المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع زيادة الإيمان ونقصانه - ابن رجب الحنبلي وأثره في توضيح عقيدة السلف

[عبد الله بن سليمان الغفيلي]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ

- ‌تقريظ فضيلة الشيخ: حماد بن محمد الأنصاري

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول حياة ابن رجب وآثاره العلمية

- ‌الفصل الأول العصر الذي عاش فيه ابن رجب رحمه الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول الناحية السياسية

- ‌المبحث الثاني الحالة الاجتماعية

- ‌المبحث الثالث الحالة العلمية

- ‌الفصل الثاني حياة ابن رجب الشخصية

- ‌المبحث الأول اسمه ونسبه

- ‌المبحث الثاني كنيته ولقبه

- ‌المبحث الثالث مولده

- ‌المبحث الرابع شهرته

- ‌المبحث الخامس أسرته

- ‌المبحث السادس أخلاقه وصفاته

- ‌المبحث السابع ابن رجب والتصوف

- ‌المبحث الثامن وفاته

- ‌الفصل الثالث حياته العلمية

- ‌المبحث الأول طلبه للعلم

- ‌المبحث الثاني رحلاته في طلب العلم

- ‌المبحث الثالث شيوخه

- ‌ ترجمة لأشهر شيوخ ابن رجب رحمه الله تعالى

- ‌1 - ابن القيم:

- ‌2 - ابن الخباز:

- ‌3 - أبو سعيد العلائي:

- ‌المبحث الرابع تدريسه

- ‌المبحث الخامس تلاميذه

- ‌ تراجم لثلاثة من المشاهير منهم

- ‌1 - ابن الرسام:

- ‌2).2 -ابن اللحام:

- ‌3 - ابن سعيد الحنبلي:

- ‌المبحث السادس ثقافته ومؤلفاته

- ‌المبحث السابع عقيدته ومذهبه

- ‌1 - عقيدته:

- ‌2 - مذهبه:

- ‌المبحث الثامن مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌الباب الثاني أثر ابن رجب في توضيح عقيدة السلف في التوحيد وأنواعه ونواقضه

- ‌الفصل الأول تعريف التوحيد وبيان أنواعه والعلاقة بينها

- ‌المبحث الأول تعريف التوحيد لغة

- ‌المبحث الثاني تعريف التوحيد شرعًا

- ‌المبحث الثالث أنواع التوحيد

- ‌المبحث الرابع العلاقة بين أنواع التوحيد

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول تعريف توحيد الربوبية لغة

- ‌المبحث الثاني تعريف توحيد الربوبية شرعًا

- ‌المبحث الثالث دلائل توحيد الربوبية

- ‌الفصل الثالث توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول تعريف توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الثاني مذهب السلف في أسماء الله وصفاته وموقف ابن رجب منه

- ‌المبحث الثالث أدلة توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الرابع بيانه أن السلف أعلم وأن مذهبهم أسلم وأحكم

- ‌المبحث الخامس بيانه أن سورة الإخلاص فيها صفة الرحمن

- ‌المبحث السادس بيانه أن الاشتراك في الاسم لا يقتضي الاشتراك في المسمى

- ‌المبحث السابع ذكر جملة من الصفات التي ذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى

- ‌المبحث الثامن شبهة والرد عليها

- ‌المبحث التاسع رده على المخالفين لمذهب السلف من المعطلة والمشبهة

- ‌المبحث العاشر تنزيه الله سبحانه وتعالى من نسبة الولد إليه

- ‌المبحث الحادي عشر علم الكلام وكلام ابن رجب عليه

- ‌الفصل الرابع توحيد الألوهية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثاني بيان معنى لا إله إلا الله وفضلها وشروطها

- ‌المطلب الأول بيان معنى كلمة إله

- ‌المطلب الثاني معنى لا إله إلا الله

- ‌المطلب الثالث فضل لا إله إلا الله

- ‌المطلب الرابع الجمع بين أحاديث تدل على أنه يحرم على النار من قال لا إله إلا الله، وأخرى تدل على أنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله

