الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشار للقول بالوجوب مطلقًا بقوله: واستحسن القول بالوجوب بدم وبغيره؛ إذ النفاس اسم لتنفيس الرحم، وقد وجد، وشهره صاحب المعتمد، واستظهره المصنف في توضيحه.
إذا علمت هذا فاعتراض البساطي بأن المنقول أنه يجب بالدم، ويستحب لغيره، ونحوه لبعض مشايخي، قائلًا:(الاستحسان إنما هو في الدم، فكيف تأتي الواو المشتركة؟ ! ) غير ظاهر.
تنبيه:
ظاهر كلام المصنف أن الحيض والنفاس موجبان للغسل، أي: ولكن لا يصح مع وجود كل منهما، وكلام ابن الحاجب وجماعة أن الموجب له انقطاع كل، ويحتمله كلام المصنف بتقدير حذف مضاف، والخطب سَهْل.
لا باستحسانه، فلا يجب، وقيل: يجب، وقول ابن عَبْد السَّلامِ:(استشكلوا ظاهر الرسالة بوجوبه)، قال ابن عرفة: إن كان لمخالفة المشهور فقد لا يتقيد به، وإن كان لعدم وجوده فقصور. انتهى.
وندب الغسل لانقطاعه، وإليه رجع مالك، وكان أولًا يقول: لا يستحب.
[5]
ويجب غسل كافر بالغ أسلم، كان كفره أصلًا أو ارتدادًا، والوجوب بعد تلفظه بكلمتي الشهادة بما، أي: بسبب ما ذكر من أسبابه الموجب: من مغيب حشفة، أو قدرها، أو حيض، أو نفاس، فيجب على المرتد بعد غسله قبل ردته لواحد منها، ولو لم يحدث منه شيء منها بعد ردته؛ لأنه من عمله الذي لم أحبطته الردة (1).
(1) قال الرماصي: تت: (فيجب على المرتد. . إلخ) إتيانه بفاء التفريع يقتضي أن كلام المؤلف يفيد ذلك، وليس كذلك؛ إذ قوله:(بما ذكر) ينبغي الوجوب فيما ذكره تت؛ لعدم الموجب، ولذا لم يذكرها في موجبات الوضوء والغسل، وتعليله يؤذن بأن الغسل لإحباط العمل، لا لما ذكر خلاف تفريعه، يعني كلامه ترافع، مع أن المعتمد أن الغسل لا تحبطه الردة.
وصحّ غسل كافر قبلها، أي: الشهادة، والحال أنه قد أجمع، أي: عزم على الإسلام بقلبه، فاغتسل له، ولو لم ينو ما أوجبه، بل نوى به الإسلام، ثم تلفظ بها، قاله ابن القاسم، وأصله خبر ثمامة (1) سيد أهل تهامة (2).
(1) هو: ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عتبة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة الحنفي، أبو أمامة اليمامي، قال الحافظ: ثبت على إسلامه لما ارتد أهل اليمامة، وارتحل هو ومن أطاعه من قومه فلحقوا بالعلاء الحضرمي، فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين، فلما ظفروا اشترى ثمامة حلة كانت لكبيرهم، فرآها عليه ناس من بني قيس بن ثعلبة، فظنوا أنه هو الذي قتله وسلبه فقتلوه، ينظر: الإصابة (1/ 411).
(2)
الخبر كما هو في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْد، فجاءت بِرَجُل من بني حَنيفة يقال له: ثُمامة بن أُثال، سَيِّدُ أهلِ اليمامة، فربطوه بِسارِية من سواري المسجد، فخرج إليه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"ماذا عندكَ يا ثُمامةُ؟ " فقال: عندي خير يا محمد، إن تَقْتُلْ ذا دم، وإن تُنْعِم على شاكر، وإن كنْتَ تريدُ المالَ فَسَلْ تُعْطَ منه ما شئتَ، فتركه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان الغَدُ، قال له:"ما عِنْدَك يا ثمامة؟ " فقال مثل ذلك، فتركه حتى إذا كان بَعْد الغَدِ، فقال:"ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قُلتُ لك. . . وذكر مثله، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أطْلِقُوا ثمامة"، فأطلَقوه، فانْطَلَقَ إلى نخل قريب منَ المسجد، فاغتسل، ثم دَخَلَ المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، يا محمد، واللَّه ما كان على الأرض وجه أبْغَضَ إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجْهُكَ أحب الوجوه كلِّها إليَّ، واللَّه ما كان من دِين أبْغَضَ إليَّ من دينِك، فقد أصبح دِينُك أحبَّ الدِّين كلِّه إليَّ، واللَّه ما كان من بلد أبْغَضَ إليَّ من بَلَدِك، فقد أصبح بَلَدُك أحبَّ البلاد كلِّها إليَّ، وإن خَيْلَكَ أخذتْني، وأنا أريدُ العُمْرةَ، فماذا ترى؟ فبشَّره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قَدِمَ مكة قيل له: أصَبأتَ؟ ! قال: لا، ولكن أسلمتُ مع محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا -واللَّهِ- لا يأتيكم من اليمامة حبَّةُ حِنْطة، حتى يأذن فيها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال الأجهوري: قوله: (ويجب غسل كافر بعد الشهادة) ش: المراد بالشهادة ما يدل على ثبوت الوحدانية له تعالى وثبوت الرسالة له صلى الله عليه وسلم، ونحوه قول ابن معمر في شرح جمع الجوامع: المراد بالشهادتين الأخبار الدالة على التصديق بأن اللَّه إله واحد، وأن محمدًا رسول اللَّه، سواء كان بلفظ الشهادتين، أو بلفظ غيرهما، هذا هو المنصوص عليه عندنا، ذكره الشيخ ناصر الدين في شرح عقيدة الرسالة. انتهى. وظاهره: أنه يكتفي بما دل على ما ذكر، ولو غير عربي قادر على العربي، وكلام الأبي فيه ما يفيد =