الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأشربة
5166 -
قول "المنهاج"[ص 513]: (كل شراب أسكر كثيره .. حَرُمَ قليله) أي: وكثيره كما صرح به "التنبيه"(1)، وأهمله "المنهاج" لوضوحه، وتناولهما قول "الحاوي" [ص 596]:(مُسكر جِنسٍ).
5167 -
قول "التنبيه": (ومن شرب المسكر وهو بالغ عاقل مسلم مختار .. وجب عليه الحد) يعتبر أيضًا: كونه عالمًا بأنها خمر، وبتحريمها، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(2).
5168 -
قوله: (دون ضرورة عطش، وإساغة لقمة، وعذر تداوٍ)(3) ما ذكره من عدم الحد في شربه للتداوي حكاه في "أصل الروضة" عن القاضي حسين والغزالي، وإن حكمنا بالتحريم؛ لشبهة الخلاف (4)، وقال النووي في "تصحيح التنبيه": إنه المختار (5)، وقال الإمام: أطلق الأئمة المعتبرون أقوالهم في طرقهم أن التداوي حرام موجب للحد (6)، ثم ذكر في "أصل الروضة" في شربها للعطش: إذا لم نجوزه .. ففي الحد الخلاف كالتداوي (7).
واعلم: أن الحد لا يختص بالشرب، بل لو أكله بخبز أو ثرد فيه خبزًا وأكل الثريد أو طبخ اللحم بالخمر وأكل المرقة .. حد بذلك، بخلاف ما لو أكل اللحم المطبوخ بها .. فإنه لا يحد؛ لأن عين الخمر لم تبق فيه.
ويستثنى منه أيضًا: ما لو شربه في ماء والخمر مستهلك فيه .. فإنه لا يحد كما حكاه في "أصل الروضة" عن الإمام، وجزم به في (الرضاع)(8).
5169 -
قول "المنهاج" عطفًا على المنفي [ص 513]: (وكذا حقنة وسعوط في الأصح) قال شيخنا الإمام البلقيني: ما صححه في السعوط ممنوع؛ فإنه يحصل به ما يحصل بالشرب، وهو واصل إلى المحل الذي يتأثر بالشرب، وأما الاحتقان؛ فإن قيل: إنه يحصل منه سكر بوجه عام .. فإنه يحد به أيضًا، ويكون ما أطلقه الأصحاب من أنَّه لا يحد بالحقنة محمولًا
(1) التنبيه (ص 247).
(2)
الحاوي (ص 596)، المنهاج (ص 513).
(3)
انظر "الحاوي"(ص 596).
(4)
الروضة (10/ 170).
(5)
تصحيح التنبيه (2/ 248).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(17/ 263).
(7)
الروضة (10/ 170).
(8)
الروضة (10/ 169)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 330).
على ما إذا لم يحصل بذلك سكر بوجه ما.
5170 -
قوله: (ومن غص بلقمة .. أساغها بخمر إذا لم يجد غيرها)(1) أي: وجوبًا.
5171 -
قوله: (والأصح: تحريمها لدواءٍ وعطش)(2) يفهم أنَّه وجه، وهو منصوص كما في "الروضة" وأصلها (3)، والأصح: أن الجوع كالعطش، ومحل الخلاف في التداوي: في القليل الذي لا يسكر، وألَّا يجد ما يقوم مقامها مع إخبار طبيب مسلم أو معرفة المريض.
5172 -
قول "الحاوي"[ص 596]: (يضرب أربعين) محله: في الحر فأما العبد .. فعشرين، وقد صرح به "التنبيه" و"المنهاج"(4).
5173 -
قول "التنبيه"[ص 247]: (وبضرب في حد الشرب بالأيدي والنعال وأطراف الثياب، وقيل: يجوز بالسوط، والمنصوص الأول) الأصح: جواز السوط أيضًا، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"، بل حكى "المنهاج" وجهًا: أنَّه يتعين السوط (5)، وفي قول "التنبيه":(إن المنصوص الأول) نظر؛ فقد قال في "الكفاية" بعد قوله: (وكذا قاله القاضي أَبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ): وكأنهم أخذوه من قول "المختصر ": وإن ضرب بنعل أو طرف ثوب أو رداء وما أشبهه. انتهى (6).
ولم يحك الرافعي والنووي هذا إلَّا وجهًا (7)، وقال الشَّافعي كما في "المختصر":(يضرب المحدود بسوط بين سوطين لا جديد ولا خلق)(8)، ومقتضى ذلك: أنَّه لا فرق بين المحدود في الخمر وغيره.
