المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الزين - جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر - جـ ١

[التتائي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌المبحث الأول التعريف بالشارح

- ‌ اسمه ولقبه:

- ‌ مشايخه:

- ‌حياته ومحنته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌آثاره:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثاني وصف نسخ المخطوط

- ‌وهو حسبي وبه ثقتي

- ‌فائدتان:

- ‌تمهيد:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة التنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تذييل:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنكيت:

- ‌[المراد بالمشهور: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[مفاتيح المختصر: ]

- ‌تتميم:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌تذييل:

- ‌باب ذكر فيه أحكام الطهارة، وما يتعلق بها

- ‌[ما يرفع الحدث: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[تعريف الماء المطلق: ]

- ‌فرع:

- ‌تنبيه:

- ‌تفريع:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم الماء المتغير بما ينفك عنه غالبًا: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌[الماء المكروه للعبادة: ]

- ‌[ما تزول به النجاسة: ]

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌[الشك بمغير الماء: ]

- ‌[الأعيان الطاهرة، والأعيان النجسة]

- ‌[أولًا - الأعيان الطاهرة: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيتان:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[حالات القيء: ]

- ‌[الأعيان النجسة: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تذييل:

- ‌[مسألة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[المذهب في دباغ الجلد: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم حلول الطاهر في النجس والعكس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يجوز الانتفاع به من المتنجس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يحرم استعماله على الذكور: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تذنيب:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل ذكر فيه إزالة النجاسة، وما تزول به، وما يعفي عنه منها، وما لا يعفى عنه، وغير ذلك مما يتعلق بها

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيهات:

- ‌تنكيت:

- ‌فائدة:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تكميل:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌[كيفية تطهير المحل النجس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم الماء المزال به النجاسة: ]

- ‌فرع:

- ‌[حكم زوال عين النجاسة بغير المطلق: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[تفسير النضح: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌[الاشتباه في الماء الطهور: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيهان:

- ‌[ولوغ الكلب في الإناء: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل ذكر فيه أحكام الوضوء مِن فرائض وسنن وفضائل ومكروهات وممنوعات

- ‌[فرائض الوضوء: ]

- ‌فائدة:

- ‌[العمل في غسل اللحية: ]

- ‌[ما يدخل في حد الوجه: ]

- ‌فائدة:

- ‌تنكيت:

- ‌[ما لا يغسل: ]

- ‌تذييل:

- ‌تنبيه:

- ‌[ذهاب بعض أعضاء الوضوء: ]

- ‌فائدة:

- ‌[الوضوء بالخاتم: ]

- ‌[الشعر المضفور للرجل والمرأة: ]

- ‌[غسل الرأس بدل مسحه: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[تخليل أصابعهما: ]

- ‌فائدة:

- ‌[حكم قص أو حلق ما غسل أو مسح: ]

- ‌[المعتبر في الطول: ]

- ‌[أنواع النية: ]

- ‌[ما يضر الوضوء وما لا يضره: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[سنن الوضوء: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تذنيب:

- ‌[ما يتفرع عن الترتيب: ]

- ‌[حكم ترك فرض: ]

- ‌فائدة:

- ‌[حكم ترك سنة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌[فضائل الوضوء: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما لا يندب في الوضوء: ]

- ‌فصل

- ‌[مندوبات قضاء الحاجة: ]

- ‌[ما يتعلق بالفضاء في قضاء الحاجة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[قضاء الحاجة بالكنيف: ]

- ‌[استقبال القبلة واستدبارها: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيهان:

- ‌فائدة:

- ‌[استقبال بيت المقدس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يجب على قاضي الحاجة: ]

- ‌[ما يندب للمستنجي: ]

- ‌[ما يتعين فيه الماء: ]

- ‌[ما لا يستنجى منه: ]

- ‌[ما يستنجى به وما لا يستنجى به: ]

- ‌خاتمة:

- ‌[صفة إنقاء الدبر: ]

- ‌[صفة إنقاء القبل: ]

- ‌فائدة:

- ‌فصل ذكر فيه نواقض الوضوء من حدث وسبب

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[معنى الحدث: ]

- ‌[صفة الخارج الناقض: ]

- ‌[من النواقض السلس: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[وقت اعتبار الملازمة: ]

- ‌[اعتبار المخرج المعتاد: ]

- ‌[ما يؤدي للحدث: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌[الوضوء من النوم: ]

- ‌فائدة:

- ‌[من نواقض الوضوء اللمس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌[مس الذكر: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[نقض الوضوء بالردة والشك: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم المستنكح للشك: ]

- ‌فائدة:

- ‌[مسائل خلافية مع المذاهب الأخرى في نواقض الوضوء: ]

- ‌[ما يندب للمتوضئ: ]

- ‌[الشك في الطهارة في الصلاة: ]

- ‌تذييل:

- ‌تتمة:

- ‌[ما يمنعه الحدث: ]

- ‌فائدة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل ذكر فيه أحكام الغسل وموجباته وما يتعلق به

- ‌[موجبات الغسل: ]

- ‌[من يندب له الغسل: ]

- ‌[ما لا يوجب الغسل بمني: ]

- ‌[عود على موجبات الغسل: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهات:

- ‌تتمة:

- ‌[فرائض الغسل: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[سنن الغسل: ]

- ‌[مندوبات الغسل: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يبطل وضوء الجنابة: ]

- ‌[ما تمنعه الجنابة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[علامات المني: ]

- ‌[الاكتفاء بالغسل عن الوضوء: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل ذكر فيه نيابة مسح الخف عن غسل الرجلين في الوضوء

- ‌تنكيت:

- ‌[حكم مسح خف فوق خف: ]

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[مدة المسح: ]

- ‌[شروط المسح: ]

- ‌[شروط الماسح: ]

- ‌[حكم فقدِ أحد الشروط: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم المسح للمحرم: ]

- ‌[حكم المسح على خف مغصوب: ]

- ‌[حكم المسح للهارب من الغسل: ]

- ‌[غسل الخفين: ]

- ‌[تكرار المسح: ]

- ‌[تتبع الغضون: ]

- ‌[ما يبطل المسح عليه: ]

- ‌[المراد بالمبادرة: ]

- ‌[حكم تعذر نزع أحد الخفين: ]

- ‌تنكيت:

- ‌[مندوبات المسح على الخف: ]

- ‌[صفة المسح: ]

- ‌فصل

- ‌[من له التيمم: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌[شرطا التيمم: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌تتميم:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تكميل:

- ‌[جواز التيمم لخوف فوات الوقت: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[أداء غير الفرض بتيمم فرض أو سنة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[أداء فرضين بتيمم: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يلزم في التيمم: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يسقط به طلب الماء: ]

- ‌[محل لزوم الطلب: ]

- ‌فرع:

- ‌[النية في التيمم: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[التيمم لا يرفع الحدث: ]

- ‌تتمة:

- ‌[أعضاء التيمم: ]

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكميل:

- ‌فائدة:

- ‌[نزع الخاتم في التيمم: ]