- ‌المطلب الخامس شروط الانتفاع بـ (لا إله إلا الله)

- ‌المبحث الثالث ذكر بعض أنواع العبادة

- ‌المبحث الرابع بيانه أن العبادة لا تقبل إلا بشرطين

- ‌الفصل الخامس نواقض التوحيد

- ‌المبحث الأول الشرك وكلام ابن رجب عليه

- ‌المطلب الأول تعريف الشرك لغة

- ‌المطلب الثاني الشرك في الشرع وبيان أقسامه

- ‌المبحث الثاني النفاق وكلام ابن رجب عليه

- ‌المبحث الثالث البدع وكلام ابن رجب عليها

- ‌المطلب الأول معنى البدعة في اللغة والشرع

- ‌المطلب الثاني أنواع البدع

- ‌المطلب الثالث الرد على محسني البدع وكلام ابن رجب في ذلك

- ‌المطلب الرابع نماذج من البدع وكلام ابن رجب عليها

- ‌المطلب الخامس حكم البدع وأهلها

- ‌المبحث الرابع الغلو وكلام ابن رجب رحمه الله تعالى عليه

- ‌المبحث الخامس مسائل متفرقة متعلقة بهذا الفصل

- ‌1 - التنجيم

- ‌2 - التطيّر والتشاؤم

- ‌3 - الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى" وقوله: "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد" وقوله: "لا يورد ممرض على مصح

- ‌4 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث

- ‌5 - النهي عن البناء على القبور واتخاذها مساجد

- ‌6 - النهي عن سبّ الدهر

- ‌الباب الثالث أثره في توضيح عقيدة السلف في مباحث الإيمان وما يتعلق بها من مسائل

- ‌الفصل الأول معنى الإيمان وبيان أهميّته وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة

- ‌المبحث الثاني تعريف الإيمان شرعًا

- ‌المبحث الثالث أهمية الإيمان

- ‌المبحث الرابع زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الخامس العلاقة بين مسمّى الإيمان والإسلام

- ‌المبحث السادس حكم مرتكب الكبيرة

- ‌المبحث السابع مسألة تكفير الكبائر بالأعمال الصالحة

- ‌الفصل الثاني الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌المبحث الأول الإيمان بالملائكة والكتب

- ‌المطلب الأول الإيمان بالملائكة

- ‌المطلب الثاني الإيمان بالكتب

- ‌المبحث الثاني تعريف النبيّ والرسول لغة وشرعًا

- ‌المبحث الثالث معنى الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصّلاة والسّلام

- ‌المبحث الرابع الغرض من بعثة الرسل عليهم الصّلاة والسّلام

- ‌المبحث الخامس التفاضل بين الأنبياء

- ‌المبحث السادس بعض خصائص الرسل عليهم الصّلاة والسّلام

- ‌المبحث السابع الإيمان بنبوّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثامن كلامه في دعوة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع بيانه فضل إرسال النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر النجاة والسعادة في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه

- ‌الفصل الثالث الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المبحث الأول تعريف القضاء والقدر

- ‌المبحث الثاني معنى الإيمان بالقضاء والقدر والأدلّة على ذلك

- ‌المبحث الثالث مراتب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المبحث الرابع النهي عن الخوض في القدر

- ‌المبحث الخامس الرضا بالقضاء والقدر

- ‌المبحث السادس حكم تمنّي الموت وعلاقته بالقضاء والقدر

- ‌المبحث السابع القضاء والقدر وفعل الأسباب

- ‌المبحث الثامن الاحتجاج بالقدر على المعاصي وبيان معنى حديث "فحج آدم موسى

- ‌الفصل الرابع الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الأول أهمية الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الثاني الإيمان بأشراط الساعة

