الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول تعريف التوحيد لغة
التوحيد مصدر وحد يوحد توحيدًا أي جعله واحدًا، وكلمة التوحيد مصدر الفعل الثلاثي المزيد بتضعيف عينه وهي تعني الوحدة والانفراد.
قال ابن فارس
(1)
: الواو والحاء والدال أصل واحد، يدل على الانفراد من ذلك الوحدة، وهو واحد قبيلته، إذا لم يكن فيهم مثله
(2)
.
وقال الجوهري
(3)
: الوحدة الانفراد، تقول رأيته وحده
(4)
.
وقال الراغب
(5)
الأصفهاني: الوحدة الانفراد، والوحدة في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة، ثم يطلق على كل موجود حتى أنه ما
(1)
هو أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي اللغوي الأديب. من تصانيفه: مقاييس اللغة، والمجمل، توفي سنة 395 هـ.
معجم الأدباء (4/ 80) ووفيات الأعيان (1/ 118).
(2)
معجم مقاييس اللغة (6/ 58).
(3)
هو إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب كتاب "الصحاح" في اللغة، توفي سنة 396 هـ.
معجم الأدباء (6/ 151) وبغية الوعاة (1/ 446).
(4)
الصحاح (2/ 547).
(5)
هو الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصبهاني، المعروف بالراغب، اشتهر في عصره وكان من المتكلمين، له كتب في الاعتقاد والتفسير منها: المفردات في غريب القرآن، توفي سنة 502 هـ.
سير أعلام النبلاء (18/ 120) وبغية الوعاة (2/ 297).
من عدد إلا ويصح أن يوصف به، فيقال: عشرة واحدة، ومائة واحدة، وألف واحد.
وقال: وأحد مطلقًا لا يوصف به غير الله تعالى
(1)
.
وقال ابن الأثير
(2)
: في أسماء الله تعالى: الواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر
(3)
.
وقال أبو هلال العسكري
(4)
: . . . والواحد يفيد الانفراد في الذات أو الصفة. . . وتقول: الله واحد تريد أن ذاته منفردة عن المثل والشبه
(5)
.
وقال أيضًا: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد يفيد أنه فارق غيره ممن شاركه في فن من الفنون، ومعنى من المعاني كقولك: فارق فلان أوحد دهره في الجود والعلم تريد أنه فوق أهله في ذلك.
وقال أيضًا: . . . والوحدانية تفيد نفي الأشكال والنظراء ولا يستعمل في غير الله. . .
(5)
.
وقال الزجاج
(6)
: وقال بعض أصحاب المعاني: الفرق بين الواحد
(1)
المفردات (ص 514).
(2)
أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري قرأ الحديث والعلم والأدب، وكان ورعًا ذا بر وإحسان، له مؤلفات كثيرة مفيدة ومنها: النهاية في غريب الحديث، وجامع الأصول، توفي سنة 606 هـ.
معجم الأدباء (6/ 238) والعبر (3/ 143) وبغية الوعاة (2/ 274).
(3)
النهاية لابن الأثير (5/ 159).
(4)
هو الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد أبو هلال العسكري، عالم بالأدب له مؤلفات منها: الفروق اللغوية، توفي سنة 382 هـ.
معجم الأدباء (8/ 258).
(5)
الفروق اللغوية (ص 114، 115).
(6)
هو إبراهيم بن محمد بن سري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، عالم بالنحو واللغة له كتب منها: تفسير أسماء الله الحسنى، توفي سنة 311 هـ.
معجم الأدباء (1/ 47).
والأحد أن الواحد يفيد وحدة الذات فقط، والأحد: يفيده بالذات والمعاني على هذا جاء في التنزيل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
(1)
.
أراد: المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته تعالى الله علوًا كبيرًا
(2)
.
فالله سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد الذي انفرد بذاته وصفاته مع عدم المثيل والنظير.
وقد أشار الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى إلى هذا في تفسيره لسورة الإخلاص حيث قال: وأحد اسم من أسماء الله يسمى الله به، ولا يسمى به غيره من الأعيان به، فلا يسمى شيء من الأشياء أحدًا في الإثبات إلا في الأعداد المطلقة، وإنما يسمى به في النفي، وما أشبهه من الاستفهام، والنهي، والشرط، كقوله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
(3)
وقوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}
(4)
وقوله: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}
(5)
وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ}
(6)
ونحوه.
والأحد: هو الواحد في إلهيته وربوبيته
(7)
.
ثم طرح ابن رجب رحمه الله تعالى استفسارًا، وأجاب عليه حيث قال سؤال: قوله: "الله أحد" ولم يقل: الأحد كما قال الصمد؟
(1)
سورة الإخلاص آية (1).
(2)
تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (ص 57).
(3)
سورة الإخلاص من آية (4).
(4)
سورة مريم آية (98).
(5)
سورة الجن آية (18).
(6)
سورة التوبة آية (6).
(7)
تفسير سورة الإخلاص (87 - 89) وما بعدها.
جوابه: أن الصمد يسمى به غير الله. . . فأتى فيه بالألف واللام ليدل على أنه سبحانه هو المستحق لكمال الصمدية، فإن الألف واللام تأتي لاستغراق الجنس تارة، ولاستغراق خصائص أخرى كقوله: زيد هو الرجل أي الكامل في صفات الرجولة، فكذلك قوله:{اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
(1)
أي الكامل في صفات الصمدية، وأما الأحد فلم يتسم به غير الله، فلم يحتج فيه إلى الألف واللام
(2)
.
هذه هي أقوال أهل اللغة التي تبين المعنى اللغوي لكلمة التوحيد ونخلص منها إلى أن المعنى اللغوي لكلمة التوحيد يدور حول شيء واحد ألا وهو الوحدة والانفراد بالشيء، والله سبحانه وتعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك ولا مثيل ولا نظير له في ذلك كما قال تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
(3)
.
(1)
سورة الإخلاص آية (2).
(2)
تفسير سورة الإخلاص (ص 89).
(3)
سورة الإخلاص.