المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

5847 -

قول "الحاوي"[ص 656]: (واعتكف ما بقيَ) أي إذا نذر أن يعتكف يوم قدوم زيد فقدم نهاراً، ومقتضاه: أنه لا يلزمه قضاء ما مضى، لكن الأصح في الرافعي في (الاعتكاف): وجوبه (1)، وهو مقتضى بنائه هنا وجوب القضاء على أن مقتضى نذره صوم يوم يقدم زيد: لزوم الصوم من أول اليوم، وهو الأصح.

‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

5848 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ومن نذر المضي إلى مكة أو إلى الكعبة .. لزمه قصدها لحج أو عمرة) لا يختص ذلك بهما؛ فجميع بقاع الحرم ولو دار أبي جهل حكمه كذلك؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 656]: (وإتيان شيء من الحرم يوجب الحج أو العمرة) وتناولت عبارتهما ما لو زاد فقال: لا حاجاً ولا معتمراً، وهو الأصح في زيادة "الروضة" و"شرح المهذب"(2).

لكن قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأصح عندنا أنه لا ينعقد نذره؛ لأنه صرح بما ينافي نذره، فأبطل نذره، ولو نذر إتيان عرفات وأراد به التزام الحج أو إتيانها محرمًا .. لزمه الحج، وإلا .. لم ينعقد، وقيل: إن نذر إتيانها يوم عرفة .. لزمه الحج، وخرج شيخنا في "تصحيح المنهاج" على ذلك ما لو نذر إتيان الجحفة أو ذي الحليفة وأراد التزام الحج أو العمرة أو إتيانه محرماً .. انعقد نذره، قال: وقياسه: إذا قال المكي: لله عليّ الخروج إلى التنعيم أو نحوه، ونوى الإحرام بعمرة من ذلك الموضع .. لزمه.

5849 -

قول "المنهاج"[ص 555]: (نذر المشي إلى بيت الله تعالى أو إتيانه .. فالمذهب: وجوب إتيانه بحج أو عمرة) مخالف للأصح في "الروضة": أنه لا ينعقد نذره، إلا أن يصف بيت الله تعالى بأنه الحرام أو ينويه (3)، وعليه مشى "التنبيه" فقال [ص 85]:(وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى ولم يقل: الحرام .. لم يلزمه المشي على ظاهر المذهب)، و"الحاوي" فقال عطفاً على المنفي [ص 655]:(وإتيان بيت الله)، ونص عليه في "الأم" فقال:(وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولا نية له .. فالاختيار أن يمشي إلى بيت الله الحرام، ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه؛ لأن المساجد بيوت الله تعالى)(4).

(1) في حاشية (ج): (فائدة: الذي في الرافعي في الاعتكاف: أنه لا يجب، وقد ذكره ابن الملقن في تصحيحه، فتنبه لذلك). انظر "فتح العزيز"(3/ 267، 268).

(2)

الروضة (3/ 325، 326)، المجموع (8/ 387، 388).

(3)

الروضة (3/ 322).

(4)

الأم (2/ 256).

ص: 523

فيحمل إطلاق "المختصر" عليه، كما حكاه الشيخ أبو حامد عن الأكثرين، وينبغي أن يصنع ذلك في عبارة "المنهاج"، فتحمل على ما إذا صرح بأنه الحرام أو نواه؛ ويدل لذلك تعبيره فيها بالمذهب؛ فإن هذه الصورة هي ذات الطريقين: المذهب: الوجوب، وقيل: قولان، أما إذا لم يصرح بذلك ولا نواه .. فعبارة "الروضة": فيها وجهان أو قولان (1)، وعلى ذلك حملها شيخنا ابن النقيب، فقال: المراد والله أعلم: إذا قال: بيت الله الحرام أو نواه (2).

وعليه مشى في "التوشيح"، فقال: لم يتكلما في "المحرر" و"المنهاج" إلا في صورة التقييد بالحرام، وإلا .. يلزم إهمالهما من هذين الكتابين أشهر الصورتين، وهو بعيد؛ فكيف يحمل الأمر عليه ثم يدعي عليهما التناقض وعلى النووي الغفلة في تقرير "التنبيه" على ذلك؟ ! ومما يدل على ذلك تعبيره في "المنهاج" بالمذهب؛ فاقتضى أن الخلاف طريقان، وإنما هو طريقان في صورة وصفه بالحرام. انتهى.

وفي "أصل الروضة" عن "التتمة": أنه لو قال: أمشي ونوى بقلبه حاجاً أو معتمراً .. انعقد النذر على ما نوى، وإن نوى إلى بيت الله الحرام .. جعل ما نواه كانه تلفظ به (3).

واعلم: أن شيخنا في "تصحيح المنهاج" قال: إن محل ما ذكروه: ما إذا كان الناذر خارج الحرم، فإن كان داخله .. لم يلزمه إتيانه بحج ولا عمرة، ويكون كنذر إتيان مسجد المدينة أو الأقصى حتى يكون الأظهر: أنه لا يلزمه إتيانه مطلقاً، فلو كان في نفس المسجد الحرام ونذر إتيانه .. لغى نذره، إلا أن يريد: بعد ما يخرج منه، قال: ويحتمل عند الإطلاق الصحة وحمله على إتيانه بعد الخروج منه، قال: ولم أر من تعرض لذلك، وهو من النفائس.

