الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول طلبه للعلم
تعلم مبادئ القراءة في الكتاتيب كغيره من أبناء عصره، ثم عكف على طلب العلم فقرأ القرآن العظيم على أبيه وعلى جماعة من شيوخ عصره.
ثم أقبل على العلم وأجهد نفسه في تحصيله ورحل إليه مرارًا وقرأ الفقه والحديث وغيرهما فحفظ أصولهما وقرأهما على مشاهير علماء عصره.
وقد قرأ على كثير من العلماء حتى برز في كثير من العلوم كالتفسير والحديث وأصول الدين وعلم السلوك والفقه وغير ذلك.
وقد قيض الله لابن رجب عوامل كثيرة أسهمت في تكوين شخصيته العلمية الفذة منها: أسرته الكريمة التي توارثت العلم أبًا عن جد، ومنها أن مدينة بغداد التي ولد فيها كانت عاصمة الخلافة الإسلامية، ومركز العلم والثقافة آنذاك، وكان أهلها يتمتعون بفوائد الرحلة وهم في بلدهم لكثرة علمائها في مختلف العلوم والفنون، ولترداد أهل العلم وطلبته من كل حدب وصوب إلى بغداد، شأن كل مركز حيوي للعلم والثقافة في كل زمان ومكان.
ومنها عصره المزدحم بالثقافة الموسوعية والمعرفة المتنوعة ونوابغ العلماء في كل مضمار.
هذه العوامل وجهت ابن رجب في مرحلة مبكرة نحو طلب العلم وقبل سن التمييز، فحضر مجالس العلم والعلماء، ولقد أشار هو رحمه الله تعالى إلى هذا فقال في أثناء ترجمة شيخه عبد الرحيم بن عبد الله الزريراتي: درس بالمجاهدية ببغداد، وحضرت درسه، وأنا إذ ذاك صغير لا أحققه جيدًا
(1)
ويبدو أن هذا كان قبل الثالثة من عمره لأنه يصرح بالتمييز في الثالثة وما بعدها فيقول: قرئ على جدي أبي أحمد وأنا حاضر في الثالثة، وفي الرابعة، وفي الخامسة
(2)
.
وقد حصل له في الخامسة سماعات كثيرة ذكرها بكل دقة ووعي فنجده يقول: أخبرنا أبو الربيع علي بن عبد الصمد بن أحمد البغدادي قراءة عليه وأنا في الخامسة
(3)
.
بل أحيانًا يحدد السنة التي سمع فيها فيقول: قرئ على أبي الربيع علي بن عبد الصمد وأنا أسمع سنة 741 هـ ببغداد
(4)
.
وهذه السماعات في هذا السن المبكر تدل على مكانة أسرته العلمية.
هذه بدايات الطلب للحافظ ابن رجب كما ذكرها المترجمون له وكما ذكرها هو في كتابه الذيل على طبقات الحنابلة، وسيكون الكلام في المبحث القادم إن شاء الله تعالى عن رحلاته العلمية التي رحلها في كثير من البلاد.
(1)
الذيل على طبقات الحنابلة (2/ 436).
(2)
المصدر السابق (2/ 213).
(3)
المصدر السابق (1/ 67).
(4)
المصدر السابق (2/ 176).