمام نزل هذا المطلق على ما إذا جوزنا القضاء بالعلم؛ ويؤيده أن أصول " الوسيط " وهي " تعليقة القاضي حسين " و" النهاية " و" البسيط " ذكروه كذلك، ولم يحك أحد منهم خلافا. انتهى.

على أن شيخنا في " تصحيح المنهاج " أنكر هذا التخريج من أصله، وقال: إنه ليس بمعتمد وإن جزموا به؛ فإن القاضي في غير محل ولايته كالمعزول، وإذا سمع المعزول أو من لم يل الحكم من حاكم: أني حكمت بكذا .. فهو شاهد على الحاكم، وذاك لا يحصل به العلم المجوز للقضاء، وإنما يسوغ له أن يشهد على حكم الحاكم، وفي " الروضة " تبعًا " للشرح " قبيل القضاء على الغائب: أنه لو سأل القاضي عن الشهود في غير محل ولايته، فعدلوا، ثم عاد إلى محل ولايته .. قال ابن القاص: له الحكم بشهادتهم إن جوزنا القضاء بالعلم، وخالفه أبو عاصم وآخرون، وقالوا: القياس منعه كما لو سمع البينة خارج ولايته (2).

6037 -

قول " المنهاج "[ص 563]: (ولو ناداه في طرفي ولايتهما .. أمضاه) أي: يتخرج على القضاء بالعلم.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وهذا عندنا ممنوع، بل هذا أولى بتخريجه على القضاء بالعلم؛ لأنه لم تكمل فيه ولاية كل منهما في الموضعين؛ فالمتكلم ليس حاكمًا في موضع ولاية السامع وسامعه ليس حاكمًا في محل ولاية المتكلم؛ فالحاصل للحاكم السامع مجرد علم، قال: ولنا أن نمنع التخريج في هذه أيضًا؛ لأن المستند لم يسمعه ممن هو في محل ولايته، فأشبه ما لو شهد الشهود وهم في غير ولايته وهو في طرف ولايته سامع لما شهدوا به.

6038 -

قول " الحاوي "[ص 679]: (ولسماع شهادةٍ ذَكَرَ الشهود والتعديل) يقتضي أنه

(1) الوسيط (7/ 326)، وانظر " نهاية المطلب "(18/ 509).

(2)

فتح العزيز (12/ 510)، الروضة (11/ 174).

ص: 611

لا يكفي الاقتصار على ذكر عدالتهم من غير تسميتهم، وبه قال الإمام والغزالي (1)، قال الرافعي: والقياس: التجويز؛ كما أنه إذا حكم .. استغنى عن تسمية الشهود، قال: وهذا هو المفهوم من إيراد صاحب " التهذيب " وغيره (2)، وفي " المحرر ": إنه الأشبه (3)، وعليه مشى " المنهاج " فقال [ص 564]:(ويسميها إن لم يعدلها، وإلا .. فالأصح: جواز ترك التسمية).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأصح: منع ترك التسمية؛ فقد نقله الإمام عن إجماع الأصحاب، وهو مقتضى نص " الأم " حيث قال:(كتاب القاضي كتابان: أحدهما: كتاب يئبت، فهذا يستأنف المكتوب إليه به الحكم)(4) ومقتضى استئناف الحكم: النظر في أمر الشهود؛ ليجري الحال فيهم على عقيدته. وفي " المهمات " عن " البحر ": أن التجويز ضعيف، قال في " أصل الروضة ": وهل يأخذ المكتوب إليه بتعديل الكاتب أم له البحث وإعادة التعديل؟ لفظ الغزالي يقتضي الثاني، والقياس: الأول، قال النووي: هذا الذي جعله القياس هو الصواب (5).

وظاهر كلامه أن ذلك يتعلق بالمسألتين معًا، وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": مقتضى نص " الأم " في أن المكتوب إليه يستأنف الحكم، وما نقله الإمام عن إجماع الأصحاب يقتضي أنه ليس على المكتوب إليه بالتثبيت الأخذ بتعديل القاضي الكاتب، وهو المعتمد؛ لأنه قد يكون للمكتوب إليه رأي في الشهود يخالف رأي الكاتب، والكاتب لم يحكم؛ فلا ينسد على المكتوب إليه النظر في تخريجهم وتمكين الخصم من ذلك.

6039 -

قول " التنبيه "[ص 256]: (وإن ثبت عنده ولم يحكم، فسأله المدعي أن يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم بما ثبت عنده ليحكم عليه .. نظر: فإن كان بينهما مسافة لا تقصر فيها الصلاة .. لم يكتب) الأصح: أنه يكتب إذا كانت فوق مسافة العدوى وإن لم يبلغ مسافة القصر، وعليه مشى " الحاوي " فقال [ص 679]:(وقُبل فوق العدوى) و" المنهاج " فقال [ص 564]: (وبسماع البينة لا يقبل على الصحيح إلا في مسافة قبول شهادة على شهادة) وقد رجح في قبول الشهادة على الشهادة اعتبار مسافة العدوى.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": محل الخلاف: ما إذا سمع البينة وأثبت ما قامت به، فأما لو سمع البينة ولم يثبت ما قامت به .. فلا يقبل إلا في مسافة تقبل فيها شهادة على شهادة بلا

(1) انظر " نهاية المطلب "(18/ 506)، و " الوسيط "(7/ 325).

(2)

فتح العزيز (12/ 523، 524).

(3)

المحرر (ص 491).

(4)

الأم (6/ 212).

(5)

الروضة (11/ 186).

ص: 612