الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني تعريف النبيّ والرسول لغة وشرعًا
أولًا: تعريف النبيّ والرسول لغة:
النبيّ لغة مشتق من النبأ وهو الخبر؛ كما في قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)}
(1)
.
وقيل: أن النبيّ مأخوذ من النبوّة وهو ما ارتفع من الأرض، وسمّي النبيّ بذلك لأنه مفضّل على سائر الخلق بمكانته ورتبته العالية، ومنه قوله تعالى:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}
(2)
.
وقيل: النبيّ هو الطريق الواضح؛ لأن العرب تطلق لفظ النبي على علم من أعلام الأرض التي يُهتدى بها، وسمّي النبيّ بذلك لأنه علم يهتدى به الخلق إلى الله تبارك وتعالى
(3)
.
أمّا الرسول لغة، فهو مشتقّ من الإرسال ومعناه البعث والتوجيه، فإذا بعثت شخصًا في القيام بمهمة ما فهو رسولك، قال تعالى حكاية عن ملكة سبأ:{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
(4)
،
(1)
سورة النبأ، آية (1، 2).
(2)
سورة مريم، آية (57).
(3)
الصحاح للجوهري (1/ 74 و 6/ 2500)، والمفردات للراغب الأصفهاني (ص 481، 482)، ولسان العرب (1/ 302) و (5/ 162، 163).
(4)
سورة النمل، آية (35).
ويجمع رسول على أرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاء، وسمّوا الرسل بذلك لأنهم مبعوثون وموجّهون من قبل الله عز وجل لتبليغ الخلق أمر الله ووحيه
(1)
.
ثانيًا: تعريف النبيّ والرسول شرعًا:
تعدّدت الأقوال في تعريف النبيّ والرسول والقول المشهور في تعريف النبيّ والرسول.
أن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبيّ من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه
(2)
.
ولكن بعض أهل العلم يرى أن هذا التعريف الشائع تعريف فيه بعد، يقول العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: "وآية الحجّ تبيّن أن ما اشتهر على ألسنة أهل العلم من أن النبيّ هو من أوحى إليه وحي ولم يؤمر بتبليغه، وأن الرسول هو النبي الذي أوحي إليه وأمر بتبليغ ما أوحي إليه غير صحيح؛ لأن قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}
(3)
، يدل على أن كلًّا منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير، واستظهر بعضهم أن النبيّ الذي هو رسول أنزل إليه كتاب وشرع مستقلّ مع المعجزة التي ثبتت بها نبوّته، وأن النبيّ المرسل الذي هو غير الرسول هو من لم ينزل عليه كتاب وإنما أُوحي إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة؛ كما بيّنه تعالى بقوله: {يَحْكُمُ بِهَا
(1)
الصحاح للجوهري (4/ 1709)، والمفردات للراغب الأصفهاني (ص 195)، ولسان العرب (11/ 283، 284).
(2)
انظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص 167)، ولوامع الأنوار البهية (1/ 49).
(3)
سورة الحج، آية (52).
النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا}
(1)
…
"
(2)
.
ولعلّ الشنقيطي رحمه الله يشير إلى ما قرّره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، حيث قال:"فالنبيّ هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأمّا إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله فهو نبي وليس برسول"
…
إلى أن قال: "فقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}
(3)
، دليل على أن النبيّ مرسل، ولا يسمّى رسولًا عند الإطلاق، لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفون أنه حق"
(4)
.
(1)
سورة المائدة، آية (44).
(2)
أضواء البيان (5/ 735).
(3)
سورة الحج، آية (52).
(4)
النبوات (ص 225، 256).