الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث معنى الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصّلاة والسّلام
إن الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام من الإيمان بالغيب الذي وصف الله المؤمنين بأنهم يؤمنون به؛ كما قال تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)}
(1)
، وهو ركن من أركان الإيمان التي يجب الإيمان بها، كما دلّت على ذلك الأدلّة الكثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
(2)
.
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}
(3)
.
وفي حديث جبريل وسؤاله للنبيّ صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال:"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه"
(4)
.
ومعنى الإيمان بالأنبياء والرسل هو التصديق الجازم بأن لله عز وجل
(1)
سورة البقرة، آية (1 - 3).
(2)
سورة البقرة، آية (285).
(3)
سورة البقرة، آية (177).
(4)
تقدم تخريجه (ص 528).
رسلًا أرسلهم لإرشاد الخلق إلى ما فيه خيرهم في معاشهم ومعادهم، فيجب الإيمان بمن سمّى الله منهم في كتابه على التفصيل والإيمان جملة بأن لله رسلًا غيرهم وأنبياء لا يعلمهم إلّا هو سبحانه وتعالى، قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}
(1)
.
والواجب الإيمان بجميع رسل الله تعالى دون تفريق بينهم، فمن آمن بالبعض وكفر بالبعض الآخر فقد كفر بالجميع؛ كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)}
(2)
.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: "يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى حيث فرّقوا بين الله ورسله في الإيمان، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض بمجرّد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم لا عن دليل قادهم إلى ذلك، فإن لا سبيل لهم إلى ذلك بل بمجرّد الهوى والعصبية، فاليهود عليهم لعائن الله آمنوا بالأنبياء إلّا عيسى ومحمّدًا عليهما الصّلاة والسّلام، والنصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم وأشرفهم محمد صلى الله عليه وسلم
…
والمقصود أن من كفر بنبيّ من الأنبياء فقد كفر بسائر الأنبياء، فإن الإيمان واجب بكل نبيّ بعثه الله إلى أهل الأرض، فمن ردّ نبوّته للحسد أو العصبية أو التشهّي تبيّن أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيمانًا شرعيًا، إنما هو عن غرض وهوى وعصبية"
(3)
.
(1)
سورة غافر، آية (78).
(2)
سورة النساء، آية (150، 151).
(3)
تفسير ابن كثير (1/ 572).
وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى وجوب الإيمان بالرسل وبكل ما أخبروا به بقوله: "والإيمان بالرسل يلزم منه الإيمان بجميع ما أخبروا به من الملائكة والأنبياء والكتاب والبعث والقدر وغير ذلك من تفاصيل ما أخبروا به، وغير ذلك من صفات الله وصفات اليوم الآخر كالصراط والميزان، والجنّة والنار"
(1)
.
(1)
جامع العلوم والحكم (1/ 60).