الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن رئيت النجاسة على فيه وقت استعماله للماء عمل عليها، أي: الرؤية أو النجاسة، فيفرق بين ما تغير من الماء فينجس، وما لم يتغير فيجزئ على ما تقدم، وبين الطعام المائع فينجس جميعه، وبين الجامد فينجس ما سرت فيه، كما يأتي.
[ما تزول به النجاسة: ]
ولما كان زوال تغير النجاسة يحصل إما بإزالة الماء، أو بزواله بنفسه، أو بكثير مطلق يرد عليه، أفاد الثلاثة على هذا الترتيب، فقال:[1] وإذا مات حيوان بري ذو نفس سائلة، أو دم جار، إن جرح أو ذبح براكد، سواء كانت له مادة كالبئر، أو لا كالماجل، ولم يتغير الراكد منه، ندب نزح بقدرهما، من قلة الماء وكثرته، وصغر الحيوان وكبره، فالصور أربعة:
[أ] كثرة الماء مع صغر الحيوان، يقلل النزح.
[ب] وقلة الماء مع كبره، يزاد على ما تقدم.
[ج] وكبره مع كثرة الماء.
[د] أو قلته مع صغره. يتوسط النزح فيهما.
وخرج بـ (البري): البحري، وبـ (ذي النفس السائلة): غيرهما، كـ: العقرب، ونحوها، وبـ (الراكد): البخاري، فلا يستحب النزح في شيء من ذلك، وهذه مفاهيم مخالفة، وبـ (عدم التغير): ما إذا تغير الماء بعد وقوعه على هذه الأوصاف، فيجب النزح حتى يزول التغير، وهذه مفهوم موافقة.
فائدة:
حيث وقع في هذا الكتاب (ندب)، فالمراد به: الاستحباب، أو (كره)،
= في الحديث، و"الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير - خ" و"الغاية القصوى في الكلام على آيات التقوى - خ". ينظر: الأعلام (5/ 56).
فهي على بابها، أو (جاز) فهو مستوي الطرفين، أو (حرم) أو (منع) فعلى بابهما.
ثم صرح بمفهوم الشرط لخفائه، فقال: لا إن وقع ميتًا، فلا يستحب النزح؛ لزوال العلة السابقة، إلا أن يتغير، فيجب النزح على مخالفة القائل بأن حكم ما وقع ميتًا بمنزلة ما مات فيه.
[2]
وإن زال تغير النجس الحال في ماء طهور بنفسه لا بكثرة مطلق ورد عليه فاستحسن الطهورية، وهي كما قال ابن عرفة: صفة حكمية، توجب لموصوفها كونه بحيث يصير المزال به نجاسة طاهرة.
وأشار بـ (استحسن) لقول صاحب الإرشاد: الظاهر: عوده لأصله انتهى؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
وعدمها، أي: الطهورية أرجح على ما صوبه ابن يونس؛ لأن النجاسة لا تزال إلا بالماء، ولم يحصل، وشهر الفاكهاني هذا الثاني، وحكى ابن ناجي (1) تشهيره أيضًا عن نقل صاحبه أبي محمد عَبْد السَّلامِ الباجي (2). انتهى.
ولم يعتبر المصنف هذا التشهير، وإلا لاقتصر عليه، ولم يقو الترجيحان عنده قوة التشهير، وإلا لقال: خلاف، على عادته، ولم يقل: قولان؛ لفوات حكاية الاستحسان والترجيح.
(1) هو: قاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي القيرواني، (000 - 837 هـ = 000 - 1433 م): فقيه، من القضاة، من أهل القيروان، تعلم فيها وولي القضاء في عدة أماكن، له كتب، منها "شرح المدونة - خ"، و"شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني - ط"، و"شرح التهذيب للبراذعي". ينظر: الأعلام (5/ 179).
(2)
لم أجد له ترجمة، والذي تبادر إلى ذهني أن قوله:(أبي محمد عبد السلام الباجي) ربما صوابه: أبي محمد عبد السلام. الباجي: ، ويكون في الشرح نقص بالأصل، وهذا بحسب تناسق النص بعيد، وللتأكد من ذلك ذهبت أتصفح كتاب الدرر الكامنة، والضوء اللامع لعلني أظفر بما يرجح أحد الاحتمالين، فما رجعت بطائل، لعدم الترجمة لابن ناجي، ولعدم ذكر باجي بذاك الوصف.