الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ أدب السلطان
4977 -
قول "التنبيه"[ص 249]: (وينبغي أن يكون الإمام ذكرًا بالغًا عاقلًا عدلًا عالمًا بالأحكام الشرعية كافيًا كما يتولاه من أمر الرعية وأعباء الأمة وأن يكون من قريش) فيه أمور:
أحدها: أن المراد: اشتراط ذلك كما صرح به "المنهاج"(1)، ودل عليه كلام "الحاوي"(2)، وصرح به "التنبيه" بعد ذلك في قوله [ص 249]:(فإن اختل شرط من ذلك .. لم تصح التولية).
ثانيها: أهمل "المنهاج" اشتراط العدالة، وذكرها "الحاوي" بقوله [ص 658]:(أهل للشهادات)، ولا يقال: إن "التنبيه" و"الحاوي" أهملا ذكر الإسلام؛ فقد دخل في العدالة، فلو فعل "المنهاج" كما فعلا من اشتراط العدالة وإهمال التصريح بالإسلام لدخوله تحت العدالة .. لكان أولي، وقد يقال: دل على ذلك بقوله بعده: (وباستيلاء جامع الشروط، وكذا فاسق)(3) فإنه يدل على أن العدالة من الشروط، وقد يقال: لا يدل على ذلك؛ لدلالة اعتبار العدالة على أنه لا يصح ولاية المستور، ولا تدل عبارة "المنهاج" هذه على ذلك.
ثالثها: المراد العلم بالأحكام الشرعية بالاجتهاد كما صرح به "المنهاج" و"الحاوي"(4).
رابعها: دخل في "الكفاية" لما يتولاه الشجاعة والرأي والسمع والبصر والنطق، وقد صرح به "المنهاج"(5)، ودخلت في قول "الحاوي" أيضًا [ص 658]:(كاف) وإن كان قد جمع في هذه اللفظة بين كفاية القضاء وكفاية الإمامة؛ فالمراد بهما فيهما مختلف؛ فالشجاعة معتبرة في الإمامة دون القضاء، فالتصريح بذكرها أولى، وقد يقال: دخل في تعبير "التنبيه" و"الحاوي" اشتراط سلامته من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض؛ لأنه لا كفاية بدون ذلك، وهو الأصح في "أصل الروضة"(6)، ولم يدخل ذلك في تفصيل "المنهاج"، وفي "الروضة" من زيادته: إن ضعف البصر إن منع معرفة الأشخاص .. منع انعقاد الإمامة واستدامتها، وإلا .. فلا (7)، فقد يورد ذلك عليهم، وقد يقال: لا يرد؛ لأنه بمنزلة فاقد البصر.
(1) المنهاج (ص 500).
(2)
الحاوي (ص 658).
(3)
المنهاج (ص 500).
(4)
الحاوي (ص 658)، المنهاج (ص 500).
(5)
المنهاج (ص 500).
(6)
الروضة (10/ 42).
(7)
الروضة (10/ 42).
خامسها: اشتراط كونه قرشيًا ذكره "المنهاج" أيضًا (1)، وأهمله "الحاوي"، ومحله: عند وجود قرشي مستجمع للشروط، وإلا .. فكنابي، فإن لم يوجد .. فرجل من ولد إسماعيل عليه السلام، فإن لم يوجد .. ففي "التهذيب": أنه يولي رجل من العجم، وفي "التتمة": أنه يولى جرهمي، وجرهم أصل العرب، فإن لم يوجد .. فرجل من ولد إسحاق عليه السلام (2).
4978 -
قول "التنبيه"[ص 249]: (وإن زال شيء من ذلك بعد التولية .. بطلت ولايته) يستثنى منه: الفسق، فلا تبطل ولايته بطروه، وعليه مشى "الحاوي"(3)، وأشار إليه "التنبيه" في دفع الزكاة إلى الإمام الجائر (4).
4979 -
قول "التنبيه"[ص 248، 249]: (ولا تنعقد الأمامة إلا بتولية الإمام قبله أو باجتماع جماعة من أهل الاجتهاد على التولية) فيه أمور:
أحدها: يرد على حصره في الأمرين ثالث، وهو: الشوكة، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 500]:(واستيلاء جامع الشروط، وكذا فاسق وجاهل في الأصح) قال الشيخ عز الدين في "القواعد": لو استولى الكفار على إقليم، فولوا القضاء رجلًا مسلمًا .. فالذي يظهر انعقاده، قال: ولو ابتلينا بولاية امرأة أو صبي فولى قاضيًا .. ففي نفوذه وقفة (5).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن العبد أولى بانعقاد الولاية له بالشوكة من الفاسق، قال: والأخبار الصحيحة تقتضي انعقادها لعبد يقود الناس بكتاب الله تعالى، قال: ولو قامت الشوكة لامرأة .. فالظاهر أنه ينعقد ما يصدر منها؛ للضرورة.
