الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تذييل:
قال المُصنف كابن هارون (1): هذا الخلاف عندي لا يدخل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأن علوّ منصبهم يأبى ذلك، بل يجب الاتفاق على طهارة أجسامهم، وقد قيل بطهارة الخارج منه صلى الله عليه وسلم مِن الحدث، فكيف بجسده المكرّم. . انتهى.
= قال في التنبيهات: والقول بطهارته هو الصحيح التي تقصده الآثار؛ لحرمة الآدمي وكرامته، وتفضيل اللَّه تعالى له، ولا أعلم أحدًا من المتقدمين ولا من المخالفين فرق بين المسلم وغيره، وذهب بعض أشياخنا إلى الفرق، وفي كلام ابن عبد السلام ترجيح القول بطهارته، وجزم به ابن العربي، ولم يحك فيه خلافًا، وصدر به صاحب الشامل، واستظهره أيضًا ابن الفرات؛ لتقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون، وقوله عليه الصلاة والسلام:"لا تنجسوا موتاكم؛ فإن المومن لا ينجس حيًا ولا ميتًا" ورواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين، وفي كلام صاحب الطراز أيضًا ترجيحه، قال ح: وزاد ولم أر من شهر القول الذي صدر به المص، ولا من اقتصر عليه، بل أكثر أهل المذهب يحكيها من غير ترجيح، ومنهم من رجح الطهارة، وإن أخذ اللخمي النجاسة من المدونة، فقد أخذ عياض منها الطهارة.
ابن هارون: وهذا الخلاف لا يدخل عندي أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فيجب الاتفاق على طهارتها، وقد قيل بطهارة الخارج منه صلى الله عليه وسلم، فكيف بجسده.
وقال مق: كما اختار ابن رشد القول بطهارة ميتة الآدمي اختاره أيضًا اللخمي والمازري وعياض، ولا أرى ما وجه اقتصار المص على ذكر اختيار ابن رشد، وكان حق المص أن يفتي بالطهارة، كما اختاره الأشياخ، ولكنه -واللَّه أعلم- اعتمد على ما فهموا من أن التنجيس قول ابن القاسم في كتاب الرضاع، وهو وإن كان ظاهرًا فيما فهموا إلا أنه ليس بصريح، ومحتمل للتأويل، أو أنه نجاسة لبن الميتة لاستقذاره لا لنجاسة وعائه، وما استدل به ابن رشد من الأثر إنما ينهض دليلًا في ميتة المسلم، لقول المدخل الذي حكاه عياض، وهو الصحيح عنده، واللَّه أعلم. انتهى.
قلت: قد علم من كلام ح أن القول بالطهارة أخذه عياض من المدونة أيضًا، هذا ولا يخفى أن أخذ اللخمي القول بالنجاسة من المدونة لا ينافي اختياره القول بالطهارة".
(1)
هو: إسماعيل بن هارون بن علي اللخمي إشبيلي أبو الوليد الرفاء، روى عن أبي بكر بن العربي، ويحيى بن موسى بن عبد اللَّه التوزالي، وأبي الحسن شريح، كان فقيهًا بصيرًا بالفتوى والنوزال، إمامًا مشاورًا، كثير الذكر للمسائل.
[4]
ومِن النجس ما أي: الّذي أو بعض أُبين مِن حيوان حي وميت (1)، فلو سقطت سن مِن حيّ: هل يجوز له ردها أو لا؟ قال
(1) قال الأجهوري: "وقوله: (من حي)، أي: من حيوان نجس الميتة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما أبين من حي فهو ميتة"، وهذا غير ما ذهب إليه ابن عبد السلام من أن المبان من الآدمي الحي الطاهر على القول بطهارة ميتة، ولكن خلاف ما عليه بعض البغدادين من أنه نجس، حتى على القول بطهارة ميتة الآدمي، وارتضاه ابن عرفة، ورد كلام ابن عبد السلام، ولكن ما عليه ابن عبد السلام نحوه لابن رشد، فإنه قال: الصواب طهارة الجزء المبان من الآدمي الحي على القول بطهارة ميتته، وقال الباجي أيضًا بطهارته، ومقتضى كلام سند أيضًا أنه الراجح، ويأتي ذلك.
قال ابن عرفة بعد ما ذكر الخلاف في طهارة ميتة الشخص المسلم ما نصه: وفي كون الكافر متفقًا عليه، أي: على نجاسته ميتًا طريقًا المازري وعياض عن بعض البغداديين مع المازري عن بعض المتأخرين، وعلى الطهارة قال بعض البغدادين: ما أخذ منه بعد موته طاهر؛ لموافقته المأخوذ الكلي في موجب طهارته، وقبل موته نجس؛ لمخالفته إياه فيه، وقول ابن عبد السلام:(ليس كذلك) بعيد؛ لمنعه مستدلًا عليه لا بنقل ولا دليل، والاستدلال له بأن الموت كالحياة في طهارته يرد بأن حكم المأخوذ التبعية لشخص المأخوذ منه في حكمه بعلته، وقد فقدت، بل قال في الطراز على عدم طهارة الآدمي: لا ترد سن سقطت؛ لأن ما أبين من الحي ميتة، وترد على قول ابن وهب بطهارتها، لا يقال: العلة هي الإنسانية المحسوسة، وقد وجدت لمنعها بالحياة المتفق على علتها، والمتفق عليه أرجح. انتهى.
