الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]
5417 -
قول "المنهاج"[ص 527]: (يلزمنا الكف عنهم، وضمان ما نتلفه عليهم نفساً ومالاً) يرجع ذكر النفس والمال إلى الكف والضمان، لكن الكف لا يختص بالمال، فنكف عن خمرهم وخنازير أيضاً إذا لم يظهروها؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 619]:(ويأمن نفساً ومالاً وزوجة وطفلاً وخمراً).
5418 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (وعلى الإمام حفظ من كان منهم في دار الإسلام) كذا لو انفردوا ببلد بجوارنا في الأصح؛ ولهذا أطلق "الحاوي" قوله [ص 620]: (وندفع عنه الكافر إن لم نشترط عدمه) و"المنهاج"[ص 527]: (ودفع أهل الحرب عنهم، وقيل: إن انفردوا ببلد .. لم يلزمنا الدفع) وهذا الوجه مقيد بأمور:
أحدها: إن انفردوا ببلد في جوار دار الإسلام؛ فإن كانوا في وسط دار الحرب .. لم يجب الذب عنهم قطعاً.
الثاني: أن يجري العقد مطلقاً، فإن جرى بشرط أن يذب عنهم أهل الحرب .. وجب الوفاء بالملتزم، وفيه احتمال للإمام (1).
الثالث: ألَاّ يمر أهل الحرب بشيء من دار الإسلام، ومحل إطلاق "الحاوي": أنه إذا شرط عدم الدفع عنهم .. لم يجب ما إذا انفردوا عن المسلمين وعن أهل الحرب ببلد ولم يكن ممر من يقصدهم من أهل الحرب على المسلمين، فإن لم ينفردوا ببلد، أو انفردوا وكان ممر أهل الحرب القاصدين لهم على المسلمين .. لم يصح الشرط ولا العقد، وهو مفهوم من قوله في الجهاد:(وإن دخلتْ ولو خراب دار الإسلام .. فُرض على كل قوي)(2) لأن أهل الذمة إذا كانوا في بلاد الإسلام، أو في موضع يمر أهل الحرب على دار الإسلام .. فلا بد وأن يدخل من يقصدهم دار الإسلام.
5419 -
قول "المنهاج"[ص 528]: (ونمنعهم إحداث كنيسة في بلد أحدثناه) فيه أمران:
أحدهما: أن المراد: ما كان للتعبد، فإن كان لنزول المارة .. فقال الماوردي: يجوز إن كانت لعموم الناس، فإن قصروها على أهل دينهم .. ففيه وجهان (3).
ثانيهما: قالوا مع منع الإحداث: لا ينقض ما يوجد فيها الآن من ذلك إذا لم يعرف إحداثه؛
(1) انظر "نهاية المطلب"(18/ 36).
(2)
انظر "الحاوي"(ص 609).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 392).
لاحتمال أنه كان في قرية أو برية فاتصلت بالعمارة.
5420 -
قوله: (وما فتح عنوة .. لا يحدثونها فيه، ولا يُقرُّون على كنيسة فيه في الأصح)(1) سبقه إلى تصحيحه الشيخ أبو حامد والمحاملي، وقطع به جمع من المراوزة، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ولكنه مخالف لنص "الأم" و"المختصر" فإنه قال بعد ذكر الكنيسة: (إنما يصالحهم على ذلك في بلادهم التي وجدوا فيها، ففتحوها عنوة أو صلحاً)(2)، قال: وممن صحيح جواز التقرير على الكنيسة القائمة في صورة الفتح عنوة الماوردي (3)، وقال الروياني في "الكافي": وإن فتحها المسلمون عنوة .. يجوز للإمام إقرار الكفار فيها باستطابة أنفس الغانمين، وإقرارهم على مالهم من البيع والكنائس من غير أن يحدثوا غيرها كما فعل عمر رضي الله عنه في أرض العراق، وغلط من قال بخلافه.