5850 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (وإن نذر المشي إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى المسجد الأقصى .. لزمه ذلك في أحد القولين دون الآخر) الأظهر: أنه لا يلزمه، صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في "تصحيح التنبيه"(4)، ونقل في "الروضة" وأصلها تصحيحه عن العراقيين وغيرهم (5)، وعليه يدل قول "الحاوي" عطفاً على المنفي:(وإتيان بيت الله) فدل على اختصاص اللزوم ببيت الله الحرام دون سائر بيوته.

5851 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ومن نذر الحج راكباً فحج ماشياً .. لزمه دم) هو في "الروضة" وأصلها و"الكفاية" مبني على أن الركوب أفضل، فإن جعلنا المشي أفضل أو سوينا

(1) الروضة (3/ 322).

(2)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 177).

(3)

الروضة (3/ 326).

(4)

تصحيح التنبيه (1/ 276).

(5)

فتح العزيز (12/ 388، 389)، الروضة (3/ 323).

ص: 524

بينهما .. فلا دم (1)، وفي "شرح المهذب": أن الشيخ أطلق وجوب الدم، وفي "البيان": أنه المذهب المشهور، وأن الخراسانيين قطعوا بأنه إنما يجب إذا قلنا: الركوب أفضل، ثم قال النووي: وكيف كان .. فالمذهب: وجوب الدم (2).

5852 -

قوله: (ومن نذر الحج ماشياً .. لزمه الحج ماشياً)(3) بناه الرافعي على الأظهر عنده: أن المشي أفضل (4)، لكن قال النووي: الصواب أن الركوب أفضل وإن كان الأظهر لزوم المشي بالنذر؛ لأنه مقصود. انتهى (5).

وقد يقال: كيف يكون مقصوداً مع كونه مفضولاً، وبتقدير كونه مقصوداً .. فالقصد في الركوب أكثر، فإذا عدل إلى الأعلى .. فقد أحسن.

5853 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (من دويرة أهله، وقيل: من الميقات) أي: الإحرام والمشي، والأصح: أنه إنما يلزمه الإحرام من الميقات، وأن المشي يجب في حين الإحرام سواء أحرم من الميقات أو قبله؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 555]:(فإن كان قال: "أحج ماشياً" .. فمن حيث يحرم)، قال في "الروضة": سواء أحرم من الميقات أو قبله (6).

قال في "المهمات" وكذا بعده؛ بأن جاوزه غير مريد للنسك ثم عَنَّ له الإحرام .. فالقياس: أنه يمشي من ذلك الموضع ولا شيء عليه، قال ولو جاوزه مريداً له وهو راكب .. فيحتمل وجوب دمين.

5854 -

قول "المنهاج"[ص 555]: (وإن قال: "أمشي إلى بيت الله تعالى" .. فمن دويرة أهله في الأصح) هو كقول "الحاوي"[ص 655]: (والمشي من بيته في الحج) وليس في كلامهما إلا إيجاب المشي دون الإحرام، فله أن يؤخر الإحرام إلى الميقات، وهو الأصح، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن للأصحاب في هذه المسألة طريقين:

إحداهما: أنه يلزمه المشي من دويرة أهله قطعاً، وفي الإحرام منها أو من الميقات وجهان.

والثانية: أن الخلاف فيهما، والمذهب: لزومهما من الميقات، وقال: إن الأولى أظهر، وإن كلام "المنهاج" مخالف لهما؛ لحكايته الخلاف في المشي، وترجيحه لزومه من دويرة أهله، ومحل الخلاف: فيمن دويرة أهله فوق الميقات، فإن كانت دونه .. أحرم منها قطعاً،

(1) فتح العزيز (12/ 381)، الروضة (3/ 321).

(2)

المجموع (8/ 387)، وانظر "البيان"(4/ 496).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 85).

(4)

انظر "فتح العزيز"(12/ 381).

(5)

انظر "الروضة"(3/ 319).

(6)

الروضة (3/ 320).

ص: 525

والمراد بدويرة أهله: مكانه حين النذر، فلو قال مغربي هذا الكلام بالإسكندرية .. كانت الإسكندرية دويرة أهله وبيته.

5855 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ولا يجوز أن يترك المشي إلى أن يرمي في الحج) المذهب في "أصل الروضة" وبه قطع الجمهور وهو المنصوص: أنه يلزمه المشي حتى يتحلل التحللين، وإن بقي عليه الرمي أيام منى (1)، وقال في "شرح المهذب": ما ذكره في "التنبيه" مخالف لما في "المهذب" وكلام الأصحاب، وأقرب ما يتناول عليه كلامه أنه أراد بالرمي رمي جمرة العقبة يوم النحر، وفرع على أن الحلق ليس بنسك، وعلى الوجه الشاذ: أنه يكفيه المشي حتى يتحلل التحلل الأول، قال: وأما رمي أيام التشريق .. فلا خلاف في الركوب قبله بعد التحللين (2).

