المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ العِتْق 6370 - قول "التنبيه" [ص 144]: (العتق قربة مندوب - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌كتابُ العِتْق 6370 - قول "التنبيه" [ص 144]: (العتق قربة مندوب

‌كتابُ العِتْق

6370 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (العتق قربة مندوب إليه) محله: في المنجز من المسلم، أما المعلق .. فذكر الرافعي في (الصداق): أن التعليق ليس عقد قربة بخلاف التدبير (1)، كذا أورده النشائي وشيخنا ابن النقيب (2)، وقال في "التوشيح": مراده انتفاء القربة عن عقد التعليق؛ ولذلك قال: بخلاف التدبير، ولم يُرد انتفاء القربة عن العتق الذي تضمنه التعليق، فكل عتق قربة، أكان ضمن تعليق أم لا، والتعليق نفسه ليس قربة.

قلت: ويدل لذلك قول الرافعي في تتمة كلامه: وإنما هو يقصد به حث أو منع (3)، وهذا إنما هو في نفس التعليق، فهو الذي يقصد به حث أو منع ثم إن الرافعي لم يقل: إن التعليق ليس قربة، وإنما قال: ليس عقد قربة؛ أي: ليس أصل وضعه ذلك، وقد يقترن به ما يقتضي كونه قربة؛ كمن علق عتق عبده على تحصيل نفع لمن يتقرب بتحصيل النفع له؛ كقوله: إن خدمت العالم الفلاني سنة .. فأنت حر، أو على إيجاد قربة؛ كقوله: إن صليت الضحى .. فأنت حر ونحو ذلك.

وأما كونه من مسلم .. فقال الرافعي في (الوقف) في الكلام على أقوال الملك في الوقف: ألا ترى أن الكافر إذا أعتق .. صار العتيق لله وإن لم يكن منه قربة (4).

قال في "التوشيح": مراده ليس قربة من الكافر؛ لأنه ليس من أهل القرب، ولم يرد أنه ليس قربة في نفسه.

قلت: هذا كلام لا يتحقق؛ لأن الكلام في صدوره من الكافر، فهو المدعي أنه ليس قربة، فلا يرد على ذلك أنه قربة في الجملة.

6371 -

قول "المنهاج"[ص 585]: (إنما يصح من مطلق التصرف) و"الحاوى"[ص 699]: (إنما يصح إعتاق مالك) اقتصر كل منهما على شرط غير الذي ذكره الآخر، وجمع في "أصل الروضة" بينهما فقال: ويصح من كل مالك مطلق لا يصادف إعتاقه تعلق حق لازم لغيره؛ فلا يصح إعتاق غير مالك إلا بوكالة أو ولاية (5)، وقول "التنبيه" [ص 144]: (لا يصح إلا من مطلق التصرف

(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 317، 318).

(2)

انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 130)، و"السراج على نكت المنهاج"(8/ 336).

(3)

فتح العزيز (8/ 317).

(4)

انظر "فتح العزيز"(6/ 284).

(5)

الروضة (12/ 107).

ص: 781

في ماله) يحتمل أن يريد أن الإعتاق يكون واقعًا في ماله، فيكون قد جمع بين الوصفين أيضًا، ويحتمل أن يتعلق قوله:(في ماله) بقوله: (مطلق التصرف) أي: يكون مطلق التصرف في ماله، فيخرج عنه من هو مطلق التصرف في مال غيره وهو الولي، لكن قد صرح في "أصل الروضة" بصحة إعتاق الولي كما تقدم، وأشار به إلى إعتاق الولي عن الصبي والمجنون إذا لزمتهما كفارة قتل، وهو مصرح به في "أصل الروضة" في بابه وغيره.

وأمَّا مَا في "أصل الروضة" في الباب الثاني من الصداق: أنه لو لزم الصبي كفارة قتل فأعتق الولي عنه عبدًا لنفسه .. لم يجز؛ لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه، وإعتاق عبد الطفل لا يجوز (1)، فهو وهم على المتولي؛ فإنه لم يصور ذلك بالكفارة، بل أطلق ذلك، ومراده: عتق التبرع؛ فإنه صرح في كفارة القتل بإعتاق الولي عنه، ودخل في كلامهم إعتاق الولي عن السفيه في كفارة القتل ونحوها كاليمين والظهار والجماع في رمضان، لكنه ذكر في باب الحجر أنه ينتقل في كفارة اليمين إلى الصوم.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا يصح إعتاق السفيه بمباشرته إلا في ثلاث صور:

إحداها: إذا أذن له وليه في إعتاق عبده عن اللازم له قبل حجره ونحو ذلك.

الثانية: إذا وكله إنسان بأن يعتق عبد نفسه .. فمقتضى ما ذكر في توكله في قبول النكاح جوازه.

الثالثة: قال السفيه لإنسان مطلق التصرف: أعتق عبدك عني مجانًا .. فقياس المذكور فيما إذا أصدق عن ابنه أكثر من مهر المثل من مال الأب: أن يصح لحصول المصلحة.

6372 -

قول "المنهاج"[ص 585]: (ويصح تعليقه)، قال في "التنبيه" [ص 144]:(على الأخطار والصفات) أي: المحقق الوقوع وغيره، وقد يفهم كلامهما أنه يعتبر في تعليق الإعتاق إطلاق التصرف، وليس كذلك؛ فإنه يصح تعليقه من الراهن المعسر والموسر على صفه توجد بعد الفك، أو يحتمل وجودها قبله وبعده، وكذا من مالك العبد الجاني الذي تعلقت الجناية برقبته، ومن المحجور عليه بفلس أو ردة.

6373 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (ويجوز العتق في العبد) لا فائدة فيه بعد قوله: (العتق قربة)(2) وإنما ذكره توطئة لقوله بعده: (وفي بعضه)(3)، وقول "المنهاج" [ص 585]:(ويصح إضافته إلى جزء فيعتق كله) أي: إن كان باقيه له، فإن كان لغيره .. فسيأتي.

(1) الروضة (7/ 274).

(2)

التنبيه (ص 144).

(3)

التنبيه (ص 144).

ص: 782

ويرد عليه: ما إذا وكل وكيلًا بإعتاق عبد فأعتق الوكيل نصفه .. فالأصح: عتق ذلك النصف فقط، ولا يرد ذلك على قول "التنبيه" [ص 144]:(فإن أعتق بعض عبده .. عتق جميعه) على أن شيخنا في "تصحيح المنهاج" قال: الأصح عندنا: القطع بأنه يعتق كله، واستشكل في "المهمات" عدم السراية: بأن في "أصل الروضة" أنه لو وكل شريكه في عتق نصيبه فأعتق الشريك النصف الموكل فيه .. سرى إلى نصيب الوكيل (1)، قال: فإذا حكم بالسراية إلى ملك الغير بالعتق الصادر من الوكيل .. فلأن يسري إلى ملك نفسه أولى، فكيف يستقيم الجمع بينهما؟ ! وظاهر كلامهما في إعتاق البعض أنه يقع على الكل دفعة واحدة، والأصح: أنه يقع ما سماه ثم يقع على الثاني بالسراية.

