الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5)
بَابُ تَشَبُّه الفَقِير بِالغَنِي وَعَكْسِهِ
أما تشبه الفقير بالغني فقد يكون مستحسناً، وقد يكون مذموماً: فالأول:
أن يتشبه بالأغنياء في اللباس ونحوه من غير تكلف ستراً للفقر
، وتعففاً عن السؤال، وهو من آداب الفقراء الصالحين.
قال الله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273].
وروى ابن ماجه عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْفَقِيرَ الْمُتَعَفِّفَ أَبا الْعِيالِ"(1).
وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْغَنِيَّ الْحَلِيمَ الْمُتَعَفِّفَ، وَيُبْغِضُ الْبَذِيْءَ الفاحِشَ السَّائِلَ الْمُلِحَّ"(2).
والمراد بالغني هنا الذي نفسه غنيَّة، كما يدل عليه وصفه
(1) رواه ابن ماجه (4121). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 379).
(2)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 76): رواه البزار، وفيه محمد بن كثير، وهو ضعيف جداً.
بالتعفف، ومقابلته بالسائل المُلح، فلا معارضة بينه وبين حديث عمران رضي الله عنه.
وروى الشيخان، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَيْسَ الْغِنَى غِنَى كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ"(1).
والعَرَض - بفتحتين -: حطام الدنيا، أو ما كان من مال؛ قلَّ أو أكثر.
وروى ابن حبان في "صحيحه" عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذَرٍّ! تَرَى كَثْرَةَ الْمالِ هُوَ الْغِنَى؟ "
قلت: نعم يا رسول الله.
قال: "أترى قِلَّةَ الْمالِ هِيَ الْفَقْرَ؟ "
قلت: نعم يا رسول الله.
قال: "إِنَّما الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ، وَالْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ"(2).
وروى الطبراني في "الأوسط" - وسنده حسن - عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد! عش ما شئت؛ فإنك ميت، واعمل ما شئت؛ فإنك مَجْزِيٌّ
(1) رواه البخاري (6081)، ومسلم (1051)، والترمذي (2373)، وكذا ابن ماجه (4137).
(2)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(685).