الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- والكراهة في الثانية لغير المعمم دون المعمم على المشهور، قاله يوسف بن عمر.
- والمنع في الثالثة اتفاقًا.
والفرض الخامس: الدلك في الغسول على المشهور، وهو: إمرار اليد على العضو عند غسله، ولو علم وصول الماء إليه.
الباجي: شرط الغسل إمرار اليد على العضو قبل ذهاب الماء عنه؛ لأنه بعده مسح. . انتهى.
ويأتي في باب الغسل التنبيه على خلاف ابن أبي زيد والقابسي.
والفرض السادس: الموالاة على أحد المشهورين، وأشار له بقوله: وهل الموالاة، وهي: فعله في فور واحد مِن غير تفريق كثير بين أجزائه؛ لأن اليسير مغتفر اتفاقًا عند عبد الوهاب، واجبة إن ذكر وقدر على ما شهره غير واحد مِن الشيوخ، وإن فرق مع أحدهما بنى على ما تقدم بنية إن نسي مطلقًا، طال أو لم يطل، وإن بنى بغير نية لم يجزئه.
واستثنوا مِن العذر من فرق ناسيًا فأمر أن يبني على فعله الأول فنسي ثانيًا، يبتدئ وضوءه، ولا يعذر بنسيانه ثانيًا.
وإن عجز عن موالاته لعجز مائه مثلًا عن إتمام وضوئه مع الذكر ما لم يطل فصله، وإن طال ابتدأ الوضوء به.
[المعتبر في الطول: ]
والطول معتبر بجفاف الأعضاء بزمِن اعتدلا: الأعضاء والزمان، قاله عياض، وهو المشهور، وعلى المشهور لا يعتبر ذلك بأعضاء شيخ في شتاء، ولا شاب في صيف؛ لبطء الجفاف مع الأولين، وسرعته مع الآخرين.
أو هي -أي: الموالاة- سنة، فسنة: خبر مبتدأ محذوف؛ لأن الأصل عدم الوجوب، وشهره ابن رشد، فإن فرق ذاكرًا قادرًا جرى على الخلاف
في تارك السنن متعمدًا في ذلك؟ خلاف، واختار المصنف هذه العبارة دون الفور لقول ابن عَبْد السَّلامِ انعقد لاقتضائها الفورية بين الأعضاء خاصة مِن غير تعرض للعضو الأول، وتلك تعطي وجوب فعل الوضوء أول الوقت، وهذه إحدى المسائل الواجبة مع الذكر والقدرة الساقطة مع العجز والنسيان (1)، وإزالة النجاسة، والتسمية عند الذكاة، وترك طواف القدوم،
(1) تبع التتائي في إدراج هذه المسألة ضمن باب ما يسقط بالعجز والنسيان من الواجبات المصنف، وفي عبارة المصنف على ما يرى الرماصي نظر؛ لمخالفته عبارة أهل المذهب، وعبارتهم أنها واجبة مع الذكر دون النسيان، ولا يعرجون على القدرة بحال، وعذر التتائي في ذلك واضح وهو حل لفظ المختصر، وإن كان ينبغي مع ذلك التنبيه على ما يرى أنه مجانب للواقع أو الصواب، وقد يجاب بأن التتائي ليم يظفر بما يتيح له ذلك هنا، ومهما يكن من أمر فإن الأجهوري قد قال نقل مفصلًا عبارات أهل المذهب في ذلك في مواهبه، فقال: "وقول المص: (وبنى بنية إن نسي مطلقًا) أي: سواء طال أم لا، والبناء في هذا وما بعده سنة؛ لأن ترك الموالاة والتنكيس حكمهما واحد، وسيأتي أنه يعيد، أي: أنه اختلف في التعبير عن حكم الموالاة، فبعضهم عبر عنه بالوجوب بالشرط الذي ذكره المص، وبعضهم عمر عنه بالسنة بالشرط المذكور، وفي كلام بعض الشارحين ما يفيد أنه معنوي، فإنه قال عقب قوله:(أو سنة)، ما نصه: وشهره في المقدمات.
قال: وعليه، فإن فرق ناسيًا فلا شيء عليه، وإن فرق عامدًا فقولان: لابن عبد الحكم: لا شيء عليه، ولابن القاسم: يعيد الوضوء والصلاة أبدًا، كترك سنة من سننها عمدًا؛ لأنه كاللاعب المتهاون. انتهى.