5421 -
قول "الحاوي"[ص 620]: (وتُبقَّى في بلدنا إن شُرط) المراد ببلدنا هنا: ما فتح صلحاً على أن يكون للمسلمين وهم يسكنونه بخراج، وأجحف في الاختصار في تعبيره عن ذلك، وأوضحه "المنهاج" بقوله [ص 528]:(أو صلحاً بشرط الأرض لنا وبشرط إسكانهم وإبقاء الكنائس .. جاز) ومفهومهما: أنهم لو صولحوا على إحداث الكنائس في البلد المذكور .. لم يجز، وبه صرح الماوردي (4)، لكن في "أصل الروضة" عن الروياني وغيره جوازه (5).
5422 -
قول "المنهاج"[ص 528]: (أو لهم .. قُرَّرَتْ، ولهم الإحداث في الأصح) كان ينبغي أن يقول: (على النص) فقد نص عليه في "الأم"(6).
5423 -
قول "الحاوي"[ص 620]: (ويرمُّ ويعيد) أي: حيث جوز الإبقاء، وإنما ذكر هو جواز الإبقاء حيث فتح؛ ليكون لهم أو لنا وهم يسكنونه، ولم يتعرض لتقريرها في بلد الإسلام، فلا يفهم منه جواز الرم والإعادة مطلقاً.
5424 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ولا يمنعون من إعادة ما استهدم منها، وقيل: يمنعون) ظاهره مواففة ما حكاه شيخنا عن النص والماوردي والروياني من جواز تقريرها فيما فتح عنوة (7)؛ لأن إعادة ما استهدم فرع جواز التقرير، وقد يقال: إنما كلامه فيما فتح صلحاً، وقال السبكي في
(1) انظر "المنهاج"(ص 528).
(2)
الأم (4/ 206)، مختصر المزني (ص 277، 278).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 321).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 321).
(5)
الروضة (10/ 323).
(6)
الأم (4/ 206).
(7)
انظر "الأم"(4/ 206)، و"الحاوي الكبير"(14/ 321).
تصنيف له سماه "كشف الدسائس": الصواب: أن الضمير في كلامه يعم المسألتين؛ أي: مسألة ما إذا تهدم بعض كنيسته .. هل يمنع من ترميمها؟ وما إذا انهدمت كنيسة .. هل يمنع من إعادتها؟ قال في "التوشيح": وحاصل اختياره في مصنفاته في هدم الكنائس أنه لا يجوز التمكين من الترميم رأساً، وقال في قول الرافعي: لا منع من إعادتها إذا استرمت (1): أن الشيخ أبا حامد قد حكى الخلاف في ذلك، وليس مجزوماً به، بل مختلف فيه، والحق المنع، وقال في تعبير الرافعي وغيره بالجواز: أن فيه تسمحاً، والمراد: عدم المنع؛ فإن الجواز حكم شرعي، ولم يرد الشرع بإباحة بقاء الكنائس، وادعى أن الأمة مجمعة على أنا لا نأذن في ذلك، قال: وفرق بين الإذن وعدم الاعتراض، وقال في قول "المنهاج" [ص 528]:(ولهم الإحداث في الأصح) أن فيه أيضاً تجوزاً، ومراده: عدم المنع، قال: وعبارة "المحرر" سالمة من ذلك (2) ومن تمام تحقيقاته: أنه ادعى أن من جوز الترميم والإعادة بما تهدم نفسه لا بآلات جديدة، قال: وذلك هو مدلول لفظ الإعادة والترميم، وطالب من يدعي خلاف ذلك بنقل عن واحد من علماء الشريعة، قال: وبالجملة: مشهور مذهبنا: التمكين، والحق عندي خلافه، قال في "التوشيح": ومن واضحات أدلته: قول عمر رضي الله عنه في شروطه: ولا يجدد ما خرب منها، قال: فهذا يقتضي عدم تجديد ما خرب من الكنائس، سواء أكان الذي خرب كنيسة بجملتها أم بعض كنيسة. انتهى.
وقال شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه": التحقيق في ذلك ما صححه الماوردي: أنه إن صارت دارسة .. فلا تعاد؛ لما فيه من معنى الإنشاء، وإن بقي منها جدران وآثار .. أعيدت (3).