وقال في "الكفاية" في تأويل كلام الشيخ: أي: جمرة العقبة إذا جعله آخر التحللين.

قال النشائي: وهذا محمل حسن (3)، وحكى الماوردي فيما لو نذر المشي إلى البيت الحرام ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه ينتهي الإيجاب بالمشي إلى البيت.

والثاني: بفراغ طواف القدوم.

والثالث: بالتحلل الثاني (4).

وصحح شيخنا في"تصحيح المنهاج": الأول، ولو قال: أمشي حاجاً .. ففي "أصل الروضة": أن الصحيح: أنه كقوله: أحج ماشياً، ومقتضى كل واحد منهما: اقتران الحج والمشي (5).

واستشكله في "المهمات"، وقال: مقتضاه في هذه الصورة: التزام مشى في حال الحج، فيصدق بمشي لحظة بعد الإحرام، بخلاف الحج ماشياً؛ فإن مدلوله إيقاع الحج في حال المشي، فيلزم منه الاستغراق.

قال في "أصل الروضة": والقياس: أنه إذا كان يتردد في خلال أعمال النسك لغرض تجارة وغيرها .. فله أن يركب، ولم يذكروه (6).

5856 -

قوله: (وبفرغ من العمرة)(7) لم يتقدم للعمرة ذكر، فلو قال أولاً: (ومن نذر نسكاً

(1) الروضة (3/ 320).

(2)

المجموع (8/ 384).

(3)

انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 79).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(15/ 473).

(5)

الروضة (3/ 320).

(6)

الروضة (3/ 320).

(7)

انظر "التنبيه"(ص 85).

ص: 526

ماشياً) .. لعم الحج والعمرة، واستقام قوله بعد:(ويفرغ من العمرة).

5857 -

قولهما - والعبارة لـ" المنهاج": - (وإذا أوجبنا المشي فركب لعذر .. أجزأه وعليه دم في الأظهر)(1) قيده شيخنا في "تصحيح المنهاج" بأن يركب بعد الإحرام من الميقات أو غيره، أو بعد أن جاوز الميقات غير محرم مسيئاً، فإن ركب قبل الإحرام .. لم يلزمه دم؛ لأنه لم يتلبس بنسك يقتضي ارتكاب خلل فيه يوجب الدم (2)، ثم مال شيخنا إلى عدم وجوب الدم مطلقاً، وحكى عن البيهقي أنه قال: والذي اختاره الشافعي في (كتاب النذور) من وجوب المشي فيما قدر عليه وسقوطه فيما عجز عنه أشبه الأقاويل بحديث أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي الخير عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أولى به (3)، قال شيخنا: وهذا تصريح من البيهقي باختيار الشافعي القول بسقوط المشي عند العجز، وعدم إيجاب الدم، وشاهده (4) الأحاديث الصحيحة، ولم يجئ حديث في التعرض للهدي إلا من طريق ابن عباس وعقبة وأبي هريرة وعمران ابن حصين، وكلها معلولة، ثم بسط ذلك، قال شيخنا: وإذا كان الشافعي اختار هذا القول والربيع والبيهقي، والحجة له صحيحة .. فهو الأصح، وعبارة "المنهاج" تفهم أنه لا خلاف في هذه الصورة في الإجزاء، وبه صرح في "شرح المهذب"(5)، لكن فيه قول: أنه لا يجزئه بل عليه إذا صح أن يعيد النسك، فيمشي في موضع ركوبه الأول، ويركب في موضع مشيه، ذكره في اختلاف على وابن مسعود رضي الله عنهما.

5858 -

قوله: (أو بلا عذر .. أجزأه على المشهور)(6) ليس الخلاف في"المحرر"(7).

5859 -

قوله فيما إذا نذر الحج عامه: (فإن منعه مرض .. وجب القضاء)(8) فيه أمران:

أحدهما: محله فيما إذا كان ذلك بعد الإحرام، فإن كان قبله؛ بأن مرض وقت خروج القافلة .. فلا قضاء، كما لا تستقر حجة الإسلام في هذه الحالة، حكاه في "الروضة" وأصلها عن "التتمة"(9).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه مخالف لنص "الأم" صريحاً و"المختصر" ظاهراً،

(1) انظر "التنبيه"(ص 85)، و"المنهاج"(ص 555).

(2)

انظر "حاشية الرملي"(1/ 585).

(3)

انظر "سنن البيهقي الكبرى"(10/ 81)، (19918).

(4)

في النسخ: (ويشاهده)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.

(5)

المجموع (8/ 386، 387).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 555).

(7)

المحرر (ص 482).

(8)

انظر "المنهاج"(ص 555).

(9)

فتح العزيز (12/ 385)، الروضة (3/ 321).

ص: 527

وجرى الأصحاب على إيجاب القضاء على المريض، ولم يفصل أحد منهم بين أن يكون المرض عند خروج الناس أو بعد الإحرام، قال: فظهر بذلك أن الذي قاله في "التتمة" انفرد به، فلا يلتفت إليه، قال: وهذا التوجيه وهو قوله: (كما لا تستقر حجة الإسلام) ليس في كلام "التتمة"، وهو غير صحيح؛ فإن حجة الإسلام مستقرة والحالة هذه على المريض ومن اختص بالخوف من الآحاد، نص عليه في "الأم".