- ‌المبحث الثالث الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وفتنته

- ‌المبحث الرابع الأعمال التي يعذب أو ينعم بها العبد في القبر

- ‌المبحث الخامس مستقر الأرواح

- ‌المبحث السادس الصراط

- ‌المبحث السابع بيان المراد بالورود في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌المبحث الثامن الشفاعة

- ‌المبحث التاسع الجنة ونعيمها

- ‌المبحث العاشر رؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة

- ‌المبحث الحادي عشر النار وعذابها

- ‌المبحث الثاني عشر خلق الجنة والنار

- ‌المبحث الثالث عشر الجنة والنار باقيتان لا تفنيان

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الرابع زيادة الإيمان ونقصانه

‌المبحث الرابع زيادة الإيمان ونقصانه

الإيمان الذي دلَّت عليه الأدلّة في كتاب الله تبارك وتعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم إيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات والعبادات من ذكر الله والتفكر في الكون وما فيه من المخلوقات، وأداء النوافل، والمسارعة إلى كل عمل يقرّب من الله تعالى، وينقص بفعل المعاصي وإتيان المنكرات والفواحش، وكل عمل يبعد العبد عن الله عز وجل.

والقول بزيادة الإيمان ونقصانه أصل من أصول أهل السنّة والجماعة وقد أجمعوا عليه، ولا عبرة بمن خالف ذلك من أهل البدع والأهواء، لأن معتقد أهل السنّة والجماعة رحمهم الله تعالى هو المعتقد الذي دلّت عليه النصوص الواردة في كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن أدلّة الكتاب قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)}

(1)

.

وقوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}

(2)

.

وقوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا

(1)

سورة آل عمران، آية (173).

(2)

سورة الأنفال، آية (2).

ص: 519

الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125)}

(1)

.

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}

(2)

.

هذه بعض الآيات الدالّة على زيادة الإيمان، والآيات في معناها كثيرة جدًا.

وأمّا الأدلّة من السنّة، فمنها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من نبي بعثه الله في أمّة قبلي إلَّا كان له من أمّته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل"

(3)

.

ومنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، فقالت امرأة منهن جزلة

(4)

: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبّ منكنّ"، قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: "أمَّا نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان

(1)

سورة التوبة آية (124، 125).

(2)

سورة الفتح، آية (4).

(3)

أخرجه مسلم: كتاب الإيمان - باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص (1/ 70).

(4)

جزلة: أي ذات عقل ورأي جيّد. لسان العرب (11/ 109).

ص: 520

العقل، وتمكث الليالي ما تصلّي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدّين"

(1)

.

ومنها حديثة حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، قال: لقيني أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله، ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكّرنا بالنار والجنّة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات

(2)

، فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وما ذاك"؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنّة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة"

(3)

، ثلاث مرات.

ومنها حديث أنس رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج من النار من قال لا إله إلَّا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلَّا الله وفي قلبه وزرة ذرة من خير"

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري: كتاب الحيض - باب ترك الحائض الصوم (1/ 78)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات (1/ 86).

(2)

الضيعات: مفردها ضيعة، وضيعة الرجل ما يكون عنده من معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك.

النهاية لابن الأثير (3/ 108).

(3)

تقدم تخريجه (ص 414).

(4)

تقدم تخريجه (317).

ص: 521

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتنى كلبًا إلَّا كلب صيد أو ماشية، نقص من أجره كل يوم قيراطان"

(1)

.

فهذه بعض أدلّة السلف من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة تدلّ أن الإيمان يزيد وينقص، وإن كان بعضها فيه لفظ الزيادة فقط، فإنها تدل بطريق الالتزام على النقص، لأن الشيء الذي يقبل الزيادة يقبل النقص، وإلَّا فلا معنى للزيادة، إذ لا يمكن أن يتصوَّر شيء قابل للزيادة غير قابل للنقصان، روي الآجري بسنده أنه قيل لسفيان بن عيينة: "الإيمان يزيد وينقص؟ قال: أليس تقرؤون القرآن {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}

(2)

في غير موضع، قيل: ينقص؟ قال: ليس شيء يزيد إلَّا وهو ينقص"

(3)

.

