الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
قررنا كلامه على خلاف ظاهره لقولهم: العرض لا يقوم بمحلين (1).
(1) قال الرماصي: تت: لقولهم: العرض لا يقوم بمحلين. قال السعد في شرح المقاصد: اتفق المتكلمون والحكماء على امتناع انتقال العرض من محل إلى آخر لما سبق من أن معنى قيام العرض بالمحل هو أن وجوده في نفسه هو وجوده في محله فيكون زواله عن ذلك المحل زوالًا لوجوده في نفسه فما يوجد فيما يجاور النار من الحرارة أو المسك من الرائحة أو نحو ذلك ليس بطريق الانتقال إليه بل الحدوث فيه بإحداث الفاعل المختار عندنا وبحصول الاستعداد للمحل ثم الإفاضة عليه من المبدأ عندهم. وبه تعلم أن لا حاجة لما تكلفه تت وغيره.
وقال العدوي تعليقا على قول الخرشي (1/ 67) في حل هذا الموضع: مجاوره بالهاء والتاء، وعلى كل فالمراد به تغير ريحه فقط، بحسب الصورة: برائحة كريهة، كالجيفة، أو طيبة كتبت مجاور له، فلا يضر ذلك؛ لأن الرائحة في الحقيقة إنما هي في الشيء المجاور للماء، لا فيه قال العدوي:" (قوله: أو تغير بمجاوره) أي: بدون ملاصقة، (قوله: تغير ريحه فقط)، بل لو فرض تغير الطعم واللون لا يضر، إلا أنه لا يمكن، (قوله بحسب الصورة)، أي: لا بحسب الحقيقة، وهو جواب عما يقال: قول المصنف: (أو تغير بمجاوره) لا يصح؛ لقيام الدليل على امتناع انتقال الأعراض، ثم ظاهر هذا أنه لو تيقن حصول التغير في الماء يضر على فرض حصوله، وليس كذلك، فالمناسب أن يحمل على وجود التغير حقيقة، ولا يرد ما تقدم من أن الأعراض لا تنتقل؛ لأنا نقول: كما أن العرض يبقى ببقاء أمثاله على ما فيه ينتقل مثله، بمعنى أن الجيفة لما جاورت الماء يخلق اللَّه في الهواء الملاقي لسطح الماء كيفية مماثلة لكيفية الجيفة، ثم يخلق اللَّه في الماء كيفية مثل الكيفية التي في الهواء الملاصق".
وقد قال الأجهوري: "ظاهر كلام المص أن التغير بالمجاور لا يضر، ولو تيقن حصوله، وهو كذلك، وعليه نشكل أن ريح الميتة مثلًا عرض، وهو لا يبقى زمانين، ولا يقوم بمحلين، فكيف ينتقل؟ وجوابه: أنه يبقى ببقاء أمثاله؛ ألا ترى أن البياض يبقى في جسد الإنسان زمنًا طويلًا ببقاء أمثاله، وكذا يقال: إنه ينتقل مثله، ويأتي عن المواقف وشرحها نحوه، وقد قرر تت كلام المص تبعًا لغيره على وجه يدفع ذلك، لكنه يقتضي أن يكون تغير الماء حقيقة مضرًا، وتبعه بعض الشراح، فقال: "أو اشتبه على الحس أنه تغير ريحه بمجاوره، كجيفة بإزائه، وقررناه على خلاف ظاهره؛ لقولهم: إن العرض لا يقوم بمحلين". انتهى.
ونص المواقف (رقم -) وشرحها: "فإن قيل: هذا الذي ذكرتموه من امتناع الانتقال على الأعراض إنكار للحس؛ فإن رائحة التفاح تنتقل منه إلى ما يجاوره، والحرارة تنتقل =
وإن كان تغيره بمجاورته بدهن لاصق سطح الماء، ولم يمازجه، فهو بأن على إطلاقه، وسيأتي حكم الممازج.
أو تغير ريحه لا لونه وطعمه برائحة قطران وعاء مسافر من غير جسم مخالط للماء، فإنه مطلق، لا ما خالط جسمه الماء (1)، كالقراب الجديدة، وخص الرائحة وعمم في الوعاء وفي المسافر لقول سند (2): أما رائحة القطران تبقى في الوعاء، وليس له جسم مخالط للماء، فلا بأس به.
ولم يعتبر ما قاله سند عقب ما تقدم، ولا يستغنى عنه عند العرب وأهل البوادي؛ فإن ظاهره اغتفار ذلك لهم أيضًا، ولم يعتبر أيضًا ما نقله ابن رشد عن بعض المتأخرين من تخصيص الجواز بالقرب للمسافر بها للحج، وكأنه رأى أن المسافر أشد ضررًا من العرب وأهل البوادي.
أو تغير بمتولد منه، كـ: الطحلب، بضم الطاء، وسكون الحاء، وبضم اللام، وفتحها: خضرة تعلو الماء؛ لطول مكثه، فباق على إطلاقه،
= من النار إلى ما يماسها، كما يشهد به الحس.
فالجواب: إن الحاصل في المحل الثاني، وهو: المجاور أو المماس شخص آخر من الرائحة [المماسة](رقم -) أو الحرارة مماثل للأول الحاصل في التفاح أو النار يحدثه الفاعل المختار عنده عقب المجاورة أو المماسة، أو يفيض ذلك الشخص الآخر على المحل الثاني من العقل انفعالات عند الحكماء بطريق الوجوب لاستعداد يحصل له من المجاورة أو المماسة". انتهى.
(1)
قال الرماصي: تت: (لا ما خالط جسمه الماء) ظاهره: أن هذه الصورة مقطوع فيها بسلب الطهورية، وأن كلام المؤلف يحمل على الأولى فقط، وليس كذلك. ينظر بقية كلامه.
(2)
هو: أبو علي سند بن عنان بن إبراهيم بن حريز بن الحسين بن خلف الأزدي الاسكندري، (000 - 541 هـ = 000 - 1146 م)، كان من زهاد العلماء وصلحائهم، سمع من شيخه أبي بكر الطرطوشي، وجلس لإلقاء الدرس بعد الشيخ أبي بكر الطرطوشي، وانتفع الناس به، وألف كتابًا حسنًا في الفقه سماه: الطراز، شرح به المدونة، في نحو ثلاثين سفرًا وتوفي قبل إكماله. وله تآليف في الجدل وغير ذلك.
توفي رحمه الله بالإسكندرية سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ودفن بجبانة باب الأخضر. ينظر: معجم المؤلفين (4/ 283).