6374 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (وصريحه: العتق والحرية)"والمنهاج"[ص 585]: (تحرير وإعتاق) و"الحاوي"[ص 699]: (به) أي: بإعتاق وتحرير.

أورد عليه شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن التحرير والإعتاق اللذان هما مصدران ليسا صريحين، إنما الصريح ما اشتق منهما، فلو قال: أنت تحرير أو إعتاق .. كان كقوله للمرأة: أنت طلاق؛ فيكون كناية في الأصح، فكان ينبغي أن يقولوا: ما اشتق من التحرير والإعتاق، ويستثنى من ذلك صور:

منها: لو كانت أمته تسمى قبل جريان الرق عليها حرة، فقال لها: يا حرة؛ فإن لم يخطر له النداء باسمها القديم .. عتقت، وإن قصد نداءها .. لم تعتق على الأصح، ووقع في "الكفاية": إن قصد النداء .. لم تعتق، وإن أطلق .. فالأشبه كذلك، فكأنه انعكس عليه، ولو كان اسمها في الحال حرة؛ فإن قصد النداء .. لم تعتق، وكذا إن أطلق على الأصح، وذكر "الحاوي" الحالة الأولى بقوله [ص 699]:(بلا قصد اسمه القديم).

الثانية بقوله في الكنايات [ص 699]: (يا حر للمسمى به).

ومنها: لو قال: أنت حر مثل هذا العبد .. فذكر الرافعي: أنه رأى بخط الروياني في فروع حكاها عن والده وغيره أنه يحتمل أن لا تحصل الحرية؛ لأن حرية الرق غير ثابتة في المشبه به، فتحمل على حرية الخلق، ولو قال: أنت حر مثل هذا، ولم يقل: العبد .. يحتمل أن يعتقا، [والأوضح] (2): أنهما لا يعتقان (3)، وقال النووي في الأولى: ينبغي أن يعتق، وفي الثانية: الصواب هنا: عتقهما (4).

(1) الروضة (12/ 131).

(2)

في (ب): (والأصح).

(3)

انظر "فتح العزيز"(13/ 405).

(4)

انظر "الروضة"(12/ 184).

ص: 783

وفي "المهمات": الصواب في الثانية: عتق الأول دون الثاني؛ لأنهما خبران مستقلان.

ومنها: في "فتاوى الغزالي": أنه لو اجتاز بالمكاس فخاف أن يطالبه بالمكس عن عبده، فقال: أنه حر ليس بعبد، وقصد الإخبار .. لم يعتق فيما بينه وبين الله تعالى، وهو كاذب (1)، قال الرافعي: ومقتضاه: أنه لا يقبل ظاهرًا، قال في "المهمات": ومقتضى المذهب خلافه؛ فإنه لو قال لها: أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد الطلاق من ذلك الوثاق .. فإنه يقبل على الأصح؛ للقرينة، ومروره بالمكاس قرينة ظاهرة في إرادة صرف اللفظ عن ظاهره (2).

ومنها: في "فتاوى الغزالي" أيضًا: أنه لو قال: افرغ من هذا العمل قبل العشاء وأنت حر، وقال: أردت حر من العمل دون العتق .. دين، ولا يقبل ظاهرًا (3).

ومنها: في "فتاوى الغزالي": أنه لو زاحمته امرأة فقال: تأخري ياحرة، فبانت أمته .. لا تعتق (4).

ومنها: ما لو قال: أعتقك الله، أو الله أعتقك، وفيه أوجه: ثالثها: صراحه: الله أعتقك، بخلاف عكسه؛ فإنه دعاء، وفي زيادة "الروضة" في أوائل البيع عن "فتاوى الغزالي": أن باعك الله وأقالك الله، كناية (5).

6375 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (وفي قوله: "فككت رقبتك" وجهان، أحدهما: أنه صريح) هو الأصح في "المنهاج" وغيره، وعليه مشى "الحاوي"(6).

قول "المنهاج" في الكنايات [ص 585]: (وكذا كل صريح أو كناية للطلاق) استثنى منه "الحاوي" قوله: (أنا منك حرٌّ)(7) أي: فإنه ليس كناية في العتق، وإن كان قوله:(أنا منك طالق) كناية في الطلاق.

ويستثنى أيضًا: ما لو قال لعبده: اعتد أو استبرئ رحمك ونوى العتق .. فإنه لا ينفذ؛ لاستحالته في حقه كما في "أصل الروضة" في الطلاق، ولو قاله لأمته .. فوجهان (8)، وينبغي اختصاصهما بما إذا لم تكن الأمة موطوءة، فإن كانت .. كان ذلك كناية قطعًا.

وألحق به شيخنا في "تصحيح المنهاج" ما لو قال له: أنت عليّ حرام، أو كالميتة أو

(1) فتاوى الغزالي (ص 127) مسألة (184).

(2)

انظر "فتح العزيز"(13/ 306، 307).

(3)

فتاوى الغزالي (ص 130) مسألة (190).

(4)

فتاوى الغزالي (ص 129) مسألة (189).

(5)

الروضة (3/ 339).

(6)

الحاوي (ص 699)، المنهاج (ص 585).

(7)

الحاوي (ص 700).

(8)

الروضة (8/ 27).

ص: 784

كالخنزير، إلا أن يريد: خدمتك عليَّ حرام .. فإنه يكون كناية، واستثنى شيخنا من ذلك أيضًا قوله:(تجرعي وذوقي) فإنه كناية في الطلاق، ولا تجري في الأمة والعبد، إلا إذا كان مرادهما: دوام الملك عليهما .. فيكون كناية، قال شيخنا أيضًا: ومما يزاد على المصنف: الظهار؛ فإنه كناية في الإعتاق، وليس بصريح ولا كناية في الطلاق.

6376 -

قول "الحاوي" في ألفاظ الكنايات [ص 699]: (وسيّدي) حكاه في "أصل الروضة" عن الإمام، وعن القاضي حسين والغزالي: هو لغو (1)، وقال في "الشرح الصغير": الأشبه عند الإمام وغيره: أنه كناية، وهو الجواب في "التهذيب"(2).

6377 -

قول "المنهاج"[ص 585]: (ولو قال: "عتقك إليك" أو "خيَّرتك" ونوى تفويض عتقه إليه فأعتق نفسه في المجلس .. عتق) فيه أمور:

أحدها: أن عبارة "المحرر" و"الروضة" وأصلها: (جعلت عتقك إليك)(3)، فحذف "المنهاج" لفظ: جعلت؛ فكأنه رأى أنها غير مؤثرة، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهو محتمل.

ثانيها: أن قوله: (خيرتك) بخاء معجمة من التخيير، كذا هو في نسخ "المنهاج"، وعبارة "الروضة" وأصلها:(حررتك)(4) بالحاء المهملة من التحرير، وهو غير مستقيم؛ فإن هذه اللفظة صريحة في تنجيز العتق.