- ‌[ما يتيمم به: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[كل أجزاء الأرض يتيمم به: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[أفضل أجزاء الأرض للتيمم: ]

- ‌[عد ما يجوز التيمم عليه: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[اختصاص المريض بالتيمم على الحائط: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[متى يتيمم: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌[مسنونات التيمم: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[مندوبات التيمم: ]

- ‌[مبطلات التيمم: ]

- ‌[ما لا يبطله: ]

- ‌[حكم المقصر في طلب الماء: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يمنع لفاقد الماء: ]

- ‌[مسألة: ]

- ‌[فاقد الطهورين: ]

- ‌فصل ذكر فيه المسح على الجرح بدلًا عن غسل محلّه

- ‌تنبيه:

- ‌[المسح على الجبيرة: ]

- ‌فائدة:

- ‌[المسح على العصابة: ]

- ‌[شروط هذا المسح: ]

- ‌خاتمة:

- ‌فصل ذكر فيه الحيض ومدته والاستحاضة والنفاس وما يتعلق بذلك

- ‌فائدة:

- ‌[المبتدأة من النساء: ]

- ‌[المعتادة: ]

- ‌تذييل:

- ‌[المرأة الحامل: ]

- ‌[المستحاضة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[الدم المميز حيض: ]

- ‌[ما يحصل به الطهر: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[موانع الحيض: ]

- ‌[أمد المنع: ]

- ‌[عود على موانع الحيض: ]

- ‌خاتمة:

- ‌[النفاس: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[موانع النفاس: ]

- ‌[حكم الهادي: ]

- ‌باب ذكر فيه أوقات الصّلاة والآذان وشروطها وأركانها وموانعها، وحكم قراءتها والسهو فيها، وغير ذلك مما يتعلق بها

- ‌فائدة:

- ‌[تقسيم وقت الأداء: ]

- ‌[الوقت الاختياري للظهر: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌[وقت العصر الاختياري: ]

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌[القدر المشترك بين الظهرين: ]

- ‌[وقت المغرب المختار: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[الوقت المختار للعشاء: ]

- ‌[الوقت المختار للصبح: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيهان:

- ‌[المراد بالصلاة الوسطى: ]

- ‌تتمة:

- ‌[مسألة: ]

- ‌تنكيت:

- ‌[قسما الوقت الاختياري: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[الأفضل للجماعة: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[مذهب المدونة في أداء العشاء: ]

- ‌[الشك في دخول الوقت: ]

- ‌[الوقت الضروري: ]

- ‌[الضروري للصبح: ]

- ‌[الضروري للظهرين: ]

- ‌[ضروري العشاءين: ]

- ‌[القدر الذي يدرك به الوقت: ]

- ‌تتمة:

- ‌‌‌تنبيهان:

- ‌تنبيه

- ‌[حكم تأخير الصلاة للضروري: ]

- ‌[أصحاب الأعذار: ]

- ‌ تنبيهً

- ‌[ما ليس بعذر: ]

- ‌[اعتبار الطهارة مع عدد الركعات: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌[الكافر يؤدي مشتركتين: ]

- ‌تنكيت:

- ‌‌‌‌‌[مسألة: ]

- ‌‌‌[مسألة: ]

- ‌[مسألة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[الأعذار مسقطة: ]

- ‌[أمر الصبيان بالصلاة: ]

- ‌[أوقات النوافل: ]

- ‌[أوقات كراهة النفل: ]

- ‌[النفل قبل صلاة العصر: ]

- ‌[غاية الكراهة: ]

- ‌فائدة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[استثناء ركعتي الفجر والورد: ]

- ‌[النافلة للمحرم: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تتمة:

- ‌[أمكنة الصلاة: ]

- ‌[شرط الصلاة فيما سبق: ]

- ‌[أماكن الكراهة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[حكم تارك الصلاة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل ذكر فيه أحكام الأذان والإقامة، وما يتعلق بكل منهما

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌[حكم الأذان: ]

- ‌[صفة الأذان: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌[محل الترجيع وصفته: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌[شرط وجوب الأذان: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[شروط صحة الأذان: ]

- ‌تنكيت:

- ‌فرع:

- ‌[ما يندب للمؤذن: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يجوز في الأذان: ]

- ‌فائدة:

- ‌[كراهة الأجرة على الصلاة وحدها: ]

- ‌[كراهة السلام على المؤذن: ]

- ‌[إقامة الراكب: ]

- ‌[ما يسن في الإقامة: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌[الصلاة دون إقامة: ]

- ‌سؤال:

- ‌وجوابه:

- ‌[إقامة المرأة: ]

- ‌[القيام للإقامة: ]

الفصل: 3 - وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الزين

3 -

وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الزين ابن الشيخ الشمس التتائي المالكي نزيل البرقوقية.

4 -

عمر بن علي بن شعبان التتائي الأزهري المالكي.

5 -

محمد بن أحمد بن عثمان الشمس التتائي الأزهري المالكي ويعرف بالهنيدي.

6 -

محمد بن عمر بن علي بن شعبان المحب بن السراج التتائي الأزهري المالكي.

7 -

محمد بن الفقيه هارون بن محمد بن موسى التتائي ثم القاهري الأزهري المالكي.

8 -

هارون بن محمد بن موسى الزين أبو محمد السمانى الأصل والمولد التتائي ثم القاهري المالكي.

9 -

يوسف بن حسن بن مروان بن فخر بن عثمان بن أبي بكر بن علي بن وهب الجمال التتائي ثم القاهري الأزهري المالكي ويعرف بالتتائي وبالهاروني.

ولكن إذا أطلقت النسبة إليها فلا ينصرف الذهن إلا إلى صاحبنا؛ لأنه أشهرهم.

*‌

‌ مشايخه:

لا شك أن إمامًا كالتتائي لا بد أن يكون قد تتلمذ على كبار أهل عصره في مصره، في شتى فنون المعرفة، مزاحمًا طلبة العلم في مجالسهم، ومغترفًا من معين علمهم، والغريب في الأمر أن كتب التراجم العامة والخاصة التي ترجمت له لم تذكر مشايخه، سوى "شجرة النور" و"نيل الابتهاج"(1)، بل إنه نفسه كان لا يصرح بذكر من أخذ عنهم الفقه المالكي في طي شرحه، مكتفيًا بقوله: وقال بعض مشايخي، أو قوله: قال شيخنا، وهو لم يأت على ذكر المراد منه في المقدمة، على خلاف ما هي عادة

(1) وسيأتي الحديث عن عدم الاطمئنان إلى صحة ما فيهما قريبًا.

ص: 46

الشراح، وهذا منهجه في الشرح من ألفه إلى يائه، فيكون -رحمه اللَّه تعالى- قد أسلم قارئه للرجم بالغيب في معرفة من كان يعني.

