الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما لم يعطف الحيض بالواو كالذي قبله، بل قرنه بحرف التشبيه؛ لأن الحيض مانع شرعي، وغيره مانع عقلي، فخالف الأسلوب
تنبيهً
ا على هذه النكتة، كذا قال البساطي.
ثم قال: إلا أنه كان الأنسب أن لا يعد الصبا من الموانع. . انتهى.
أما الكفر فيمنع الصحة اتفاقًا، وفي منعه الوجوب بخلاف ثمرته في الآخرة لا في وجوب القضاء، وأما الثلاثة الأول فلا خلاف في إسقاطهم للصلاة، وأما النوم والغفلة فمانعان من تعلق الإثم، لا من الوجوب، وفرعه الحديث المعروف:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(1).
تنبيه:
الفقهاء يذكرونه بهذا اللفظ ولا يوجد به في شيء من كتب الحديث، بل الموجود فيها:"إن اللَّه وضح عن أمتي. . إلى آخره"، رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. انتهى. وما يذكره الفقهاء هو على رأي من يجيز نقله بالمعنى (2).
(1) أخرجه الطبراني (2/ 97، رقم 1430)، قال الهيثمي (6/ 250): فيه يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو: ضعيف. وضعفه أيضًا من أصحابنا القاضي أبو بكر بن العربي، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا من جهة الرواية، فهو صحيح من جهة الدراية، فقواعد الشريعة وأصولها تدل على أفراده من رفع الحرج وعدم المؤاخذة الإكراه والنسيان والخطأ، غير أن الخطأ لا بد فيه من شرطين:
الأول: الاجتهاد.
والآخر: ووقوعه من أهله، فلا عبرة باجتهاد من غير أهله، بل يكون خطؤه مضاعف.
(2)
قال السيوطي في التدريب (2/ 98 - 99): "الرابع: إن لم يكن الراوي عالمًا بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيرًا بما يحيل معانيها، بصيرًا بمقادير التفاوت بينهما، لم تجز له الرواية؛ لما سمعه بالمعنى بلا خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه، فإن كان عالمًا بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول: لا يجوز إلا بلفظه، وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية، وروي عن ابن عمر، وجوز بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجوز فيه.
وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف منهم الأئمة الأربعة: يجوز بالمعنى في جميعه إذا قطع بأداء المعنى؛ لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويدل عليه روايتهم القصة الواحدة بألفاظ مختلفة.
وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث عبد اللَّه بن سليمان بن أكتمة الليثي قال: قلت: يا رسول اللَّه، إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك، يزيد حرفًا أو ينقص حرفًا، فقال:"إذا لم تحلوا حرامًا ولم تحرموا حلالًا وأصبتم المعنى فلا بأس".
فذكر ذلك للحسن فقال: لولا هذا ما حدثنا.
واستدل لذلك الشافعي بحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه". قال: وإذا كان اللَّه برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف، علمنا منه بأن الكتاب قد نزل لتحل لهم قراءته، وإن اختلف لفظهم فيه، ما لم يكن اختلافهم إحالة معنى، كان ما سوى كتاب اللَّه سبحانه أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه.
وروى البيهقي عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا له: يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نسيان فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئًا؟ فقلنا: نعم، وما نحن له بحافظين جدًا، إنا لنزيد الواو والألف وننقص، قال: فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظًا وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث سمعناها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عسى أن لا نكون سمعناها منه إلا مرة واحدة حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى.
وأسند أيضًا في المدخل عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال حذيفة: إنا قوم عرب نردد الأحاديث فنقدم ونؤخر.
وأسند أيضًا عن شعيب بن الحبحاب قال: دخلت أنا وعبدان على الحسن فقلنا: يا أبا سعيد الرجل يحدث بالحديث فيزيد فيه أو ينقص منه قال: إنما الكذب على من تعمد ذلك.
وأسند أيضًا عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يحدث بأحاديث الأصل واحد والكلام مختلف.
وأسند عن ابن عون قال: كان الحسن وإبراهيم والشعبي يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يعيدون الحديث على حروفه.
وأسند عن أبي أويس قال: سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث إذا أصبت معنى الحديث فلم تحل به حرامًا ولم تحرم به حلالًا فلا بأس واسند عن سفيان قال: كان عمرو بن دينار يحدث بالحديث على المعنى وكان إبراهيم بن ميسرة لا يحدث إلا على ما سمع وأسند عن وكيع قال: إن لم يكن المعنى واسعًا فقد هلك الناس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال شيخ الإسلام: ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانها للعارف به فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى.
وقيل: إنما يجوز ذلك للصحابة دون غيرهم وبه جزم ابن العربي في أحكام القرآن قال: لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث والصحابة اجتمع فيهم أمران: الفصاحة والبلاغة جبلة ومشاهدة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله؛ فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة واستيفاء المقصود كله.
وقيل: يمنع ذلك في حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويجوز في غيره حكاه ابن الصلاح ورواه البيهقي في المدخل عن مالك وروي عنه أيضًا أنه كان يتحفظ من الباء والياء والتاء في حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال ذلك أيضًا واستدل له بقوله: "رب مبلغ أوعى من سامع" فإذا رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفه ما فيه.
وقال الماوردي: إن نسي اللفظ جاز؛ لأنه تحمل اللفظ والمعنى، وعجز عن أداء أحدهما، فيلزمه أداء الآخر، لا سيما أن تركه قد يكون كتمًا للأحكام، فإن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره؛ لأن في كلامه صلى الله عليه وسلم من الفصاحة ما ليس في غيره.
وقيل عكسه: وهو الجواز لمن يحفظ اللفظ ليتمكن من التصرف فيه دون من نسيه وقال الخطيب: يجوز بإزاء مرادف وقيل: إن كان موجبه علمًا جاز؛ لأن المعول على معناه ولا تجب مراعاة اللفظ وإن كان عملًا لم يجز.
وقال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع للرواة كثيرًا قديمًا وحديثًا وعلى الجواز الأولى إيراد الحديث بلفظه دون التصرف فيه ولا شك في اشتراط أن لا يكون مما تعبد بلفظه وقد صرح به هنا الزركشي وإليه يرشد كلام العراقي الآتي في إبدال الرسول بالنبي وعكسه وعندي: أنه يشترط أن لا يكون من جوامع الكلم.
وهذا الخلاف إنما يجري في غير المصنفات ولا يجوز تغيير شيء من مصنف وإبداله بلفظ آخر وإن كان بمعناه قطعًا؛ لأن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ من الجرح وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه الكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره.
وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقيبه: أو كما قال أو نحوه أو شبهه، أو ما أشبه هذا من الألفاظ وقد كان قوم من الصحابة يفعلون ذلك وهم أعلم الناس بمعاني الكلام خوفًا من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية بالمعنى من الخطر.
روى ابن ماجه وأحمد والحاكم عن ابن مسعود أنه قال يومًا: قال صلى الله عليه وسلم فاغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه، ثم قال: أو مثله أو نحوه أو شبيه به. =