وروى أيضًا الآجري واللالكائي

(4)

عن الحميدي، أنّه قال: سمعت ابن عيينة يقول: "الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة

(5)

: يا أبا محمد، لا تقولن يزيد وينقص، فغضب وقال: اسكت يا صبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء"

(6)

.

(1)

أخرجه البخاري: كتاب الذبائح - باب من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية (6/ 219)، ومسلم: كتاب المساقاة - باب الأمر بقتل الكلاب (3/ 1201).

(2)

سورة آل عمران، آية (173).

(3)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 117).

(4)

الإمام الحافظ المجود أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي، مفيد بغداد في وقته، من مؤلفاته العظيمة: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، توفي سنة 418 هـ.

تاريخ بغداد (14/ 70)، وسير أعلام النبلاء (17/ 419).

(5)

إبراهيم بن عيينة أبو إسحاق أخو سفيان بن عيينة، كان إمامًا خيّرًا. قال ابن معين: كان مسلمًا صدوقًا، ولم يكن من أصحاب الحديث، توفي سنة 199 هـ.

الجرح والتعديل (2/ 118)، وميزان الاعتدال (1/ 51)، وتهذيب التهذيب (1/ 149).

(6)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 117)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة (5/ 960).

ص: 522

وقد ثبت لفظ الزيادة والنقصان في الإيمان عن جمع غفير من الصحابة ومن بعدهم، فعن ابن عباس وأبي هريرة وأبي الدرداء رضي الله عنهم كلّهم قالوا:"الإيمان يزيد وينقص"

(1)

.

وعن عمير بن حبيب رضي الله عنه -وهو من الصحابة- قال: "الإيمان يزيد وينقص، قيل له: ما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله عز وجل خشيناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضيّعنا فذلك نقصانه"

(2)

.

وعن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنّه كان يقول لأصحابه: هلموا نزدد إيمانًا، فيذكرون الله عز وجل

(3)

.

ومن أقوال التابعين ومن بعدهم في ذلك:

ما روي عن مالك رحمه الله تعالى، أنه قال: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص

(4)

.

وقال سهل بن المتوكّل

(5)

رحمه الله تعالى: (أدركت ألف أستاذ أو أكثر كلّهم يقولون: "الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص")

(6)

.

(1)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 111)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة (1/ 314)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (5/ 944، 945).

(2)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 111)، وابن أبي شيبة في الإيمان (ص 7)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة (1/ 315)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (5/ 949).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (36)، والآجري في الشريعة (112)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة (5/ 941).

(4)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 118)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 317).

(5)

هو سهل بن المتوكل بن حجر أبو عصمة البخاري من بني شيبان، يروي عن أبي الوليد الطيالسي وأهل العراق، روى عنه أهل بلده.

انظر الثقات لابن حبان (8/ 294).

(6)

شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة (5/ 957).

ص: 523

وعن الأوزاعي رحمه الله تعالى قال: "الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، فمن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنه مبتدع"

(1)

.

والآثار الواردة في هذا المعنى عن الصحابة والتابعين وأئمَّة السلف من بعدهم كثيرة جدًا، وكلّها تدلّ على أنهم مجمعون على القول بزيادة الإيمان ونقصانه، وقد تناول ابن رجب رحمه الله تعالى هذه المسألة وبيّن أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بعمل الطاعات وخصال الخير، وينقص بترك الطاعات وفعل المعاصي.

يقول رحمه الله تعالى: "ومن أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان. ومن كان حبّه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصًا في إيمانه، فيجب عليه التوبة من ذلك، والرجوع إلى اتّباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفس ومراداتها كلّها"

(2)

.

وقال رحمه الله تعالى وهو يتكلّم عن الحرص على المال، وأن من طلب المال من الوجوه المحرّمة ومنع به الحقوق الواجبة فقد نقص إيمانه بذلك، قال "ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصًا بيّنًا، فإن منع الواجبات وتناول المحرمات ينقص بهما الدّين، والإيمان بلا ريب ينقص، حتى لا يبقى منه إلَّا القليل"

(3)

.