وما يزيد القارئ حيرة في معرفة المراد من قوله: شيخي أو شيخنا أنه -رحمه اللَّه تعالى- قد قال في المقدمة: "قد اعتنى بفضيلة السبق لشرح مختصر العالم العلامة خليل بن إسحاق بن موسى المالكي جماعة، كل منهم لما تصدى له كفيل وحميل، وبعضهم من تلامذة المصنف الأعيان، ممن بضاعتي بالنسبة إليهم مزجاة، وليس الخبر كالعيان، غير أنني تلقيته دراية ورواية عن جميع من أدركته من مشيخة عصر مصري، وهم تلقوه عن مشايخ عصرهم، ومشايخ عصرهم عن مؤلفه رضي الله عنهم أجمعين".

فإذا أخذنا بهذا النص على ظاهره، فإن التتائي يكون قد أخذ عن كل العلماء المالكية المصريين ممن في طبقة شيوخه، من الذين لهم اهتمام بتدريس المختصر وشرحه، وهم من غير من سنذكرهم لاحقًا:

1 -

ابن الأقيطع، أحمد بن يوسف بن علي بن محمد بن عمر بن عثمان بن إسماعيل الشهاب البرلسي.

2 -

سبط الأنصاري، شعبان بن محمد بن عوض بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد ناصر الدين أبو البركات بن الشمس السكندري.

3 -

البساطي، عبد الغني بن محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم بن مقدم بن محمد الزين أبو محمد بن الشمس البساطي الأصل القاهري.

4 -

ابن المكين، عبد الوهاب بن علي بن حسن التاج بن الخطيب نور الدين النطوبسي ثم القاهري.

5 -

ابن الإبشيهي، محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن محمد البهاء بن الشهاب المغراوي الأبشيهي الأصل القاهري.

6 -

الصردي، محمد بن حسن بن علي بن عبد الرحمن الشمس بن البدر الصردي الأصل اللقاني ثم القاهري الأزهري.

ص: 47

7 -

محمد بن الفقيه هارون بن محمد بن موسى التتائي ثم القاهري الأزهري المالكي.

8 -

أوحد الدين، محمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن أبي العيد.

9 -

يوسف بن حسن بن مروان بن فخر بن عثمان بن أبي بكر بن علي بن وهب الجمال التتائي ثم القاهري الأزهري المالكي ويعرف بالتتائي وبالهاروني.

10 -

الفلاحي، يوسف بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن أبي القسم الجمال أبو المحاسن الأنصاري الخزرجي الفلاحي الأصل -نسبة إلى الفلاحين بالتخفيف وآخره نون قرية من أعمال تونس من المغرب- السكندري.

11 -

ابن المخلطة، يوسف بن البدر محمد بن محمد بن محمد بن يحيى السكندري الأصل القاهري.

وأوضح ما له في التعريف عن شيخه الذي يذكره من دون تسميته نصان:

الأول: هو قوله في شروط التفليس: "قال ابن عرفة: المذهب كله على وقف تصرفه على نظر الحاكم ردًا وإمضاءً هذا نقل اللخمي والمازري وابن شاس إن بيعه وشراءه لا يمضي وفي الجلاب بيعه وشراؤه جائز ما لم يجاب. انتهى.

إذا علمت هذا فتقرير الشارح لمنع تصرفه بالهبة والصدقة والعتق غير ظاهر، وإن تبعه على ذلك صاحب التكملة وبعض تلامذته من مشايخي".

والآخر: قوله في فصل الموانع من الحج والعمرة: "وإن حصر عن الإفاضة لم يحل إلا بفعل عمرة بلا إحرام، وسماه إفاضة لقوله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} ، وهذا التقسيم موافق لما في توضيحه ومنسكه.

وما قررناه نحوه للأقفهسي في شرحه لهذا الكتاب، وبه كان يقرره الشيخ زين الدين طاهر شيخ شيوخنا".

ص: 48

وهما كما ترى يفيدان أن شيخه الذي لم يأت على ذكره اسمًا هو بعض من تتلمذ على النويري وله شرح أو تعليق على مختصر خليل، وممن تتلمذ على الزين طاهر، وبالرجوع إلى كتب التراجم تجد أن من يمكن أن يكون المراد هو أحد رجلين: إما القلتاوي، وإما السنهوري، وبالرجوع إلى الأسانيد إلى التتائي تبين لي أن المراد هو السنهوري (1).

هذا، وإن التتائي لم يأت على ذكر أحد من مشايخه بالاسم مع نعته بقول شيخنا من غير المالكية سوى بدر الدين المعروف بالسبط المارديني، وهو فقيه شافعي، وعالم في الرياضيات والفلك، كما هو ظاهر من آثاره، ويبدو أن صاحبنا قد أخذ عنه فضلًا عن الحساب: الفرائض؛ فله من المصنفات شرح على الرحبية، لما للفرائض من صلة بالحساب، وهذا ما يفسر ذكر التتائي له في الفرائض فقط أكثر من مرة.

ومهما يكن من أمر، فإني لم أقف على من قيل: إنه تتلمذ عليهم وفق ما في كتب التراجم المختصة بالمالكية سوى خمسة، والغريب في الأمر أن السخاوي لم يذكره في الضوء اللامع: لا ترجمة، ولا تلمذة، فأما عدم ذكره ترجمة فواضح، وأما تلمذة فمشكل؛ لأنه أتى على ذكر من يعدون من أقران التتائي وترجم لهم ترجمة ضافية، وأعني من هؤلاء الأقران الناصر اللقاني، ولعل السبب راجع إلى أن التتائي لم يبرز إلا بعد وضع الضوء اللامع، أو بعد وفاة السخاوي، وأما كتاب شذرات الذهب وكتاب الكواكب السائرة، وكتاب النور السافر فلا أدري ما عذرها، ومن ثم فلا أدري علام اعتمد صاحب نيل الابتهاج (2) وصاحب شجرة النور (3) فيما

(1) ولا يعني هذا أنَّا نرفض أن يكون قد تتلمذ على القلتاوي، لكن الحديث هنا عما يمكن أن يكون المرأد بقوله في شرحه: قال شيخنا، لا سيما إذا علمت أن كلا من الرجلين قد أخذ عن النويري والزين طاهر، والذي دفعنا إلى اختيار السنهوري ما هو مبسوط في ترجمتهما.

(2)

ينظر: نيل الابتهاج، المطبوع بهامش الديباج 335.

(3)

ينظر: وشجرة النور 272.

ص: 49

قالاه، فهما ليسا معاصرين له، وقد علمت أن الرجل ليس من منهجه ذكر مشايخه تصريحًا، إلا إذا اعتمدوا على الأسانيد العلمية، فحينئذ ممكن، وهذا دفعني إلى البحث عن ذكر التتائي في كتب الأسانيد بعد أن تعذر علي الوقوف على فهرسته، فوجدت أن من مشيخته على اليقين: سبط المارديني، والنور السنهوري، والبرهان اللقاني، وعلى كل حال فإن شيوخه مجاراة لما في شجرة النور الزكية (1) خمسة، وهم:

1 -

أحمد بن يونس بن سعيد بن عيسى بن عبد الرحمن بن يعلى بن مدافع بن خطاب بن علي الشهاب الحميري القسنطيني المغربي المالكي نزيل الحرمين، ويعرف بابن يونس.

