المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ وأما تشبه الشاب بالكهول والمشايخ في العلم، والعبادة، والنطق بالحكمة، - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١٠

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌(1) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَّبُّهِ العَاقِلِ بِالمَجَانينِ وَالحَمْقَى

- ‌1 - ومن أحوال الحمقى، والمجانين: الكبر، والعجب، والخيلاء، والإعجاب بالرأي

- ‌2 - ومن أحوال الحمقى:

- ‌3 - ومن أحوال الحمقى: عدم معرفتهم بعيوب أنفسهم

- ‌4 - ومنها: الاغترار بمدح من يجهل حاله، أو يمدحه بما ليس فيه

- ‌5 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: أنهم يطمعون فيما لا يكون

- ‌6 - ومن أحوالهم: كثرة الأماني

- ‌7 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: الإخبار بالأشياء المعلومة ضرورة كالسماء فوق الأرض

- ‌8 - ومن أقبح أنواع البله، والحمق والجنون، وأشدها ضرراً على أصحابها: الوسوسة، والانتهاء فيها إلى حد إنكار الأمور اليقينية، والحقائق

- ‌9 - ومن أحوال المجانين، والحمقى، والمعتوهين: الولع بالشيء، والعبث به، وكثرة الحركة والالتفات لغير فائدة ظاهرة، واستحسان ما يضر أو يؤول إلى الضرر

- ‌10 - ومن أحوال الحمقى: ما ذكره ابن الجوزي عن بعض الحكماء قال: يعرف الأحمق بست خصال:

- ‌11 - ومنها: أن أحدهم يجمع بين اعتقاد أنه أكمل من غيره، فيزعم الكمال لنفسه

- ‌12 - ومنها: قلة الأدب، والتهور المانع من حسن المجالسة، ولطف المعاشرة

- ‌13 - ومنها: أن الأحمق متى سمع حديثاً صدقه وإن لم يتبين حقيقته ولم يتصور إمكانه

- ‌14 - ومنها: الخروج كل ساعة في طور غير الطور المتقدم من حيث الأخلاق

- ‌15 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: أنهم ربما أتلفوا شيئاً من أموالهم لحفظ مال غيرهم كالذي يحمل اللحم وغيره لغيره في ثوبه وهو جديد نفيس نظيف

- ‌16 - ومن أحوال الحمقى: ما رواه المعافى بن زكريا في "الجليس والأنيس

- ‌وهذه فوائد وتتمات لهذا الباب:

- ‌(2) باب النَّهْيِ عَنْ تَشَبُّهِ الحُرِّ بِالرَّقِيقِ وَعَكْسِهِ

- ‌القسم الأوَّلُ: أن يُرِقَّ الْحُرُّ نفسه

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌القِسْمُ الثَّانِي مِنْ تَشَبُّهِ الْحُرِّ بِالرَّقِيقِ:

- ‌ تنبِيهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي

- ‌ الأولي

- ‌ فائِدَتَانِ:

- ‌ الثَّانِيَةُ:

- ‌(3) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ وَعَكْسِهِ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌(4) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ الرّجَال بِالصِّبيَانِ

- ‌ ومن التشبه القبيح بالشبان:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌(5) بَابُ تَشَبُّه الفَقِير بِالغَنِي وَعَكْسِهِ

- ‌ أن يتشبه بالأغنياء في اللباس ونحوه من غير تكلف ستراً للفقر

- ‌ أن يتشبه بالأغنياء في اللباس لمجرد الشهوة أو للشهرة

- ‌ ومن تشبه الفقير المذموم بالغني: أن يتشبه به في الكبر والخيلاء

- ‌ ومن أخلاق الأغنياء المذمومة: أن مترفيهم إذا جلس بعضهم إلى بعض في مجلس أكثر فيه من الثناء على ماله وخدمه

- ‌فَصْلٌ

- ‌ أن يتشبه بهم في خشونة العيش

- ‌ تشبه الغني بالفقير المذموم

- ‌1 - فمنه: أن يتشبه بالفقير في التبذُّل والتقلُّل في المأكل والملبس

- ‌2 - ومن التشبه المذموم من الأغنياء بالفقراء:

- ‌3 - ومن التشبه المذموم من الأغنياء بالفقراء:

