الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} : لا يتجاوزه علمهم (1).
ومن ثم قلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلسه حتى يدعو بهذه الدعوات لأصحابه: "اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ ما يَحُولُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعاصِيكَ، وَمِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ ما تُهَوِّنُ عَلَيْنا مُصِيباتِ الدُّنْيا، وَمَتِّعْنا بِأَسْماعِنا وَأَبْصارِنا وَقُوَّتنا ما أَحْيَيْتَنا، وَاجْعَلْهُ الوارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثأْرَنا على مَنْ ظَلَمَنا، وَانْصُرْنا على مَنْ عادانا، وَلا تَجْعَلْ مُصِيَبَتَنا فِي دِيْنِنا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمِّنا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا". رواه الترمذي، وحسنه (2).
32 - ومنها: التردد إلى السلاطين والأمراء والأغنياء، وخدمتهم، والتملق لهم لأجل حصول شيء من الإرفاق
.
روى ابن ماجه بإسناد رواته ثقات، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ ناساً مِنْ أُمَّتِي يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيَقْرَؤُونَ القُرْآنَ يَقُولُونَ: نَأْتِي الأُمَراءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْياهُمْ وَنَعْتَزُّ لَهُمْ بِدِينِنا، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ؛ كَما لا يُجْتَنَى مِنَ القَتَادِ إِلَاّ الشَّوْكُ، لا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِم إِلَاّ الْخَطايا"(3).
(1) انظر: "تفسير البيضاوي"(5/ 258).
(2)
رواه الترمذي (3502) وحسنه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
رواه ابن ماجه (255) قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 67): رواته ثقات. واستدرك عليه البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 38) وقال: هذا إسناد ضعيف؛ عبيد الله بن أبي بردة لا يعرف.
وقد تقدم لكن عزاه المصنف هناك إلى غير ابن ماجه.
أشار صلى الله عليه وسلم إلى جهل من أراد أن ينتفع من قرب الملوك متجنباً لضررهم بأن من أراد ذلك حاول ما لا يكون كمن يحاول جني الثمر من القتاد، والقتاد لا يجنى منه إلا الشوك، ومحاول ما لا يكون جاهل، وأشار إلى أنهم فيما هم فيه مجتهدون، لكن الخطأ في اجتهادهم ظاهر.
ولقد أصاب محمد بن الفضل البلخي رحمه الله تعالى حيث قال: خطأ العالم إضرار على نفسه وعلى غيره من خطأ الجاهل. رواه أبو عبد الرحمن السلمي (1).
وذلك أن الجاهل يعرفه الناس بالجهل فلا يتبعونه، ويعلم من نفسه أنه غير عالم فيفعل وهو خائف أن لا يوافق فعله الصواب.
ولنا أرجوزة عظيمة في التحذر من الدخول على الملوك، نظمت فيها "ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين" للسيوطي.
وروى ابن السمعاني في "أماليه"، وغيره عن علي بن عبد العزيز الجرجاني القاضي أنه أنشد لنفسه:[من الطويل]
يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِباضُ وَإِنَّما
…
رَأَوا رَجُلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَما
إِذا قِيلَ هَذا مَنْهَلٌ قُلْتَ قَدْ أَرى
…
وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّما
وَما كُلُّ بَرْقٍ لاحَ لِي يَسْتَفِزُّنِي
…
وَما كُلُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَرْضاهُ مُنْعِما
(1) رواه السلمي في "طبقات الصوفية"(ص: 174) ولفظه: "خطأ العالم أضر من عمد الجاهل".