الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويدخل في كلامه مِن باب أولى من شك في حدثه وطهره، ومَنْ تيقن طهره وشك في حدثه مع الشكّ في السّابق منهما، ذكرهما ابن محرز (1)، ومن تيقن الحدث وشكّ في الطهارة فيجب الطهر اتفاقًا، وبحث الوانوغي في صحة فرض المسألة بما تقرر من أن الشك في أحد المتقابلين بشكّ في الآخر، فمن شك في وجود الحدث فقد شك في وجود الطهارة على هذه القاعدة، ومقابل الطهارة والحدث مقابل ليس مساو لنقيضه، ولا نجد جوابًا حقيقيًا عن هذا الإشكال أبدًا، وقد طال بحثي فيه مع الفضلاء من المشارقة وغيرهم فصوبوه وعجزوا عن الجواب. انتهى. وأجاب عنه المشذالي، انظره في الكبير.
[حكم المستنكح للشك: ]
إلا المستنكح، بالفتح: اسم المفعول، وهو الذي يكثر عليه الشكوك، ويعتريه الوسواس، فيلغي شكه، ونحوه في المدوّنة، ويحتمل أن يكون بكسر الكاف اسم فاعل، أي: إلا الشك المستنكح، فلا أثر له.
وينتقض بشك في سابقهما، أي: الحدث والطهر مع تيقنهما، ابن عَبْد السَّلامِ: وهو ظاهر المدوّنة وغيرها (2).
فائدة:
قال في الذخيرة: هنا فروع متناقضة، وذكر الفرع السّابق: ومن شك أصلى ثلاثًا أم أربعًا بنى على الأقل، ومن شك أطلق أم لا فلا شيء، فألغى الشك، ومن شك هل سهى أم لا فألغى الشك، ومن شك هل رأى هلال رمضان أم لا فألغى الشك، ونظائرها كثير فعلى الفقيه علم السر في
(1) هو: أبو القاسم بن محرز المقري القيرواني، تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران وأبي حفص كان فقيهًا نظارًا نبيلًا وابتلي بالجذام في آخر عمره، وله تصانيف حسنة منها تعليق على المدونة سماه التبصرة وكتابه الكبير المسمى بالقصد والإيجاز، توفي في نحو الخمسين وأربعمائة رحمه اللَّه تعالى.
(2)
قال الرماصي: لم يتكلم عبد السلام على هذه، ولم يذكرها في المدونة، وصنيع المؤلف يقتضي النقض.
ذلك، وذكر ذلك، فانظره فيه (1)، أو في الكبير.
(1) قال في الذخيرة (1/ 217 - 219): "الحادي عشر: في الجواهر الشك في الحدث بعد الطهارة في حق غير الموسوس يوجوب الوضوء خلافًا ش وح، وهي رواية ابن القاسم في الكتاب، وروي عنه في غيره الاستصحاب، فأجرى القاضيان أبو الفرج وأبو الحسن والأبهري رواية ابن القاسم على ظاهرها، وحملها أبو يعقوب الرازي على الندب، وكذلك إذا شك في الطهارة والحدث جميعًا أو تيقنهما جميعًا، وشك في المتقدم أو تيقن الحدث وشك في الطهارة أو بعضها وعلم تأخرها أو شك فيه أو علم تقدمها وشك في طروء الحدث، وأما الموسوس فأطلق ابن شاس رحمه الله القول باعتبار أول خواطره؛ لأنه حينئذ في حيز العقلاء.
وقال عبد الحق والتونسي واللخمي: إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة توضأ، وإن كان موسوسًا وعكسه يعفى عن الموسوس، والفرق استصحاب الأصل السابق.
وقال اللخمي: إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث وهو غير موسوس ففيه خمسة أقوال:
- الوجوب.
- والندب.
- والتفرقة بين أن يكون في صلاة أم لا، والثلاثة لمالك رحمه الله وعند ابن حبيب: الشك في الريح ملغى، وفي البول والغائط معتبر، وفرق أيضًا بين الشك في الزمن الماضي وبين الشك في الحال في الريح، فقال في الماضي: يجب. وفي الحاضر: لا يجب، إذا كان مجتمع الحس. قال صاحب الطراز: وهذه التفرقة ظاهر المذهب؛ لما في الترمذي وأبي داود: "إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحًا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"، قال الترمذي: حديث صحيح.
فروع متناقضة: قال مالك رحمه الله فيمن شك في الطهارة: عليه الوضوء، فاعتبر الشك، وقال فيمن شك هل طلق أم لا: لا شيء عليه، فألغى الشك، وفيمن شك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا يبني على ثلاث، ويسجد بعد السلام، فاعتبر الشك، وقال فيمن شك هل سها أم لا: لا شيء عليه، وألغى الشك. وقال فيمن شك هل رأى هلال رمضان: لا يصوم، فألغاه. ونظائر ذلك كثيرة في المذهب والشريعة، فعلى الفقيه أن يعلم السر في ذلك. قاعدة: الأصل: ألا يعتبر في الشرع إلا العلم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ؛ لعدم الخطأ فيه قطعًا، لكن تعذر العلم في أكثر الصور، فجوز الشرع اتباع الظنون لندرة خطئها، وغلبة إصابتها، وبقي الشك على مقتضى الأصل، فكل مشكوك فيه ليس بمعتبر، ويجب اعتبار الأصل السابق على الشك، فإن شككنا في السبب لم نرتب المسبب، أو في الشرط لم نرتب المشروط، أو في المانع لم ننف الحكم، فهذه القاعدة مجمع عليها، لا تنتقض، وإنما وقع =