الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث مولده
ولد ابن رجب رحمه الله تعالى في بغداد سنة 736 هـ وهذا ما ذكرته أغلب مصادر ترجمته.
وذكر ابن حجر في الدرر الكامنة
(1)
أنه ولد في سنة 706 هـ، وتبعه على ذلك السيوطي في طبقات الحفاظ
(2)
وإسماعيل باشا في هدية العارفين
(3)
.
وقد ذهب الدكتور: محمد بن حمود الوائلي في رسالته (ابن رجب الحنبلي وأثره في الفقه) إلى أن القول الأول هو القول الصحيح وذلك للأمور التالية:
1 -
ما ذكره ابن العماد في شذرات الذهب فيه "قدم من بغداد مع والده إلى دمشق وهو صغير سنة 744 هـ"
(4)
.
وهذا يكشف لنا تاريخ ولادته وأن سنه حين قدم دمشق ثماني سنوات، وهذا يؤيد ما ذكره ابن حجر في إنباء الغمر وهو خلاف ما ذكره في الدرر الكامنة، ولعل سبب اختلاف التاريخين يعود إلى أن ناسخ الدرر
(1)
الدرر الكامنة (2/ 329).
(2)
طبقات الحفاظ (ص 540).
(3)
هدية العارفين (1/ 527).
(4)
شذرات الذهب (6/ 339).
أسقط كلمة "الثلاثين" لأنه ليس من المعقول أن يضع ابن حجر لولادة ابن رجب تاريخين متغايرين في كتابيه دون أن يذكر سببًا لذلك.
2 -
ما ذكره ابن رجب في كتابه الذيل على طبقات الحنابلة فقد أزال اللبس وكفانا عناء البحث من أنه حضر درس الشيخ شرف الدين أبي محمد فقال: "حضرت درسه وأنا إذ ذاك صغير لا أحققه جيدًا"
(1)
وكان ذلك سنة 741 هـ وبذلك نستطيع القطع بأن مولده كان عام 736 هـ
(2)
.
أقول: ويضاف إلى ما ذكره الدكتور الوائلي للدلالة على صحة أن ولادة ابن رجب رحمه الله سنة 736 هـ الأمور التالية:
1 -
أن سنة 706 هـ هو تاريخ ولادة والده أحمد كما جاء ذلك في الرد الوافر
(3)
والمنهج الأحمد
(4)
.
2 -
أن ما ذكره ابن العماد في الشذرات من أنه قدم مع والده من بغداد إلى دمشق سنة 744 هـ وهو صغير، قد ذكره قبله ابن مفلح
(5)
.
(1)
الذيل على طبقات الحنابلة (2/ 436).
(2)
ابن رجب الحنبلي وأثره في الفقه رسالة دكتوراه على الآلة الكاتبة (ص 112، 113).
(3)
الرد الوافر (ص 79).
(4)
المنهج الأحمد ورقة (471).
(5)
برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح الحنبلي الشيخ الإمام الأصولي المؤرخ المعروف بابن مفلح، له عدة مصنفات منها: المقصد الأرشد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، الآداب الشرعية، توفي سنة 884 هـ.
الدارس (2/ 59) والضوء اللامع (1/ 152).
في المقصد الأرشد
(1)
والعليمي
(2)
في المنهج الأحمد
(3)
والنعيمي في الدارس في تاريخ المدارس
(4)
وهذا يدل على أن صحة ولادته كانت 736 هـ إذ لو كانت ولادته سنة ست وسبعمائة لكان عمره ثمانيًا وثلاثين سنة 744 هـ ومن كان هذا عمره لا يسمى صغيرًا.
3 -
أن ابن حجر رحمه الله تعالى ذكر في إنباء الغمر تاريخ ولادته بالحروف وفي الدرر الكامنة بالأرقام، وما كتب بالأرقام عرضة للسقط والسهو من النساخ وغيرهم بخلاف الكتابة بالحروف فالخطأ فيها بعيد مما يدل على صحة ما في إنباء الغمر.
وهذه الأمور كلها تقطع لنا بأن ولادة ابن رجب كانت سنة 736 هـ، وفيها رد على من توقف في تعيين تاريخ لولادة ابن رجب رحمه الله تعالى أو جعل تعيين تاريخ معين لولادته من الأمور العسيرة.
ومنهم الدكتورة أمينة محمد الجابر حيث قالت في مقدمة رسالتها "ابن رجب الحنبلي وآثاره الفقهية": فإن بحثي العلمي المتواضع يثبت عدم القطع بتاريخ مولد ابن رجب لعدم وجود مصدر أو قرينة ترجح أي التاريخين أنسب لذكر مولد ابن رجب، وعلى هذا فمن قطع وجزم بتاريخ المولد فهي شبهة علمية ليس عليها دليل
(5)
.
(1)
المقصد الأرشد في تراجم أصحاب الإمام أحمد (2/ 81).
(2)
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي العلامة القاضي المؤرخ، له عدة مصنفات منها: المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، الأنس والجليل بتاريخ القدس والخليل، توفي سنة 928 هـ.
السحب الوابلة (ص 312) ومختصر طبقات الحنابلة للشطي (ص 81).
(3)
المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد (471).
(4)
الدارس في تاريخ المدارس (2/ 76).
(5)
ابن رجب الحنبلي وآثاره الفقهية (ص 9).
بل الأعجب من ذلك أنها وهمت الدكتور الوائلي في قطعه بصحة مولد ابن رجب وجعلت ذلك من الأمور العسيرة حيث قالت: "وعلى هذا فمن العسير عقليًا أمام هذا التعكير القطع بتاريخ مولد ابن رجب وهو الوهن الذي وقع فيه الدكتور الوائلي حيث أنه جعل من رواية ابن رجب "وأنا إذ ذاك صغير لا أحققه جيدًا" دليلًا على ترجيح أنه ولد سنة 736 هـ، ولو قارنها بمقالة ابن رجب عن شيخه صفي الدين أنه أجازه غير مرة لأدرك أن القطع هنا قطع وهمي لا يسعفه علم ولا يسانده مصدر"
(1)
.
وهذا الكلام في الحقيقة من قلب الحقائق والنظر إلى الأمور بخلاف ما هي عليه، لأن ما قاله الدكتور الوائلي هو الحق والصواب الذي يتعين الأخذ به وعدم الالتفات إلى غيره في تاريخ ولادة ابن رجب لوجود القرائن والدلائل التي سبق ذكرها والتي من خلالها نقطع ونجزم بصحة تاريخ ولادة ابن رجب وأنه سنة 736 هـ.
(1)
ابن رجب الحنبلي وآثاره الفقهية (ص 40).