5425 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ويمنعون أن يعلوا على المسلمين في البناء) المراد: جيرانهم المسلمون، لا كل مسلم؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 528]:(ويمنعون وجوباً - وقيل: ندباً - من رفع بناء على بناء جارٍ مسلمٍ) وكذا قيده "الحاوي" بالجار (4)، والمنع لحق الدين، فلا يجوز برضا الجار.
5426 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ولا يمنعون من المساواة، وقيل: يمنعون) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(5)، لكن حكى شيخنا في "تصحيح المنهاج" عن نص "الأم" الاستحباب فقط، وعبارته: (وأحب أن يجعلوا بناءهم دون بناء المسلمين
(1) انظر "فتح العزيز"(11/ 539).
(2)
في حاشية (ج): (حيث قال: "ولا يمنعون من الإحداث في الأظهر"). المحرر (ص 457).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 321).
(4)
الحاوي (ص 620).
(5)
الحاوي (ص 620)، المنهاج (ص 528).
بشيء) (1)، قال شيخنا أيضاً: ومحل ما أطلقوه من منع الرفع والمساواة: فيما إذا كان بناء المسلم مما يعتاد للسكنى، فلو كان قصيراً لا يعتاد للسكنى؛ لأنه لم يتم بناؤه، أو لأنه هدمه، أو انهدم إلى أن صار كذلك .. لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد السكنى؛ لئلا يتعطل عليه حق السكنى الذي عطله المسلم باختياره، أو تعطل عليه لإعساره، ثم إن بناه المسلم دونه مما لا يعتاد للسكنى .. لم يكلفه النقض عن أقل المعتاد؛ فإما أن يرفع بناءه أو يترك بناء الذمي بحاله.
5427 -
قول "المنهاج" عطفاً على ما عبر فيه بالأصح [ص 528]: (وأنهم لو كانوا بمحلة منفصلة .. لم يُمنعوا) عبر عنه في "الروضة" بالصحيح (2).
قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهو مخالف لظاهر النص في "الأم" و"المختصر" حيث قال: (ولا يحدثون بناء يطيلون به بناء المسلمين)(3) ولم يفرق بين المتصل والمنفصل، ثم قال في "الأم":(وإن كانوا في قرية يملكونها منفردين .. لم يمنعهم إحداث كنيسة ولا رفع بناء)(4)، قال شيخنا: يدل على منعهم من الرفع في دار الإسلام ولو كانوا منفردين بمحلة أو قرية، وهذا هو المعتمد في الفتوى.
قلت: إذا كان المراد: الرفع على بناء الجار .. فكيف يتصور ذلك في القرية المنفردة ولا جيران فيها؟ ! بل كيف يتصور في المحلة المنفصلة ولو كانت في البلد؟ ! لأن لفظ الانفصال يدل على أنه لا ملاصق لهم من شيء من الجوانب، وقد قال في "أصل الروضة": كطرف من البلد منقطع عن العمارة. انتهى (5).
فإن لاصقت دور البلد من أحد جوانبها .. اعتبرنا في ذلك الجانب ألَاّ يرتفع فيه بناء أهل الذمة على بناء من يجاورهم من المسلمين دون بقية الجوانب؛ إذ لا جار لهم فيها، والله أعلم، وأفتيت بمنع بروز الذمي في البحر والخلجان ونحوهما على جار له مسلم؛ لما فيه من الاطلاع على عورة المسلم، والتعظيم عليه، وهو المعنى المعتبر في منع الإعلاء، بل قياس منع المساواة في البناء: منع المساواة في البروز، وفيه بعد، والله أعلم.
5428 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (وإن ملكوا داراً عالية .. أقروا عليها) قد يفهم أنه لو انهدمت .. كان له إعادتها كما كانت، وليس كذلك، بل يمنع من الرفع ومن المساواة في الأصح، وحيث يقرون عليها يمنعون من طلوع سطوحها إلا بعد تحجيره، وإن لم يؤمر المسلمون بتحجير
(1) الأم (4/ 206).
(2)
الروضة (10/ 325).
(3)
الأم (4/ 206)، مختصر المزني (ص 277).
(4)
الأم (4/ 206).
(5)
الروضة (10/ 325).