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وفي السنن عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله فقد استكمل الإيمان"

(4)

.

(1)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 117).

(2)

جامع العلوم والحكم (3/ 226).

(3)

جامع البيان شرح حديث "ما ذئبان جائعان"(ص 13).

(4)

أخرجه أبو داود: كتاب السنة - باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (5/ 60)، والترمذي: كتاب صفة القيامة - باب اعقلها وتوكّل (4/ 670)، وقال: هذا حديث حسن.

ص: 524

ومعنى هذا أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت لله فقد كمل إيمان العبد بذلك باطنًا وظاهرًا، ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحًا ليس فيه إلَّا إرادة الله وإرادة ما يريده، لم تنبعث الجوارح إلَّا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكفت عما يكرهه، وعمّا يخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقّن ذلك

(1)

.

وقال رحمه الله تعالى أيضًا وهو يتكلّم عن شارب الخمر: "وكلّما أدمن الخمر وعكف عليها نقص إيمانه وضعف ونزع منه، فيخشى أن يسلبه بالكلية عند الموت"

(2)

.

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "محاسبة النفس على ما سلف من أعمالها والندم، والتوبة من الذنوب السالفة، والحزن عليها، واحتقار النفس والازدراء بها، ومقتها في الله عز وجل، والبكاء من خشية الله تعالى، والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، وفي أمور الآخرة وما فيها من الوعد والوعيد ونحو ذلك يزيد الإيمان في القلب"

(3)

.

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "ويدخل في مسمّى الإيمان وجل القلوب من ذكر الله، وخشوعها عند سماع ذكره وكتابه، وزيادة الإيمان بذلك"

(4)

.

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وقوله صلى الله عليه وسلم: "وذلك أضعف الإيمان"

(5)

، يدلّ على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال

(1)

جامع العلوم والحكم (1/ 184).

(2)

رسالة في ذم الخمر وشاربها (ص 34).

(3)

جامع العلوم والحكم (2/ 246).

(4)

المصدر السابق (1/ 73).

(5)

جزء من حديث أخرجه مسلم: كتاب الإيمان (1/ 69).

ص: 525

الإيمان، ويدلّ على أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان وفعلها كان أفضل من تركها عجزًا.

ويدلّ على صحة ذلك أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم في حق النساء: "أما نقصان دينها، فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلّي"

(1)

، يشير إلى أيَّام الحيض، مع أنها ممنوعة حينئذ من الصلاة، وقد جعل ذلك نقصًا في دينها، فدلّ على أن من قدر على واجب وفعله، فهو أفضل ممن عجز عنه وتركه، وإن كان معذورًا في تركه"

(2)

.

بهذا يتبيّن أن مذهب أهل السنّة والجماعة -ومنهم الحافظ ابن رجب- هو القول بزيادة الإيمان ونقصانه، وهو الحق الذي دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة.

أمَّا غيرهم من المبتدعة على اختلاف أسمائهم، فقالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وكل منهم استدلّ بأدلّة مختلفة، ولكل منهم وجهة، ولكن هدفهم واحد وهو أن الإيمان غير قابل للزيادة والنقصان.

والسلف يعدّون من أنكر زيادة الإيمان ونقصانه من المرجئة ذكر البيهقي بإسناده عن الثوري، أنَّه قال:"خالفنا المرجئة في ثلاث: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، وهم يقولون: قول بلا عمل؛ ونحن نقول: يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص؛ ونحن نقول: أهل القبلة عندنا مؤمنون، أما عند الله فالله أعلم، وهم يقولون: نحن عند الله مؤمنون"

(3)

.

(1)

جزء من حديث تقدم تخريجه (ص 521).

(2)

جامع العلوم والحكم (3/ 61).

(3)

الاعتقاد للبيهقي (ص 84).

ص: 526