- ‌(6) بَابُ تَشَبُّه أهْلِ الحَضَرِ بِأِهْلِ البَدْوِ وَعَكْسِهِ

- ‌(7) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ العَالِمِ باِلجَاهِلِ

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ في تَشَبُّهِ العَالِمِ باِلجَاهِلِ في مُقْتَضَى الجَهْلِ

- ‌1 - فمنها: ترك طلب العلم، وترك الاستزادة منه، والرغبة عن ذلك

- ‌2 - ومنها: كتمان العلم عند الحاجة إليه

- ‌3 - ومنها: وضع العلم في غير أهله، ومنعه من أهله

- ‌4 - ومنها: ترك العمل بالعلم

- ‌5 - ومنها: التكبر بالعلم، والإعجاب به وبغيره مما يخصه

- ‌6 - ومنها: إنكار فضل ذوي الفضل، وتجهيلهم في علمهم، والإعراض عما يجيئون به من الحق مع العلم بأنه حق

- ‌7 - ومنها: أن لا يُنزل الناس منازلهم؛ كأن يكرم السفيه والوضيع من غير ضرورة، ويهين العالم والحكيم والشريف

- ‌8 - ومنها: المماراة والمجادلة بالعلم، والمناظرة بغير إظهار الحق

- ‌9 - ومنها: الدعوى لغير غرض صحيح، وتزكية النفس، والرضا عنها، واحتقار الناس دونها

- ‌10 - ومنها: أن يكون عالماً بفن من العلم، فيُطْري ذلك الفن مع الغلو في ذم غيره وذم أهله

- ‌11 - ومنها: الإجابة عن كل ما يسأل عنه إلا أن يقول: لا أعلم، أو: لا أدري فيما لا يدري

- ‌12 - ومنها: الاشتغال بما ينكره الشرع من العلوم؛ كالسحر، والفلسفة، والتوغل في المنطق، أو فيما لا فائدة فيه كالكيمياء

- ‌13 - ومنها: أن يطمع العالم فيما لا يكون، أو يشاء ما لم يشأ الله، أو يريد أن يكون ما لم يقدره الله؛ وهذا غاية الجهل

- ‌14 - ومنها: أنْ لا يخشى العالم الله تعالى، ولا يخاف منه، والاغترار به ولإملائه، ويتجرأ عليه، ويأمَن من مكره

- ‌15 - ومنها: كثرة الضحك والمزاح

- ‌16 - ومنها: أن يتجاوز إلى السخف وتضحيك الناس

- ‌17 - 22 - ومنها: ست خصال

- ‌23 - ومنها: كثرة الكلام

- ‌24 - ومنها: ما رواه البيهقي عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى قال: يقال: ما شر شيء

- ‌25 - ومنها: محبة الدنيا، وتمنيها، وتعظيمها، وإيثارها على الآخرة

- ‌26 - ومنها: إيثار الدنيا على الآخرة، والطمع في الدنيا

- ‌27 - ومنها: أن يأكل العالم بدينه

- ‌28 - ومنها: إطالة الأمل

- ‌29 - ومنها: اهتمام العالم بالبناء، وتعليته وزخرفته

- ‌30 - ومنها: كثرة الحركة في أمور الدنيا، وفيما لا يعنيه

- ‌31 - ومنها: الخبرة بأمور الدنيا

- ‌32 - ومنها: التردد إلى السلاطين والأمراء والأغنياء، وخدمتهم، والتملق لهم لأجل حصول شيء من الإرفاق

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌33 - ومنها: التلبس بالمعصية في صورة الطاعة، وقصد الطاعة بالمعصية أو في المعصية

- ‌34 - ومنها - وهو من أغلاط كثير ممن يدعي العلم والزهد -: تضييع العيال اشتغالاً بالعلم، أو بالعبادة من التطوعات

- ‌35 - ومنها: الاشتغال بحديث الدنيا، ووقائع الوقت، وتُرَّهات الزمان، وما لا يعنيه