أسطحتهم، ويمنع صبيانهم من الإشراف وإن لم يمنع صبيان المسلمين من ذلك، حكاه في "الكفاية" عن الماوردي (1).
5429 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ويركبون البغال) و"الحاوي"[ص 620]: (ويركب لا الخيل) يفهم جواز ركوب النفيس من البغال، وبه صرح "المنهاج"(2)، وقال في "أصل الروضة": قطع به كثيرون، وحكى المنع منها عن الفوراني والإمام والغزالي (3).
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": البغال في هذا الزمان لا يركبها في الغالب إلا أعيان المسلمين أو من يتشبه بهم؛ فيمنع أهل الذمة من ذلك، لا توقف عندنا في الفتوى بذلك، ولم يتعرض الشافعي رضي الله عنه للتصريح بذلك، وإنما قال في "الأم" و"المختصر":(وأن يفرقوا بين هيئاتهم في اللباس والمركب وبين هيئات المسلمين)(4) وكلام الشافعي هذا شاهد لنا بالمنع من ركوب البغال النفيسة.
5430 -
قول "المنهاج"[ص 528] و"الحاوي"[ص 620]: (ويركب بركاب خشب) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هو في ركاب خسيس، فأما الركاب من الخشب النفيس الذي جرت عادة أعيان المسلمين بالركوب .. فيمنعون منه.
5431 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (عَرْضاً) أي: يجعل رجليه من جانب، قال في "أصل الروضة": وعن الشيخ أبي حامد: أن لهم الركوب على الاستواء، ويحسن أن يتوسط بين أن يركب إلى مسافة قريبة من البلد أو إلى مسافة بعيدة (5).
قال في "التوشيح": وينبغي ألَاّ يسامح إلا إذا بعد، وليس كالمسافر سفراً طويلاً؛ حيث يقصر من حين مفارقة البنيان، انتهى.
وفي "أصل الروضة": عن ابن كج: أن هذا كله في الذكور البالغين، فأما النساء والصغار .. فلا يلزمون الصَّغار كما لا جزية عليهم (6)، لكن ذكر في تمييز اللباس: أن النساء يؤخذن بالغيار وشد الزنار (7) والتمييز في الحمام (8)، فعلى هذا: الإلزام بهذا الصغار مطلق بلا استثتاء.
(1) انظر "الحاوي الكبير"(14/ 325).
(2)
المنهاج (ص 528).
(3)
الروضة (10/ 325)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 54)، و"الوجيز"(2/ 202).
(4)
الأم (4/ 206)، مختصر المزني (ص 277).
(5)
الروضة (10/ 325).
(6)
الروضة (10/ 325).
(7)
الغيار: أن يخيطوا على ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونه لونها، والزنار: خيط غليظ على أوساطهم خارج الثياب. انظر "الروضة"(10/ 326).
(8)
الروضة (10/ 326).
5432 -
قولهما: (ويُلجؤون إلى أضيق الطرق)(1) عبر عنه "الحاوي" بقوله [ص 620]: (وترك صدر الطريق) أي: بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار، ثم محل ذلك مع الزحمة، وإلا .. فلا حرج، وظاهر قول "الحاوي" [ص 620]:(وترك صدر الطريق) يخالفه.
5433 -
قولهما: (ولا يصدر في مجلس)(2) محله: ما إذا كان فيه مسلم.
5434 -
قول "المنهاج"[ص 528] و"الحاوي"[ص 620]: (ويؤمر بالغيار) قد يفهم أن لبسه كله غيار، وليس كذلك؛ ولهذا قال "التنبيه" [ص 238]:(ويلزمهم أن يتميزوا عن المسلمين في اللباس، فإن لبسوا قلانس .. ميزوها عن قلانس المسلمين بالخرق) وعبارة "أصل الروضة": وهو أي: الغيار أن يخيطوا على ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونه لونها، وتكون الخياطة على الكتف دون الذيل، هكذا أطلق، ويشبه أن يقال: لا يختص بالكتف، والشرط الخياطة في موضع لا يعتاد، وإلقاء منديل ونحوه كالخياطة، ثم الأولى باليهود: العسلي وهو الأصفر، وبالنصارى: الأزرق أو الأكْهَبْ، ويقال له: الرمادي، وبالمجوس: الأسود والأحمر. انتهى (3).