قال في الضوء اللامع: "ولد في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بقسنطينة، ونشأ بها فحفظ القرآن والرسالة، وتفقه بمحمد بن محمد بن عيسى الزلدوي وأبي القسم البرزلي وابن غلام اللَّه القسنطيني وقاسم بن عبد اللَّه الهزبري.

وعن الأول أخذ الحديث والعربية والأصلين والبيان والمنطق والطب، وغيرها من العلوم العقلية والنقلية وبه انتفع وغير ذلك.

وسمع الموطأ على ثانيهم، رواه له عن أبي عبد اللَّه بن مرزوق الكبير عن الزبير بن علي المهلبي، وأخذ شرح البردة وغيرها عن مؤلفها أبي عبد اللَّه حفيد ابن مرزوق حين قدومه عليهم، وتلا بالسبع على بلديه يحيى.

وارتحل للحج في سنة سبع وثلاثين فأخذ عن البساطي شيئًا من العقليات وغيرها، وعن شيخنا والعز عبد السلام القدسي والعيني وابن الديري وآخرين، ورجع إلى بلده فأقام على طريقته في الاشتغال إلى أن حج أيضًا بعد الأربعين، وجاور بمكة حينئذ، وسمع على الأخوين الجلال والجمال ابني المرشدي في العلم والحديث، وعلى الزين بن عياش وأبي الفتح المراغي وطائفة، وتكرر بعد ذلك ارتحاله من بلده للحج مع المجاورة في بعضها إلى أن قطن مكة في سنة أربع وستين، وتزوج بها، وتصدى فيها

(1) ينظر: شجرة النور الزكية 272، و:258.

ص: 50

لإقراء العربية والحساب والمنطق وغيرها، فأخذ عنه غير واحد من أهلها والقادمين عليها؛ وكذا جاور بالمدينة غير مرة، ثم قطنها وأقرأ بها أيضًا، وقدم في غضون ذلك القاهرة أيضًا، فأقام بها يسيرًا، وسافر منها إلى القدس والشام، وكف بصره وجزع لذلك، وأظهر عدم احتماله، وقدح له فما أفاد، ثم أحسن اللَّه إليه بعود ضوء إحداهما.

وقد لقيته بمكة ثم بالقاهرة واغتبط بي، والتمس مني إسماعه القول البديع فما وافقته، فقرأه أو غالبه عند أحد طلبته النور الفاكهاني بعد أن استجازني هو به، وسمع مني بعض الدروس الحديثية، وسمعت أنا كثيرًا من فوائده ونظمه، وأوقفني على رسالة عملها في ترجيح ذكر السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها، بعد أن استمد مني فيها، وكذا رأيت له أجوبة عن أسئلة وردت من صنعاء سماها رد المغالطات الصنعانية، وقصيدة امتدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أولها:

يا أعظم الخلق عند اللَّه منزلة

ومن عليه الثنا في سائر الكتب

وكان إمامًا في العربية والحساب والمنطق مشاركًا في الفقه والأصلين والمعاني والبيان والهيئة مع إلمام بشيء من علوم الأوائل، عظيم الرغبة في العلم والإقبال على أهله، قائمًا بالتكسب، خبيرًا بالمعاملة، ممتهنًا لنفسه بمخالطة الباعة والسوقة من أجلها، ولم يزل مقيمًا بالمدينة النبوية حتى مات في شوال، سنة ثمان وسبعين، ودفن بالبقيع، رحمه الله" (1).

وعلى هذا فميلاد صاحبنا ربما تكون سنة بضع وستين، ويكون حين وافته المنية قد ناهز الثمانين، واللَّه تعالى أعلم.

2 -

برهان الدين اللقاني، وهو -كما في الضوء اللامع-: "إبراهيم بن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن عطية -ورأيته بخطه مقدمًا على يوسف- بن جميل -ككبير- القاضي برهان الدين أبو إسحاق المغربي

(1) الضوء اللامع (2/ 252 - 253).

ص: 51

الأصل القهوفي -بضم القاف ثم هاء وبعد الواو قاف- اللقاني ثم القاهري الأزهري المالكي.

ولد في أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة بالقهوقية من أعمال لقانة، ونشأ بها، فقرأ القرآن عند جماعة منهم: البرهان إبراهيم بن عثمان بن سعيد ابن النجار والد الخطيب الوزيري، وكان رجلًا مباركًا، وكذا أخوه، ويدل لذلك أنه اتفق أن صاحب الترجمة رأى وهو عائد في سورة الحج أنه ارتقى إلى أعلى درجة بمنبر جامع الأزهر ليخطب بالناس، وأنه خطب بهم بخطبة الرسالة، وذلك قبل حفظه لها، فقصه على المشار إليه، فقال له: تبلغ مبلغًا في العلو والتدريس، وإذا وقع لك فحلني. فقال له: نعم فما مات حتى رآه يدرس، وذكره بالمنام، فتذكره والتمس منه الوفاء بما وعده به، ففعل.

ولما انتهى حفظه للقرآن بالبلد المذكور حفظ به المنظومة الغافقية في المذهب، ثم بعض الرسالة، ثم تحول منها إلى القاهرة، فجاور بجامع الأزهر تحت كنف الشمس بن موسى اللقاني، وأكمل حفظ الرسالة، ثم حفظ مختصر الشيخ خليل، وألفية ابن مالك.

وأخذ الفقه عن جماعة: كالزين طاهر ولازمه، حتى كان جل انتفاعه به، والزين عبادة، وأحمد البجائي المغربي، وأبي القسم النويري، واليسير عن الشهاب الأبدي، وعنه وعن الشهاب البجائي وأبي عبد اللَّه الراعي المغاربة أخذ العربية، ومما أخذه عن الأخير خاصة شرحه على الآجرومية، وأخذ عن التقي الحصني في القطب شرح الشمسية، وعن الشمني في المطول، وحضر دروسه في العضد وغيره، وكذا حضر بعضًا من دروس الشرواني في الأصلين، وغيرهما في آخرين: كالقاياتي، وحكى لي أنه قال له: يا فقيه، قد استشكلت في مذهبكم شيئًا لم أر التخلص منه وأبداه، قال: فاختلج في فكري الجواب عنه غير أني حاولت التعبير عنه فما أمكن، فتوجهت للزين عبادة، وكان إذ ذاك في انقطاعه عند الشيخ مدين، فعرضته عليه، فبادر للجواب عنه بما اختلج لي، فاستعدته منه مرة بعد أخرى، وهو ينوع العبارة إلى أن تمكنت منه، ثم عدت إلى القاياتي، فأعلمته بذلك،

ص: 52

فسر، ولازم الزين عبادة في انقطاعه، وسمع علي الزين الزركشي، والمحب بن نصر اللَّه الحنبلي، وشيخنا، والقاضي سعد الدين بن الديري وآخرين.