قلت: وهذا يفيد أن الخلاف الواقع في كلام المص معنوي لا لفظي؛ لأنه ذكر أن الناسي لا شيء عليه على القول بالسنية، وقد علمت أنه على القول بالوجوب يبني، والبناء هو إعادة فعل ما بعد التفريق المخل بالموالاة، وحده إن حصل التذكر بعد الجفاف، وإن حصل قبله فهو إعادته وإعادة ما فعل بعده، وأيضًا العامد على القول بالسنية في إعادته خلاف، ومن غير ترجيح، وأما على القول بالوجوب فيعيد أبدًا حيث حصل الطول اتفاقًا، كما هو ظاهر كلامهم، وأيضًا القائل بالوجوب يقول بإثم العامد لتركه فعل الواجب، وأما القائل بالسنية فإنما أثمه لتهاونه بالسنة، وتعقب شيخنا أيضًا قول ح:(إن الخلاف لفظي)، فقال: ولم يتعرض المص للتفريع على القول بالسنية، وقال من شهرها وهو ابن رشد: إن الفورسة، فإن فرق ناسيًا فلا شيء عليه، وعامدًا أعاد أبدًا لتهاونه بالسنة. انتهى.
وحكى قولًا آخر عن محمد بن عبد الحكم أنه لا شيء عليه، لكن انظر ما ثمرة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخلاف في التشهير حينئذ، أي: عامدًا كان أو ناسيًا فقد اتفق التشهيران على الإعادة أبدًا في صورة العمد، وعلى عدم الإعادة في صورة النسيان، ويمكن أن يقال: تظهر ثمرة الخلاف بالسنية للإثم كما تقدم في إزالة النجاسة، وقول ح:(إن الخلاف في التعبير لا في الحكم مشكل). انتهى.
قلت: وهذا لا يوجب أن يكون الخلاف لفظيًا؛ لما علمت أن القائل بالسنية يحكي الخلاف في إعادة العامد، وأما القائل بالوجوب فيقول بإعادة العامد أبدًا اتفاقًا، وأيضًا القائل بالوجوب يقول يبني الناسي، والقائل بالسنة لا يقول بالبناء، وهما مختلفان كما علمته، ولم يتعرض بعض الشارحين ولا شيخنا لحكم العاجز على القول بالسنة.
تنبيهات: الأول: اعلم أن مسألة ترك الموالاة ليست هي مسألة من ترك بعض مفروضات الوضوء غير الموالاة المشار لها بقوله فيما يأتي: (ومن ترك فرضًا إلخ)، وعليه فشرح ح قول المص:(وهل الموالاة إلخ) بمسألة من ترك فرضًا من فرائض الوضوء غير الموالاة غير سديد؛ إذ هو خلاف ما يتبادر من كلام المص، وأيضًا قد يعبر في كلام المص نوع تكرار، ويفوته الكلام على ترك الموالاة، واعلم أيضًا أن ترك الموالاة تارةً تكون لعجز، ولا يتصور أن يكون ذلك في أثناء وضوئه، وتارةً يكون لنسيان، ويتصور ذلك في أثناء الوضوء بعد الفراغ منه، فمن عجز في أثناء الوضوء عن إنهائه عجزًا، لا يكون حكمه فيه كحكم الناسي، ولا كحكم المتعمد، فإنه إن قدر على إنهائه فإن كانت قدرته على إنهائه بعد طول، وذلك بجفاف العضو الذي حصل عقبه الفصل المخل بالموالاة من الغسلة الأخيرة لا في الزمن المعتدل من معتدل المزاج، فإنه يبتدئ الوضوء، وإن لم يحصل الطول المذكور، فإنه يبني على ما فعله، وهل يكتفي في البناء بفعل ما بقي من الوضوء أو لا بد من إعادة فعل العضو الذي حصل عقب التفريق مع باقي الأعضاء، وهو ظاهر؛ إذ لا يجبر التفريق إلا بذلك، كما يظهر، ولم أر من تعرض له، ومن فرق ناسيًا في أثناء الوضوء ثم تذكر فإنه يبني، وسواء طال أم لا، ويجزئ في البناء نحو ما تقدم في العاجز على ما سبق، وأما من حصل منه التفريق المخل بالموالاة نسيانًا في أثناء الوضوء ثم لم يتذكر ذلك إلا بعد تمام الوضوء، فإن كان إنما ذكر ذلك بعدما جف العضو الأخير من أعضاء الوضوء من غسلته الأخيرة في الزمن المعتدل من معتدل المزاج فإنه يعيد ما وقع عقب التفريق، وهل وحده أو مع ما قبله ليحصل حيز التفريق بذلك، وهو الظاهر، يجري فيه ما تقدم، ولا يعيد ما وقع بعده قطعًا، وإن ذكر ذلك قبل الجفاف المذكور فإنه يعيد فعل ما بقي من الأعضاء بعد العضو الذي وقع عقبه التفريق، وهل يعيد العضو الذي وقع عقبه التفريق أيضًا أم لا يجري فيه ما تقدم أيضًا، وعلى هذا فالعضو الذي غسل أو مسح بعد ما وقع بينه وبين ما قبله التفريق المخل بالموالاة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بمنزلة ما ترك غسله أو مسحه فيجري فيه تفصيل ما ترك غسله أو مسحه.