- ‌36 - ومنها: أن يكره الذم، ويحب الحمد لغير فضيلة

- ‌37 - ومنها: العجلة، والطيش، والتهور لاسيما إذا نُمَّ إليه

- ‌38 - ومنها معاشرة الجهلاء منهم، ورعاية مودتهم

- ‌39 - ومنها: معاشرة العلماء بالجهل، والسفه، وقلة الأدب، ومعاشرة العوام بالعلم، والأدب، والاحترام

- ‌40 - ومنها: معاداة العلماء، وبغض الأولياء ولاسيما الصحابة رضي الله عنهم

- ‌41 - ومنها: أن يتتبع عورات الأقران وعيوبهم، ويطعن عليهم، فيسخر بمن دونه، ويَهْزَأ بمن فوقه

- ‌42 - ومنها: أن يكون اهتمامه حين يسأل خلاص السائل في الدنيا وإن ضر نفسه، وأتلف دينه، وضر السائل في دينه كأن يرتب للسائل حيلة

- ‌43 - ومنها: الجرأة على الفتوى، والمبادرة إليها من [غير] تثبت، والتلبيس فيها، والتكلف فيها

- ‌44 - ومنها: أن يعين صديقه أو حميمه

- ‌45 - ومنها: ترك الأفضل والمستحب

- ‌46 - ومنها: التجاوز من المكروهات إلى ارتكاب المعاصي والموبقات، وفعل المكروه مقدمة فعل المحرم

- ‌47 - ومنها - وهو من جنس ما قبله -: قطيعة الرحم، وأوغل منه في الجهل: عقوق الوالدين

- ‌48 - ومنها: الهجوم في الفتنة، وعدم النظر في العواقب

- ‌49 - ومنها: الثقة بالنفس ودعاويها

- ‌50 - ومنها: أن يحمله حب الدنيا والعيش فيها على ترك المعروف والنهي عن المنكر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي فِي تَشَبُّهِ العَالِمِ بِالجَاهِلِ في نَفْسِ الجَهْلِ

- ‌الوجه الأول: أن يقعد عن طلب الزيادة في العلم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌الوجه الثاني من وجهي تشبه العالم بالجاهل في نفس الجهل:

- ‌ فَوائِدُ:

- ‌الفائدة الأُولَى:

- ‌الفائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الْخامِسَةُ:

- ‌الفائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الفائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الفائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ العاشِرَةُ:

- ‌خَاتِمَةٌ لِهَذَا القِسْمِ

- ‌(8) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالبَهَائمِ وَالسِّبَاع وَالطَّيْر وَالهَوَام

- ‌1 - فمنها: الجهل من حيث هو

- ‌2 - ومنها: أن يكون الإنسان من حملة العلم الشريف

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى مِنْ مَشْرَبٍ آخَرَ:

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌3 - من الخصال المشار إليها: أن يكون الإنسان عالماً ولا يعمل بعلمه

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌4 - ومن الخصال المشار إليها: تشبه المتكثر بالعلوم التي لا تنفع

- ‌5 - ومنها: تشبه علماء السوء

- ‌6 - ومنها: تشبه قضاة السوء، وحكام السوء بالذئاب في كل أموال الناس بالباطل

- ‌7 - ومنها: تشبه علماء السوء في تكالبهم، وتهافتهم، وتغايرهم على المناصب، والولايات ونحوها بالتيوس

- ‌8 - ومنها: تشبه علماء السوء وقراء السوء في أكل بعضهم لمال بعض، وغيره بالدبدان

- ‌9 - ومنها: التشبه بالبهائم في عدم الانتفاع بالموعظة وإن سمعها

- ‌10 - ومنها: تشبه الملوك، والأمراء، والمتجوهين في قهر الناس، والشماخة عليهم، والزهو، والتكبر

- ‌11 - ومنها: تشبه الملوك، ونحوهم في طلب الدنيا

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَهٌ زائِدَةٌ:

- ‌12 - ومن الخصال التي تدخل في التشبه بالبهائم والهوام: إنكار القدر

- ‌13 - ومن الخصال التي تلحق صاحبها بالبهائم:

- ‌14 - ومنها: تشبه العبد في معرفة أمور الدنيا

- ‌15 - ومنها: الغفلة عن طاعة الله تعالى اشتغالاً بالدنيا، ونحوها تشبهاً بالعير، والحمار، ونحوهما من البهائم

