الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استجمار. انتهى، وانظر بقية كلامه في الكبير.
[تعريف الماء المطلق: ]
ثم فسر المطلق الرافع للأمرين شرعًا بقوله: وهو ما صدق عليه لغة اسم الماء.
ثم ذكر فصلًا فقال: بلا قيد لازم، كـ: ماء الورد، لا منفك عنه، كـ: ماء البحر، وسواء كان ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد غير مجموع من ندى، بل وإن من ندى.
ولما لم يكن دوام سيلانه قبل استعماله شرطًا قال: أو كان سائلًا ثم جمع، وذاب بعد جموده، كـ: الثلج والبرد والجليد.
وظاهره: سواء ذاب بموضعه أو بغيره، وهو كذلك اتفاقًا، وخص بعضهم موضع الاتفاق بما ذاب بموضعه، ويدخل (1) في عبارته الملح الذائب بعد جموده بموضعه، سواء كان جموده بصنعة أو لا، وهو كذلك على المذهب (2).
(1) في "ن 4": ليدخل.
(2)
كذا قرر التتائي هذا الموضع، وقد جاء في المنتقى: "المياه على ضربين: مطلق، ومضاف، فالمطلق: ما لم يتغير بمخالطة ما ليس بقرار له، وينفك الماء عنه غالبًا، كـ: ماء السماء، والآبار، والأنهار، والعيون، والبحر، وهذا هو الطاهر المطهر، وكذلك ما تغير من المياه والتراب والحمأة الذي هو قرار لها، وكذلك ما جرى من المياه على كحل أو نورة أو شب أو كبريت أو زاج أو غير ذلك، مما هو في معناه يغير صفاته، وعلى ذلك عمل الناس في الحمامات، وكذلك ما تغير بالطحلب؛ لأنه لا ينفك الماء عنه غالبًا، وأما إذا سقط ورق الشجر أو الحشيش في الماء فتغير فإن مذهب شيوخنا العراقيين أنه لا يمنع الوضوء به.
وقال أبو العباس الأبياني: لا يجوز الوضوء به.
وجه القول الأول: أنه مما لا ينفك الماء عنه غالبًا، ولا يمكن التحفظ منه، ويشق ترك استعماله كالطحلب، وقد روى في المجموعة ابن غانم عن مالك في غدر تردها الماشية فتبول فيها وتروث فتغير طعم الماء ولونه لا يعجبني الوضوء به، ولا أحرمه، ومعنى ذلك: أن هذا مما لا ينفك الماء عنه غالبًا، ولا يمكن منعه منه. وأما مخالطة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الملح الماء فقد قال القاضي أبو الحسن: الملح من جنس الأرض، يجوز التيمم عليه، فإذا غير الماء يمنع الوضوء به، وقد رأيت الشيخ أبا محمد وأبا الحسن اختلفا في مسألة الملح يخالط الماء، فأجاز أحدهما الوضوء به، ومنعه الآخر، ولم يفصلا ويحتمل كلام شيوخنا العراقيين أن الملح المعدني هو الذي حكمه حكم التراب، وهو الذي ذكره القاضي أبو الحسن، وأما ما يجمد لصنعة آدمي فقد دخلته الصناعة المعتادة، فلا يجوز التيمم به، وأن غير الماء بمخالطته منع الوضوء به، واللَّه أعلم".
وقال الأجهوري في شرح هذا الموضع: ظاهره سواء كان ملحًا أو غير ملح، كان جموده بصنعة أم لا، وسواء كان ذوبه بصنع أم لا، كان في محله أم لا، وفي الملح خلاف، والمشهور فيه ما ذكره المص، وسيأتي الخلاف فيما إذا طرح فيه، وانظر كيف جزم الشيخ بطهورية الذائب هنا، وسيأتي الخلاف في الماء المطروح فيه الملح، وهل يأتي كلام ابن يونس هنا أم لا، ويطلب الفرق.
قال بعض مشائخي: قلت: كلام المص هنا يشمل الملح الذائب بغير موضعه.
قال ح: "وإنما لم يحك المص فيه الخلاف الآتي فيما إذا وقع في غيره؛ لأنه حينئذ ماء، وفي حالة الوقوع من جنس الطعام" انتهى، وفيه بحث.
وقال في شرح قول خليل: "أو بمطروح، ولو قصدًا، من تراب أو ملح، والأرجح: السلب بالملح، وفي الاتفاق على السلب به -إن صنع- تردد".