الثاني: ظاهر كلام المص أن العامد ليس كالعاجز في التفرقة بين الطول وعدمه مع أنه كالعاجز في ذلك كما يفيده النقل، ولكن هل الطول في حقه كالطول في حق العاجز، وهو ما يفيده كلام الشيبي وابن فرحون، وأصله لابن عبد السلام، ويؤخذ من كلام ابن رشد، قال مق: ونحو ما لابن عبد السلام لابن يونس. قلت: وهو الذي يفيده ما وقعت عليه من كلام شراح الرسالة، أو دونه وهو ما ذكره صاحب الجمع عن ابن هارون على سبيل البحث، واستظهره ح، ولمن لا يخفى أن هذا لا يقاوم الأول، وأيضًا لا يعلم حينئذ ما حد الطول في حق العامد، وما حد الطول في حق العاجز، قلت: فلو قال المص عقب قوله: (مطلقًا): (وإلا بني ما لم يطل) لوافق ما عليه هؤلاء الجماعة، فيفيد أن حكم العامد والعاجز سواء فيما ذكر، وقد ذكر ح ما يفيده ذلك عند قوله:(وهل الموالاة واجبة إلخ) غير أنه ارتضى خلافه، ولا يعول عليه مع قول من تقدم، فقال: الثاني -أي: من التنبيهات- ظاهر كلام المص أن التفريق عمدًا يبطل الوضوء، ولو كان يسيرًا، وليس ذلك بمراد، بل التفريق اليسير لا يضر، ولو كان عمدًا، قال ابن الحاجب: والتفريق اليسير مغتفر. قال في التوضيح: حكى عبد الوهاب فيه الاتفاق. انتهى. وحكى ابن فرحون وابن ناجي وغيرهما في ذلك خلافًا وحكى الطراز في ذلك قولين، وقال: إن المشهور لا يضر. قال ابن فرحون في شرح قول ابن الحاجب المتقدم: يعني إذا فرق الوضوء تفريقًا يسيرًا فهو مغتفر فيجوز له البناء على ما تقدم من وضوئه، وحكى عبد الوهاب فيه الاتفاق، وابن الجلاب وغيره يمنع البناء، وهما على الخلاف فيما قارب الشيء، هل يعطى حكمه أم لا؟ ونحوه حكى الجمع عن ابن رشد، وقال في الطراز: إذا قلنا التفريق المؤثر هو العمد فهل يستوي قليله وكثيره إذا لم يكن معه عذر؟ مشهور المذهب أن اليسير الذي لا يخرم الموالاة لا يفسد. . إلى أن قال: الثالث: إذا قلنا التفريق اليسير لا يضر، فظاهر كلامهم أنه لا كراهة في ذلك، وقال ابن ناجي في شرح المدونة: ولا خلاف أن التفريق اليسير مكروه. وقال عبد الوهاب: وليس كذلك، بل ظاهر كلام الجلاب أنه ممنوع، ولا أعرف له موافقًا، وقول ابن راشد وابن الجلاب وغيره بحكي المنع لا أعرفه انتهى. . إلى أن قال: الرابع: قال ابن فرحون: وحد اليسير ما لم تجف أعضاء الوضوء، أي: فمتى جفت أعضاء الوضوء كان لهؤلاء غير مغتفر وأوجب الابتداء، كما قالوا في حق من قصر ماؤه عن كفايته. انتهى. وأصله لابن عبد السلام ولابن رشد في المقدمات ما يؤخذ منه ما لابن فرحون.