ثانيهما: ومحله أيضاً في المرض الذي لم تحصل به غلبة على العقل، فإن غلب على عقله عند خروج القافلة ولم يرجع إليه عقله في وقت لو خرج فيه أدرك الحج

لم يلزمه قضاء الحجة المنذورة، كما لا تستقر حجة الإسلام والحالة هذه في ذمته كما نص عليه في "الأم" بالنسبة لحجة الإسلام فيما حكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، قال: ونقول بمثله في المنذورة ثم ذكر فيه احتمالاً.

5860 -

قوله: (أو عدوٌّ .. فلا في الأظهر)(1) يتناول ما إذا اختص ذلك به، وصرح به في "الروضة" وأصلها (2)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه مخالف لصريح نصوص الشافعي ولما عليه أكثر الأصحاب، ثم بسط ذلك، وكذا صحح في "المطلب" في الحصر الخاص وجوب القضاء، وقال شيخنا: إنه المعتمد عندي في الفتوى.

5861 -

قوله: (أو صلاةً أو صوماً في وقتٍ فمنعه مرضٌ أو عدوٌّ .. وجب القضاء)(3) فيه أمور:

أحدها: تعين الوقت للصلاة بتعيينه هو المرجح في "الشرحين" و"الروضة" و"شرح المهذب" هنا (4)، لكنهم جزموا في (باب الاعتكاف) بأنه لا يتعين، وعليه مشى "الحاوي" هناك فقال [ص 231]:(وللزمان فيه - أي: الاعتكاف - بتعيينه وفي الصوم، لا الصلاة والصدقة).

قال في "المهمات": والتعين هو الصواب المفتى به؛ فقد نص عليه الشافعي في "البويطي"، وكذا قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه المعتمد في الفتوى، وحكاه عن نص البويطي.

ثانيها: يستثنى من الصلاة ما إذا نذر فعلها في أوقات النهي في غير حرم مكة إذا فرعنا على الأصح: أنها لا تنعقد، ولو نذر صلاة مطلقة .. فله فعلها في هذه الأوقات قطعاً؛ لأن لها سبباً، ذكر ذلك في "أصل الروضة"(5).

(1) انظر "المنهاج"(ص 555).

(2)

فتح العزيز (12/ 385)، الروضة (3/ 321).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 555).

(4)

فتح العزيز (12/ 385)، الروضة (3/ 321)، المجموع (8/ 372).

(5)

الروضة (1/ 194).

ص: 528

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ولو نذر صلاة بعضها قبل الاستواء في غير يوم الجمعة وبعضها عند الاستواء .. صح؛ لأن المنهي عنه ابتداءً ما لا سبب له في وقت النهي، فلو ابتدأ قبل النهي واستدام .. لم تبطل صلاته.

ثالثها: استثنى منه شيخنا في "تصحيح المنهاج": المتحيرة، فلا يصح نذرها صلاة ولا صوماً في وقت معين؛ لاحتمال كونها فيه حائضاً، ولا يرد على ذلك أن الأصح: إباحة تنفلها بالصلاة والصوم؛ لأن ذاك لئلا ينسد عليه باب الثواب بالتطوعات، بخلاف النذر، فإنه إلزام مع الشك، قال: وهذا فقه ظاهر.

رابعها: تناول كلامه ما لو غلب المرض على عقله؛ لإغماء أو جنون، فإن كان ذلك في الصلاة واستغرق الوقت .. لم يجب القضاء في الأصح لفرض الصلاة، وإن جعلنا فرض النذر أغلظ .. وجب، وإن خلا أول الوقت عن ذلك بقدر الصلاة والطهارة إن لم يمكن تقديمها، أو أخره بقدر تكبيرة وخلا عن الموانع زمناً يسعه .. وجب أيضاً كالصلاة المكتوبة، وإن كان في الصوم .. وجب قضاء الإغماء دون الجنون، ذكر ذلك شيخنا في "تصحيح المنهاج"، قال: وأما الحيض والنفاس: فإن كان في الصلاة واستغرق الوقت .. وجب القضاء، بخلاف المكتوبة؛ لتكررها، والمنذورة لا تتكرر، قال: ولم أر من تعرض لذلك، وعليه يقال: لنا امرأة فاتتها صلاة في الحيض ووجب عليها قضاؤها، وفي "المعاياة" للجرجاني: ليس لنا ذلك إلا في ركعتي الطواف فيما إذا حاضت عقب الطواف، قال شيخنا: وهذا ليس بقضاء؛ فإن هذه الصلاة لا تفوت ما دام الإنسان حياً، وأما الصوم: فإذا فات بالحيض أو النفاس .. وجب قضاؤه.

5862 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ومن نذر أن يهدي شيئاً معيناً إلى الحرم .. وجب نقله إليه إن كان مما ينقل، وإن لم يمكن نقله .. باعه ونقل ثمنه) أحسن من قول "المنهاج"[ص 555]: (أو هدياً .. لزمه حمله إلى مكة والتصدق به على من بها) لأمور:

أحدها: تصريحه بأنه معين.

