الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة:
جمع بين الصّلاة والسلام؛ لأنه يكره إفراد أحدهما عن الآخر، ذكره بعضهم في مجالس الوانوغي (1) وغيره (2)، وانظر: هل ذلك خاص بنبينا عليه الصلاة والسلام، أو عام فيه وفي غيره مِن الأنبياء.
على محمد: علم منقول (3) مِن اسم مفعول [مشتق من] حُمِّد
= الذين قال اللَّه فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، وقال تعالى:{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} ، وإقرار المشرك بأن اللَّه رب كل شيء ومليكه وخالقه لا ينجيه من عذاب اللَّه، ولا يصير الرجل بمجرده مسلمًا فضلًا عن أن يكون وليًا للَّه أو من سادات الأولياء إن لم يقترن به إقراره بأن لا إله إلا اللَّه، فلا يستحق العبادة إلا هو، وأن محمدًا رسول اللَّه، وإنما الذي يتميز به المسلم هو توحيد العبادة، المسمى توحيد الألوهية. ولعل الشارح قال ما قال تأثرًا بما قاله القاضي أبو بكر الباقلاني من أنَّ الكفر خصلة واحدة، وهو: الجهل بوجود اللَّه تعالى، وهو قول نقله عنه القاضي عياض في الشفا (2/ 232)، ونقل عنه ما يناقضه من تكفير من زعم أن اللَّه جسم.
(1)
هو: محمد بن أحمد بن عثمان التونسي الوانوغي، (759 - 819 هـ = 1357 - 1416 م)، نزيل الحرمين: عالم بالتفسير والفرائض والحساب، ولد في تونس، ومات بمكة، له "كتاب على قواعد ابن عبد السلام". ينظر: الأعلام (5/ 331).
(2)
قال الحطاب (1/ 29): "شاع في كثير من كلام العلماء كراهة إفراد الصلاة عن السلام وعكسه، وممن صرح بالكراهة النووي، قال السخاوي في القول البديع: وتوقف شيخنا -يعني: ابن حجر- في إطلاق الكراهة.
وقال: فيه نظر، نعم يكره أن يفرد الصلاة ولا يسلم أصلًا، أما لو صلى في وقت، وسلم في وقت آخر، فإنه يكون ممتثلًا. انتهى. قال: ويتأيد بما في خطبة مسلم والتنبيه وغيرهما من مصنفات أئمة السنة من الاقتصار على الصلاة فقط. وقال قبله: استدل بحديث كعب وغيره على أن إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذلك العكس؛ لأن تعليم التسليم تقدم قبل تعليم الصلاة. انتهى.
وذكر في الخاتمة مقامات تقتضي أنه لا ينبغي إفراد الصلاة عن التسليم، ولم أقف لأحد من المالكية في ذلك على كلام إلا ما رأيته في آخر نسخة من المسائل الملقوطة أنه يكره ذلك، ولم يعزه. وقال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: كره جمهور المحدثين إفراد الصلاة عن التسليم وعكسه".
(3)
سيأتي بيان معنى العلم المنقول في كلام أهل العربية قريبًا، وإن كان في كلام الشارح العلامة ما يدل عليه.
بالتشديد، اسم مِن أسماء سيدنا ومولانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سمي به لكثرة خصاله المحمودة (1)، وهو أبلغ مِن محمود؛ لأنه مِن الثلاثي المجرد، ومحمد [من] المضاعف؛ للمبالغة (2).
(1) قال الملا الهروي في جمع الوسائل (2/ 181): "محمد: اسم مفعول من التحميد مبالغة، نقل من الوصفية إلى الاسمية، يسمى به لكثرة خصاله المحمودة، أو لأنه حمد مرة بعد مرة، أو لأن اللَّه تعالى حمده حمدًا كثيرًا بالغًا غاية الكمال، وكذا الملائكة والأنبياء والأولياء، أو تفاؤلًا؛ لأنه يكثر حمده كما وقع، أو لأنه يحمده الأولون والآخرون وهم تحت لواء حمده، فألهم اللَّه أهله أن يسموه بهذا الاسم لما علم من حميد صفاته".
(2)
فقد تقرر في علم أصول العربية أن الزيادة في المبنى دليل على الزيادة في المعنى، يقول ابن جني في كتابه الخصائص، وهو أجود كتاب ألف في أصول العربية، (3/ 264 - 269): "باب في قوّة اللفظ لقوّة المعنى: هذا فصل من العربية حَسَن، منه قولهم:(خَشُن) و: (اخشوشن)، فمعنى (خَشُن) دون معنى (اخشوشن)؛ لِما فيه من تكرير العين وزيادة الواو. ومنه قول عمر رضي الله عنه:(اخشوشِنوا وتمعددوا)، أي: اصلُبوا وتناهَوا في الخُشْنة. وكذلك قولهم: (أعشب المكان)، فإذا أرادوا كثرة العُشْب فيه قالوا:(اعشوشب). ومثله (حلا) و (احلولى) و (خَلُق) و (اخلولق)، و (غدِن) و (اغدودن). ومثله باب (فَعَل) و (افتعل)، نحو (قدر) و (اقتدر)، فـ (اقتدر): أقوى معنى من قولهم: (قدر)، كذلك قال أبو العباس، وهو محض القياس. قال اللَّه سبحانه:{أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} ، فـ (مقتدر) هنا أوفق من (قادر) من حيث كان الموضع لتفخيم الأمر وشدّة الأخذ، وعليه -عندي- قول اللَّه عز وجل:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} ، وتأويل ذلك: أن كسب الحسنة بالإضافة إلى اكتساب السيئة أمر يسير ومستصغَر، وذلك لقوله -عزَّ اسمه-:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} ، أفلا ترى أن الحسنة تصغر بإضافتها إلى جزائها صِغر الواحد إلى العشرة، ولما كان جزاء السيئة إنما هو بمثلها لم تحتقر إلى الجزاء عنها، فعلم بذلك قوّة فعل السيّئة على فعل الحسنة؛ ولذلك قال تبارك وتعالى:{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)} ، فإذا كان فعل السيئة ذاهبا بصاحبه إلى هذه الغاية البعيدة المترامية عُظِّم قدرها وفُخِّم لفظ العبارة عنها، فقيل:(لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، فزِيد في لفظ فِعل السيئة، وانتقِص من لفظ فعل الحسنة لما ذكرنا، ومثله سواءً بيت الكتاب:
أنا اقتسمنا خُطَّتَيْنا بيننا
…
فحملت برة وأحتملت فجارِ
فعبَّر عن البِرّ بالحمل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، وهذا هو ما قلناه في قوله -عزَّ اسمه-:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} ، لا فرق بينهما، وذاكرت بهذا الموضع =