قال في "المهمات" وصوابه: حريتك مصدرًا مضافًا كاللفظ المذكور قبله، وهو العتق، والظاهر أن الرافعي إنما ذكره هكذا، ولكن تحرف على النساخ فتابعهم في "الروضة".

قلت: متى كانت الصيغة: جعلت حريتك إليك .. كان صريحًا في التفويض، ولم يحتج إلى نية.

ثالثها: قد تفهم عبارته عود هذه النية للصورة الأولى أيضًا، وليس كذلك، بل هي خاصة بالأخيرة، قاله شيخنا في "تصحيح المنهاج".

رابعها: مقتضى عبارته: امتداد ذلك إلى انقضاء المجلس، وليس كذلك، وعبارة "أصل الروضة": فأعتق نفسه في الحال (5)، وهو المعتمد كنظيره من تفويض الطلاق.

6378 -

قوله: (أو "أعتقتك على ألف"، أو "أنت حر على ألف" فقبل، أو قال له العبد:

(1) الروضة (12/ 108)، وانظر "نهاية المطلب"(19/ 250، 251).

(2)

التهذيب (8/ 355).

(3)

المحرر (ص 515)، فتح العزيز (13/ 309)، الروضة (12/ 109).

(4)

الروضة (12/ 109)، وأما فتح العزيز (13/ 309) ففيها:(خيرتك).

(5)

الروضة (12/ 109).

ص: 785

"أعتقني على ألف" فأجابه .. عتق في الحال ولزمه الألف) (1) قال شيخنا ابن النقيب: كأنه انتقال من مسألة إلى أخرى؛ فالذي في "الروضة" و"الشرح" في الصور الثلاث: عتق، ولم يقل: في الحال؛ إذ لا فائدة له، ثم قال: ولو قال: (أعتقتك كذا إلى شهر) فقبل .. عتق في الحال، والعوض مؤجل؛ فلعله انتقل من هذه إلى ما ذكر (2).

وكذا قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": قوله: (في الحال) زيادة لا معنى لها، فإن قيل: معناها: أنه لا يتوقف عتقه على إعطاء الألف .. قلنا: ومن أين يتخيل هذا حتى يذكر ما يخرجه، وإنما يتخيل هذا فيما إذا قال: أعتقتك على ألف إلى شهر؛ فإن العبد إذا قبل .. يعتق في الحال والألف مؤجل.

6379 -

قوله: (ولو قال: "بعتك نفسك بألف"، فقال: "اشتريت" .. فالمذهب: صحة البيع)(3)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": فيه تجوز؛ فإنه ليس عقد بيع على الأصح، وإنما هو عقد عتاقة؛ ولهذا يثبت الولاء للسيد، ولا يثبت فيه خيار المجلس.

6380 -

قوله: (ويعتق في الحال وعليه ألف، والولاء لسيده)(4) إن كان داخلًا فيما عبر عنه بالمذهب .. ورد عليه أن لزوم الألف له لا خلاف فيه.

6381 -

قوله: (ولو أعتقه - يعني: الحمل

عتق دونها) (5) محله: بعد نفخ الروح فيه؛ ففي "أصل الروضة" في أواخر العتق عن "فتاوى القاضي حسين": أنه لو كانت جاريته حاملًا والحمل مضغة فقال: أعتقت مضغة هذه الجارية .. كان لغوًا؛ لأن إعتاق ما لم ينفخ فيه الروح لغو، ولو قال: مضغة هذه الجارية حر .. فهو إقرار بأن الولد انعقد حر، أو تصير الأم به أم ولد، قال النووي: ينبغي ألا تصير حتى يقر بوطئها؛ لأنه يحتمل أنه حر من وطء أجنبي بشبهة (6).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وقوله: (حتى يقر بوطئها) غير كاف، وصوابه: حتى يقر بأن هذه المضغة منه، قال: وقوله: (مضغة هذه الجارية حر) لا يتعين للإقرار؛ فقد يكون إنشاء؛ كقوله: أعتقت مضغة هذه الجارية. انتهى.

وقد لا يرد هذا على قول "الحاوي"[ص 700]: (وتبعها حمل له، لا العكس) فإنه إنما ذكر أن الأم لا تتبع الحمل في الإعتاق، ولم يطلق صحة إعتاق الحمل حتى يستثنى منه ما تقدم.

(1) انظر "المنهاج"(ص 585).

(2)

السراج على نكت المنهاج (8/ 339)، وانظر "فتح العزيز"(13/ 309)، و"الروضة"(12/ 109).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 585).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 585).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 585).

(6)

الروضة (12/ 183).

ص: 786

6382 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (وإن أعتق شركًا له في عبد، فإن كان معسرًا .. عتق نصيبه ورق الباقي) أي: استمر رقيقًا، وكذا لو أعتق جميعه؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص 585، 586]: (وإن كان بينهما عبد فأعتق أحدهما كله أو نصيبه .. عتق نصيبه، فإن كان معسرًا بقي الباقي لشريكه)، وكذا لو أعتق بعض نصيبه، وسواء كان ذلك بنفسه أو بوكيله؛ ولذلك أطلق "الحاوي" السراية (1).

قال الروياني: ولو اقترض المعسر وأدى القيمة .. لم يكن للشريك قبولها، وصورة عتق نصيبه: أن يقول: نصيبي منك حر، أو أعتقت نصفك الذي لي، فلو قال: نصفك حر وكان يملك نصفه .. فهل يعتق نصيبه كله ابتداء، أم يقع على نصف النصف مشاعًا فيعتق الربع، ثم يسري إلى ربع آخر فقط إن كان معسرًا وإلى الكل إن كان موسرًا؟ وجهان، قال الإمام: ولا فائدة لهما إلا في تعليق طلاق أو عتق (2)، وقال ابن الرفعة: فائدتهما لو وكله شريك في عتق نصيبه .. فعلى الإشاعة يعتق جميعه عليهما، وعلى مقابله لا يعتق حصة الشريك، وقد حكى الرافعي هذا الخلاف، وبناه على هذا الأصل، فقال: ولهذا التفات على أن النصف المطلق يحمل على ملكه أو يشيع (3).

وذكر له في "المهمات" فائدة أخرى، يحمل هي: ما إذا قال: أعتق نصفك عني على ألف، فأطلق إعتاق النصف؛ فإن نزلناه على نصفه .. استحق الألف، وإن قلنا: يكون شائعًا حتى لا يعتق أولًا إلا نصف نصيبه ثم يسري .. فالراجح: أنه لا يستحق إلا نصف الألف كما صحح النووي فيما لو سألته الطلاق ثلاثًا على ألف فطلقها طلقة ونصفًا؛ لأن الإعتاق على مال كالخلع على مال (4).