قال شيخنا: وما ذكره من إلقاء منديل ونحوه ممنوع؛ لعدم استقراره، وما ذكره من الأولى لا دليل عليه.
5435 -
قول "المنهاج"[ص 528]: (والزنار فوق الثياب) محله: في الرجل، أما المرأة .. فتشده تحت الإزار كما صرح به "التنبيه"(4)، وحكاه الرافعي عن "التهذيب" وغيره، وحكى عن الشيخ أبي حامد أنها تجعله فوق الإزار، قال: على الأول، وأشار بعضهم إلى اشتراط ظهور شيء منه (5)، وقال النووي: هذا لا بد منه، وإلا .. فلا يحصل كثير فائدة (6).
قلت: وهو لا ينافي قول من قال: تشده تحته، فيصدق مع ظهور بعضه أنه مشدود تحت الإزار، والجمع بين الزنار والغيار تأكيد؛ فللإمام الاقتصار على شرط أحدهما.
5436 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ويكون في رقابهم خاتم من رصاص أو نحاس أو جرس يدخل معهم الحمام) قد يفهم أنه يكون في رقابهم دائمًا حتى في الحمام، والذي في "الحاوي" [ص 620]:(وفي الحمام جُلجلاً أو خاتم حديد في عنقه)، وعبارة "المنهاج" [ص 528]:(وإذا دخل حماماً فيه مسلمون أو تجرد عن ثيابه .. جُعل في عنقه خاتم حديد أو رصاص ونحوه).
(1) انظر "التنبيه"(ص 238)، و"المنهاج"(ص 528).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 238)، و"المنهاج"(ص 528).
(3)
الروضة (10/ 326).
(4)
التنبيه (ص 238).
(5)
فتح العزيز (11/ 544)، وانظر "التهذيب"(7/ 508).
(6)
انظر "الروضة"(10/ 327).
وقوله: (ونحوه) منصوب عطفاً على قوله: (خاتم)، وقول "التنبيه":(أو جرس) هو بالرفع عطفاً على خاتم، وقد أفصح عن ذلك قول "الحاوي" [ص 620]:(جلجلاً أو خاتم حديد) ومراد "المنهاج": إذا تجرد بحضور المسلمين.
5437 -
قول "التنبيه"[ص 238]: (ويكون في عنقها خاتم يدخل معها الحمام) مبني على جواز دخولها الحمام مع المسلمات، والأصح: المنع منه.
5438 -
قولهم: (ويمنعون من إظهار خمر وخنزير وناقوس)(1) لا يخفى أن محله ما إذا كانوا في أمصار المسلمين، فإن كانوا في قرية يملكونها منفردة .. لم يمنعوا من ذلك كما نص عليه في "الأم"(2)، وصرح به "التنبيه" بعد ذلك.
5439 -
قول "المنهاج"[ص 528]: (ويُمنع من إسماع المسلمين شركاً وقولهم في عزير والمسيح، ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس وعيد، ولو شرطت هذه الأمور فخالفوا .. لم ينتقض العهد) يحتمل أن يكون معناه: شُرط عليهم ألَاّ يفعلوها، وأن يكون معناه: شرط انتقاض العهد بها، ولا إشكال في الأولى، وبنى الإمام الثانية على التأقيت؛ إن صح .. صح وانتقض بها، وإلا .. فباطل من أصله (3).
قال الرافعي: والحكاية عن الأصحاب عدم الانتقاض وفساد الشرط ويتأبد العقد، ويحمل ذلك على التخويف (4).
