الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات:
الأول: لم يتعرض المصنف لصفة نقضه في غير النوم بطول ولا غيره، فهو عنده ناقض مطلقًا.
قال بعضهم: وهو الحق.
الثاني: قال الفاكهاني: المراد بزواله استتاره؛ إذ لو زال لم يعد. انتهى. والمراد باستتاره زوال إدراك النفس.
= الوضوء. فقيل: هو قاعد! قال: أحب إلي أن يتوضأ، أو يريد أنه إذا كان جالسًا يستحب له الوضوء، بخلاف المضطجع؛ فإنه يجب عليه؛ لأن الجالس متمكن من الأرض، وغفلته في حكم غفلة الوسنان. انتهى. ونقله في الذخيرة باختصار، ونقله في التوضيح، واقتصر في الشامل على القول الأول، فقال مالك: ومن حصل له هم ذهب عقله توضأ.
وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة: قال مالك فيمن حصل له هم ذهب عقله: توضأ، وقال ابن القاسم: لا وضوء عليه. انتهى كلام (ح).
واعلم أن النوم الثقيل في النائم هو الذي يسقط به، كما يفيده قول ابن رشد؛ لأنه لو ثقل لم يثبت، وقد دل كلام ابن عرفة على أن القول بنقض نوم القائم وضوءه لا يتأتى على المذهب، أي: حيث لم يسقط منه، وأن ابن رشد والصائغ جزما بعدم النقض به، وكذا ابن يونس، وظاهره ولو كان بحيث لو سقط منه شيء لا يحس به، وأما في غير القائم فقال المازري: الثقيل هو الذي يذهب بالعقل، ولا يشعر صاحبه بالصوت المرتفع. انتهى.
قلت: والظاهر أن هذا ينفك عن ذهاب العقل وعدم الشعور بالصوت المرتفع.
الثاني: ما ذكرناه من أن نوم القائم حيث لم يسقط به لا ينقض ظاهر فيمن كان غير مستند، وأما إن كان قائمًا قائمًا قائمًا مستندًا فالظاهر أن يقال: إنه إن كان بحيث لو أزيل ما استند إليه لم يسقط فهو كالقائم من غير استناد، وإن كان بحيث لو أزيل سقط فهو كغير القائم، والثقيل بالنسبة إليه كالثقيل بالنسبة للمجالس.
وقوله: (لا خف) يحتمل عطفه على ثقل، وهو الظاهر؛ لأنه مقابله، ويحتمل عطفه على قصر، ولا يقال: لا، لا نعطف الجمل؛ لأنا نقول: لا تعطف التي لا محل لها من الإعراب، وأما التي لها محل من الإعراب فنعطفها فلا حاجة إلى ما ذكره (د) من أن المعطوف اسم موصول محذوف أي لا ما خف وحذف الموصول الاسمي وإبقاء صلته جائز نص عليه في التسهيل.
الثالث: قال الشهاب الأبشيطي (1) -رحمه اللَّه تعالى- اختلف الناس في العقل من جهات شتى: هل له حقيقة تدرك أو لا؟ قولان، وعلى أن له حقيقة تدرك هل هو جوهر أو عرض؟ قولان، وهل هو اسم جنس أو جنس أو نوع ثلاثة أقوال، فذلك أحد عشر قولًا، ثم القائلون بالجوهرية والعرضية اختلفوا في رسمه على أقوال شتى، أعدلها قولان، فما قاله أصحاب العرض هو ملكة في النفس بها يستعد للعلوم والإدراكات، وما قاله أصحاب الجوهر: جوهر لطيف تدرك به الغايات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدات، خلقه اللَّه تعالى في الدماغ، وجعل نوره في القلب. انتهى.
وقال ابن فرحون: العقل نور يقذف في القلب فيستعد لإدراك الأشياء، وهو من العلوم الضرورية.
وقال أبو إسحاق الشيرازي (2): صفة يميز بها بين الحسن والقبيح.
(1) هو: أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة: (بضم الباء وفتح الراء وسكون الياء) شهاب الدين الأبشيطي، (802 - 883 هـ = 1400 - 1478 م): فقيه شافعي فرضي، عارف بالحديث، ولد بأبشيط (من قرى المحلة بمصر)، وتعلم في الأزهر بالقاهرة، ودرس، ثم جاور بمكة سنة 771 هـ وتوفي بالمدينة. من كتبه (ناسخ القرآن ومنسوخه) و (شرح الرحبية) و (شرح تصريف ابن مالك) و (شرح منهاج البيضاوي) و (إتقان الرائض في فن الفرائض) و (شرح قواعد ابن هشام)، ينظر: الأعلام (1/ 97).
(2)
هو الإمام العلامة الأصولي النظار، من ذاع صيته وانتشرت شهرته بالأمصار والأقطار: إبراهيم ابن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي، أبو إسحاق، (393 - 476 هـ = 1003 - 1083 م): العلامة المناظر، ولد في فيروزآباد بفارس، وانتقل إلى شيراز فقرأ على علمائها، وانصرف إلى البصرة، ومنها إلى بغداد سنة 415 هـ، فأتم ما بدأ به من الدرس والبحث، وظهر نبوغه في علوم الشريعة الإسلامية، فكان مرجع الطلاب ومفتي الأمة في عصره، واشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة، وبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية على شاطىء دجلة، فكان يدرس فيها ويديرها، عاش فقيرًا صابرًا، وكان حسن المجالسة، طلق الوجه، فصيحًا مناظرًا، ينظم الشعر. وله تصانيف كثيرة، منها (التنبيه - ط)، و (المهذب - ط) في الفقه، و (التبصرة - خ) في أصول الشافعية، و (طبقات الفقهاء - ط)، و (اللمع - ط) في أصول الفقه، وشرحه، و (الملخص)، و (المعونة) في الجدل، مات ببغداد وصلى عليه المقتدي العباسي، ينظر: الأعلام (1/ 51).