الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
تَنْبِيهٌ:
روى أبو نعيم عن محمد بن سوقة قال: لقيني ميمون بن مهران رحمه الله تعالى فقلت: حياك الله، فقال: هذه تحية الشباب؛ قل بالسلام (1).
أي: هذه تحية الشباب الذين لا يلتفتون إلى المحافظة على السنة؛ إذ التحية: السلام عليكم، وليس يريد أن هذه التحية مطلوبة من الشباب، ومثل هذا يقع كثيرًا في كلام العقلاء، ينهون الطاعن في السن عن الشيء ويوبخونه على الكبر، لا تقريراً للشباب على ذلك، ولكن إشارة إلى أن وقوع مثله من الشبان يتفق على مقتضى الشبيبة، فلهم عذر في الجملة بخلاف أولي الأسنان والأحلام.
*
تَتِمَّةٌ:
يستثنى مما أشرنا إليه من ذم تشبه الكهل والشيخ بالشاب: ملاعبة الرجل لحليلته لما في ملاعبتها من توفير الشهوة وتنميتها، وهو يقتضي اعتدال خلق الولد الذي طلبه أصل مشروعية النكاح، ويقتضي قضاء وطر المرأة الذي به يحصل إعفافها المطلوب بالنكاح أيضًا.
وقد أخرج الدينوري بسند صحيح، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 86).
التمس ما عنده وجد رجلًا (1).
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى - وهو أحد رواته -: وبلغنا عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: أنه كان من أفكه الناس في أهله، وأزينهم إذا جلس مع القوم (2).
وروى البزار عن عطاء رحمه الله تعالى قال: رأيت جابر بن عبد الله، وجابر بن عمير؛ يقول أحدهما لصاحبه رضي الله تعالى عنهما: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلَاّ أَرْبعاً: مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الغَرَضَيْنِ، وَتأْدِيْبُهُ فَرَسَهُ، وَتَعْلِيمُهُ السِّباحَةَ، وَمُلاعَبَتُهُ أَهْلَهُ".
قال البزار: لا يعلم جابر بن عمير رضي الله تعالى عنه إلا هذا الحديث (3).
قال السيوطي: وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير"، وإسناده صحيح (4).
وكذلك ملاءمة الصبي الصغير بما يناسبه ويروح خاطره؛ فإنه
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 541).
(2)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 182).
(3)
ورواه النسائي في "السنن الكبرى"(5/ 302)، والطبراني في "المعجم الكبير"(1785). وحسن ابن حجر إسناده في "الدراية"(2/ 240).
(4)
انظر: "الباحة في السباحة" للسيوطي (ص: 40).
حسن من الشاب والشيخ.
وروى البزار، والطبراني في "الصغير"، و"الأوسط" بسند جيد، عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس مع صبي (1).
وروى أبو القاسم البغوي من حديثه رضي الله تعالى عنه قال: ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال والصبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
والحديث في "صحيح مسلم" دون قوله: والصبيان (3).
وكذلك ممازحة الإخوان وملاطفتهم في بعض الأحيان؛ فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقًا (4).
وروى أبو نعيم عن قرة بن خالد قال: قلت لمحمد بن سيرين: هل كانوا يتمازحون؟
فقال ما كانوا إلا كالناس؛ كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يمزح، وينشد الشعر، ويقول:[من الوافر]
يُحِبُّ الْخَمْرَ مِن كِيسِ النَّدامَى
…
وَيكْرَهُ أَنْ تُفارِقَهُ الْفُلُوسُ (5)
(1) رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(870)، و"المعجم الأوسط"(6361). وفي إسناده ابن لهيعة.
(2)
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 88).
(3)
رواه مسلم (2316).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 275).
وروى عبد الرزاق عن قتادة قال: سئل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون؟
قال: نعم، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبال (1).
***
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(20671).