- ‌16 - ومنها: التشبه بالبعير، ونحوه أيضاً في الشَّراد عن الله تعالى، والإباء عن الانقياد له

- ‌17 - ومنها: التشبه بالبعير، وغيره في الطواف بلا ذكر ولا استلام

- ‌18 - ومنها: التعبد على جهل

- ‌19 - ومنها: التشبه في العجلة

- ‌20 - ومنها: الإعراض عن طلب العلم، والحكمة، والموعظة الحسنة

- ‌21 - ومن الخصال المذكورة:

- ‌22 - ومنها: التشبه بالبهائم في كثرة القيام بالليل مع اللهو، والتبسط في الشهوات، والخوض في الباطل بالنهار

- ‌23 - ومنها: التشبه بالقطرب في معانيه المذكورة أولاً، وبالكلاب

- ‌24 - ومنها: تشبه البليد في البلادة والفَهَاهَة بالحمار ونحوه من البهائم

- ‌25 - ومنها: التتابع في الشر، والتواطؤ على القبيح

- ‌26 - ومنها: تكسب الدنيا بالدين من غير مراعاة لأحكام الشريعة تشبهاً

- ‌27 - ومنها: التشبه بالبهائم في قِصَر العمر على مصالح الدنيا، وشهوات النفس دون الاشتغال بشيء من أمر المعاد

- ‌28 - ومنها: التشبه بالكلب في الذل عند الجوع

- ‌29 - ومنها: شم الطعام قبل أكله، والأولى ترك ذلك

- ‌30 - ومنها: التشبه في كثرة الأكل

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌31 - ومن الخصال المذكورة: تقصد السمن بالمآكل والمشارب

- ‌ تَنْبِيهاتٌ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي:

- ‌ الثَّالِثُ:

- ‌32 - ومن الخصال المشار إليها: البطالة، والفراغ عما ينتفع به العبد في معاده، أو في معاشه

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌33 - ومن الخصال المذكورة: التشبه بالبهائم في الغفلة عن الموت

- ‌ تَنْبيهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثانِي:

- ‌34 - ومن الخصال المذكورة: تشبه الإنسان في جمع الأموال، وتركها للورثة بدود القَزِّ

- ‌35 - ومنها: التشبه بالدود في ركوب البحر، والأسفار الشاقة البعيدة في طلب الدنيا

- ‌36 - ومنها: تشبه الكافر والفاجر في انشراح الصدر بالكفر أو بالمعصية

- ‌37 - ومنها: أن يتأخر الإنسان عن الانقياد إلى الحق

- ‌38 - ومنها: تشبه الناس في قتل بعضهم بعضاً عصبيةً وهوىً بالحيات، والذئاب، ونحوها

- ‌39 - ومنها: التشبه في الغدر والسطوة بجوارح السباع والطير

- ‌40 - ومنها: التشبه في السفاهة والفحش والبذاء - ولا سيما على الأكابر والعلماء

- ‌41 - ومنها: التشبه بالكلب والخنزير في التكبر

- ‌42 - ومنها: التشبه بالكلب في النظر إلى ظاهر الهيئة، واعتبار الأغنياء دون الفقراء

- ‌43 - ومنها: التشبه في أكل لحم المؤمن بالغيبة بالذي يأكل الميتة من السباع

- ‌44 - ومنها: اتفاق المتصادقين والمترافقين في غرض

- ‌45 - ومنها: التشبه بالبوم في الحسد، وتمني زوال النعمة عن من خصه الله تعالى بها بموت، أو فقد عزيز، أو خراب ديار

- ‌46 - ومنها: التشبه في الزنا بالتيس، والكلب، والقرد، والهر،وغيرها

- ‌47 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان البهيمة

- ‌48 - ومنها: التشبه بالقرد في الاستمناء بشيء من بدنه

- ‌49 - ومنها: التشبه بالخنزير، والحمار، والسِّنَّور في اللواط فاعلية ومفعولية

- ‌ فائِدَةٌ:

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ وأما تشبه الشاب بالكهول والمشايخ في العلم، والعبادة، والنطق بالحكمة،

‌فَصْلٌ

وأما تشبه الشاب بالكهول والمشايخ في العلم، والعبادة، والنطق بالحكمة، وجودة الرأي، ونحو ذلك، فإنه محمود بشهادة الأحاديث إلا في طلب الرئاسة.