وقوله: (لمخالفته إياه فيه) أي: لمخالفة المأخوذ، وهو الجزء للكل فيه، أي: في موجب طهارته؛ لأن موجب طهارة الحي الحياة، وهي موجودة في الظل دون الجزء، وموجب طهارة الميت عند من يقول بها حرمته وتكرمته وتفضيل اللَّه له كما ذكره في التنبيهات، وذلك في الكل والجزء.
وقوله: (كمنعه مستدلًا عليه) ينبغي أن يقرأ مستدلًا بفتح الدال اسم مفعول صفة لموصوف محذوف معمول للمصدر، أي: لمنعه حكمًا مستدلًا، وهو ما تقدم عن بعض البغداديين.
وقوله: (لا بنقل. . إلخ) راجع لقوله: (لمنعه).
وقوله: (بأن حكم المأخوذ التبعية. . إلخ) لأن علة طهارة الآدمي الميت التكرمة والحرمة وتفضيل اللَّه له وذلك موجود في الجزء والكل في حال الموت، وأما علة الطهارة في حال الحياة فهي الحياة، وهي موجودة في الكل دون الجزء.
وقوله: (لا يقال. . إلخ) أي: أن لا يقال العلة في طهارة الآدمي الحي والميت هي الإنسانية، وهي موجودة في الجزء والكل في حال الموت والحياة؛ لأننا نقول العلة =
الأقفهسي: لا يجوز؛ بناءً على نجاسته، وعلى طهارته يجوز. . انتهى.
= المتفق على كونها علة في حال الحياة هي الحياة لا الإنسانية والمتفق عليه أرجح مما اختلف فيه، وهذه العلة لا توجد في الجزء الماخوذ من الحي هذا، وفي كلام ابن عرفة هذا أمور:
الأول: أن ظاهره: أن قول ابن عبد السلام: (وليس كذلك) رد لقول بعض البغداديين بنجاسة الجزء المنفصل من الآدمي الحي على القول بطهارة ميتته، وظاهر كلام التوضيح يقتضي خلافه، وأثمانه إنما صورة لمن يقول إنه لم يختلف في نجاسة الجزء المذكور، وبينهما فرق، ونص التوضيح على نقل ح رأى بعضهم أن ما بين من الآدمي حال الحياة لا يختلف في نجاسته. ابن عبد السلام وليس كذلك. انتهى.
الثاني: كلامه -أي: ابن عرفة- يدل على أن المذهب ما عليه بعض البغداديين، وأن عبد السلام ليس له موافق في دعواه الطهارة؛ بناء على ما فهمه في قوله:(وليس كذلك)، وقد ذكر ابن رشد أن الصواب طهارة الجزء المبان من الآدمي الحي على القول بطهارة ميتته، وقال الباجي أيضًا بطهارته، وصدر في الطراز بذلك أيضًا، فإنه لما تكلم على قص أظافره في المسجد، قال: الاعتكاف لا ينافي إصلاح الرأس بأي وجه كان، ولا إصلاح الظفر، وهو أيضًا طاهر، لا ينجس، وعلى القول بأن الميت نجس تكون الأظفار نجسة. انتهى.
الثالث: كلام ابن عرفة يقتضي أن الجزء المبان من الجراد الحي، كما ذكره في الجزء المبان من الآدمي الحي على القول بطهارة وميتته وليس كذلك، فقد ذكر ح عن الشيخ تقي الدين ما يفيد الاتفاق على طهارة الجزء المبان من الجراد الحي.
فإن قيل: قد يفرق بينهما بأن ميتة الجراد متفق على طهارتها، وميتة الآدمي مختلف في نجاستها.
قلت: ابن عرفة إنما عول في نجاسة المبان من الآدمي الحي على القول بطهارة ميتته بناء على أن علة الطهارة التي هي الحياة؛ لأنها متفق عليها في أرجح من غيرها للاختلاف فيه، وهي موجودة في الكل دون الجزء، مثل ذلك يقال في الجراد.
قلت: قد يقال: إن علة الطهارة في الجراد الحي هي الحياة وعدم الاستقذار، وكل منهما متفق عليه، فليس جعل الحياة علة أرجح من جعلها الاستقذار.
ويدل على ذلك ما ذكره من أن علة النجاسة فيما له نفس سائلة هي الاستقذار؛ لأنه مستقذر، وهذه مفقودة فيما لا نفس له سائلة هي الاستقذار؛ لأنه مستقذر فعلة طهارة ميتته عدم الاستقذار قطعًا، وليس له معارض.
وأما علة الطهارة في ميتة الآدمي التي هي التكرمة والحرمة والتفضيل فقد عارضها معارض، وهو وجود الدم فيه الذي هو علة الاستقذار، فتأمل ذلك.
وفيه نظر؛ فإن الذي يفيده كلامهم أن علة الطهارة المتفق عليها في الحي هي الحياة =