ثانيها: تصريحه بأن محل لزوم حمله إذا كان مما ينقل؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 657]: (ومالٍ به، وعسر النقل بثمنه) وتعبير "الحاوي" بعسر النقل أحسن من تعبير "التنبيه" بعدم إمكانه.

ثالثها: أن ذلك لا يتقيد بمكة كما عبر به "المنهاج"، بل يعم سائر الحرم كما في "التنبيه"، وهو مفهوم من ذكر "الحاوي" ذلك بعد ذكر الحرم.

رابعها: أن تعبير "التنبيه" بالشيء و"الحاوي" بالمال أحسن من تعبير "المنهاج" بالهدي؛ لأنه قد يتوهم منه اختصاص ذلك بالإبل والبقر والغنم، وليس كذلك.

ص: 529

خامسها: أن تعبير "المنهاج" بقوله: (والتصدق به) يقتضي الاكتفاء بكون ذلك الشيء مما يتصدق به وإن لم تصح هبته ولا هديته، فيدخل فيه ما لو نذر إهداء دهن نجس؛ بناءً على ما قاله النووي من أنه ينبغي أن يقطع بصحة الصدقة به بعد حكايته عن القاضي أبي الطيب المنع من ذلك (1)، ويدخل فيه أيضاً جلد الميتة قبل الدباغ، بل هو أولى من الدهن النجس؛ فإنه اضطرب كلام النووي في جواز هبته، لكن قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح: أنه يشترط فيه أن يكون مما يهدى للآدمي، ويوافق ذلك تعبير"الحاوي" عنه بالمال، وتعبيره هو و"التنبيه" بثمنه، والنجس لا ثمن له.

سادسها: أنه يرد على تعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتصدق به ما لو نوى صرفه إلى تطييب الكعبة أو جعل الثوب ستراً لها أو نحو ذلك .. فإنه يلزمه صرفه فيما نوى كما نص عليه في "الأم"، ولا يرد ذلك على "التنبيه" فإنه لم يذكر التصدق به، بل وجوب نقله إن أمكن.

سابعها: أن "المنهاج" أطلق في قوله: (من بها) والمراد به: الفقراء أو المساكين من المسلمين، ولم يأت "التنبيه" و"الحاوي" بعبارة تشمل الأغنياء.

ثامنها: قد يفهم من تعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتصدق به أنه يتصدق به على حاله، فيتناول النعم السليمة مع أنه لا يجوز التصدق بها حية؛ لأن في ذبحها قربة، ويجب الذبح في الحرم على الأصح، ولا يرد ذلك على "التنبيه" لاقتصاره على النقل.

واعلم: أن الماوردي قال فيما لو قال: لله عليّ أن أهدي هذا المتاع .. أنه محتمل لعرف اللفظ، وهو جعله هدية، وعرف الشرع وهو كونه هدياً، فإن أراد الأول .. لم ينعقد نذره، إلا أن يقترن بقربة تختص بثواب، أو الثاني .. عمل به، وإن أطلق .. فوجهان، رجح شيخنا في "تصحيح المنهاج": أنه لا ينعقد؛ لأن الأصل بقاء ملكه، فلا يزال إلا بمحقق، وعلى هذا: فتعبير "المنهاج" بالهدي أحسن من تعبير "التنبيه" و"الحاوي" لأنه لا إشكال في الصراحة مع التصريح بلفظ الهدي، والله أعلم.

5863 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ومن نذر النحر بمكة .. لزمه النحر بها وتفرقة اللحم علىّ أهل الحرم) لا يتقيد النحر بها، فله النحر في سائر الحرم؛ كما أن له التفرقة على غير أهل مكة من أهل الحرم، والمراد: الفقراء أو المساكين كما تقدم.

5864 -

قوله: (وإن نذر النحر وحده - أي: في بلد آخر - .. فقد قيل: يلزمه النحر والتفرقة، وقيل: لا يلزمه)(2) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 656]: (وكل بلد

(1) انظر "الروضة"(3/ 349).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 85).

ص: 530

للتضحية) فدل على أنه لو اقتصر على نذر الذبح بها .. لم ينعقد نذره.

5865 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (وإن نذر الهدي وأطلق .. لزمه الجذع من الضأن أو الثني من المعز والإبل والبقر) ظاهره عدم إجزاء سبع بدنة أو سبع بقرة، وكلام الرافعي والنووي يقتضي الإجزاء؛ فإنهما حملاه على المجزئ في الأضحية (1)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 657]:(والهدي كضحية).

5866 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (وإن نذر أن يهدي .. لزمه ما ذكرناه في أحد القولين، وما يقع عليه الاسم في القول الآخر) الأظهر: الأول، وهو داخل في قول "الحاوي" [ص 657]:(والهدي كضحية).

