الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني أنواع البدع
للبدع أنواع مختلفة باعتبارات مختلفة فهي ليست على درجة واحدة ولكن هذه الأنواع كلها لا تخرج عن هذين النوعين:
النوع الأول: بدعة قولية اعتقادية كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم.
النوع الثاني: بدعة في العبادات كالتعبد لله سبحانه وتعالى بعبادة لم يشرعها وهذا النوع ينقسم إلى قسمين:
1 -
بدعة في أصل العبادة وذلك بأن يحدث عبادة ليس لها أصل مشروع كأن يحدث صلاة غير مشروعة كصلاة الرغائب، أو صيامًا كصيام رجب وحده أو أعيادًا كأعياد الموالد وغيرها، وقد بين ابن رجب رحمه الله تعالى هذا النوع فقال: "فأما العبادات فما كان منها خارجًا عن حكم الله ورسوله بالكلية، فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}
(1)
فمن تقرّب إلى الله بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله فعمله باطل مردود عليه، وهو شبيه بحال الذين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية، وهذا كمن تقرب إلى الله تعالى بسماع الملاهي أو الرقص
(1)
سورة الشورى آية (21).
أو بكشف الرأس في غير الإحرام، وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع الله ورسوله بالتقرب بها بالكلية، وليس ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقًا
(1)
.
2 -
بدعة الزيادة في العبادة المشروعة كزيادة الشيعة "أشهد أن عليًا ولي الله" في الآذان أو النقص من المشروع كذكر الله بالاسم المفرد كما يفعله الصوفية أو الإتيان بصفة معينة للعبادة غير مشروعة كالاتيان بالأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة أو تخصيص وقت معين لعبادة مشروعة لم يخصصه الشرع كمن خصّ يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى هذا النوع بقوله: "وأما من عمل عملًا أصله مشروع وقربة ثم أدخل فيه ما ليس بمشروع أو أخل فيه بمشروع، فهذا أيضًا مخالف للشريعة بقدر إخلاله بما أخل به أو إدخاله ما أدخل فيه، وهل يكون عمله من أصله مردودًا عليه أم لا، فهذا لا يطلق القول فيه برد ولا قبول، بل ينظر فيه، فإن كان ما أخل به من أجزاء العمل أو شروطه موجبًا لبطلانه في الشريعة كمن أخل بالطهارة للصلاة مع القدرة عليها، أو كمن أخل بالركوع أو بالسجود مع الطمأنينة فيهما، فهذا عمل مردود عليه، وعليه إعادته إن كان فرضًا. وإن كان ما أخل به لا يوجب بطلان العمل، كمن أخل بالجماعة للصلاة المكتوبة عند من يوجبها ولا يجعلها شرطًا، فهذا لا يقال إن عمله مردود من أصله بل هو ناقص، وإن كان قد زاد في العمل المشروع ما ليس بمشروع، فزيادته مردودة عليه بمعنى أنها لا تكون قربة ولا يثاب عليها، ولكن تارة يبطل بها العمل من أصله، فيكون مردودًا كمن زاد ركعة عمدًا في صلاته مثلًا، وتارة لا يبطله ولا يرده من أصله كمن توضأ أربعًا
(1)
جامع العلوم والحكم (1/ 142، 143).
أربعًا، أو صام الليل مع النهار وواصل في صيامه، وقد يبدل بعض ما يؤمر به في العبادة بما هو منهي عنه، كمن ستر عورته في الصلاة بثوب محرم، أو توضأ للصلاة بماء مغصوب أو صلى في بقعة غصب، فهذا قد اختلف العلماء فيه، هل عمله مردود من أصله أم أنه غير مردود وتبرأ به الذمة من عهدة الواجب؟ وأكثر الفقهاء على أنه ليس بمردود من أصله
(1)
.
(1)
جامع العلوم والحكم (1/ 144، 145).