ورد شيخنا في "تصحيح المنهاج" تخريج الإمام؛ لموافقته في زناه بمسلمة على جريان الخلاف، ومنه: أنه إن شرط الانتقاض .. انتقض، وإلا .. فلا، ولم يذكر فيه الإمام تخريجه على تأقيت عقد الذمة، وكيف يتخرج على التأقيت مع أن الشرط قد لا يوجد فيستمر عقد الذمة؟
قال شيخنا: وتبع الرافعي في الحكاية عن الأصحاب الإمام والغزالي، ومقتضى نص "الأم": أنه إذا شرط عليهم فيها الانتقاض .. عمل بمقتضى الشرط؛ فإنه قال في صورة كتاب جزية: (وعلى أن أحداً منكم إن ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم أو كتاب الله عز وجل أو دينه بما لا ينبغي أن يذكره به .. فقد برئت منه ذمة الله، ونقض ما أعطى عليه الأمان، وحل ماله ودمه كما تحل أموال أهل الحرب ودماؤهم، ثم قال: وعلى أن ليس لكم أن تظهروا في شيء من أمصار المسلمين الصليب، ولا تعلنوا بالشرك، ولا تبنوا كنيسة، ولا تضربوا بناقوس، ولا تظهروا قولكم بالشرك
(1) انظر "التنبيه"(ص 238)، و"الحاوي"(ص 620)، و"المنهاج"(ص 528).
(2)
الأم (4/ 206).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(18/ 42، 43).
(4)
انظر "فتح العزيز"(11/ 546).
في عيسى ابن مريم ولا غيره لأحد من المسلمين، ثم قال: فإن غيرتم أو بدلتم .. فذمة الله بريئة منكم) (1) قال شيخنا: وحكى الماوردي في ذلك قولين. انتهى.
وقال شيخنا ابن النقيب: سيأتي أن في ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء طرقاً؛ فذكر الله أولى بذلك، وهذه الأمور تتضمن ذكره تقدس وتعالى بالسوء؛ فلا يتمشى ما ذكروه هنا من إلحاق ذلك بإظهار الخمر، إلا إذا قلنا بالطريقة الآتية، وهي: أن السوء الذي يتدينون به لا ينقض قطعاً (2).
5440 -
قول "المنهاج"[ص 528] و"الحاوي"[ص 620]: (وينتقض بالقتال) أي: إن لم يكن لهم فيه شبهة كما تقدم ذكره في قتال البغاة.
5441 -
قولهم - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن امتنعوا من أداء الجزية أو التزام أحكام الملة .. انتقض عهدهم)(3) كذا أطلقوه، وخصه الإمام في الامتناع من الجزية بالقادر، أما العاجز إذا استمهل .. فلا ينقض، قال: ولا يبعد أخذها من الموسر قهراً ولا ينتقض، ونخص قولهم بالمتغلب المقاتل، ورأى في الامتناع من الالتزام أنه إن امتنع منها هارباً .. فلا، أو راكناً إلى قوة وعدة .. دُعي إلى الانقياد، فإن قاتل .. انتقض بالقتال، وأسند ذلك لمن قدمه، فحكى عن القاضي حصْر النقض في القتال (4).
ونقل ابن كج قولين في منع إجراء الأحكام، وقد يفهم من تعبير "الحاوي" عن التزام أحكام الملة بالتمرد موافقة الإمام في عدم الانتقاض بالامتناع منها هارباً، وقد يفهم من تعبير "التنبيه" و"المنهاج" في الامتناع من الجزية بضمير الجمع، وفي الزنا بضمير الإفراد: أن الواحد لو امتنع من أدائها مع التزامها .. لا ينقض عهده، وهو ما عزاه الرافعي للماوردي (5).
وقال في "الكفاية": ذكره الإمام احتمالاً بعد نقله عن الأصحاب الانتقاض، وعبارة "الحاوي" [ص 620]:(وينتقض بالقتال، ومنع الجزية) ثم قال: (وبشرطه إن زنا بمسلمة)(6) فهي شاملة للقتال والمنع من الآحاد.
5442 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (وإن زنا أحد منهم بمسلمة، أو أصابها بنكاح، أو آوى عيناً للكفار، أو دل على عورة المسلمين، أو فتن مسلماً عن دينه، أو قتله، أو قطع عليه الطريق؛
(1) الأم (4/ 197، 198).
(2)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 53).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 239)، و"الحاوي"(ص 620)، و"المنهاج"(ص 528).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(18/ 37، 38).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 317)، و"فتح العزيز"(11/ 547).
