الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع بيانه فضل إرسال النبيّ صلى الله عليه وسلم
-
يقول ابن رجب رحمه الله تعالى: "فليس لله نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم"
(1)
.
ويقول أيضًا: "وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
(2)
، إشارة إلى ما كان الناس عليه قبل إنزال هذا الكتاب من الضلال، فإن الله نظر حينئذ إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلّا بقايا من أهل الكتاب تمسّكوا بدينهم الذي لم يبدّل ولم يغيّر، وكانوا قليلًا جدًا، فأمّا عامة أهل الكتاب فكانوا قد بدّلوا كتبهم وغيّروها وحرّفوها وأدخلوا في دينهم ما ليس منه فضلّوا وأضلّوا، وأمّا غير أهل الكتاب فكانوا على ضلال مبين، فالأمّيون أهل شرك يعبدون الأوثان، والمجوس يعبدون النيران ويقولون بإلهين اثنين، وكذلك غيرهم من أهل الأرض منهم من كان يعبد النجوم، ومنهم من كان يعبد الشمس أو القمر، فهدى الله المؤمنين بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إلى ما جاء به من الهدى والدين الحق، وأظهر الله دينه حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، فظهرت فيه كلمة التوحيد والعمل بالعدل بعد أن كانت الأرض كلّها ممتلئة من الشرك والظلم، فالأمّيون هم العرب والآخرون الذين لم يلحقوا بهم هم أهل
(1)
لطائف المعارف (ص 84).
(2)
سورة الجمعة، آية (2).
فارس والرّوم، فكانت فارس مجوسًا والروم نصارى، فهدى الله جميع هؤلاء برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد
…
لمن حصل له نصيب من دين الإسلام فقد حصل له الفضل العظيم، وقد عظمت عليه نعمة الله فما أحوجه إلى القيام بشكر هذه النعمة وسؤاله دوامها والثبات عليها إلى الممات والموت عليها
…
"
(1)
.
وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "
…
فإن أعظم نعمة الله على هذه الأمّة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم لهم وبعثته وإرساله إليهم؛ كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}
(2)
، فإن النعمة على الأمة بإرساله أعظم من النعمة بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار وإنزال المطر وإخراج النبات وغير ذلك، فإن هذه النعم كلها قد عمّت خلقًا من بني آدم كفروا بالله ورسله وبلقائه فبدّلوا نعمة الله كفرًا.
فأمّا النعمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإن بها تمّت مصالح الدنيا والآخرة وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم"
(3)
.
(1)
لطائف المعارف (ص 86).
(2)
سوره آل عمران، آية (164).
(3)
لطائف المعارف (ص 98).