وحج وسافر لدمياط في بعض الضرورات، وبرع في الفقه، وتصدى للتدريس فيه خصوصًا بعد إذن الولوي السنباطي له في ذلك وفي الإفتاء، بل واستنابه هو، ومن بعده للقضاء، وكذا ناب في تدريس الفقه بكل من المؤيدية وأم السلطان والقمحية عن ولد صاحبه البدر بن المخلطة، بل استقر في وظيفة الميعاد بالسابقية بعد موت الجلال بن الملقن، وصار بأخرة عليه المدار في مذهبه إفتاء وقضاء، وكثر قصده بكليهما، وحمد الناس منه مزيد تواضعه ورفقه ومداراته وعدم يبسه، مع اتصافه باستحضار فروع مذهبه، ومشاركته في العربية، بحيث يقرئ فيها، وكذا في غيرها، لكن يسيرًا، ومزيد فتوته ومروءته وكرمه، ولم يزل على طريقته إلى أن كان في يوم الإثنين سادس صفر سنة سبع وسبعين، فاستقر به الأشرف قايتباي في قضاء المالكية بعد صرف السراج بن حريز، ولبس لذلك بعد يومين، وتلقاه بقية القضاة، وجمع من نوابهم ونحوهم فركبوا معه إلى الصالحية، ثم إلى منزله وباشر على عادته.

وله قومات سديدة، وعزمات شديدة، منها في كائنة البقاعي حيث نسب إليه ذاك القول الشنيع، والهول الفظيع، في كلام اللَّه عز وجل، ورام التخلص من طلب القاضي له بأمر لم ير الاكتفاء به في الدفع عنه، فاعتنى به الزين بن مزهر الشافعي، وتجشم الحكم بصحة إسلامه لتوقف غير واحد من النواب عن ذلك، وسجل عليه بالحكم، فسكت القاضي وغيره حينئذ على مضض، وكذا كانت له اليد البيضاء في المجلسين المعقودين بسبب هدم الكنيسة، وعلم منه كل أحد الإنكار دون رفقته، وقال: إن فرغ الشافعية من هذه الكائنة ورفعت إليّ عملت فيها بالذي أعرفه، إلى غير ذلك مما هو مشروح في الحوادث، كإشهاره لتاج الدين بن شرف وإعراضه عن شهادة ابن قريبه، وإهانته لأبي حامد القدسي، وإن كان أفحش، ولو كان قيامه مع دربة ورتبة وتذكر وتفكر لكان أدعى لقبوله، وأرعى لجانبه عند

ص: 53

ذهوله، ولذا تكرر جفاء السلطان له، وتقرر عنده سيرة بعض أتباعه المهملة إلى أن كان في أول رجب من سنة ست وثمانين حين التهنئة، وراجع فيما ظهر للخاص والعام الميل إليه من ثبوت ما قاله الشهابي بن العيني مراجعة لم يرتضها، كما بسطت في محلها صرح بعزله، وقرر بعد ذلك عوضه المحيوي ابن تقي، وساء عزله غالب الناس، ولزم القاضي منزله غير منفك عن شهود غالب الجماعات، سيما الصبح والعشاء في الأزهر مع توعك بدنه وعينيه، وربما أقرأ وأفتى وركب لمباشرة درس المؤيدية وغيره نيابة مجانًا، فيما يظهر ورام فعل ذلك بالبرقوقية عقب موت صاحبه السنهوري، فعورض إلى أن استنزل حفيدي شيخه الزين عبادة عن تدريس الفقه بالشرفية برسباي، وأعطاه السلطان بعد موت فتح الدين بن البلقيني بدون مسألة الميعاد والتفسير بالبرقوقية، وظهر منه مزيد إقباله واعتذاره، واستحضر حينئذ قوله حين ذكر الزيني زكريا لقضاء الشافعية في جماعة الذي كان أنكره عليه إذ ذاك أنه لا عهد له بالمصطلح، وهو منقاد مع جماعته، وحال ولده معلوم، لما ظهر له ذلك، وصار ربما يطلع للسلام عليه، وتزايد تعلله، حتى مات قبل استكمال شهر بعد موت ابن تقي، في آخر يوم الإثنين تاسع المحرم سنة ست وتسعين وصلى عليه من الغد بمصلى المؤمنين في مشهد حافل شهده السلطان، وأظهر أسفًا عليه، ثم دفن بالتربة سعيد السعداء رحمه الله وإيانا" (1).

3 -

سبط المارديني، وهو كما في الضوء اللامع: "محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد البدر الدمشقي الأصل القاهري الشافعي سبط الجمال عبد اللَّه المارداني، أمه فاطمة، ويعرف بالمارديني.

ولد في ليلة رابع عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة بالقاهرة، ونشأ بها، فحفظ القرآن وجوده على النور إمام الأزهر، بل تلاه عليه ببعض الروايات وألفية النحو وبعض المنهاج، وأخذ عن ابن المجدي

(1) الضوء اللامع (1/ 161 - 163).

ص: 54

الفرائض والحساب والميقات، ولازم دروسه، وكذا لازم العلاء القلقشندي في الفرائض والفقه، ومما أخذه عنه الفصول لابن الهائم، وتقسيم الحاوي وبهجته والمنهاج والمهذب، بل وقرأ عليه البخاري والترمذي وغيرهما، وحضر أيضًا دروس القاياتي والبوتيجي والمحلي والعلم البلقيني والشرواني والخواص.

وقرأ في العربية على الكريم العقبي، وسمع على شيخنا والصالحي والرشيدي وغيرهم بالقاهرة، وأبي الفتح المراغي بمكة، وشمس الدين ابن الفقيه حسن دمياط في آخرين.

وكان أول اشتغاله في سنة تسع وثلاثين، وحج غير مرة، وجاور في الرحبية المزهرية، وكذا زار بيت المقدس غير مرة أيضًا، منها: في سنة تسعين مع أبي البقاء بن الجيعان، ودخل الشام مرتين وحماة فما دونها.

وتميز في الفنون، وعرف بالذكاء، مع حسن العشرة والتواضع، والرغبة في الممازحة والنكتة والنادرة، وامتهان نفسه وترك التأنق في أمره، وأشير إليه بالفضيلة، فتصدى للإقراء، وانتفع به الفضلاء في الفرائض والحساب والميقات والعربية ونحوها.

وممن أخذ عنه النجم بن حجي، وصار بأخرة فريدًا في فنون، وباشر الرياسة في أماكن، بل تصدر بجامع طولون برغبة نور الدين بن النقاش له عنه، وعمل فيه أجلاسًا في صفر سنة تسع وسبعين.

وكتب في الميقات مقدمات جمة تزيد كما أخبرني على مائتين، منها المنصورية، كأنه عملها لجماعة المنصورية، والسر المودوع في العمل بالربع المقطوع، وعمل متنًا في الفرائض سماه كشف الغوامض، واختصره في نحو نصف حجمه، بل وشرحه وشرح فيه كلًّا من تصانيف أربعة لابن الهائم الفصول والتحفة القدسية والمقنع وسماه: القول المبدع، والألفية المسماة: كفاية الحفاظ، مع توضيح للألفية أيضًا، وكذا شرح الجعبرية والرحبية والأشنهية، ولكنه لم يكمل، ومنظومة الموفق الحنبلي والحوفي، ورتب مجموع الكلائي مع اختصاره، والإتيان فيه بزوائد مهمة.