5174 -
قول "المنهاج"[ص 513]: (ولو رأى الإمام بلوغه ثمانين .. جاز في الأصح) محله: في الحر، أما العبد .. فغاية بلوغه أربعون، وقد صرح به "التنبيه"(9)، وفي التعبير بالأصح نظر، فنصوص "الأم" و"المختصر" قاضية بذلك، بنقله ذلك عن الصحابة (10)، ومقتضى قول "التنبيه" [ص 247]:(إن بلغ بالحد) أن الزائد حد، والأصح: أنَّه تعزير؛ ولذلك قال
(1) انظر "المنهاج"(ص 513).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 513).
(3)
فتح العزيز (11/ 277)، الروضة (10/ 169).
(4)
التنبيه (ص 247)، المنهاج (ص 513).
(5)
الحاوي (ص 596)، المنهاج (ص 513).
(6)
مختصر المزني (ص 266).
(7)
فتح العزيز (11/ 283)، الروضة (10/ 171).
(8)
مختصر المزني (ص 267).
(9)
التنبيه (ص 247).
(10)
الأم (6/ 180)، مختصر المزني (ص 266).
"المنهاج"[ص 513]: (والزِّيادة تعزيرات) وهو أحسن من قول "المحرر": (تعزير)(1) لأن القائل بأنها حد أورد أن التعزير لا يجوز أن يبلغ أربعين.
فيجاب: بأنها تعزيرات على أنواع صدرت منه من هذيان وغيره.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: التعزيرات لا بد من تحقق سببها ولم يتحقق السبب فالمسألة معضلة، وقوله:(والزِّيادة) أي: المذكورة في قوله: (ولو رأى الإمام بلوغه ثمانين) فلا يقال: كلامه يقتضي أنَّه تجوز الزِّيادة على الثمانين، وليس كذلك، وقوله:(وقيل: حد)(2) قد يفهم أنَّه لا يضمن لو مات بها، قال شيخنا الإمام البلقيني: ولم يقل بذلك أحد من أئمة المذهب.
5175 -
قوله: (ويحد بإقراره أو شهادة رجلين)(3) في "تعليق الشيخ أبي حامد" طريق ثالث، وهي: أن نعلم شربه من إناء شرب منه غيره فسكر.
قال الرافعي: (وليكن هذا بناء على القضاء بالعلم)(4)، قال شيخنا الإمام البلقيني: والمحكي عن أبي حامد هو النص في "الأم" و"المختصر"(5).
5176 -
قوله: (ويكفي في إقرار وشهادة: "شرب خمرًا")(6) هذا في الشهادة، أما في الإقرار .. فيقول:(شربت خمرًا)، ومثله:(شربت ما شرب منه غيري فسكر منه)، ونازع شيخنا الإمام البلقيني في التفاء بالتنكير؛ لجواز إرادة المجاز، قال: والموجود في نص الشَّافعي وكلام الأصحاب: شرب الخمر (7)، قال: فإن قيل: التعريف لا يمنع المجاز .. قلنا: يبعد مع التعريف ولا يبعد مع التنكير، على أنا نقول في صورة التعريف: لا بد أن يأتي بما يرفع المجاز؛ فقد يتجوز بالخمر على ما يصير خمرًا، فإن كان هناك ما يخرج هذا المجاز .. حددناه، وإلَّا .. فلا، ونبه شيخنا على أمرين آخرين:
أحدهما: أنَّه ينبغي أن يزيد في الشهادة: من غير أن يسيغ بها ما غص به، وإن لم يشترط في الشهادة كونه عالمًا مختارًا، وقد قال في "الأم": إنما يعاقب الناس على اليقين (8)، ولا يقين إذا لم يذكر ذلك.
(1) المحرر (ص 441).
(2)
المنهاج (ص 513).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 513).
(4)
انظر "فتح العزيز"(11/ 280).
(5)
الأم (6/ 144)، مختصر المزني (ص 265).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 513).
(7)
انظر "الأم"(6/ 144).
(8)
الأم (6/ 144).
ثانيهما: أن مقتضى كلامه: أنَّه يسوغ للشاهد في شرب النبيذ أن يقول: (شرب خمرًا) لقوله أول الباب: (كل شراب أسكر كثيره .. حرم قليله، وحد شاربه)(1) ثم قال هنا: (ويكفي - يعني: في إيجاب الحد على شارب ما ذكر -: "شرب خمرًا")(2) وهذا لا يسوغ للشاهد قطعًا، ولو قلنا: إن اسم الخمر يتناوله حقيقة؛ لأن الشارب قد يعتقد إباحة القدر الذي لا يسكر .. فيكون مع ذلك مقبول الشهادة، وإطلاق شرب الخمر عليه يقتضي فسقه ورد شهادته.
