الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا المعنى يحصل لهذه المذكورات؛ يعني: إن الله تعالى يخلق لهن إدراكاً لذلك، فيشفقن أن تقوم الساعة كما قيل: إن الله تعالى خلق في السموات والأرض والجبال إدراكاً لمعنى الأمانة، وثقل حملها حتى أشفقن منها حين عرضه إياها عليهن.
ويجوز أن تكون الحكمة في خلق المعنى المذكور للدواب والجمادات في يوم الجمعة إقامة الحجة على من يغفل عن الساعة من الثقلين كأن يقال لهم: خلقت لكم عقولاً لم أخلقها للدواب والجمادات، فكانت تشفق وترتاع لقيام الساعة، ولم تغفل عن قيام الساعة وما يترتب عليه من الأهوال، والحساب والجزاء ما غفلتم، وأنتم كنتم في غفلة عنها ولكم العقول التي تميزتم بها عن هؤلاء؛ كما أراد الله تعالى إقامة الحجة على الإنسان حين عرضت عليه الأمانة فحملها، ولم يأب كما أبت السماوات والأرض والجبال حَمْلَها حين عرضت عليهن.
التَّنْبِيهُ
الثانِي:
روى الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ أَهْلَ القُبُوْرِ يُعَذَّبُونَ فيْ قُبُوْرِهِم عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ"(1).
وروى الإمام أحمد، وابن حبان عن أم مبشر رضي الله تعالى
= الكبير" (5376).
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 163): رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه كلام، وقد وثق، وبقية رجاله ثقات.
(1)
رواه البخاري (6005)، ومسلم (586).
عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اِسْتَعِيْذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ القَبرِ".
قلت: يا رسول الله! وإنهم ليعذبون في قبورهم؟
قال: "نعمْ، عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ"(1).
وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وهو يسير على راحلته فنفرت، قلت: يا رسول الله! ما بال راحلتكم نفرت؟
قال: "إِنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُل يُعَذَّبُ فيْ قَبرِهِ"(2).
قلت: الحكمة في سماع البهائم لعذاب المعذبين في قبورهم أن تكون شاهدة بصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من الأمور المغيبات.
ويؤيده حديث يعلى بن مرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ يَعْلَمُ أَني رَسُوْلُ اللهِ إِلَاّ كَفَرَةُ الإِنْسِ وَالجِنِّ". رواه الطبراني في "الكبير"(3).
وأما الناس فلم يسمعهم الله تعالى عذاب القبر إلا بعض الخواص منهم زيادة في الابتلاء، وليحصلوا على فضيلة الإيمان بالغيب، ولأنهم
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 362)، وابن حبان في "صحيحه"(3125).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3366). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 56): فيه جابر الجعفي، وفيه كلام كثير، وقد وثق.
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 261). فيه عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة ضعيف.