الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع الأعمال التي يعذب أو ينعم بها العبد في القبر
أشار الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى إلى بعض الأعمال التي يعذب الميت بسببها في قبره وذكر على ذلك الأحاديث الدالة عليها فقال: "وفي الصحيحين عن ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" ثم أخذ جريدة رطبة فشقها باثنتين ثم غرز على كل قبر منهما واحدة، قالوا: لِمَ فعلت هذا يا رسول الله؟ قال: "لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا"
(1)
.
وقد روي هذا الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة خرّجه ابن ماجه
(2)
من حديث أبي بكرة وفي حديثه: "وأما الآخر فيعذب في الغيبة"
…
وقد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول والنميمة والغيبة بعذاب القبر وهو أن القبر أول منازل الآخرة وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثواب، والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان:
(1)
صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب عذاب القبر من الغيبة والبول (1/ 60) وصحيح مسلم: كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (1/ 240).
(2)
ابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها، باب التشديد في البول (1/ 125).
حق لله، وحق للعباد، وأول ما يقضي فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة، ومن حقوق العباد الدماء، وأما البرزخ فيقضي فيه في مقدمات هذين الحقين ووسائلهما فمقدمة الصلاة: الطهارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدماء النميمة والغيبة والوقيعة في الأعراض وهما أيسر أنواع الأذى فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما
(1)
.
كما أشار رحمه الله تعالى إلى بعض الأعمال التي تكون سببًا في النجاة من عذاب القبر فقال: "إن الطهارة من الحدث تنجي من عذاب القبر، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينجي من عذاب القبر .... لأن فيه غاية النفع للناس في دينهم، وكذلك الجهاد والرباط فإن المجاهد والمرابط في سبيل الله كل منهما بذل نفسه وسمح بنفسه لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر وليذب عن إخوانه المؤمنين عدوهم
(2)
.
(1)
أهوال القبور (ص 46، 48).
(2)
المصدر السابق (ص 49).