الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني من وجهي تشبه العالم بالجاهل في نفس الجهل:
أن يترك الإنسان تعاهد معلوماته بالتدريس والمطالعة، ومراجعة لكتب العلم، ومذاكرة أهل العلم حتى ينساها، ويؤول أمره إلى نسيانها والجهل بها.
قال الله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} [الأعلى: 6].
وروى أبو داود، والترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذاةُ يُخْرِجُها الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْباً أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ، أَوْ آيَةٍ أُوْتِيَها الرُّجُلُ ثُمَّ نسِيَها"(1).
وبهذا الحديث استدل العلماء على تحريم نسيان القرآن بعد تعلمه، وعَدُّوه من الكبائر، والتكليف بالنسيان مرفوع عن هذه الأمة، فحمل ذلك على تهاون الحافظ لما يعرفه من القرآن في محفوظه، وعدم تعاهده بالدراسة، وتعرضه بذلك للنسيان.
وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: آفة العلم النسيان (2).
(1) رواه أبو داود (461)، والترمذي (2916) وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولم يعرفه البخاري واستغربه، وقال عبد الله: أنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس رضي الله عنه. ا. هـ مختصراً.
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(26140).
وأخرجه الدارمي، ولفظه: إن لكل شيءٍ آفةً، وآفة العلم النسيان (1).
ورويا عن الأعمش - معضلاً - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آفَةُ العِلْمِ النِّسْيانُ وَتَرْكُ الْمُذاكَرَةِ"(2).
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله تعالى: تذاكروا الحديث؛ فإن إحياء الحديث مذاكرته (3).
وقال علقمة رحمه الله تعالى: تذاكروا الحديث؛ فإن ذكره حياته (4).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: تذاكروا؛ فإن الحديث يهيج الحديث (5).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: تذاكروا هذا الحديث لا يتفلت منكم (6).
وقال: إذا سمعتم منا حديثاً فتذاكروه بينكم (7).
(1) رواه الدارمي في "السنن"(623).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(26139)، والدارمي في "السنن" (624) لكن بلفظ:"وإضاعته أن تحدث به غير أهله"، أما اللفظ الذي ذكره المؤلف فقد رواه الدارمي في "السنن"(621) من كلام الزهري.
(3)
رواه الدارمي في "السنن"(602).
(4)
رواه الدارمي في "السنن"(603).
(5)
رواه الدارمي في "السنن"(595).
(6)
رواه الدارمي في "السنن"(600).
(7)
رواه الدارمي في "السنن"(607).
وكان الحارث بن يزيد العكلي، وابن شُبْرُمة، والقعقاع بن يزيد ومغيرة رحمهم الله تعالى إذا صلوا العشاء الآخرة جلسوا في الفقه، فلم يفرق بينهم إلا أذانُ الصبح (1).
روى هذه الآثار الدارمي، وغيره.
وقال الحافظ أبو الحجاج المزي: [من المحدَث]
مَنْ حاز الْعِلْمَ وَذاكَرَه
…
صَلُحَتْ دُنياهُ وَآخِرَتُهْ
فَأَدِمْ لِلْعِلْمِ مُذاكَرَةً
…
فَحَياةُ الْعِلْمَ مُذاكَرَتُهْ (2)
وروى ابن السني في "رياضة المتعلمين" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَلْبٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحِكْمَةِ كَبَيْتٍ خَرِبٍ، فَتَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا، وَتَفَقَّهُوا، وَلا تَمُوتوا جُهَّالاً؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَعْذُرُ عَلى الْجَهْلِ"(3).
وفي "تهذيب الكمال": قيل لسفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: من أحق الناس بالعلم؟
قال: العلماء؛ لأن الجهل بهم أقبح (4).
(1) رواه الدارمي في "السنن"(611).
(2)
انظر: "فتح المغيث" للسخاوي (2/ 382).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (11/ 192)، وعنده:"من أحوج" بدل "من أحق".