الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ بَعْدَ الْمَوْتِ بَعْثٌ
…
وَحِسابٌ وَنُشُورُ
وروى ابن أبي الدنيا في "القبور" عن فضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال: ويحك! ألست تموت وتخرج من أهلك، ومآلك إلى القبر وضيقه وحدك؟
ثم قال: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: 10].
ثم قال: إن كنت لا تعقل هذا، فما في الأرض دابة أحمق منك.
*
تَنْبيهانِ:
الأَوَّلُ:
روى الإمامان مالك، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن حبان، والحاكم وصححوه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَيرُ يَوْمِ طَلَعَتْ فِيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيْهِ خُلِقَ آدَمُ عليه السلام، وَفِيْهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيْهِ أُهْبِطَ، وَفِيْهِ تِيْبَ عَلَيْهِ، وَفِيْهِ قُبِضَ، وَفِيْهِ تَقُوْمُ السَّاعَةُ، مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ إِلَاّ وَهِيَ تُصْبِحُ يَوْمَ الجُمُعَةِ مُصِيْخَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شفقاً مِنَ السَّاعَةِ إِلَاّ ابْنَ آدَمَ، وَفِيْهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ وَهُوَ فيْ الصَّلَاةِ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً إِلَاّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ"(1).
فالمذكور في هذا الحديث من إصاخة الدواب وإشفاقها محمول
(1) رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 108)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 486)، وأبو داود (1046)، والترمذي (491) وقال: حسن صحيح، وابن حبان في "صحيحه"(2772)، والحاكم في "المستدرك"(1030)، وكذا النسائي (1430)، وروى مسلم (854) طرفاً منه.
على ما تقدم من أن الله تعالى يخلق في الدواب معنى يوجد فيها في تلك الساعة من كل جمعة، فيحصل لها الفَرَق والشفق لخصوصية قيام الساعة يوم الجمعة في أول ساعة منه حتى تطلع الشمس، فتذهب عنها تلك الحالة إلا ما كان من ابن آدم والجن أيضاً.
ففي حديث آخر: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَاّ وَهِيَ تَفْزَعُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَاّ هَذَيْنِ الثَّقَلَينِ: الإِنْسُ وَالجِنُّ". رواه ابن حبان، وابن خزيمة في "صحيحيهما"(1).
وإنما تحصل تلك الحالة للثقلين على وجه الإلقاء لأنهما مكلفان، فلو جعل ذلك في طباعهما لم يكن فيه ثواب، فجعل اهتمام المكلف بيوم الجمعة وبقيام الساعة موكولاً إلى علمه واختياره ليكون له ثوابه إذا اهتم بيوم الجمعة، وارتاع لقيام الساعة، وتأهَّب لها باختياره.
وأما غيره من الدواب، بل والجمادات كما في حديث آخر رواه الإمام أحمد، والبزار من حديث سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"سَيِّدُ الأَيَّامِ يَوْمُ الجُمُعَةِ"، فذكر الحديث، وقال فيه:"وَفِيْهِ تَقُوْمُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا سمَاءٍ، وَلَا أَرْضٍ، وَلَا رِيَاحٍ، وَلَا جِبَالٍ، وَلَا بَحْرٍ إِلَاّ وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ"(2).
(1) رواه ابن حبان في "صحيحه"(2770)، وابن خزيمة في "صحيحه"(1727)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(2/ 272).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 284)، وكذا الطبراني في "المعجم =