واستثنى شيخنا في "تصحيح المنهاج" من رق الباقي في المعسر: ما إذا باع شقصًا من رقيق ثم أعتق الباقي في مدة الخيار .. فإنه يسري إلى حصة المشتري، ولو كان البائع معسرًا؛ لأنه لو باعه كله ثم أعتقه في الخيار .. نفذ، ولا يقال: لما سرى .. كان فسخًا، فلا شركة؛ لأن الشركة كانت قائمة ولكن انقطعت بالسراية، وكذا لو اشترى ثوبًا بشقص من رقيقه ثم أعتق الباقي على ملكه قبل لزوم البيع، قال شيخنا: ويجري هذا في كل معاوضة محضة في حال خيار المجلس أو الشرط، ولم أر من تعرض لذلك.

6383 -

قولهما - والعبارة لـ "المنهاج" -: (وإلا .. سرى إليه أو إلى ما أيسر به)(5) يستثنى

(1) الحاوي (ص 701).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(19/ 205).

(3)

انظر "فتح العزيز"(13/ 340).

(4)

انظر "الروضة"(7/ 418).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 144)، و"المنهاج"(ص 586).

ص: 787

منه: ما لو كان نصيب الشريك مستولدًا؛ بأن استولدها وهو معسر .. فلا سراية على الأصح، ولو استولدها أحدهما وهو معسر ثم استولدها الثاني ثم أعتقها أحدهما .. ففي السراية الوجهان، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 207]:(لا إن أولد) وكذا حكم عكسه؛ بأن يوسر الشريك المستولد ويعتق حصته .. فلا يسري إلى الباقي؛ لأن شريكه لو أعتق حصته .. لم يسر إلى حصة المستولد، فكذا الآخر.

قال في "الكفاية": ولو تعلق بحصة الذي لم يعتق حق لازم؛ كما إذا كانت موقوفة .. لم يسر العتق إليها قولًا واحدًا.

وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج" صورًا لا يعتبر فيها اليسار بالقيمة عن نصيب الشريك، بل بالثمن الذي تواضعا عليه المقابل لمحل السراية:

منها: أن يبيع بعض عبده، ويلزم البيع ثم يعتق الباقي على ملكه قبل القبض .. فيسري إلى الحصة المبيعة إذا كان موسرًا بالثمن المقابل لها، وحنيئذ .. فينفسخ البيع؛ لأن إتلاف البائع قبل القبض كآفة سماوية في الأصح، ويعود الثمن إلى المشتري، فلم نعتبر اليسار بالقيمة؛ لأنها غير واجبة، قال شيخنا: ويقاس به كل معاوضة عُقد فيها على شقص رقيق ثم أعتق المالك الباقي.

6384 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج": (وعليه قيمة ذلك يوم الإعتاق)(1) فيه أمور:

أحدها: مقتضاه: إيجاب قيمة ذلك البعض كالنصف مثلًا، لا نصف قيمة الجميع، وبينهما فرق ظاهر؛ فإن نصف القيمة أكثر من قيمة النصف لأجل التشقيص، وتكرر في كلام الرافعي ما يقتضي قيمة النصف، لكنه ضرب مثالًا في عبد قيمته عشرون (2)، وإنما يستقيم على إيجاب نصف القيمة، وفي "المهذب" في هذه المسألة: أن الواجب قيمة النصف (3)، وتقدم ذلك في الصداق.

ثانيها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": يستثنى من ذلك: الصور السابقة في حال الخيار وفي حال اللزوم؛ فإنه ليس على المعتق فيها قيمة مع وجود السراية، ويضاف إليها صور تحصل فيها السراية ولا يغرم فيها المعتق قيمة ما ذكر:

إحداها: إذا وهب الأصل لفرعه شقصًا من رقيق وقبضه ثم أعتق الأصل الباقي على ملكه .. فإنه يسري إلى نصيب الفرع مع اليسار، ولا يغرم له شيئًا على الأرجح، وشاهده ما لو أعتق الأصل ما وهبه لفرعه .. فإنه يكون راجعًا، ويصح العتق على وجه، أو راجعًا ولا عتق على وجه، أو

(1) انظر "التنبيه"(ص 144)، و "الحاوي"(ص 702)، و"المنهاج"(ص 586).

(2)

انظر "فتح العزيز"(13/ 316).

(3)

المهذب (2/ 3).

ص: 788

لا يصح الرجوع ولا العتق وهو المصحح، قال شيخنا: وهذا لا يأتي فيما نحن فيه؛ لصحة السراية قطعًا، فتعين أن يكون راجعًا، وذلك يمنع الغرم.

الثانية: باع شقصًا من رقيق ثم حجر على المشتري بالفلس فأعتق البائع نصيبه .. فإنه يسري إلى الباقي الذي له الرجوع فيه بشرط يساره، ولا يغرم له شيئًا؛ لأن عتقه صادف ما كان له أن يرجع فيه.

الثالثة: إذا كان لبيت المال شقص من رقيق فأعتقه الإمام .. فيحتمل السراية مع الغرم وعدمه، وعدم السراية هو أرجح؛ فلا استثناء (1).

ثالثها: ظاهر عبارة "المنهاج": أن اعتبار قيمة يوم الإعتاق على الأقوال كلها، وبه صرح في "المحرر"(2)، وهو كذلك، وقيل: إذا قلنا بالأداء .. فالاعتبار بيوم الأداء، وقيل: بالأكثر، ورجحه الإمام والغزالي (3)، ونقل "الروضة" عنهما اعتبار يوم الأداء وهمٌ.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأولى أن يقال: وقت العتق المرتب على الإعتاق؛ لأنه هو الذي حصلت به السراية، والقياس: أن يقال: وقت السراية؛ لأنها التي حصل بها زوال ملك الشريك الذي لم يعتق.

رابعها: المراد بيوم الإعتاق والأداء: وقت الإعتاق والأداء، وإطلاق اليوم جري على الغالب في أن قيمته لا يختلف في اليوم الواحد، أو أريد باليوم القطعة من الزمان.

6385 -

قول "الحاوي"[ص 702]: (قدر فاضل متروك المفلس) أي: يسري بقدر ما يفضل مما يترك للمفلس.

ضبط ذلك شيخنا في "تصحيح المنهاج" بضبط آخر لم يسبق إليه فقال: الموسر في السراية: من يملك ما يوفي المطلوب أو شيئًا منه عينًا لم يتعلق بها ما سيذكر أو دينًا حالًا على ما يتيسر تحصيله منه، ومادة ذلك ما ذكر في الزكاة من وجوب الإخراج وعدم وجوبه، وما فيه قولان؛ فيعود أن هنا وفي الأجرة قبل استيفاء المنفعة قولان، أصحهما: أنه لا تجب الإخراج إلا عن الذي تقرر، ولكن الأرجح هنا: أنه يُعَدّ به موسرًا، ويوفى به الدين؛ لأن هذا في مقابلة ما أتلف؛ فتعلق بما يملكه المتلف، وإن لم يستقر ملكه عليه، بخلاف الزكاة؛ فإن فيها معنى المواساة، وإنما يُواسي من تم ملكه، قال: ويخرج من ذلك أن العين إذا كانت مغصوبة بحيث لا يقدر مالكها على انتزاعها من الغاصب .. لا يُعَدُّ بها موسرًا في السراية وكذا الضال والآبق والدين الذي على المكاتب، وأما العين التي تعلق بها حق عبادة .. فلا يعد بها موسرًا، وذلك في الماء الذي تعلقت به

(1) انظر "حاشية الرملي"(4/ 438، 439).