(6)
الحاوي (ص 620).
نظر: فإن لم يكن شرط ذلك في عقد الذمة .. لم ينتقض العهد، وإن شرط عليهم .. فقد قيل: ينتقض عهدهم، وقيل: لا ينتقض عهدهم) الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، والمراد: اشتراط انتقاض العهد بها كما أفصح به "المنهاج"، وهو معنى قول "الحاوي" [ص 620]:(وبشرطه) أي: بشرط الانتقاض، وفي "أصل الروضة": أصحهما: لا ينتقض، ثم قال: وهل المعتبر في الشرط الامتناع منه أم الانتقاض به؟ صرح الإمام والغزالي بالثاني، وكثيرون بالأول، ولا يبعد أن يتوسط فيقال: إن شرط الانتقاض .. فالأصح: الانتقاض، وإلا .. فالأصح: خلافه (2).
قال في "المهمات": وهذا الترجيح الأخير منافٍ لتصحيحه الانتقاض مع الشرط؛ ولهذا لم يذكر الرافعي ذلك التصحيح، بل حكى عن طائفة الانتقاض، وعن آخرين المنع، ثم ذكر هذا الترجيح، وهو توسط بينهما، فأخذ في كل حالة يقول طائفة (3)، وهنا أمور:
أحدها: لا يخفى في الزنا إقامة الحد، فلو رجم لإحصانه وفرعنا على الانتقاض .. فهل يصير ماله فيئاً؟ وجهان، بَيَّضَ في "الروضة" لبيان أصحهما (4)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأصح، بل الصواب: أنه يصير فيئاً.
ثانيها: المراد: الزنا بمسلمة مع علمه بإسلامها حالة الزنا، والقياس: أن لواطه بغلام مسلم كذلك.
ثالثها: المراد: إصابة المسلمة بنكاح عقده عليها حال إسلامها حالة الإصابة، فلو عقد على كافرة ثم أسلمت بعد الدخول فأصابها في العدة .. لم ينقض عهده؛ فقد يسلم فيستمر نكاحه؛ فأمره أخف.
رابعها: زاد في "أصل الروضة" بعد قوله: (فتن مسلماً عن دينه): ودعاه إلى دينهم (5)، وقال في "المهمات": صدره يقتضي أنه لا بد من انتقال المسلم عن الإسلام، وآخره يقتضي الاكتفاء بدعائه إليه، فهل المعتبر الأول أو الثاني؟
قلت: لا نسلم أن قوله: (فتن مسلماً عن دينه) يقتضي حصول الردة، وإنما المراد: دعاؤه إليه فبيّن بقوله: (ودعاه إلى دينهم) المراد بقوله: (فتن مسلماً) للاحتراز عما لو أراه نصرانية افتتن هو بها وارتد بسببها عن دينه، فلو قال:(فإن دعاه إلى دينهم) .. لكان أولى، وقد عبر
(1) الحاوي (ص 620، 621)، المنهاج (ص 528).
(2)
الروضة (10/ 329)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 41)، و"الوجيز"(2/ 203).
(3)
انظر "فتح العزيز"(11/ 547، 548).
(4)
الروضة (10/ 329، 330).
(5)
الروضة (10/ 329).
"الحاوي" بقوله [ص 620]: (ودعا المسلم إلى دينه) وهي عبارة وافية بالمقصود مع اختصار؛ فهي أحسن من تعبير "التنبيه" و"المنهاج" بـ (فتن المسلم عن دينه)(1).
خامسها: مقتضى تقييد "التنبيه": أنه لو قتل ذمياً أو قطع عليه الطريق .. لم يكن كذلك، وأقره عليه النووي في "تصحيحه"(2)، لكن عبر "الحاوي" بقوله [ص 620]:(وقطع الطريق، وقتل موجب القصاص) وكذا عبارة "الروضة" وأصلها (3)، وهو متناول لفعل ذلك مع الذمي، وقيد في "الأم" و"المختصر" قطع الطريق بكونه على مسلم (4)، وفي معناه: القتل أيضاً.