5867 -

قول "التنبيه"[ص 85]: (ويستحب لمن أهدى شيئاً من البدن أن يشعرها بحديدة في صفحة سنامها الأيمن) قال النووي: الصواب: اليمنى (2)، قال في "الكفاية": الشيخ اتبع في ذلك الخبر، وتقديره: في صفحة سنامها من الجانب الأيمن.

5868 -

قوله: (ويقلد البقر والغنم ولا يشعرها)(3) قال النووي في "تصحيحه": الصواب: أنه يسن في البقر المهداة الإشعار كالإبل (4)، وفي "الكفاية": أن في بعض النسخ: (ويستحب لمن أهدى شيئاً من البدن أو البقر أن يشعرها)، وعليها جرى ابن يونس وابن الخل، لكن قد يعكر عليه قوله:(في صفحة سنامها) فإن البقر لا سنام لها. انتهى.

وأجاب بعضهم: بأنها ألحقت بما لا سنام لها من الإبل، وأطلق على الكل سنام، فيشعر موضع السنام.

واعترض على "التنبيه" أيضًا: بأن ظاهره تقليد الغنم بالنعال كالإبل والبقر؛ ويؤيده قوله بعد: (فإن عطب منها شيء قبل المحل .. نحره وغمس نعله)(5) والمنقول: منع تقليدها بالنعال؛ لضعفها عنها.

وجوابه: أنه لم يتقدم منه ذكر تقليد الإبل بالنعال، ولو سبق .. فالنحر لا يأتي في الغنم، إنما فيها الذبح.

5869 -

قوله: (فإن عطب منها شيء قبل المحل .. نحره - أي: وجوباً في المنذور واستحباباً

(1) انظر "فتح العزيز"(12/ 400)، و"الروضة"(3/ 329، 330).

(2)

انظر "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 173).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 85).

(4)

تصحيح التنبيه (1/ 277).

(5)

التنبيه (ص 85).

ص: 531

في غيره - وخلى بينه وبين [المساكين]) (1)(2) أي: غير رفقته، فالأصح: أنه لا يجوز لفقراء الرفقة الأكل من المنذور، ثم ظاهر كلامه: أن التخلية كافية في إباحته للمساكين، لكن في زيادة " الروضة " عن " الشامل " وغيره: لا يصير مباحًا للفقراء إلا بلفظ، وهو: أن يقول: أبحته للفقراء والمساكين، قال: ويجوز لمن سمعه الأكل، وفي غيره قولان، قال في " الإملاء ": لا يحل حتى يعلم الإذن، وقال في القديم و" الأم ": يحل، وهو أظهر (3).

5870 -

قول " المنهاج "[ص 555]: (أو التصدق على أهل بلد معين .. لزمه) قد يفهم منه أن غير الحرم لا ينذر فبه إلا التصدق، وليس كذلك، بل لو نذر الأضحية به .. تعين، وقد ذكره " الحاوي " فقال [ص 656]:(وكل بلد للتضحية) ولو نذر النحر ببلد أخرى؛ فإن لم يقل: أتصدق به على فقرائها ولا نواه .. فالأصح: أنه لا ينعقد، وإن صرح به أو نواه .. فوجهان:

أحدهما: لا يجب الذبح بها، بل لو ذبح خارجها ونقل اللحم إليها طريًا .. جاز، وبه قطع صاحب " التهذيب " وجماعة (4).

والثاني: يتعين إراقة الدم بها كمكة، وبه قطع العراقيون، وحكوه عن نص " الأم ".

5871 -

قول " الحاوي "[ص 656]: (وإتيان شيء من الحرم يوجب الحج أو العمرة، وتعيينه للذبح كالصلاة) يقتضي أن غير المسجد من الحرم الذي يحرم صيده كالمسجد في تعينه بنذر الصلاة فيه، وقال بعضهم: إنه غريب لا نعلم له فيه سلفا، وفيما قاله نظر، وتعبير " المنهاج " [ص 556] بـ (المسجد الحرام) الظاهر أنه أراد به: جميع الحرم؛ فإن الأصح عند النووي: أن تضعيف الصلاة يعم جميع الحرم، ولا يختص بالمسجد ولا بمكة.

5872 -

قول " المنهاج " من زيادته [ص 556]: (الأظهر: تعينهما) أي: مسجد المدينة والأقصى، يرد عليه: أن المسجد الحرام يقوم مقام كل منهما، وفي قيام كل منهما مكان الآخر ثلاثة أوجه، ثالثها: أنه يقوم مسجد المدينة مكان الأقصى دون عكسه، وهذا هو الأصح، وعليه مشى " الحاوي " في (الاعتكاف) فقال [ص 231]:(وبتعيين مسجد المدينة لأحدهما، وبتعيين المسجد الأقصى لأحدهما؛ كالصلاة).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ما ادعى أنه الأظهر ممنوع نقلًا ودليلًا، أما النقل: فقضية كلام الأكثرين ترجيح منع التعيين؛ فإنهم قالوا في التعيين القولان المذكوران في لزوم نذر

(1) في (ب): (السائلين).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 85).

(3)

الروضة (3/ 191).

(4)

التهذيب (8/ 152).