(2)

المحرر (ص 515، 516).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(19/ 220، 221)، و"الوجيز"(2/ 271).

ص: 789

الطهارة بعد الوقت، وكذا ما تعلق به حق رهن مقبوض بدين مؤجل أو جناية توجب مالًا متعلقًا برقبة العبد ولا فضلة فيها ولا في الرهن بدين حال، فإن كان هناك فضلة .. فهو موسر بالفضلة بالنسبة إلى السراية، وكذا المبيع الذي تعلق به حق الحبس للبائع، وإذا كانت العين غائبة بحيث يجوز أن يعطي من الزكاة .. فإنه لا يُعَدّ بها موسرًا، ولو كانت العينُ السريةَ التي أعف الفرع أصله بها، وحجر عليه الحاكم فيها .. فإن الأصل لا يعد بها موسرًا؛ لعدم إمكان تصرفه فيها ولا تباع هذه في دين الأصل، ولا اعتبر مؤنة من تلزمه نفقته ذلك اليوم خلافًا لما قالوه؛ لأنه في الزوجة دين، وفي غيرها ينزل منزلته؛ فهو كغيره من الديون، وكونه يُترك ذلك لمن يباع ماله في الدين لا يخرجه عن اليسار، والرهن الشرعي في عدم اليسار كالوضعي بدين حال؛ لأن الرهن الشرعي لا يكون إلا على دين حال، فإذا كان المعتق وارثًا لتركة عليها دين ولا فضل فيها .. فليس بموسر، وإلا .. فهو موسر بالفضل، ولا يعد موسرًا بالأجرة المستقبلة في الموقوف عليه والمستولدة قطعًا، ولو أمكن إجارته مدة بمعجل .. فإنه يتعلق بالمستقبل لا بالكائن عند الإعتاق، ولا نظر إلى ما ذكر في المفلس؛ لأن الديون تتعلق بذلك.

6386 -

قول "التنبيه"[ص 144]: (ومتى يعتق حصة الشريك؟ فيه ثلاثة أقوال، أحدها: يعتق في الحال) هو الأظهر، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"، ويستثنى منه: ما لو كاتبا المشترك ثم أعتق أحدهما نصيبه .. فإنما يحكم بالسراية بعد العجز عن أداء نصيب الشريك على الصحيح (1)، وظاهر كلامهم عتق حصة الشريك مع الإعتاق، وصحح الرافعي ترتبه على الملك، ذكره في التماس الإعتاق.

6387 -

قول "التنبيه" تفريعًا على هذا القول [ص 144]: (فإن اختلفا في القيمة .. فالقول قول المعتق) محله: إذا مات أو غاب أو طال العهد، فإن كان حاضرًا، والعهد قريبًا .. أخذ بقول أهل الخبرة.

6388 -

قولهما - والعبارة لـ "المنهاج" -: (وفي قول: بأداء القيمة)(2) كذا الاعتياض عنها، وقال الماوردي: لا يكفي الإبراء (3)، وصحح شيخنا في "تصحيح المنهاج" صحته والاكتفاء به، قال: ولو رضي بذمته .. فالأرجح: أنه يسري كرضا المشتري بذمة الشفيع، ويحتمل أنه لابد من الإعطاء كما هو ظاهر الأحاديث.

6389 -

قول "التنبيه" على هذا القول [ص 144]: (فإن اختلفا في القيمة .. فالقول قول

(1) في (د): (وقد صرح به "الحاوي" فقال [ص 702]: "وإن كاتب إذا عجز").

(2)

انظر "التنبيه"(ص 144)، و"المنهاج"(ص 586).

(3)

انظر "الحاوي الكبير"(18/ 13، 14).

ص: 790

الشريك) قد يفهم أن التفريع على الثالث بخلافه، وليس كذلك؛ فالقول قول الشريك تفريعًا على الثالث أيضًا.

6390 -

قولهما: (وفي قول: إن دفعها .. بأن أنها بالإعتاق)(1) قد يفهم أنه ليس للشريك المطالبة بذلك على هذا القول، وليس كذلك، بل له المطالبة على الأقوال كلها، ويجبر على القبول إن امتنع.

6391 -

قول "التنبيه" في عتق أم الولد [ص 148]: (إذا وطئ جاريته أو جارية يملك بعضها فأولدها .. فالولد حر والجارية أم ولد) محله في المشتركة: أن يكون موسرًا؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص 586]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 701]: (واستيلاد أحد الشريكين الموسر يسري) وفيه أمران:

أحدهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": يستثنى من اعتبار اليسار: إذا كان الشريك المستولد أصلًا لشريكه .. فإنه يسري وإن كان معسرًا كما لو استولد الجارية التي كلها له.

ثانيهما: قال شيخنا أيضًا: يزاد استيلاد أصل أحد الشريكين واستيلاد راهن النصف يسري إلى المرهون إن كان موسرًا، ويحتمل أن يثبت الاستيلاد في الجميع بلا سراية؛ لأنه يملك كلها، قال: ويجيء ذلك أيضًا في الرهن الشرعي في التركة، وفي الجارية الجانية إذا كانت بين شريكين ففدى أحدهما نصيبه ثم اشتراه الذي لم يفد واستولدها؛ فإنه يسري الاستيلاد بشرط اليسار إلى النصف المتعلق به حق المجني عليه.

6392 -

قول "المنهاج"[ص 586]: (وعليه قيمة نصيب شريكه) يستثنى منه ما سبق في سراية العتق.

6393 -

قوله: (وحصته من مهر المثل)(2) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا إذا تأخر الإنزال عن تغيب الحشفة كما هو الغالب، فلو سبق الإنزال (3) .. فقد سبق ما يقتضي الاستيلاد المقتضي لانتقال الملك للمستولد على ما يوجب حصة الشريك من مهر المثل، فيكون كحصته من قيمه الولد، وهي لا تجب على قول تعجيل السراية، ولا على قول [التبيين](4)، وقد ذكر الإمام نحو ذلك في استيلاد الأصل جارية فرعه (5)، وحكاه الرافعي عنه (6)، ولم يذكراه هنا.

(1) انظر "التنبيه"(ص 144)، و"المنهاج"(ص 586).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 586).

(3)

في (د): (فلو سبق الإنزال عن تغيب الحشفة).

(4)

في (د): (تبين الملك).

(5)

انظر "نهاية المطلب"(12/ 199).

(6)

انظر "فتح العزيز"(13/ 327).

ص: 791

6394 -

قوله: (وتجري الأقوال في وقت حصول السراية)(1) مقتضاه: أن أصحها: السراية بنفس العلوق، وبه صرح في "أصل الروضة"(2).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وقت العلوق لا اطلاع لنا عليه، فيقال: تبين بالوضع حصول السراية بنفس العلوق إن ظهر بإنزال عُرف وقته.