ص: 55

وله في الحساب مقدمة سماها تحفة الأحباب في الحساب المفتوح، واختصرها، وشرح فيه من تصانيف ابن الهائم: الحاوي واللمع، وفي الجبر والمقابلة ثلاثة شروح على الياسمينية، وشرح في النحو الشذور والقطر والتوضيح، ولكنه لم يكمل، وجرد شرح شواهده من شواهد العيني، إلى غير ذلك من المهمات.

ونازع في مسألة الجهر بالتسميع، وخالف في ذلك الزين زكريا، وتنافس معه بسببها، وكذا انتقده في شرحه للفصول، ونازع ابن السيد عفيف الدين في دعواه تقديم أذان المغرب قبل تمكن الغروب، وكلم المحتسب بكلمات مناسبة، كما أنه دار بينه وبين ابن عاشر شيخ التربة الأشرفية قايتباي مناقشات، وباسمه بعض وظائف الحنابلة.

وبالجملة ففضيلته منتشرة، ومحاسنه مقررة، ولكنه لم ينصف في تقرير شيء يناسبه، كما هو الغالب في المستحقين" (1).

4 -

النور السنهوري، وترجمته كما في الضوء اللامع، هو: "علي بن عبد اللَّه بن علي نور الدين أبو حسن النطوبسي ثم السنهوري ثم القاهري الأزهري المالكي الضرير، ويعرف بالسنهوري.

ولد سنة أربع عشرة وثمانمائة تقريبًا بنطوبس، وانتقل منها إلى سنهور، فحفظ بها القرآن، ثم تحول إلى القاهرة، فقطن الجامع الأزهر

(1) ينظر: الأعلام (7/ 54 - 55)، والبدر الطالع 2: 242 وعرفه بسبط (المارداني) ولم يذكر وفاته، ومثله الضوء اللامع 9: 35 وزاد مصححه: (المارداني، نسبة لجامع المارداني). قلت: كان يعرف نفسه بسبط المارديني، كما هو بخطه. وكذا ورد ذكره في إجازات بخط الشنشوري وغيره. والكتبخانة 3: 308 و 316 ثم 5: 179 و 238 و 243 و 247 و 262 و 264 و 266 ثم 7: 197 وخزائن الكتب 40 و 90 والصادقية، الرابع من الزيتونة 395 وفهرس المؤلفين 261، ومجلة المجمع العلمي العربي 28: 430 و 311 Princeton، و Brock 2: 216، 1670 S 2: 558، 329. ونشرة دار الكتب 1: 359 وبدائع الزهور، لابن إياس 4: 107 طبعة استانبول، في حوادث سنة 912 ووقعت وفاته في شستربتي (1: 98) سنة 934.

ص: 56

منها، وحفظ الشاطبتين وألفية النحو وابن الحاجب الأصلي وشرحه للعضد والرسالة وابن الحاجب الفرعي إلا كراسين من آخره، وعرض على جماعة، وأقبل على الاشتغال، فتلا بالسبع على الشهاب السكندري، وعليه سمع التيسير والعنوان، والعلاء القلقشندي وسمع عليه في البخاري والشفا، وكان العلاء يثني على جودة آدابه، والنور البلبيسي الإمام وإلى أثناء سورة هود علي الشمس العفصي، وكذا قرأ في السبع على التاج بن تمرية والزين رضوان العقبي والشمس الطنتدائي نزيل البيرسية، وتلا لكل من أبي عمرو وابن كثير والكسائي على النور أبي عبد القادر، ولكل من نافع وحمزة على الزين طاهر، وقرأ عليه الشاطبية بحثًا، بل أخذ عنه الفقه سمع عليه المختصر وثلثي ابن الحاجب وقطعة من المدونة، وكذا أخذ الفقه أيضًا عن الزين عبادة سمع عليه ابن الجلاب والمختصر والرسالة والكثير من ابن الحاجب، وتفرس فيه النجابة. وقال مرة للشيخ مدين: خاطرك معه، بقي فيه الخير. وأبي القسم النويري ولازمه كثيرًا فيه وفي غيره، وأحمد البجائي المغربي وإبراهيم الزواوي شارح الشامل من كتبهم، والبساطي ويحيى العجيسي وأبي عبد اللَّه الراعي والبدر بن التنسي والولوي السنباطي والزين سالم قاضي دمشق وأبي الفضل البجائي وأبي الجود والشهابين الحناوي والأبدي، وبعضهم في الأخذ عنه أكثر من بعض، بل كان أخذه عن العجيسي يوم إجلاسه في الشيخونية فقط، وعن الراعي مذاكرة في مجالس يسيرة، وعن أبي الجود أخذ الفرائض، وكذا أخذها والحساب عن ابن المجدي، سمع عليه الفصول والألفية كلاهما لابن الهائم وقطعة من المجموع ومن الجعبرية، وعن الشهابين أخذ العربية وكذا أخذها عن ابن الهمام والشمني وطاهر، فعن أولهم قطعة من شرح التسهيل لابن أم قاسم، وعن ثالثهم الألفية بقراءته وثلثي الشافعية لابن الحاجب، وعن ثانيهم المغني لابن هشام وشرح المصباح للعبري وثلاثة أرباع ابن المصنف ونصف الجاربردي وقطعة من ابن عقيل، وكذا أخذ قطعة منه عن القاياتي وعن السراج الوروري والشمسى البدرشي قطعة من توضيح ابن هشام، وعن أولهما شرح الشذور، وعن ثانيهما جميع الجاربردي، وعن الأمين الأقصرائي

ص: 57

من شرح اللباب للسيد عبد اللَّه، وكذا أخذ بعض العربية وبانت سعاد عن الزين مهنى، والأصول عن القاياتي وابن الهمام وابن الشمني والأقصرائي، فعن الأول مختصر ابن الحاجب سماعًا وقراءة واليسير من شرحه للعضد، وكذا عن الأمين منه، وعن الثاني نصف تحريره، وعن الثالث العضد بقراءته حفظًا، وعنهما قطعة من الكشاف، انتهت على ثانيهما خاصة إلى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} ، وعنه عن الأقصرائي قطعة من تفسير البيضاوي وعن الشمني وحده جميع المختصر شرح التلخيص، وقطعة من المطول، وعن الشرواني بعض المختصر وغيره، وعن البدرشي المتن، وعن الوروري الصرف، والقطب في المنطق، وكذا أخذ في المنطق عن الأبدي، وعن القاياتي جل شرح ألفية العراقي في آخرين كالسعد بن الديري والعز عبد السلام البغدادي، بل أخذ عن هؤلاء غير ما ذكر، كمجلسين في الحديث ومجلس في التفسير عن الأقصرائي، وسمع على شيخنا الموطأ لكل من يحيى بن يحيى وأبي مصعب والنسائي الكبير بفوت مجلسين فيه، وكذا دلائل النبوة وقطعة من سيرة ابن هشام، بل حضر عنده في الأمالي وغيرها، وعلى المحب بن نصر اللَّه الحنبلي الكثير من مسند أحمد، وعلى الزين الزركشي الختم من مسلم، وعلى الشيوخ الذين قرأ عليهم الديمي في الكاملية البخاري؛ ولا زال يدأب في الاشتغال حتى برع وأشير إليه بالفضيلة، وحج وجاور وأقرأ هناك في العضد وغيره، بل درس للمالكية بالبرقوقية عقب أبي الجود بعد منازعة من الشرف أبي سهل بن عمار، وكذا في الأشرفية برسباي نيابة عن حفيدي شيخه عبادة، واستنابه الحسام بن حريز في بعض التداريس، وتخرج به جماعة صاروا مدرسين، وصار بأخرة شيخ المالكية بلا مدافع، وازدحم في حلقته الفضلاء حتى صارت بعيد الثمانين من أجل حلق دروس العلم، واستغرق أوقاته في ذلك كل هذا، مع التحري في تقريره ومباحثه، بحيث تطمئن النفس الزكية لما يبديه، وحدة في خلقه ثم زالت، وممن أخذ عنه الشرف يحيى بن الجيعان، وكان هو يتوجه لبيتهم بالبركة وغيرها لإقرائه ومن شاء اللَّه من بنيه مما تحمله عليه الحاجة، وربما حضر إليه في الجامع والشرف عبد الحق السنباطي وغيره من فضلاء المذهب فضلًا عن مذهبه،