ص: 532

الإتيان إليهما، والأصح فيه عدم اللزوم كما تقدم، ومقتضاه: أن يكون الأرجح في نذر الصلاة فيهما: عدم التعيين عند الأكثرين، وقد قال الشيخ أبو حامد: إن الحكم في نذر المشي إليهما ونذر الصلاة فيهما واحد، وقول الرافعي: لا يبعد أن يرجح التعيين كما في الاعتكاف (1)، متعقب؛ فإن الاعتكاف من خصوصيات المسجد؛ ولا كذلك غيره، قال: وأما الدليل: فلأن الإلزام بالصلاة في المسجدين للفضيلة يرده نذر الصوم بمكة؛ فإنه لا يلزمه بها مع أن حسنات الحرم بمئة ألف حسنة، قال: وقوله: (كالمسجد الحرام) تشبيه غير مستقيم؛ كانه لا يقوم غيره مقامه وهو يقوم مقامهما، ومسجد المدينة يقوم مقام الأقصى دون العكس كما تقدم.

5873 -

قول " المنهاج "[ص 556]: (أو صومًا مطلقًا .. فيوم) كذا لو قيده بدهرٍ أو حينٍ كما جزم به في " أصل الروضة "(2).

5874 -

قوله: (أو صدقة .. فبما كان)(3) قد يتناول غير المتمول مع أنه لا يكفي؛ ولذلك قال " الحاوي "[ص 655]: (والصدقة متمول).

5875 -

قول " المنهاج "[ص 556]: (فعلى الأول - أي: أنه إذا نذر صلاة .. لزمه ركعتان -: يجب القيام فيهما مع القدرة) محله: ما إذا أطلق، أما لو قال: أصلي قاعدًا .. فله القعود قطعًا؛ كما لو صرح بركعة .. فتجزئه قطعًا.

5876 -

قوله: (أو عتقًا .. فعلى الأول: رقبة كفارة - أي: وهي المؤمنة السليمة -، وعلى الثاني: رقبة)(4) أي: ولو كافرة معيبة، مقتضاه: ترجيح الأول، وقال الرافعي: قال الداركي: إنه الصحيح، وهو قضية ما رجح من لزوم ركعتين (5)، واستدرك عليه " المنهاج " فقال [ص 556]:(الثاني هنا أظهر)، وفي زيادة " الروضة ": إنه الأصح عند الأكثرين، وهو الراجح في الدليل (6)، وعليه مشى " التنبيه " فقال [ص 86]:(ومن نذر عتق رقبة .. أجزأه ما يقع عليه الاسم، وقيل: لا يجزئه إلا ما يجزئ في الكفارة).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأظهر ما يقتضيه كلام " المحرر "(7)، وهو الذي اختاره المزني، وبه قال أبو إسحاق، وصححه القاضي أبو الطيب والداركي، وهو الأصح في الدليل،

(1) انظر " فتح العزيز "(12/ 393).

(2)

الروضة (3/ 305).

(3)

انظر " المنهاج "(ص 556).

(4)

انظر " المنهاج "(ص 556).

(5)

انظر " فتح العزيز "(12/ 367).

(6)

الروضة (3/ 307).

(7)

المحرر (ص 483).

ص: 533

وهو الذي ينطبق عليه إيراد الشيخ أبي حامد والماوردي وصاحبي " المهذب " و" الشامل " والبغوي وغيرهم من أن أصل الخلاف المذكور أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع أم جائزه؟ والأصح عند الجمهور: أنه يسلك به مسلك واجب الشرع. انتهى (1).

وفي " شرح المهذب ": أن الصحيح عند الجمهور: أن النذر ينزل في صفاته على صفات واجب الشرع إلا في الإعتاق (2).

واعلم: أنه يستثنى من الرقاب على الثاني: المشتراة بشرط الإعتاق، وأن يشتري أصله أو فرعه بنية العتق عن النذر ومنقطع الخبر، وإن لم يمض مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش أكثر منها، ذكر ذلك شيخنا في " تصحيح المنهاج "، وقال: لم أر من تعرض لذلك في النذر على القول الثاني، قال: ولو أعتق حملًا .. لم يجز على الأول، ويجزئ على الثاني إن انفصل لأقل من ستة أشهر، ولم أر من تعرض له.

5877 -

قول " المنهاج "[ص 556]: (فإن عين ناقصة .. تعينت) يستثنى منه: ما إذا عين الناقصة بوصف الكفر؛ بأن قال: لله عليّ أن أعتق هذا العبد الكافر .. فلا يلزمه إعتاقه كما أفتى به القاضي حسين، بخلاف قوله: لله عليّ عتق هذا العبد، فكان كافرًا .. يلزمه النذر.

5878 -

قوله: (أو صلاة قائمًا .. لم يجز قاعدًا)(3) محله: ما إذا لم يحصل له مشقة بالقيام لمرض أو كبر، فإن كان كذلك .. لم يلزمه في الأصح، وهو نظير ما نقله إبراهيم المروذي عن عامة الأصحاب في ناذر صوم رمضان في السفر، وصحح الروياني في " البحر " في الشيخ الكبير ينذر القيام: أنه يلزمه.

