الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتمة:
قال في الذخيرة: هو الذي لا يمتد مع الأفق، بل يطلب وسط السماء، وكثير من الفقهاء لا يعرف حقيقته، ويعتقد أنه عام الوجود، في سائر الأزمنة، وهو خاص في بعض الشتاء.
وسبب ذلك أن المجرة إذا كان الفجر في البلدة ونحوها طلعت المجرة قبل الفجر، وهي بيضاء، فيعتقد أنها الفجر، فإذا باينت الأفق ظهر من تحتها الظلام، ثم يطلع الفجر بعد ذلك، أما غير الشتاء فيطلع أول الليل أو نصفه فلا يطلع آخره إلا الفجر الحقيقي، ويمتد.
تنبيهان:
الأول: الجمهور أن الصبح من صلاة النهار؛ لتحريم الطعام على الصائم، وهو لا يحرم إلا نهارًا.
وقال الأعمش (1): هي من الليل؛ لقوله تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} ، وآية النهار الشمس، ولخبر:"صلاة النهار عجماء"(2)، وصلاة الصبح ليست بعجماء.
(1) هو: سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش، (61 - 148 هـ = 681 - 765 م): تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشؤه ووفاته في الكوفة، كان عالمًا بالقرآن والحديث والفرائض، يروي نحو 1300 حديث، قال الذهبي: كان رأسًا في العلم النافع والعمل الصالح. وقال السخاوي: قيل: لم ير السلاطين والملوك والأغنياء في مجلس أحقر منهم في مجلس الأعمش مع شدة حاجته وفقره. ينظر: الأعلام (3/ 135).
(2)
هذا الحديث باطل، لا يصح رفعه، وإنما هو من قول بعض التابعين، قال ابن خزيمة (2/ 337):"باب الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء والدليل على ضد قول من زعم من التابعين أن صلاة النهار عجماء يريد أنه لا يجهر بالقراءة في شيء من صلوات النهار قال أبو بكر: في خبر معمر عن جهر بالقراءة، أنا أبو طاهر نا أبو بكر نا محمد بن بشار ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي فاستقبل القبلة وولى الناس ظهره وقلب رداءه وصلى ركعتين قرأ فيهما وجهر فيهما بالقراءة".
وأجيب عن الأول بالقول بالموجب، وهو حمل كلام الغير على خلاف مراده.
وعن الثاني بأنه ليس بحديث، كذا قال الدارقطني (1)، بل هو قول الفقهاء، وعن قول أمية:
والشمس تطلع كل آخر ليلة
…
حمراء يبصر لونها يتوقد
يقول الخليل: النهار الفجر (2).
الثاني: أشار القرافي بقوله: (وكثير من الفقهاء. . إلخ) للرد على المازري في قوله: (الفجر)(3) نور الشمس البادي في الأفق، فإذا تباعد عن
(1) هو: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدارقطني الحافظ المشهور؛ كان عالمًا حافظًا فقيهًا على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، أخذ الفقه عن أبي سعيد الإصطخري الفقيه الشافعي، وقيل: بل أخذه عن صاحب لأبي سعيد، وأخذ القراءة عرضًا وسماعًا عن محمد بن الحسن النقاش وعلي بن سعيد القزاز ومحمد بن الحصين الطبري ومن في طبقتهم، وسمع من أبي بكر بن مجاهد وهو صغير، وانفرد بالإمامة في علم الحديث في دهره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه، وتصدر في آخر أيامه للإقراء ببغداد، وكان عارفًا باختلاف الفقهاء، ويحفظ كثيرًا من دواوين العرب، منها ديوان السيد الحميري، فنسب إلى التشيع لذلك، وروى عنه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني صاحب (حلية الأولياء) وجماعة كثيرة، وسأل الدارقطني يومًا أحد أصحابه: هل رأى الشيخ مثل نفسه فامتنع من جوابه، وقال: قال اللَّه تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} ، فألح عليه، فقال: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه ما اجتمع فيَّ فلا، وكان مفننًا في علوم كثيرة وإمامًا في علوم القرآن. وكانت ولادة الحافظ المذكور في ذي القعدة سنة ست وثلثمائة. وتوفي يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي القعدة، وقيل: ذي الحجة، سنة خمس وثمانين وثلثمائة ببغداد، وصلى عليه الشيخ أبو حامد الإسفراييني الفقيه المشهور المقدم ذكره. ودفن قريبًا من معروفي الكرخي، في مقبرة باب الدير، رحمه اللَّه تعالى. والدارقطني: بفتح الدال المهملة وبعد الألف راء مفتوحة ثم قاف مضمومة. ينظر: وفيات الأعيان (3/ 297).
(2)
في "ن 2": النهار أو الفجر.
(3)
ما بين معكوفتين من "ن 4".