ص: 58

وكتب على المختصر من كتبهم شرحًا لم يكمل، وكذا عمل شرحين للأجرومية في العربية كتبًا عنه، وكثيرًا ما كان يراسلني في السؤال عن أشياء تقع له من المتون والرجال، سيما حين توجهه لتحرير ابن عبد السلام شرح ابن الحاجب، ويصرح بأنه لا يطمئن لغير ما أبديه؛ وتكرر قصده لي بالسلام عقب سفري، وفي ضعفي، وكذا عدته في مرض موته، وأظهر أتم بشر، وصار مع شدة ما هو فيه يبالغ في الأدب معي، وبالجملة فهو خاتمة الحلبة.

مات في ليلة الأربعاء تاسع عشر رجب سنة تسع وثمانين بعد توعكه أيامًا، وصلي عليه من الغد، ثم دفن بحوش الشيخ عبد اللَّه المنوفي، وتأسف الناس على فقده، ولم يخلف في المالكية مثله، ووجد له من النقد ما ينيف على أربعمائة دينار، ومن الكتب ما يوازيها سوى ما تصدق به عند موته وهو نحو عشرين دينارًا لجماعة من طلبته وغيرهم رحمه الله وإيانا" (1).

5 -

القلتاوي، وهو -كما في الضوء اللامع-: "داود بن محمد بن علي القلتاوي الأزهري المالكي، ولد بقلتا قرية من المنوفية، وقدم بعد بلوغه القاهرة فقطن الأزهر وحفظ القرآن وابن الحاجب الفرعي والأصلي والرسالة لابن أبي زيد وألفية النحو، وأخذ عن أبي القسم النويري والزين طاهر وأبي الجود، وكذا أخذ في الأصول والعقليات وغيرها عن التقيين الشمني والحصني والأقصرائي، وجد في المطالعة والتحصيل بحيث شارك في الفقه والعربية وغيرهما مع جموده ويبسه، وحافظته أشبه من فاهمته وكتابته أحسن من عبارته؛ وسمع ختم البخاري في الظاهرية القديمة. وكتبته هناك غلطًا داود بن داود بن محمد. وقد سألني عن حديث كل الصيد في جوف الفرا وكتبت له جوابًا حافلًا سمعه مني؛ وقال: قد سألت عنه كل الجماعة فما عرفوه، وكذا كتبه البقاعي عني وتصدى للأقراء قديمًا فانتفع به صغار الطلبة؛ وكذا كتب على الفتيا وصار أحد شيوخ المالكية، حتى إن قاضي المذهب اللقاني رد على قاضي الجماعة يوم مجلس الكنيسة حين ذكر

(1) الضوء اللامع (5/ 249).

ص: 59

ما ينقضه بقوله بل هو من مدرسي الجامع من نحو عشرين سنة ونحو ذلك، وحج وتنزل في البيبرسية وسعيد السعداء وغيرهما بل تكلم في البرقوقية والسعيدية فما حمد تصرفه سيما مع عدم المراعاة وقلة المداراة، ولم يلبث أن صرف وحوسب وباع بعض جهاته حتى وفى. ما كان استأداه، وقاسى مالًا خير في شرحه، ولولا مدافعة الدوادار عنه لكان الأمر أفحش؛ ورجع إلى حالته الأولى من الفاقة والتقلل والتقنع ولكن قوي النفس؛ ولقد أجاد الكتابة حين استفتى على من حسن جباية شهرين من الأماكن، وصمم هو على عدم الدفع، وما نهضوا لمدافعته، ولم يلبث أن نسب لولده في الكيمياء عمل أو إيماء أو مخالطة، وبلغني أنه كتب شرحًا على كل من الرسالة والمختصر وابن الحاجب، وكذا على إيساغوجي وغيرها، وأنه عمل في النحو شيئًا، ولما مات ابن تقي أعطاه الأستادار النيابة في تدريس الصالح عن ولد ابن عمار" (1).

وقد وجدت في فهرسة الشيخ علي بن خليفة المساكني -المتوفى سنة 1178 هـ عن اثنين وتسعين عامًا- شيخًا للتتائي سادسًا، وهو: البساطي، فقد قال عند ذكر سنده إلى المختصر الخليلي: "أما المختصر فهو:

عن شيوخ عدة من أجلهم: شيخ مشايخ الإسلام، حلّال المشكلات للخاص والعام، من ملأت محاسنه الأسماع، وانعقد على وفور حلمه وعمله الإجماع: الشيخ علي الأجهوري.

وهو عن عدة شيوخ من أجلهم:

1 -

الشيخ محمد البنوفري.

2 -

والشيخ كريم الدين البرموني.

3 -

وشيخ الإسلام القاضي بدر الدين القرافي.

4 -

والشيخ عثمان العزي.

(1) الضوء اللامع (3/ 215).

ص: 60

وهؤلاء كلهم أخذوا عن جده لأبيه: الشيخ عبد الرحمن الأجهوري.

وهو عن جماعة أجلهم:

1 -

الشيخ أحمد الفيشي، جد الشيخ محمد الفيشي، شارح العزية وغيرها.

2 -

ومنهم العلامة شمس الدين اللقاني.

3 -

وأخوه ناصر الدين اللقاني.

4 -

ومنهم الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن قاسم، شارح الشامل.

5 -

ومنهم الشيخ سليمان البحيري، شارح الإرشاد.

وهؤلاء كلهم أخذوا عن شيخ المالكية: الشيخ نور الدين علي السنهوري.

عن العلامة التتائي.

وهو عن العلامة الشيخ نور الدين البساطي.

وهو عن الإمام تاج الدين بهرام بفتح الباء وكسرها.

وهو عن الشيخ خليل" (1).