قلت: هذا خلاف ما حكاه صاحب الجمع عن ابن هارون، ونصه: في شرح قول ابن الحاجب والتفريق اليسير مغتفر، هذا عندي لا يحد بجفاف الأعضاء كما حد حق =
والنضح، والفطر في التطوع (1)، ونظمتها فقلت:
موالاة أعضاء وغسل نجاسة
…
وتسمية عند الزكاة أخا الفضلِ
= العاجز، بل هو أقل من ذلك لعدم عذره. انتهى.
قلت: وهذا هو الظاهر من كلام أهل المذهب كما ستراه، وأما ما قاله ابن فرحون فغير ظاهر؛ لأنهم جعلوا العجز عذرًا يعذر به في التفريق مع عدم جفاف الأعضاء، والتفرقة اليسيرة مغتفرة ولو كانت بلا عذر فتأمله. انتهى.
قلت: وتقدم أن هذا لا يعدل قول من تقدم.
الثالث: قال ح بعد ما ذكر عن أهل المذهب حكم من فرق وضوءه لعجز مائه أو لا كراهة على التفريق ما نصه: قلت: فظهر من هذا أن العاجز إذا كان أعد من الماء ما يكفيه ثم غصب منه أو أهريق له أو إهراقه بغير تعمد أو أكره على التفريق يبني، وإن طال كالناسي بلا خلاف عند بعضهم كما يظهر من كلام اللخمي، وعند بعضهم على الراجح، فكان ينبغي للمص أن يستثني هذه الصورة أو يحكي فيها خلافًا، إن كان ترجح عنده كلام الباجي ومن وافقه في حمل كلام المدونة على إطلاقه، وحكي في الطراز عن التونسي تردد في المسألة من غير أن يرجح واحدًا منهما.
تنبيه: استثنى الرجرجي من الصورة التي يبني فيها العاجز ما إذا أعد من الماء ما لا يكفيه قطعًا؛ فإنه لا يبني طال أم لم يطل انتهى المراد منه. وذكر قبل ذلك ما يفيد أن الصورة التي يفرق فيها بين الطول وعدمه أن يعد من الماء ما يظنه كافيًا له، وتبين له خلاف ذلك، ففي هذه الصورة يبني إن قرب، ويبتدئ إن طال، وأما إن أعد الماء ما يجزم أنه غير كاف أو يظن ذلك أو يشك فيه ويتبين له خلاف ذلك ففي هذه الصورة يبتدئ الوضوء قطعًا، وإن جزم أنه يكفيه ويتبين له خلاف ذلك ففي هذه يبنى مطلقًا كما يفيده كلام ح السابق.
الرابع: قال ح: الثاني -أي: من المثابية- قد تقدم أنه يعيد ما بعد المنسي من مسنونات الوضوء، الذي يظهر لي أن ذلك إنما هو بحكم التبع للفرائض، وإلا فسيأتي أن الترتيب بين السنن والفرائض مستحب، وأنه لا يعيد لأهل ذلك، فتأمله واللَّه اعلم. انتهى.
الخامس: اعلم أن تارك الموالاة وتارك بعض فرائض الوضوء والمنكس سواء في إعادة ما حصل فيه الخلل بشيء مما ذكره، وحده إن حصل البعد وفي إعادته وما بعده إن قرب، كما يستفاد من كلام ح وغيره، كذا في بعض التقارير، وهو ظاهر في التنكيس، وفي ترك الفروض، وأما في ترك الموالاة فلا يظهر إلا في حالة النسيان، التي يبني فيها مطلقًا، لكن يحتاج فيه لنقل يدل على ذلك".
(1)
أفاد الرماصي: أن الأولى أن يقول: وقضاء التطوع، كما عبر ابن فرحون.