5177 -
قوله: (ولا يحد حال سكره)(3) لم يبين هل ينعقد بالحد لو وقع أم لا؟ وفيه وجهان حكاهما في "الكفاية" عن القاضي حسين، وقال شيخنا الإمام البلقيني: الأصح: الإجزاء؛ ففي "صحيح البخاري": عن عقبة بنُ عامر قال: (جيء بالنعمان - أو بابن النعمان - وهو سكران، وأمر من في البيت أن يضربوه، فضربوه بالجريد والنعال)(4)، وعن أبي هريرة قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران، فأمر بضربه
…
الحديث) (5)، قال: وهذان صريحان أو ظاهران، أو الأول صريح والثاني ظاهر في جواز إقامة الحد عليه في حال سكره إذا كان على الحالة التي لم يصل فيها إلى أن يصير ملقى لا حراك به.
5178 -
قوله: (ويفرقه على الأعضاء إلَّا المقاتل والوجه، قيل: والرأس)(6) يقتضي أن استثناء الرأس وجه ضعيف، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 596]:(ويفرق على البدن، لا الوجه والمقتل).
قال شيخنا الإمام البلقيني: وليس كذلك، بل هو نص الشَّافعي في "مختصر البويطي"، وقد نقله القاضي أَبو الطيب في "تعليقه"، وصححه، وقال: إذا اتقينا الفرج؛ لأنه مقْتل .. فالرأس بذلك أولى؛ لأنه موضع شريف، وفيه مقتل ويخاف من ضربه نزف الماء في العين وزوال العقل، وحكاه أيضًا ابن الصباغ والروياني في "الكافي"، وقال: إن مقابله خطأ، وجزم به الخوارزمي في "الكافي"، قال شيخنا: ولا نص للشافعي يخالفه؛ فهو المعتمد.
قلت: وعليه مشى "التنبيه" في حد الزنا (7)، واعلم: أن الرافعي علل كونه لا يجتنب الرأس بأنه مستور بالشعر (8)، ومقتضاه: أنَّه لو لم يكن عليه شعر لقرع أو حلق رأس .. اجتنبه قطعًا.
(1) المنهاج (ص 513).
(2)
المنهاج (ص 513).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 513).
(4)
صحيح البخاري (2191)، (6393).
(5)
صحيح البخاري (6399).
(6)
انظر " المنهاج "(ص 513).
(7)
التنبيه (ص 242).
(8)
انظر "فتح العزيز"(11/ 286).
5179 -
قول "المنهاج"[ص 513]: (ولا تجرد ثيابه) قد يفهم أنَّه يترك عليه الجبة المحشوة والفروة، وليس كذلك؛ ولهذا قال "التنبيه" [ص 242]:(ولا يجرد، بل يكون عليه قميص) وفي " أصل الروضة": قميص أو قميصان.
5180 -
قول "الحاوي"[ص 596]: (ولاءً) و"المنهاج"[ص 513]: (ويوالي الضرب بحيث يحصل زجرٌ وتنكيلٌ) ضبطه الإمام فقال: إن لم يحصل به ألم له وقع؛ كسوط أو سوطين كل يوم .. لم يكف، وإن حصل؛ فإن لم يتخلل ما يزول به الألم الأول .. كفى، وإن تخلل .. لم يكف في الأصح، حكاه عنه في " أصل الروضة"، وأقره (1).
5181 -
قول "التنبيه" في حد الزنا [ص 242]: (ولا يقيم الحد في المسجد) عبر بمثل ذلك في "الروضة" وأصلها، قالا: ويسقط الفرض لو أقيم كما لو صلى في مكان مغصوب. انتهى (2)
وكلامهم يشعر بتحريمه، لكن في "أصل الروضة" في (القضاء): أنَّه مكروه (3)، ونص عليه في "الأم" فقال: وإذا كرهت له أن يقضي في المسجد .. كنت لأن يقيم الحد في المسجد أو يعزر أكره (4).
(1) الروضة (10/ 173)، وانظر "نهاية المطلب"(17/ 359، 360).
(2)
فتح العزيز (11/ 287)، الروضة (10/ 172).
(3)
الروضة (11/ 138).
(4)
الأم (6/ 198).