ولكن هذا السند كما هو ظاهر غير معقول، وتصويبه كما في ثبت علي الأجهوري في ذكر سنده إلى الشيخ خليل: عن عدة مشايخ، أجلهم:

1 -

محمد البنوفري.

2 -

كريم الدين البرموني.

3 -

محمد بدر الدين القرافي.

4 -

عثمان العربي.

(1) فهرسة الشيخ علي بن خليفة المساكن، 49 - 51.

ص: 61

وهؤلاء كلهم أخذوا عن الشيخ الأجهوري الجد: عبد الرحمن، وهو أخذ عن جماعة من أجلهم:

1 -

الشيخ أحمد الفيشي: جد الشيخ محمد الفيشي.

2 -

والشيخ الإمام عبد الرحمن بن قاسم: شارح الشامل.

3 -

والشيخ سليمان البحيري.

4 -

والشيخ العلامة ناصر الدين اللقاني.

وهؤلاء كلهم أخذوا عن شيخ المالكية في زمنه: الشيخ نور الدين السنهوري: شيخ الشيخ التتائي، وهو أخذ عن العلامة محمد البساطي، وهو عن الإمام تاج الدين بهرام، وهو عن الشيخ خليل.

وإنما الشيخ السادس بحسب ما ألمح إليه التتائي هو أحد الأندلسيين القادمين إلى القاهرة في المائة التاسعة، فقد قال التتائي في الوكالة:"قال بعض مشايخي من كبار الأندلسيين: إذا ابتديت الوكالة أو البراءة كل منهما خاصة ثم عقبت بالأوصاف العامة لم تنفذ تلك الأوصاف العامة إلا في ذلك الوجه الذي ابتدئت عليه، وتكون تلك الأوصاف العامة راجعة إلى أحوال ذلك الخاص الذي ذكر أو لا".

فتصفحت كتاب الضوء اللامع تصفحًا فاحصًا، لمعرفة مَن مِن الأعيان الأندلسيين بالمائة التاسعة يمكن أن يكون التتائي قد أخذ عنه، فغلب على ظني أنه البسطي، وهو كما في الضوء اللامع: "علي بن محمد بن محمد بن علي أبو الحسن القرشي الأندلسي البسطي -نسبة لبسطة بفتح الموحدة ثم مهملة مدينة من جزيرة الأندلس- المالكي ويعرف بالقلصادي -بفتح القاف وسكون اللام ثم مهملة، ولد قبل سنة خمس عشرة وثمانمائة في مدينة بسطة، وقرأ بها القرآن لورش من قراءة نافع على الفقيه عزيز -بزايين معجمتين مكبر-، ثم بحث على محمد القسطرلي -بضم القاف وإسكان السين وضم الطاء وإسكان الراء المهملات ثم لام- في الحساب، وقرأ على الفقيه جعفر فيه وفي الفرائض والفقه أبي بكر البياز -بفتح

ص: 62

الموحدة وتشديد التحتانية وآخره زاي- في العربية ومنظومة ابن بري في قراءة نافع، وعلى الأستاذ محمد بن محمد البياني -بفتح الموحدة وتشديد التحتانية وآخره نون- الفقه والنحو.

وعلى علي القراباقي -بفتح القاف والمهملة ثم موحدة وقاف- في النحو والفقه، وبحث عليه أدب الكاتب لابن قتيبة والفصيح لثعلب وشرحه للخزرجية في العروض.

ثم رحل إلى مدينة المنكب -بفتح النون والكاف ثم موحدة- فقرأ على خطيبها أبي عبد اللَّه البجلي في النحو، وفي قرية الموز من ضواحي المنكب على أبي حسن العامري في الفقه.

ثم إلى تلمسان سنة أربعين فوجد أبا الفضل المشدالي هناك فرافقه في الاشتغال، فلازم الشيخ أحمد بن زاغو -بزاي وغين معجمتين- وقاسمًا العقباني -بضم المهملة وسكون القاف ثم موحدة- ومحمد بن مرزوق فدرس عليه في التفسير والحديث والفرائض والنحو.

وعلى العقباني في التفسير والحديث والفقه والأصلين.

وعلى ابن زاغو في التفسير والحديث والفقه والفرائض والحساب والهندسة والنحو والمعاني والبيان.

وعلى عيسى بن أمزيان -بفتح الهمزة وكسر الميم والزاي المشددة- في الفرائض والحساب والمنطق.

وعلى محمد بن النجار في أصول الفقه والمعاني والبيان وغيرهم.

وقرأ بعض مستصفى الغزالي على رفيقه أبي الفضل المذكور، لما رأى من نبله وتقدمه وفضله وثناء مشايخه عليه، ولم يزل إلى أن برع في الفرائض والحساب، وصنف في ذلك في تلمسان كتاب التبصرة في الغبار، وشرح أرجوزة الشران -بفتح الشين المعجمة وتشديد المهملة وآخره نون- في الفرائض، وأرجوزة التلمساني فيها في مجلدة لطيفة، وشرح الحوفي في مجلدة، ثم رحل عن تلمسان في آخر سنة سبع وأربعين فدخل تونس فيها،

ص: 63

فدرس فيها على قاضي الجماعة محمد بن عقاب -بضم المهملة وفتح القاف- في التفسير والحديث والفقه، وروى عنه كتب شيخنا الفقيه أبي عبد اللَّه بن عرفة عنه.

ثم على قاضي الجماعة بعده أحمد القلشاني أخي عمر قراءة وسماعًا في التفسير والفقه.

وعلى أحمد المنستيري -بفتح النون وإسكان المهملة وكسر الفوقانية وسكون التحتانية- في النحو والأصلين.

وصنف في تونس عدة تصانيف منها القانون في الحساب كراسة، وشرحه في مجلدة لطيفة والكليات في الفرائض نحو كراسة، وشرحها في نحو أربعة كراريس، وكشف الجلباب في علم الحساب نحو أربعة كراريس وغير ذلك.

ثم رحل من تونس سنة خمسين فدخل القاهرة، وفي التي بعدها حج فيها، وعاد وأقام بها، فقرأ عليه الناس، وكتبوا من مصنفاته، وهو مع ذلك يتردد إلى المشايخ، ويقرأ في غير الحساب والفرائض، لا سيما العقليات.

وهو رجل صالح، قاله البقاعي، وقال: إنه أجاز له في سنة اثنتين وخمسين رواية جميع مصنفاته ومروياته، وإنه حضر معه عند أبي الفضل المذكور في شرح القطب على الشمسية.

قلت: وهو ممن سمع على شيخنا مع أبي عبد اللَّه الراعي في سنة اثنتين وخمسين" (1).

ولعل ما يؤكد أن البسطي هذا هو المراد من كلام التتائي، ما ذكره الزركلي في ترجمته، فقد قال: "القلصادي (815 - 891 هـ/ 1412 - 1386 م) علي بن محمد بن علي القرشي البسطي أبو الحسن، الشهير بالقلصادي: عالم بالحساب، فرضي، فقيه من المالكية، وهو آخر من له التآليف الكثيرة

(1) الضوء اللامع (6/ 14).

ص: 64