الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث أنواع التوحيد
إن المتتبع للقرآن الكريم يجده من أوله إلى آخره يقرر العقيدة الصحيحة ويبينها ويوضحها خير بيان وإيضاح.
فسور القرآن الكريم متضمنة لجميع أنواع التوحيد.
وعلماء الإسلام رحمهم الله تعالى قسموا التوحيد إلى أقسام، وذلك استنباط منهم من نصوص الكتاب والسنة.
وهذه الأقسام منهم من يجعلها قسمين كالحافظ ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ومنهم من يجعلها ثلاثة أقسام وعلى هذا درج أكثر العلماء، ومنهم الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى، ومنهم من يجعلها أربعة أقسام
(1)
.
والحقيقة أن نصوص الكتاب الكريم، والسنة الشريفة، لم يرد فيها تصربح بتقسيم التوحيد إلى أقسام، لكن هذه النصوص تضمنت هذا التقسيم الذي قسم العلماء التوحيد إليه، لأن المتتبع لهذه النصوص يجد قسمًا منها يتحدث عن أفعال الله تبارك وتعالى من الإحياء والإماتة والخلق والرزق وإنزال المطر وجلب النفع ودفع الضر، وغيرها، وهو ما يسميه العلماء توحيد الربوبية.
(1)
انظر مقدمة كتاب التوحيد لابن منده، تحقيق الدكتور علي ناصر فقيهي.
وقسم آخر من النصوص يتحدث عن بيان أسماء الله الحسنى وصفاته العلى التي اتصف بها الله تبارك وتعالى التي لا مثيل ولا نظير ولا شبيه له فيها وهو ما يسميه العلماء توحيد الأسماء والصفات.
وقسم آخر من النصوص يبين وجوب إخلاص العمل لله عز وجل، وإفراده بالعبادة دون سواه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وهو ما يسميه العلماء توحيد الإلهية أو توحيد العبادة.
يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: وغالب سور القرآن، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، بل نقول قولًا كليًا: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه.
فإن القرآن: إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده. وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه
(1)
.
والخلاصة أن أنواع التوحيد لا تخرج عن هذه الأنواع الثلاثة:
1 -
توحيد الله بأفعاله كالرزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله تبارك وتعالى وهو ما يسمى بتوحيد الربوبية.
2 -
توحيد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى التي ليس له فيها نظير ولا
(1)
مدارج السالكين (3/ 449، 450).
شبيه ولا مثيل عز وجل، وهو ما يسمى بتوحيد الأسماء والصفات.
3 -
توحيد الله بأفعال العباد وهو صرف جميع أنواع العبادة له وحده دون سواه، وهو ما يسمى بتوحيد الألوهية.
والحقيقة أن تقسيم العلماء رحمهم الله تعالى لتوحيد إلى هذه الأقسام إنما هو عبارة عن تفسير وتوضيح وشرح لنصوص كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والخلاف الذي بينهم في تقسيم التوحيد وبيان أنواعه خلاف لفظي، لأنهم جميعا يتفقون على أن أنواع التوحيد لا تخرج عن هذه الأنواع الثلاثة السابقة إلا أن الذين جعلوه نوعين جعلوا توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، نوعًا واحدًا، وسموه توحيد المعرفة والإثبات، وجعلوا توحيد الألوهية نوعًا مستقلًا والذين قسموه إلى أربعة أنواع جعلوا التوحيد في الأسماء نوعًا والتوحيد في الصفات نوعًا منفردًا بالإضافة إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.
وهناك من يجعل النوع الرابع: هو توحيد المتابعة
(1)
للنبي صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى أنواع التوحيد الثلاثة المشهورة.
وقد تحدث ابن رجب رحمه الله تعالى في مؤلفاته عن أنواع التوحيد وبينها وأوضحها، وهو ما سأتحدث عنه إن شاء الله تعالى في الفصول القادمة لأبين ما لابن رجب رحمه الله تعالى من أثر في توضيح هذه الأنواع.
(1)
انظر شرح العقيدة الطحاوية (ص 217) وكتاب القول المفيد في أدلة التوحيد للعبدلي (ص 20).