5443 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (وإن ذكر الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو دينه بما لا يجوز .. فقد قيل: ينتقض عهده، وقيل: إن لم يشرط .. لم ينتقض، وإن شُرط .. فعلى الوجهين) الأصح: الطريقة الثانية، والأصح في الشرط: الانتقاض، وجمع "المنهاج" بين هذه المسألة والتي قبلها، وقال فيهما:(الأصح: أنه إن اشترط انتقاض العهد بها .. انتقض، وإلا .. فلا)(5) وأطلق محل الخلاف، وكذا في "الأم" و"المختصر"(6)، وصحح في "أصل الروضة" أن محله: فيما إذا ذكره بما لا يتدين به، فأما ما يتدين به .. فلا ينتقض به. ظهاره قطعاً (7)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 620، 621]: (وسب الرسول عليه السلام وذكر مخالف دينهم).
وقال في "التوشيح": لا ينبغي أن يفهم من عدم الانتقاض أنه لا يقتل؛ فإن ذلك لا يلزم، وقد حقق ذلك الوالد رحمه الله في كتاب "السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وسلم"، وصحح: أنه يقتل وإن قلنا بعدم انتقاض العهد. انتهى (8).
5444 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (ومن فعل ما يوجب نقض العهد .. رد إلى مأمنه في أحد القولين، وقُتل في الحال في القول الآخر) فيه أمور:
أحدها: أن محل الخلاف: فيمن انتقض عهده بغير قتال، وقد ذكر ذلك "المنهاج" فقال [ص 528]:(ومن انتقض عهده بقتال .. جاز دفعه وقتاله) وعبارة "أصل الروضة": فلا بد من دفعهم والسعي في استئصالهم (9)، وهي أحسن؛ فإنه لا يُقتصر بدفعهم وقتالهم على الجواز، بل هو
(1) التنبيه (ص 239)، المنهاج (ص 528).
(2)
تصحيح التنبيه (2/ 217).
(3)
فتح العزيز (11/ 548)، الروضة (10/ 329).
(4)
الأم (4/ 197)، مختصر المزني (ص 277).
(5)
المنهاج (ص 528).
(6)
الأم (4/ 197)، مختصر المزني (ص 277).
(7)
الروضة (10/ 330).
(8)
السيف المسلول (ص 287).
(9)
الروضة (10/ 331).
واجب، وقد تقدم أن الجهاد عند دخول طائفة من أهل الحرب دار الإسلام فرض عين، ولا فرق بينها وبين التي كانت لها ذمة ثم انتقضت.
ثانيها: لو كان ذلك ينبذ العهد .. فالأصح: القطع بالرد إلى مأمنه، وقد ذكره "المنهاج"(1).
ثالثها: الأظهر: القول الثاني، ولا يتعين القتل، بل يتخير الإمام فيه بين القتل والاسترقاق والمن والفداء، لكن لو أسلم قبل الاختيار .. امتنع الرق، وقد ذكر ذلك "المنهاج" و"الحاوي"(2)، وحمله (3) شيخنا في "تصحيح المنهاج" على غير صورة القتال، فإن قاتلونا .. جرى عليهم حكم غيرهم من الأسراء في أنه لا يمتنع إرقاق من أسلم منهم قبل اختيار الإمام فيه، ويشكل على عدم تبليغه المأمن أن الذي حكاه الرافعي عن ابن كج والروياني وغيرهما تبليغ المهادن والداخل بأمان المأمن إذا انتقض عهده مع أن حق الذمي آكد منه (4)، والفرق مشكل.
رابعها: يستثنى من تخيير الإمام فيه: ما إذا طلب تجديد العهد .. فيجب إجابته إلى عقد الذمة، ولا يجوز قتله، ذكره الرافعي في (حد السرقة)(5).
5445 -
قول "التنبيه"[ص 239]: (ويجعل الإمام على كل طائفة منهم رجلاً يكتب أسمائهم) يشترط كونه مسلماً.
(1) المنهاج (ص 529).
(2)
الحاوي (ص 621)، المنهاج (ص 528).
(3)
في النسخ: (وحمل)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.
(4)
انظر "فتح العزيز"(11/ 562، 563).
(5)
انظر "فتح العزيز"(11/ 225).