6395 -

قوله: (ولا يمنع السراية دين مستغرق في الأظهر)(3) فيه أمور:

أحدها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وصف الاستغراق ذكره المصنفون ولا حاجة إليه، بل يجري الخلاف وإن لم يستغرق، فإذا أوجبت السراية مائة وهي عنده لكن عليه خمسون .. لم يسر على ذلك القول إلا بقدر خمسين، قال: وكلامهم في الزكاة وهي أصل هذه المسألة صريح في الذي قررته.

قلت: ولذلك أطلق "الحاوي" في قوله [ص 699]: (لا قرينة).

ثانيها: قال شيخنا أيضًا: لم أقف على القولين في كلام الشافعي، واتفقوا على أن الخلاف في ذلك من اختلاف قولي الشافعي في أن الدين هل يمنع وجوب الزكاة؟ فهما وجهان إلا عند من يحكي المخرج قولًا، والذي يتجه عندنا القطع بأن الدين لا يمنع السراية.

ثالثها: ذكر الماوردي أن محل الخلاف في الحال (4)، فلا يمنع المؤجل قطعًا.

رابعها: لو كان بالدين الحال رهن لازم، وليس له غيره ولا يفضل منه شيء لو بيع .. لم يسر قطعًا.

خامسها: محل الأظهر: ما لم يحجر عليه الحاكم ويعين لكل غريم شيئًا من ماله؛ فإن هذا إذا حال عليه الحول .. لا زكاة عليه عند الأكثرين، ومقتضاه: أنه لو وهب له شقص ممن يعتق عليه بالملك فقبله وقبضه .. لم يسر عليه، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج" ثم قال: وهذا على اعتقادهم أن باب السراية مساوٍ لباب الزكاة في ذلك، والذي عندي أنه يسري على المحجور عليه بقدر المضاربة كدين حدث (5).

6396 -

قوله: (ولو قال لشريكه الموسر: "أعتقت نصيبك فعليك قيمة نصيبي"، فأنكر .. صدق بيمينه، فلا يعتق نصيبه، ويعتق نصيب المدعي بإقراره إن قلنا: يسري بالإعتاق)(6) فيه أمور:

(1) انظر "المنهاج"(ص 586).

(2)

الروضة (12/ 121).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 586).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(18/ 21).

(5)

انظر "حاشية الرملي"(4/ 439).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 586).

ص: 792

أحدها: قد يفهم منه أنه لو نكل عن اليمين فحلف المدعي .. عتق نصيبه، والأصح خلافه؛ لأن الدعوى إنما توجهت عليه بسبب القيمة، وإلا .. فلا معنى للدعوى على إنسان بأنه أعتق عبده، وإنما هذا وظيفة العبد، لكن لو شهد آخر مع المدعي .. عتق، وفائدة حلف المدعي اليمين المردودة: استحقاق القيمة.

ثانيها: قيد في "أصل الروضة" إعتاق نصيب المدعي بأن يحلف المدعى عليه أو ينكل ويحلف المدعي (1)، ولم يظهر لي وجهه؛ فإنهما لو نكلا معًا .. كان الحكم كذلك فيما يظهر؛ لوجود العلة في ذلك، وهي إقراره.

ثالثها: كلامه يفهم أنه لا يعتق على القولين الآخرين، وعبارة "أصل الروضة": وإن قلنا بالمتأخر .. لم يعتق (2)، قال شيخنا ابن النقيب: وهذا واضح فيما إذا حلف المدعى عليه، أما إذا لم يحلف وحلف المدعي المردودة .. فينبغي أن يعتق جزمًا؛ فإنه قد أخذ القيمة (3).

رابعها: أسقط شيخنا في "تصحيح المنهاج" من لفظ "المنهاج"(الموسر) ثم اعترض عليه: بأنه ناقص، قال: وكأنه استغني بقوله: (فعليك قيمة نصيبي) عن ذلك، والذي رأيته في عدة نسخ صحيحة إثبات هذه اللفظة؛ فلا اعتراض.

6397 -

قوله: (ولو قال لشريكه: "إن أعتقت نصيبك .. فنصيبي حر بعد نصيبك"، فأعتق الشريك وهو موسرٌ .. سرى إلى نصيب الأول إن قلنا: السراية بالإعتاق، وعليه قيمته)(4) فيه أمور:

أحدها: أنه لا حاجة إلى قوله: (بعد نصيبك) فإنه لو أطلق قوله: (فنصيبي حر) .. كان حكمه كذلك، وإنما يخالفه أن لو قال: قبله؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 701]: (وسرى وإن علق عليه عتقه، لا بسبق ومعية) فدخل في كلامه أولًا حالة الإطلاق.

ثانيها: مقتضى تقييد السراية بالتفريع على أنها بالإعتاق: أنا إذا قلنا بغيره .. كان بخلافه، وليس كذلك؛ فإنا إذا قلنا بالتبيين .. كان الحكم كذلك إذا أديت القيمة، وإن قلنا بالأداء .. فنصيب المعلق عمن يعتق فيه وجهان بلا ترجيح في "الروضة"(5)، وصحح شيخنا في "تصحيح المنهاج" أنه يسري عند الأداء ويعتق عن المنجز لا عن المعلق، وهو مقتضى بناء الرافعي ذلك على الخلاف في أنه إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه هل ينفذ إعتاق الآخر قبل أداء القيمة تفريعًا على هذا

(1) الروضة (12/ 127).

(2)

الروضة (12/ 127).

(3)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 343).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 586، 587).

(5)

الروضة (12/ 125).

ص: 793

القول؟ (1) والأصح .. أنه لا ينفذ، فيكون الأصح: عتقه بالسراية لا بالتعليق.

ثالثها: في "أصل الروضة" في الباب الأول من الوصايا ما يقتضي التسوية بين التعليق والسراية (2)، ويؤيده أن الأصح: مقارنة المشروط لشرطه، ومقتضاه: تقديم التعليق؛ فإن السراية متأخرة، فيتعارض هذا مع ما علل به تقديم السراية، وتلزم القرعة.

6398 -

قول "المنهاج"[ص 587]: (فلو قال: "فنصيبي حر قبله"، فأعتق الشريك؛ فإن كان المعلق معسرًا .. عتق نصيب كل عنه، والولاء لهما، وكذا إن كان موسرًا وأبطلنا الدور، وإلا .. فلا يعتق شيء) فيه أمور:

أحدها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لعتق نصيب المعلق عنه شرط، وهو: أن يمضي بعد تعليقه قبل إعتاق المنجز زمن يسع الحكم بوقوع العتق عن المعلق، ونص الشافعي على ما يقتضيه فقال: فيما لو قال: أنت طالق قبل أن أموت بشهر .. لا يقع الطلاق حتى يعيش بعد القول أكثر من شهر بوقت يقع فيه الطلاق (3).