ش: هنا أمور؛ الأول: يفهم من كلام غ أن الملح الذي أصله ماء وجمد لا يسلب الطهورية اتفاقًا، ولا يجري فيه الخلاف الجاري في المعدني، كما أنه ينبغي أن المصنوع من النبات يسلب الطهورية قطعًا، والمراد بالمعدني الملح الذي يؤخذ من معدنه حجارة، والمراد بالمصنوع ما يصنع من تراب الأرض بالنار، أو من نبات الأرض بها، كالمصنوع من الأراك على ما أخبرني به بعض أصحابنا، لكن ينبني أن يتفق على السلب بهذا، كما أشرنا إليه. وقد أشار تت إلى عدم السلب بما تجمد من الماء، فقال:"واقتصاره على المعدني والمصنوع ربما يخرج به الملح المتجمد من الماء، فلا يسلب؛ كعوده لأصله". انتهى. ونص المراد من ابن غازي: "أبو عمران في شرح ابن الحاجب: الملح غير المصنوع قسمان: ملح السباخ، وهو: ما يخرج عليه الحر، فيجمد، فيصير ملحًا، وملح المعادن، وهو: حجارة. فإن أراد الفقهاء بالمعدني هذا الثاني فقط فهو نوع من أنواع الأرض، كالكبريت والزرنيخ والزاج، أي: وبالسلب به خلاف، كما يأتي عن ح في التراب، وأرجحها عدم السلب، وإن أراد مع ذلك ملح السباخ، ففيه نظر؛ فإنه ماء جامد، فينبغي أن لا يختلف فيه، كالثلج والجليد". انتهى. فإن قلت: كلامه يقتضي أنه إذا كان من نوع الأرض ففي سلب الطهورية به خلاف، بدليل كلامه في القسم الثاني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: نعم، وقد أشار إلى ذلك ح، حيث قال:"إنما لم يصرح المص بالاتفاق على عدم السلب بالمعدني، بل أتى بما يدل على الخلاف فيه؛ إذ قوله: (وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد) يدل على عدم الاتفاق على السلب به إن لم يصنع، وهو صادق بأن يختلف في عدم السلب به، وبالاتفاق على ذلك؛ لأن غايته أن يكون كالتراب، والخلاف موجود في التراب نفسه، وأما قول من قال: إنه على جعل القول الثالث تفسيرًا لا يكون في المذهب إلا قول واحد، ففيه شيء؛ إذ يقتضي أنه يتفق على عدم السلب بالمعدني على التوفيق مع ثبوت الخلاف في ذلك، حتى على القول بالتوفيق". انتهى.
وقد ظهر مما قررنا أن أقسام الملح أربعة: معدني، وما أصله ماء وجمد، وما صنع من أجزاء الأرض، وما صنع من النبات، وأنه يتفق في القسم الثاني على عدم السلب به، ويتفق في الرابع على السلب. وقول المص:(والأرجح السلب بالملح)، قال ق:"ابن يونس: الملح إذا طرح في الماء فالصواب أن لا يجوز الوضوء به؛ لأنه إذا فارق الأرض كان طعامًا ولا يتيمم به". انتهى.
الأمر الثاني: كلام المص، أي: قوله: (والأرجح. . الخ) فيما طرح قصدًا؛ إذ المطروح من غير قصد يتفق على عدم سلبه الطهورية.
الثالث: كلام المص في التردد ليس جاريًا على اصطلاحه، كما أشار إليه بعضهم؛ وذلك لأنه ذكر أنه يشير بالتردد لتردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين، أو في الحكم لعدم نص المتقدمين، وهنا أشار بالتردد لتردد المتأخرين في إبقاء قول المتأخرين السابقين عليهم أوردها لقول واحد، وذلك لأنه تردد المتأخرين، وهم: ابن أبي زيد وابن القصار، والقابسي والباجي في حكم التغير بالملح، فقال ابن أبي زيد وابن القصار:"إن حكم التغيير به لا يضر؛ لأنه من أجزاء الأرض". وقال القابسي: "إنه يضر؛ لأنه يشبه المطعومات".
وقال سند عن الباجي: "إن التغير بالمعدني لا يضر، وأما بالمصنوع فيضر". واعترض على سند في نسبة ذلك للباجي، بأن الباجي لم يجزم به، وإنما ذكره على طريق الاحتمال، وقد وافق ابن عرفة سند في عزو هذا القول للباجي، فقال:"وفي كون الملح المنقول كالتراب. ثالثها: المعدني لا المصنوع لابن القصار والقابسي والباجي". انتهى.
واختلف من تأخر عن المتأخرين المذكورين في القول الثالث: هل هو تفسير للقولين الآخرين أم لا؟ وقد أشار لذلك ابن بشير، فقال: "اختلف المتأخرون: هل الملح كالتراب، فلا ينقل حكم الماء، وهو المشهور، أو كالطعام فينقله إلى غيره، أو المعدني كالتراب، والمصنوع كالطعام، واختلف بعدهم على ترجع هذه الأقوال إلى =