فقد قال الشافعي رضي الله عنه: مَنْ طلبَ الرئاسة فرت منه، وإذا تصدر الحديث فاته علم كثير.

رُويناهُ في كتاب "توالي التأنيس بمناقب ابن إدريس" للحافظ أبي الفضل بن حجر (1).

وروى أبو نعيم عن سفيان رحمه الله تعالى قال: إذا ترأس الرجل سريعاً أضر بكثير من العلم، وإذا طلب وطلب بلغ (2).

وهذا ما لم يشهد للشاب أكابر الناس - وهم العلماء - باستحقاق الرئاسة كما أشار الإمام مالك إلى الشافعي رضي الله عنهما بأن يفتي وهو ابن ثلاثَ عشرةَ سنة، وكان يعظمه شيوخ عصره كالإمام أحمد،

(1) ورواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 312) عن الثوري.

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 81).

ص: 205

وغيره (1)، وكما أشار السري السقطي إلى الجنيد رحمهما الله تعالى أنه يتكلم على الناس وهو شاب، وكان يتكلم على الأكابر مثل أبي سعيد الخراز، وخير النساج (2).

وقد قيل: [من الطويل]

وَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ صادَفَتْهُ عِنايَةٌ

مِنَ اللهِ فَاحْتاجَتْ إِلَيْهِ الأَكَابِرُ

وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه إلى اليمن وهو في سن الشباب، وشهد له بأعلميته بالحلال والحرام، ورغَّبه في التعليم فيما رواه الإمام أحمد عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن: "لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا واحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ"(3).

وفي "الصحيحين" من حديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وكان أيضًا شاباً (4).

وبذلك احتج يحيى بن أكثم القاضي حين ولي قضاء البصرة

(1) انظر: "الثقات" لابن حبان (9/ 31)، و"طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص: 61)، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/ 164).

(2)

انظر: "الرسالة القشيرية"(ص: 274)، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 373).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 206

وسنه عشرون سنة ونحوها، فاستصغره أهل البصرة، فقالوا: كم سن القاضي؟ فعلم أنه قد استصغر، فقال: أنا أكبر من عَتَّاب بن أسيد الذي وجه به النبي صلى الله عليه وسلم قاضياً على مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي صلى الله عليه وسلم قاضياً على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضياً على أهل البصرة، فجعل جوابه احتجاجاً. ذكره ابن خلكان (1).

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولَّى عَتَّاب بن أسيد مكة بعد فتحها وله إحدى وعشرون سنة، وقيل: ثلاث وعشرون سنة، وكان إسلامه يوم فتح مكة (2).

وقال الدينوري في "المجالسة": حدثنا إسحاق بن ميمون، ثنا أحمد بن موسى قال: كان فتى يجالس الثوري ولا يتكلم، فأحبَّ سفيان أن يسمع كلامه، فمر به يومًا فقال له: يا فتى! إن من كان قبلنا مروا على الخيل وبقينا على حمر دبرة.

فقال له الفتى: يا أبا عبد الله! إن كنا على الطريق فما أسرعَ لحوقَنا بالغير (3).

(1) انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (6/ 149).

(2)

انظر: "الأوائل" للعسكري (ص: 84)، و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (7/ 410).

(3)

رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 98).

ص: 207

ولعل بلوغ المرء في شبابه الدرجات العلى، وقعود الأكابر عنه أمران:

الأول: عناية الله تعالى، وهي أعظم الأمرين كعناية الله تعالى لعيسى ويحيى عليهما السلام.

قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].

وروى ابن أبي الدنيا في "الحذر" عن راشد بن سعد رحمه الله تعالى قال: نظر عيسى عليه السلام إلى غلام لم يدرك قد نحل جسمه فقال: ما الذي صيرك إلى ما أرى؟

قال: والله ما بي من السقم، ولكني أخاف أن أكبر فأعصي الله.

والثاني: حرص الوالدين، أو الولي على أدب الصغير وتعليمه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نَحَلَ والِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ".

رواه الترمذي، والحاكم وصححه، من حديث عمرو بن سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنه (1).