5879 -

قوله - والعبارة له - و" الحاوي ": (أو طول قراءة الصلاة)(4) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": محله ما إذا لم يكن إمامًا في مكان لا تنحصر جماعته، فإن كان كذلك .. لم يلزمه تطويل الفرائض بذلك؛ لكراهته، وتناول كلامهما: نذر ذلك في الصلاة المكتوبة بالنذر، وإفراد الصفة بالالتزام والأصل واجب، فأما لو نذر ذلك في النفل .. لم يلزمه؛ لأنه ليس بواجب، فلا يكون تطويله لازمًا بالنذر، وفي " أصل الروضة ": في نذر القيام في النوافل وجهين (5)، ومقتضى كلامه: أن الأصح: أنه لا يلزم.

5880 -

قول " المنهاج "[ص 556]: (أو سورة معينة) أي: في الصلاة.

(1) انظر " الحاوي الكبير "(15/ 503، 504)، و " المهذب "(1/ 243)، و" التهذيب "(8/ 164).

(2)

المجموع (8/ 355).

(3)

انظر " المنهاج "(ص 556).

(4)

انظر " الحاوي "(ص 655)، و" المنهاج "(ص 556).

(5)

الروضة (3/ 302).

ص: 534

5881 -

قوله: (أو الجماعة)(1) أي: في الفرائض، ولو نذرها في النوافل التي لا تشرع فيها الجماعة .. لم يلزم، أو فيما شرع فيه الجماعة .. لم يلزم أيضًا في الأصح.

5882 -

قوله: (والصحيح: انعقاد النذر بكل قربة لا تجب ابتداء؛ كعيادة وتشييع جنازة)(2)، وقول " الحاوي " [ص 655]:(بمقصود؛ كعيادة المرضى)، عبارة " الروضة ": القربات التي لم تشرع لكونها عبادة، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشرع فيها؛ لعظم فائدتها، وقد يبتغى بها وجه الله تعالى، فينال الثواب فيها؛ كعيادة المرضى، وزيارة القادمين، وإفشاء السلام بين المسلمين، وتشميت العاطس، والصحيح: لزومها بالنذر (3).

5883 -

قول " المنهاج "[ص 556]: (والسلام) زاد في " المحرر ": (على الغير)(4)، وقال في " الدقائق ": الأجود حذف (الغير) لعدم فائدته، وقد يوهم الاحتراز عن سلامه على نفسه عند دخوله بيتًا خاليًا، ولا يصح الاحتراز؛ فإنهما سواء (5).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": قوله: (والسلام) يريد به: ابتداء السلام، ومقتضاه: أن نذر رده ينعقد قطعًا أو لا ينعقد قطعًا، وليس كذلك؛ فإنه من فروض الكفايات التي ليس فيها بذل مال ولا كبير مشقة، والأصح: لزومها بالنذر.

قلت: فليحمل قوله: (السلام) على ابتدائه، وجوابه حيث لم يتعين، والله أعلم.

5884 -

قول " الحاوي "[ص 655]: (وستر الكعبة وتطييبها لا مسجدٍ) أي: غيرها، ولو مسجد المدينة والأقصى؛ فإنه لا يلزم تطييبه بالنذر كما مال إليه الإمام، وأقره الرافعي (6)، لكن قال النووي في " شرح المهذب ": المختار اللزوم؛ لأن تطييبها سنة مقصودة، فلزمت بالنذر كسائر القرب (7)، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: وحكم مشاهد العلماء والصلحاء؛ كضريح الشافعي وذي النون المصري .. حكم البيوت، لا المساجد.

5885 -

قوله: (والصوم)(8) أي: وكمداومة الصوم .. فإنه يصح التزامه بالنذر.

يتناول ما إذا نذر الصوم في رمضان في السفر، وهو اختيار القاضي حسين والبغوي (9)، وجزم

(1) انظر " المنهاج "(ص 556).

(2)

انظر " المنهاج "(ص 556).

(3)

الروضة (3/ 302).

(4)

المحرر (ص 483).

(5)

الدقائق (ص 76).

(6)

انظر " نهاية المطلب "(18/ 445)، و" فتح العزيز "(12/ 402).

(7)

المجموع (8/ 364).

(8)

انظر " الحاوي "(ص 655).

(9)

انظر " التهذيب "(8/ 165).

ص: 535

الغزالي في " الوجيز " بعدم الانعقاد (1)، وحكاه المروذي عن الأصحاب.

قال في " شرح المهذب ": كذا أطلقوه، والظاهر أنهم أرادوا من لا يتضرر بالصوم في السفر دون من يتضرر؛ لأنه ليس بقربة إذًا (2).

5886 -

قوله: (وركوع)(3) أي: كركوع وحده .. فإنه لا يلزم بالنذر، وقول الرافعي: يلزمه ركعة باتفاق المفرعين (4)، مراده: من فرع على الضعيف فيما إذا نذر بعض ركعة .. أنه لا يلزمه ركعة، فلا يرد ذلك على " الحاوي ".

(1) الوجيز (2/ 232).

(2)

المجموع (8/ 345).

(3)

انظر " الحاوي "(ص 655).

(4)

انظر " فتح العزيز "(12/ 373).

ص: 536