الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم استثنى مِن المذكي، فقال: إلا محرم الأل مِن جميع الحيوان، فإن الذكاة لا تؤثر فيه طهارة، بل هو ميتة لعدم قبولها شرعًا.
تنكيتان:
الأول: جعلُ البساطي الكلب مِن أمثلة محرم الأكل فيه شيء، كما سنذكره في باب الأطعمة.
الثاني: قوله: (وهنا بحث، وهو أن ما ذكي يحتمل أن يريد به ما وقعت به الذكاة الشرعية، كان قابلا لها أم لا، ويحتمل أن يريد به القابل، فعلى الأول يصح الاستثناء، لكن العرف يقتضي أن لا يقال مُذكى إلا لما وقعت فيه الذكاة الشرعية، وإن أراد الثاني لمْ يكن للاستثناء معنى). انتهى.
قلنا: نختاراته أراد الأول، وقولك:(كان قابلًا لها أم لا) غير صحيح؛ لأن الذكاة الشرعيّة لا تكون في غير القابل لها شرعًا، وحينئذ صح الاستثناء، فتأمله منصفًا، ولا تقل أراد صفة الذكاة الشرعية، فإنه يفيد مع قوله قبله الذكاة الشرعية.
ثم عطف على المستثنى منه، فقال:
[5]
وصوف مِن غنم.
[6]
ووبر: بفتح الباء الموحدة مِن إبل، وأرنب، ونحوهما.
[7]
وزغب ريش لطير.
[8]
وشعر: بفتح العين وسكونها، مِن باقي الحيوان: مِن غير خنزير،
= وفي القاموس: والجرة بالكسر مبينة الجر، وما يفيض به البعير من الطعام فيأكله ثانية، وتفتح. انتهى.
فقد ظهر أن كلًّا من المرارة وجرة البعير اللتان قال الشافعية بنجاسة كل منهما ليست واحدة منهما بجزء من أجزاء المذكى، وهو خلاف ما يقتضيه كلام تت، وقد تبع بعض الشراح تت في كلامه هذا، وقال الحنفية: المرارة بمعني الجلدة التي فيها الصفراء تكره تحريمًا من المذكى، وأما الذي فيها فنجس".
بل ولو مِن خنزير إن جزت، ولو بعد نتفها مِن حي أو ميت؛ لأن مباشرة اللحم مِن محل النتف هو النجس فقط، وبالغ على الخنزير لسوء حاله، وإشارة للخلاف فيه، والكلب كذلك.
ثم تكلم على طهارة الجماد بقطع النظر عن مفهوم قيوده، فقال:
[9]
ومِن الطاهر: الجماد، وهو: جسم، وأراد به الجنس، فيشمل الحي والميت؛ لصدقه عليه لغة، وأخرجه مِن الحي بقوله: غير حيّ، أي: غير حيوان حيّ، وليس مراده أن كل جسم خال عن الحياة حكمه ذلك، كدخول الميتة فيه؛ لأنها جسم غير حي، وغير منفصل عنه، أي: عن الحيّ، كـ: البيض؛ فإنه غير جماد؛ لانفصاله عن حي.
ولما كان بعض الجماد الّذي شمله الحد نجسًا استثناه، فقال: إلا المسكر: مائعًا أو جامدًا، فالأول: كالخمر، خلافًا لابن لبابة (1) والحداد (2)، والثاني: كالحشيش، على اختيار المنوفي شيخ المصنف، وقال القرافي نحوه، مع اتفاقهما على منع تناولها (3).
(1) هو: محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة، أبو عبد اللَّه، (000 - 330 هـ = 000 - 942 م): فقيه مالكي أندلسي، ولي قضاء إلبيرة، والشورى بقرطبة، وعزل عنهما، ثم أعيد إلى الشورى مع خطبة الوثائق، ومات بالإسكندرية، له (المنتخبة - خ) في خزانة تمكروت بسوس (الرقم 2957) في فقه المالكية. قال ابن حزم:"ما رأيت لمالكي كتابًا أنبل منه". ينظر: الأعلام (7/ 136)، وبغية الملتمس 134، وجذوة المقتبس 91، والديباج المذهب 251 - 252.
(2)
لم أقف له على ترجمة.
(3)
قوله: إلا المسكر، أي: الجماد سواء كان مائعًا أو جامدًا كالحشيشة على أحد القولين، وقيل: مفسدة مخدرة، مع الاتفاق على حرمة أكلها، كذا ذكره بعض من كتب هنا، وفيه نظر من وجوه؛ الأول: أن ما ذكره من قوله مع الاتفاق على حرمة أكلها يشمل أكل ما قل مما لا يغيب العقل، وليس كذلك، فقد صرح القرافي بأنه يجوز تناول ما قل منها كغيرها من المفسدات، وكأنه اغتر بظاهر عبارة التوضيح.
الثاني: الصحيح فيها أنها من المفسدات كما قدمناه.
الثالث: قال غير واحد من شراح الرسالة في: (وكلما أسكر من الأشربة كثيره فقليله حرام): "ليس في غير المائعات شيء مسكر، أي: الحشيشة على قول من قال: إنها مسكرة، وكذا ابن مرزوق، فإنه قال: ظاهر إطلاق المص: أن كل مسكر نجس، سواء =