ثانيها: عتق نصيب كل منهما عنه إذا كان موسرًا تفريعًا على إبطال الدور، كذا هو في "أصل الروضة"(4)، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن الرافعي تبع فيه البغوي (5)، وهو غير معتمد، قال: والأصح المعتمد تفريعًا على إبطال الدور: أنه يعتق كله عن المنجز بالمباشرة في نصيبه والسراية في نصيب شريكه؛ لأنا إذا أبطلنا الدور .. ألغينا قوله قبله، فصار كالإطلاق.

ثالثها: قال شيخنا أيضًا: تصحيح الدور هنا يؤدي إلى إبطال إعتاق الشريك نصيبه، وقد اتفق الأصحاب على بطلان الدور فيما لو قال لزوجته: إن فسخت النكاح بعيبي أو بعتقك .. فأنت طالق قبله ثلاثًا؛ لأن فيه إبطال تصرف الزوجة، ومقتضاه: أن لا يأتي هنا خلاف الدور؛ لما فيه من منع نفوذ تصرف شريكه بالإعتاق في نصيبه، وإن أتى .. فيكون مستبعدًا ضعيفًا.

6399 -

قوله: (ولو كان عبد لرجل نصفه ولآخر ثلثه ولآخر سدسه، فأعتق الآخران نصيبهما معًا .. فالقيمة عليهما نصفان على المذهب)(6) فيه أمران:

أحدهما: قوله: (آخر) إن ضبطه المصنف بخطه بكسر الخاء؛ ليوافق قوله في "المحرر":

(1) انظر "فتح العزيز"(13/ 317).

(2)

الروضة (6/ 139).

(3)

انظر "الأم"(5/ 256).

(4)

الروضة (12/ 126).

(5)

انظر "فتح العزيز"(13/ 335).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 587).

ص: 794

(فأعتق الثاني والثالث)(1)، وإلا .. فلو قال:(فأعتق اثنان منهما) كما في "الروضة" وغيرهما .. كان الحكم كذلك (2)، ولهذا قال "الحاوي" [ص 702]:(بحصة رؤوس المعتقين) فتناول جميع الصور.

ثانيهما: لا بد أن يكون كل منهما موسرًا بنصف الواجب، فلو كان أحدهما موسرًا بما ينقص عن النصف .. سرى عليه بقدر يساره، والباقي على الموسر بالباقي، ولو كانا موسرين بدون الواجب .. سرى إلى ذلك القدر بحسب يسارهما، فإن تفاوتا في اليسار .. سرى على كل منهما بقدر ما يجد.

6400 -

قول "المنهاج"[ص 587]: (وشرط السراية: إعتاقه باختياره) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنها عبارة غير وافية بالمقصود، فمن اشترى شقصًا ممن يعتق عليه، أو قبل هبته أو الوصية به .. سرى عليه، وإن لم يصدر منه إعتاق، وإنما صدر منه تعاطي سبب الملك باختياره؛ فنزل ذلك منزلة إعتاقه. انتهى.

وقد أفصح بذلك "التنبيه" فقال [ص 145]: (وإن ملك بعضه - أي: بعض من يعتق عليه - فإن كان برضاه وهو موسر .. قوم عليه الباقي، وعتق عليه، وإن كان بغير رضاه .. لم يقوم عليه)، والظاهر أن ذلك لا يرد على "الحاوي" أيضًا؛ فإنه قال [ص 701]:(وسرى مختاره ولمأذونه؛ كشراء بعض، وقبول هبة، ووصية) فإنه لم يصرح بأن الاختيار للإعتاق، فأمكن حمله على اختيار سبب العتق، ويدل لذلك أمثلته، ولا فرق في شرائه لبعض أبيه بين علمه بأنه أبوه وجهله بذلك؛ لقصده التمليك، قاله "في البحر"، ولشيخنا في "تصحيح المنهاج" فيه احتمالان، ورجح هذا، وكأنه لم يستحضره حالة الكتابة منقولًا.

وما ذكرناه هو في غير المكاتب، إما المكاتب: فإذا اشترى بعض قريبه حيث يصح وعتق بعتقه .. فلا سراية؛ لأنه لم يعتق باختياره، بل عتق ضمنًا، حكاه في "أصل الروضة" في آخر الباب عن "فتاوى القفال"، وأقره (3).

وفيها في الكتابة قبل الحكم الرابع: أنه لو وهب للمكاتب بعض أبيه فقبله، وصححنا قبوله، فعتق المكاتب .. عتق عليه ذلك الشقص، وهل يقوم الباقي عليه إن كان موسرًا؟ وجهان، أصحهما: نعم (4).

(1) المحرر (ص 516).

(2)

الروضة (12/ 117).

(3)

الروضة (12/ 183).

(4)

الروضة (12/ 284).

ص: 795

وفي "البحر" وجهان في السراية فيما إذا اتهب السفيه جزء من يعتق عليه، أو قبل وصيته، ولو ملك بعضه بتعجيز مكاتبه؛ بأن اشترى بعض من يعتق على السيد ثم عجزه السيد .. فلا سراية في الأصح؛ لأن مقصوده فسخ الكتابة، والملك يحصل قهرًا.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الذي يترجح عندنا السراية؛ لأنه عارف بأن شقصًا ممن يعتق عليه مملوك لمكاتبه، فإذا عجز مكاتبه .. ملك ما كان في ملكه باختياره، فإن لم يعرف ذلك .. فهذا محتمل، والأرجح: السراية؛ فإن الإتلاف لا يختلف الحال فيه بين العلم والجهل بالنسبة إلى الضمان. انتهى.

ولو أوصى لزيد بشقص ممن يعتق على وارثه؛ كأن أوصى له ببعض ابن أخيه ومات زيد بعد موت الموصي وقبل قبول الوصية، فقبلها أخوه .. عتق عليه الشقص، والأصح في "أصل الروضة": أنه لا يسري (1)، وصحح شيخنا في "تصحيح المنهاج": السراية وقال: إنه مقتضى نص "الأم" و"المختصر".

ولو أوصى لزيد بشقص ممن يعتق عليه ولا يعتق على وارثه؛ بأن أوصى له بشقص من أمه ووارثه أخوه من أبيه، فمات زيد بعد موت الموصي وقبل قبول الوصية، وقبل أخوه الوصية .. عتق ذلك الشقص على الميت، ويسري إن كان له تركة يفي ثلثها بقيمة الباقي؛ لأن قبول وارثه كقبوله في الحياة، قال الإمام: هكذا ذكره الأصحاب، وفيه وقفة؛ لأن القبول حصل بغير اختياره، كذا في "أصل الروضة"(2)، ومقتضاه: أن هذه الوقفة لم يقل بمقتضاها أحد، وليس كذلك؛ فقد ذكر الرافعي في الوصية، أن الشيخ أبا على ذهب إلى عدم السراية، وحكاه عن بعض الأصحاب (3).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وفيه وقفة من جهة أخرى، وهي أن الميت معسر مطلقًا إلا أن يوصي بالتكميل، وسيأتي في "المنهاج" في آخر الفصل الذي يليه أنه لو وهب لعبد بعض قريب سيده فقبل، وقلنا: يستقل به .. عتق وسرى، وعلى سيده قيمة باقيه (4)، وسنذكر هناك ما في هذا الفرع من الاضطراب.