وروى الترمذي عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يُؤَدِّبَ أَحَدُكُمْ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصاعٍ"(2).

(1) رواه الترمذي (1952) وقال: وهذا عندي مر سل، والحاكم في "المستدرك"(7679).

(2)

رواه الترمذي (1951) وقال: وناصح هو أبو العلاء كوفي، ليس عند أهل الحديث بالقوي، ولا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه.

ص: 208

وجاء في تفسير قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]؛ أي؛ علِّموهم، وأدِّبوهم (1).

وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ فِي صِغَرِهِ كَالنَّقْشِ عَلى الْحَجَرِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ فِي كِبَرِهِ كَالَّذِي يَكْتُبُ عَلى الْماءِ"(2).

وأنشدوا: [من البسيط]

حَرِّضْ بَنِيْكَ عَلى الآدابِ فِي الصِّغَرِ

كَيْما تَقَرَّ بِهِ عَيناكَ فِي الْكِبَرِ

وَإِنَّما مَثَلُ الآدابِ يَحْفَظُها

فِي عُنْفُوانِ الصِّبا كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ

وروى البيهقي في "الشعب" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فَقَدْ أُوْتِيَ الْحُكْمَ صَبِيًّا"(3).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَهُوَ فَتِيُّ السِّنِّ خَلَطَهُ اللهُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ"(4).

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "العيال"(ص: 495)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8648) عن علي رضي الله عنه.

(2)

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 125): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه مروان بن سالم الشامي، ضعفه البخاري ومسلم وأبو حاتم.

(3)

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(1949).

(4)

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(1950)، وكذا البخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 94).

ص: 209

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام عن كعب الأحبار قال: إن في التوراة: إن الفتى إذا تعلم القرآن وهو حديث السن، وحرص عليه، وتابعه، خلطه الله تعالى بلحمه ودمه، وكتبه عنده من السَّفَرة الكرام البررة، فإذا تعلم الرجل القرآن وقد طَعَن في السن فحرص عليه، وهو في ذلك يتابعه ويتفلت منه، كتب له أجره مرتين (1).

وروى الدارمي، والبيهقي في "المدخل" عن شرحبيل بن سعد قال: دعا الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه وعن أبيه - بنيه وبني أخيه رضي الله تعالى عنهم فقال: يا بني، ويا بني أخي! إنكم صغار قوم أوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه - أو قال: يحفظه - فليكتبه، وليضعه في بيته (2).

وروى أبو نعيم عن هشام بن عروة رحمهما الله تعالى أنه قال: يقول لبنيه: يا بني! تعلموا؛ فإنكم إن تكونوا صغراء قوم عسى أن تكونوا كبراءهم، واسوأتاه ماذا أقبح من شيخ جاهل (3)؟

وروى الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أنه وقف على حلقة من قريش فقال: ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا، وأوسعوا لهم في

(1) رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(1/ 6).

(2)

رواه الدارمي في "السنن"(511)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 371).

(3)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 177).

ص: 210

المجلس، وأسمعوهم الحديث، وأفهموهم؛ فإنهم صغار قوم أوشك أن يكونوا كبار قوم، وقد كنتم صغار قوم فأنتم اليوم كبار قوم (1).

وعن ابن المبارك رحمه الله تعالى: أنه كان إذا رأى صبيان أصحاب الحديث وفي أيديهم المحابر يقربهم، ويقول: هؤلاء غرسنا الذين أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَزالُ اللهُ يَغْرِسُ فِي هَذا الدِّينِ غَرْساً يَشُدُّ الدِّينَ بِهِم"(2).

هم اليوم أصاغركم، ويوشك أن يكونوا أكابر من بعدكم (3).

ولصالح بن عبد القدوس:

وَإِنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبا

كَالْعُودِ يُسْقَى الْماءَ فِي غَرْسِه

حَتَّى تَراهُ مُوْرِقاً ناضِراً

بَعْدَ الَّذِي أَبْصَرْتَ مِنْ يُبْسِهِ (4)

وأنشد الماوردي في "أدب الدين والدنيا" لبعضهم: [من البسيط]

إِنَّ الْغُصُونَ إِذا قَوَّمْتَها اعْتَدَلَتْ

وَلا يَلِينُ إِذا قَوَّمْتَهُ الْحَطَبُ

قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْداثَ فِي مَهَلٍ

وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الشَّيْبَةِ الأَدَبُ (5)

(1) رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 65).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 200)، وابن ماجه (8)، وابن حبان في "صحيحه"(326) عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه.