ثانيها: عبر ابن يونس في "النبيه" بدل قوله: (بتولية الإمام قبله): (بعهده) قال في "التنويه"؛ لأنها توهم أن الثاني يكون إمامًا في الحال تنفذ أحكامه فيمن ولاه، وليس كذلك، فالمراد: أن يعقد له في حياته الخلافة بعده، ويشترط قبول المعهود إليه، والأصح: أن وقت قبوله ما بين عهد الخليفة وموته، كذا في "الروضة"(6).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ينبغي أن يكون الأصح: اعتبار القبول على الفور، وليس هذا كالإيصاء، ولو شبه بالإيصاء .. فلا يكون قبوله إلا بعد الموت على ما رجح في الوصاية. انتهى.
(1) المنهاج (ص 500).
(2)
انظر "الروضة"(10/ 42).
(3)
الحاوي (ص 659).
(4)
التنبيه (ص 62).
(5)
قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (1/ 121، 122).
(6)
الروضة (10/ 45).
ولو أوصى إليه بالإمامة .. فوجهان بلا ترجيح في "الروضة"(1)؛ لأنه بالموت خرج عن الولاية، فلا يصح منه تولية غيره، واستشكله الرافعي بالوصي (2).
ثالثها: أن عبارته تقتضي الاكتفاء ببعض أهل الاجتهاد، وليس كذلك؛ ولهذا قال "المنهاج":(والأصح: بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم، وشرطهم صفة الشهود) والمراد: أهل الحل والعقد بذلك البلد، ولا يشترط ذلك في جميع البلاد، بل إذا بويع لواحد ببلد .. وجب على من بلغه الخبر الطاعة، وذكر الماوردي أنه يشترط فيهم أيضًا العلم والرأي، قال النووي: وهو كما قال (3).
فإن قلت: قد قال أولًا: من العلماء.
قلت: (من) البيانية إذا دخلت على أشياء .. يختلف اعتبار اجتماعها بحسب الحال، وهنا لا يعتبر لنا الأمر فيه على التيسير.
رابعها: مقتضي كلامهما: اعتبار عدد، وفي "أصل الروضة": إنه لا يعتبر، حتى لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع .. كفت بيعته؛ لانعقاد الإمامة (4).
خامسها: يشترط مع ذلك: الإشهاد على البيعة إن كان العاقد واحدًا دون ما إذا كان جمعًا، كما صححه في "الروضة" من زيادته، وفي "الإرشاد" لإمام الحرمين: قال أصحابنا: يشترط حضور الشهود؛ لئلا يُدَّعَي عقد سابق؛ ولأن الإمامة ليست دون النكاح، لكن اختيار الإمام انعقادها بواحد (5).
4980 -
قول "التنبيه"[ص 249]: (وإن عقد لهما معًا أو لم يعلم الأول منهما .. استؤنفت التولية) قد يفهم جواز استئناف تولية ثالث، والأصح من زيادة "الروضة": منعه.
4981 -
قوله: (ولا يتخذ حاجبًا ولا بوابًا)(6) محله: في وقت انتصابه للحكم، أما في أوقات الخلوة .. فلا كراهة فيه، وكذا عند الزحمة أيضًا.
4982 -
قوله: (وينظر في أموال الفيء والخراج والجزية)(7) هما نوعان من الفيء، وعطفهما عليه يوهم خلاف ذلك.
(1) الروضة (10/ 44).
(2)
انظر "فتح العزيز"(11/ 73).
(3)
انظر "الروضة"(10/ 43).
(4)
الروضة (10/ 43).
(5)
الروضة (10/ 43).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 249).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 249).
4983 -
قوله: (ويصرف ذلك في الأهم فالأهم من المصالح
…
إلى آخره) (1) الأصح: صرف الفيء لأجناد المسلمين، والذي للمصالح هو خمس الخمس كما ذكره في (قسم الفيء)(2).
* * *
(1) انظر "التنبيه"(ص 249).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 235).