الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظاهره أيضًا: أن المؤذن يحكي مؤذنًا آخر سمعه، وهو كذلك على أحد القولين حكاهما صاحب الحلل.
ابن ناجي: ولا أعرفهما نصًا.
وهل يحكي أذان نفسه أو لا؟ قاله في الذخيرة، وعن ابن القاسم في الكتاب: إذا انتهى المؤذن إلى آخر الأذان يحكيه إن شاء، وهذا الفرع أهمله أبو سعيد. . انتهى.
وربما أشعر قوله: (حكايته) أنه لا يحكي الإقامة، وهو كذلك، وفي مختصر الواضحة يحكي.
مثنى كالمؤذن لا مربع التكبير بما عند المخالف، وقال الشارح: يكرر الحاكي الشهادة مرتين، ولا يرجع كما يرجع المؤذن عند مالك، وقال ابن القاسم: يرجع.
ولو كان السامع متنفلًا لا مفترضًا على المشهور.
قال صاحب الطراز: يحكيه بعد فراغه، فإذا حكاه المتنفل على المشهور فلا يتجاوز الشهادتين، فإن تجاوزها ففي بطلان صلاته وعدمه قولان، واستظهر سند البطلان.
قال المصنف: وهو مقتضى المذهب.
تنبيه:
قال عبد الحق: الفرق بين المتنفل يحكي الأذان والمعتكف لا يصلي على جنازة، وفي كلا الموضعين إدخال عمل على عمل هو فيه: أن الجنازة الخطاب بها كفاية، والحكاية على الأعيان.
[7]
وندب أذان فذ إن سافر، مفهوم الشرط: لا يستحب أذان لفذ حاضر ببيته أو غنمه، وهو كذلك، واستحبه (1) مالك وابن حبيب لمن
(1) في "ن 2": واستحسنه.
بفلاة (1).
(1) قال الحطاب: (2/ 107 - 109): "ص: (وأذان فذ إن سافر) ش: الفذ المنفرد والأصل في ذلك ما رواه مالك في الموطأ من حديث عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبي سعيد الخدري أنه قال له: "إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه "لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة".
قال أبو سعيد رضي الله عنه سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورواه البخاري -رحمه اللَّه تعالى- في صحيحه بهذا اللفظ، وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال.
تنبيهات:
الأول: ذكر المصنف في التوضيح في الحديث الأول أنه من قول أبي سعيد لعبد اللَّه بن زيد، وليس كذلك، إنما هو من قول سعيد لعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، كما تقدم عن الموطأ وهو كذلك في صحيح البخاري وغيره وعزا الحديث الثاني للبخاري وليس فيه وقد رواه مالك في الموطأ مرسلًا وأسنده النسائي وغيره.
الثاني: ذكر جماعة من الشافعية منهم إمام الحرمين والغزالي والرافعي حديث أبي سعيد بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد: "إنك رجل تحب الغنم" إلخ وتعقبهم ابن الصلاح وقال: هذا وهم وتحريف وإنما قال ذلك أبو سعيد للراوي عنه وهو عبد اللَّه بن عبد الرحمن وتبعه أيضًا النووي فقال: هذا الحديث مما غيره القاضي حسين والمازري والرافعي وغيرهم من الفقهاء فجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم هو القائل هذا الكلام لأبي سعيد وغيروا لفظه والصواب ما ثبت في صحيح البخاري والموطأ وسائر كتب الحديث وذكر اللفظ السابق، قال ابن حجر في فتح الباري: وأجاب ابن الرفعة عنهم بأنهم فهموا أن قول أبي سعيد سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عائد إلى كل ما ذكر.
قال ابن حجر: ولا يخفى بعده.
وذكر نحو ذلك في البدر المنير. قلت: وقع في كلام اللخمي وابن بشير وغيرهما من المالكية في حديث أبي سعيد نحو ما تقدم عن الغزالي وغيره من الشافعية.
الثالث: قوله: مدى صوت المؤذن بفتح الميم مقصور يكتب بالياء: وهو غاية الشيء والمعنى لا يسمع غاية صوته إلخ، قال ابن حجر: قال البيضاوي: غاية الصوت تكون أخفى من ابتدائه فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع منادي صوته أولى. انتهى.
وقول: شهد له ظاهر كلام ابن حجر وغيره أن الشهادة هنا على بابها ورأيت في حاشيته نسخة من الموطأ عن ابن القطان أن الشهادة هنا بمعنى الشفاعة، قال ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حجر: والسر في هذه الشهادة مع أنها تقع في عالم الغيب والشهادة أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة قاله ابن المنير.
وقال غيره: المراد من هذه الشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة وكما أن اللَّه تعالى يفضح بالشهادة أقوامًا فكذلك يكرم بالشهادة أقوامًا آخرين. انتهى. وفي حديث آخر: "المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس" رواه أبو داود والنسائي: "المؤذن يغفر له مد صوته" فعلى رواية: "مدى صوته" يكون منصوبًا على الظرفية وعلى رواية: "مد صوته" يكون مرفوعًا على النيابة والمعنى: أن ذنوبه لو كانت أجسامًا غفر له منها قدر ما يملأ المسافة التي بينه وبين منتهى صوته. وقيل: تمد له الرحمة بقدر مد الأذان وقال الخطابي: المعنى أنه يستكمل مغفرة اللَّه تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في رفع الصوت.
الرابع: قوله: إن سافر، المراد كونه في فلاة من الأرض ولا يشترط السفر حقيقة كما يفهم ذلك من كلام ابن عرفة الآتي في التنبيه: الخامس: وقوله: قد يقتضي أن الجماعة لا يستحب لها الأذان وليس كذلك فإن كانت الجماعة ترتجي حضور من يصلي معها فالأذان في حقها سنة وأما إن كانت لا ترتجي فالأذان في حقها مستحب، ولا تكون الجماعة أحط رتبة من الفذ فإن أصل مشروعية الأذان للجماعة وهذا هو المفهوم من كلام المازري وابن بشير وابن شاس، قال المازري في شرح التلقين وأما المنفرد والجماعة فلا يفتقرون لإعلام غيرهم وهم بالحضر فاختلف هل يستحسن لهم الأذان لأنه ذكر فيه إظهار شعار الإسلام أو لا يستحسن ذلك لهم لأن الغرض الأكثر في الأذان الدعاء إلى صلاة الجماعة وهؤلاء لا يدعون أحدًا ثم قال: وأما السفر فيستحسن فيه وإن كان فذًا انتهى. وقال ابن بشير: واستحب متأخرو أهل المذهب الأذان للمسافر وإن كان فذا وذكر حديثي الموطأ. وقال ابن شاس: واستحب المتأخرون للمسافر الأذان وإن كان منفردًا لحديث أبي سعيد.
فإن قيل: لعل هذا على طريقة ابن بشير وابن شاس الآتية في أن الفذ والجماعة التي لا تطلب غيرها في الحضر يستحب لها الأذان قلت: أما على طريقتهم فلا إشكال في استحبابه وإنما الكلام على الطريقة التي مشى عليها المصنف فإنه لا يستحب للجماعة التي لا تطلب غيرها فالذي يظهر أن ذلك في الحضر وأما في السفر فالظاهر أنه مستحب، أما أولًا؛ فلأن ذلك يفهم من كلام المازري كما تقدم في كلامه ميل إلى عدم الأذان إذا لم تطلب الجماعة غيرها في الحضر.
وأما ثانيًا؛ فلاحتمال أن يكون أحد قريبًا منهم يواريه عنهم جبل أو تل أو طريق فإذا =