ولاضطراب هذه الفروع قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إن هذا الشرط وقع فيه اضطراب شديد بحسب الصور.

(1) الروضة (12/ 117، 118).

(2)

الروضة (12/ 118)، وانظر "نهاية المطلب"(19/ 245).

(3)

انظر "فتح العزيز"(7/ 75).

(4)

المنهاج (ص 588).

ص: 796

6401 -

قول "الحاوي"[ص 701]: (لا إرثٍ، ورد بعيبٍ) صورة الرد بعيب: أن يبيع بعض ابن أخيه بثوب ويموت، ووارثه أخوه أبو الابن، فيجد بالثوب عيبًا، فيرده ويسترد الشقص .. فيعتق عليه، وفي السراية وجهان؛ فإنه تسبب في تملكه، لكن مقصوده رد الثوب، ومقتضى كلام "أصل الروضة" قبيل الخاصة الثالثة: تصحيح عدم السراية، كما في "الحاوي" فإنه بعد ترجيح عدم السراية في مسألة قال:(ويجري الخلاف في كذا) فذكر هذه الصورة (1)، لكن صحح النووي هنا من زيادته: أنه يسري (2).

6402 -

قول "المنهاج"[ص 587]: (والمريض معسرٌ إلا في ثلث ماله) فيه أمور:

أحدها: فيه أشكال؛ لأنه إن اعتبر حالة العتق .. خالف ما تقرر من أن اعتبار الثلث إنما هو بعد الموت، وإن اعتبر بعد الموت .. خالف ما تقرر من أن اليسار المعتبر في السراية إنما هو الموجود حالة الإعتاق دون ما يطرأ بعده، وفي "أصل الروضة": احتج القاضي أبو الطيب وغيره باعتبار الثلث على أن التقويم يكون بعد موت المريض؛ لأن الثلث يعتبر حالة الموت حتى إذا لم يف الثلث بجميع العبد حال إعتاقه، ثم استفاد مالًا ووفى عند الموت .. قوّم جميعه (3).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": يلزم منه اعتبار اليسار الطارئ بعد الإعتاق، وهذا لا يُعرف، ويلزم منه اعتبار القيمة الحادثة بعد الإعتاق إلى حالة التقويم، وقد تزيد وقد تنقص، وهذا مخالف للقواعد ومخالف لما اتفقوا عليه من أن الاعتبار بالقيمة حالة الإعتاق تفريعًا على تعجيل السراية وعلى الوقف، وكذا على قول أداء القيمة على ما سبق، قال: وظهر من ذلك أن السراية هنا إنما تكون إذا قارن يساره الإعتاق واستمر إلى حالة اعتبار الثلث، فإن حدث إعسار اعتبر؛ لحق الوارث، وإن حدث يسار .. لم يعتبر؛ لمخالفته السنة الصحيحة.

ثانيها: قال شيخنا أيضًا: اعتبار الثلث في سراية إعتاق المريض يقتضي أن الزائد عليه يتوقف على إجازة بقية الورثة، وهو بعيد؛ لأن السراية قهرية، فلا تدخلها إجازة، وأيضًا فهو معسر في الزائد على الثلث ومع الإعسار لا سراية، قال: ولم أر من تعرض لذلك.

ثالثها: يستثنى من إطلاقه: ما إذا أعتق نصيبه من عبد في مرض موته عن كفارة مرتبة بنية الكفارة بالكل .. فإنه يسري بشرط اليسار، ولا يقتصر على الثلث؛ لأن هذه السراية وقعت عن واجب، وكذا المخيّرة كما حكاه الرافعي عن المتولي، ثم قال: وكأنه تفريع على أنه إذا أوصى به .. أعتق من رأس المال، ورده شيخنا في "تصحيح المنهاج" وقال: إنه جار على الوجهين.

(1) الروضة (12/ 114).

(2)

الروضة (12/ 117).

(3)

الروضة (12/ 114).

ص: 797

6403 -

قوله: (والميت معسر)(1) و"الحاوي" عطفًا على ما لا سراية فيه [ص 701]: (وبعد موت) فيه أمران:

أحدهما: أنه يدخل في إطلاقه ما إذا أوصى له بشقص ممن يعتق عليه كأمه، دون وارثه كأخيه لأبيه، فمات بعد موت الموصي وقبل القبول، فقبل أخوه، لكن منقول الإمام عن الأصحاب: أنه يسري كما تقدم ذلك وما فيه، ومثل صاحب "التعليقة" كلام "الحاوي": بما إذا أوصى له ببعض من يعتق على وارثه، وقد عرفت تصحيح الرافعي والنووي فيها عدم السراية (2)، وتصحيح شيخنا في "تصحيح المنهاج" السراية.

لكن اعترضه القونوي: بأنه لا يعتق على عمه بدخوله في ملكه، وإنما يعتق على أبيه بعد انتقاله إليه بالإرث، فلا يصح التمثيل به، وقد يقال: لا ترد الصورة الأولى على "المنهاج" بتقدير القول بالسراية فيها؛ لأنه يبين مراده بقوله عقب ما تقدم: (فلو أوصى بعتق نصيبه .. لم يسر)(3) وقد يقال: ليس في عبارته ما يدل على الحصر في هذه الصورة، ولا شك أنه لو كان جميع العبد له فأوصى بعتق بعضه، فأعتق .. لم يسر.

ثانيهما: يستثنى من ذلك صور:

إحداها: لو قال: أعتقوا نصيبي وكملوا العتق .. كملناه إن خرج من الثلث، وإلا .. فما يخرج، قال القاضي أبو الطيب: وإنما يكمل باختيار الشريك، وأطلقه الجمهور، وصور الإمام والغزالي الوصية بالتكميل بقوله: اشتروا نصيب شريكي فأعتقوه، فلو قال: أعتقوه عتقًا ساريًا .. فلا سراية بعد الموت، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن ما قاله القاضي أبو الطيب والإمام والغزالي مردود.

الثانية: إذا كاتب شريكان أمة ثم أتت من أحدهما بولد واختارت المضي على الكتابة، ثم مات المستولد وهي مكاتبة .. عتق نصيب الميت وبرئ، وأخذ الشريك من تركة الميت القيمة، حكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج" عن نص "الأم".

الثالثة: لو وصى بصرف ثلثه في العتق فاشترى الوصي منه شقصًا وأعتقه، وبقي منه قدر قيمة الباقي .. سرى العتق إليه؛ لأن الشقص الباقي تناولته الوصية، فكان كالوصية بالتكميل، ذكره شيخنا أيضًا، وقال: لم أر من صرح به.

الرابعة: إذا أوصى له ببعض ممن يعتق عليه فمات بعد موت الموصي وقبل القبول، فقبل

(1) انظر "المنهاج"(ص 587).

(2)

انظر "الروضة"(12/ 117، 118).

(3)

المنهاج (ص 587).

ص: 798