الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
إنما لم يفرضها المؤلف في السمن كما في الحديث لئلا يتوهم قصر
= اجتمع عليه ومنها ما اختلف فيه، فأما ما اجتمع عليه العلماء من ذلك: أن الفأرة ومثلها من الحيوان كله يموت في سمن جامد أو ما كان مثله من الجامدات أنها تطرح وما حولها من ذلك الجامد ويؤكل سائره، إذا استيقن أنه لم تصل الميتة إليه، وكذلك أجمعوا أن السمن وما كان مثله إذا كان مائعًا ذائبًا فماتت فيه فأرة أو وقعت وهي ميتة أنه قد نجس كله، وسواء وقعت فيه ميتة أو حية فماتت، يتنجس بذلك، قليلًا كان أو كثيرًا، هذا قول جمهور الفقهاء وجماعة العلماء.
وقد شذ قوم فجعلوا المائع كله كالماء، ولا وجه للاشتغال بشذوذهم في ذلك، ولا هم عند أهل العلم ممن يعد خلافًا، وسلك داود بن علي سبيلهم في ذلك إلا في السمن الجامد والذائب، فإنه قال: فيه بظاهر حديث هذا الباب، عدا معناه في العسل والخل والمري والزيت، وسائر المائعات، فجعلها كالماء في لحوق النجاسة إياها بما ظهر منها فيها، فشذ أيضًا، ويلزمه أن لا يتعدى الفأرة، كما لم يتعد السمن والحية قوله وقول بعض أصحابه، ويلزمهم أيضًا ألا يعتبروا إلقاءها في السمن حتى تكون هي تقع بنفسها، وكفى بقول يؤول إلى هذا قود أصله قبحًا وفسادًا، وأما سائر العلماء وجماعة أئمة الأمصار في الفتوى فالفأرة والوزعة والدجاجة وما يؤكل وما لا يؤكل عندهم سواء، إذا مات في السمن أو الزيت، أو وقع فيه وهو ميت، إذا كان له دم، ولم يكن كالبعوض الذي لا دم له، والدود وشبه ذلك.
وأجمعوا أن المائعات كلها من الأطعمة والأشربة ما خلا الماء، سواء إذا وقعت فيها الميتة نجست المائع كله، ولم يجز أكله ولا شربه عند الجميع، إلا فرقة شذت على ما ذكرنا منهم داود، واختلفوا في الزيت تقع فيه الميتة بعد إجماعهم على نجاسته هل يستصبح به؟ وهل يباع وينتفع به في غير الأكل؟
فقالت طائفة من العلماء: لا يستصبح به، ولا يباع، ولا ينتفع بشيء منه. وممن قال ذلك منهم: الحسن بن صالح، وأحمد بن حنبل، ومن حجة من ذهب هذا المذهب قوله صلى الله عليه وسلم في السمن تقع فيه الفأرة:"خذوها وما حولها فألقوه، وإن كان مائعًا فلا تقربوه"، قالوا: فلما أمر بإلقاء الجامد وحكم له بحكم الفأرة الميتة وجب أن يلقى أبدًا، ولا ينتفع به في شيء، كما لا ينتفع بالفأرة، ولو كان بينهما فرق لبينه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولما أمر بإلقاء شيء يمكن الانتفاع به.
قالوا: وكذلك المائع، يلقى أيضًا كله، ولا يقرب، ولا ينتفع بشيء منه، هذا لو لم يكن في المائع نص، فكيف وقد قال عبد الرزاق في هذا الحديث:"وإن كان مائعًا فلا تقربوه".
الحكم على السّمن، كما ذهب إليه أهل الظاهر.
ولما بيّن أن الطعَام إذا وقعت فيه نجاسة وتنجس لا يطهر بيّن ذلك، فقال: ولا يطهر زيت خولط بنجس حل بأجزائه؛ لأن لزوجته تمنع إخراج الماء نجاسته، وسواء تغير أحد أوصافه أم لا.
وقال ابن القاسم: يطهر.
المازري: وهو أحسن عند المحققين، والاحتياط أفضل.
وحكى الباجي مشهور قول مالك: (يكره استعماله)، وهو مخالف لما قاله المُصنف، إلا أن تحمل الكراهة على التحريم، وتأمل جواب بعض مشايخي عن قول بعضهم:(لو قال المؤلف: "خلط") بإسقاط الواو لكان أحسن؛ لشمول (خولط) لما إذا كان الخلط بفعل فاعل أو لا (1).
ولا يطهر لحم طبخ بنجس، واستحسنه اللخمي، وظاهره: طبخ به مِن أوّله أو مِن آخره، وهو كذلك على ما قاله ابن عَبْد السَّلامِ.
ابن رشد: لا يطهر ما طبخ به مِن أوله، ويطهر ما طبخ به مِن آخره، ولمالك: يؤكل بعد غسله، ويطرح المرق (2).
(1) قال الرماصي: تت: (تأمل جواب إلى آخره)، قال: تأمل كأنه لم يظهر له وجه ذلك، ووجهه ظاهر؛ لأنه من حق المفاعلة فمعناه خالط مخالطة، فيشمل ما كان بغير فعل فاعل بخلاف خلط، لأن معناه خلطه شخص فبعيد قصر (خلطه) على فعل شخص، قاله عبد الباقي، وهو ظاهر، ولم يقل في كبيره تأمل، بل قال: وأجاب بعض شيوخنا، والجواب هو قوله: شمول خولط، أي: بالواو.
قال الأجهوري: "قوله: (بنجس) يتنازعه: (خولط) وما بعده من الأفعال الثلاثة. ومتعلق: (يطهر) محذوف، أي: بمطهر، وقال: (خولط) ولم يقل: خلط؛ ليشمل ما إذا كان بغير فعل فاعل".
(2)
قال الأجهوري: "وقوله: (ولحم طبخ) مثل الطبخ ما إذا طال مقامه بالنجاسة حتى تشربها كما ذكره ح، فلأنه قال بعد ذكر أثقال: تعلم من هذا أن اللحم ونحوه مما فيه رطوبة تعيبه النجاسة قبل طبخه أو بعده ولم يطبخ بها أنه يغسل ويؤكل، وهو طاهر إذا لم يتشرب بها، واللَّه أعلم، وربما أشعر قوله:(طبخ) بأن اللحم إذا شوي وفيه دم أنه لا يتنجس، وهو ما يفيده كلام النوادر، وفي المسألة أقوال. =