(3)

رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 65).

(4)

انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 255).

(5)

انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 286).

ص: 211

ولنفطويه: [من الطويل]

أَرانِيَ أَنْسى ما تَعَلَّمْتُ فِي الْكِبَرْ

وَلَسْتُ بِناسٍ ما تَعَلَّمْتُ فِي الصِّغَرْ

وَما الْعِلْمُ إِلَاّ بِالتَّعَلُّمِ فِي الصِّبا

وَما الْحِلْمُ إِلَاّ بِالتَّحَلُّمِ فِي الْكِبَرْ

وَلَوْ فَلَقَ الْقَلْبَ الْمُعَلِّمُ فِي الصِّبا

لألْفِيَ فِيهِ الْعِلْمُ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرْ

وَما العِلْمُ بَعْدَ الشَّيْبِ إِلَاّ تَعَسُّفٌ

إِذا كَلَّ قَلْبُ الْمَرْءِ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرْ

وَما الْمَرْءُ إِلَاّ اثْنانِ عَقْلٌ وَمَنْطِقٌ

فَمَنْ فاتَهُ هَذا وَهَذا فَقَدْ دمر (1)

فينبغي للأب أن يراقب ولده من أول الأمر، فلا يستعمل في رضاعه وحضانته إلا امرأة صالحة متحرزة من كل الحرام لئلا ينبت لحمه من السُّحت، فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث.

ومهما ظهرت عليه مخايل التمييز فينبغي أن يحسن مراقبته، وأول ما يظهر عليه من الأخلاق مخايل الحياء، فإذا كان الصبي يستحيى من بعض الأفعال فليس ذلك إلا لإشراق نور العقل عليه،

(1) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (1/ 85).

ص: 212

وهو مبشر بكمال العقل منه عند البلوغ، وقد قل أن يكون صبي بهذه الحالة.

وروى أبو نعيم عن وهب رحمه الله تعالى قال: إذا كان في الصبي خلقان - الحياء، والرهبة - طمع في رشده (1).

وقال القاضي أبو الحسن الماوردي في "أدب الدين والدنيا": رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله! أوصني.

فقال: "اسْتَحْيِ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَياءِ".

ثم قال لي: "تَغَيَّرَ النَّاسُ".

قلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟

قال: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ فَأَرى فِيهِ الْبِشْرَ وَالْحَياءَ، وَأَنا أَنْظُرُ اليَوْمَ فَلا أَرَى ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ". انتهى (2).

والصبي المستحيي لا ينبغي أن يترك، بل يربَّى حياؤه بتقبيح ما يستقبح عنده.

وانظر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن رضي الله تعالى عنه وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة: "كخ كخ! ارْمِ بِها، أَما شَعَرْتَ أَنَّا لا نأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟ " رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (3).

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 36).

(2)

انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 306).

(3)

رواه البخاري (1420)، ومسلم (1069).

ص: 213

ومتى استقبح ما قبحته عنده، وأنف منه ورجع عنه، كان ذلك من لطف الله تعالى أمارة على أهليته للخير في كبره.

وذكر ابن المبارك في "الزهد": أنه (1) سأل معمراً رحمه الله تعالى عن هذه الآية: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، فقال: بلغنا أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا عليه السلام: اذهب بنا نلعب، قال: ما للعب خُلقت (2).

أشار معمر إلى أن معنى (الحكم) في الآية: الحكمة؛ فإن قول يحيى عليه السلام: ما للعب خلقت مِنْ أبلغ الحِكَم.

فمتى أدرك الصبي قُبحَ القبيح فاجتنَبه، فقد بدت بَوادِهُ الحكمة في سره، وبَرَقَت بوارقها في قلبه.

وأول ما يغلب على الصبي شره الطعام، فينبغي أن يؤدب فيه فيؤمر أن لا يأخذ الطعام إلا بيمينه، ويقول: بسم الله، ويأكل مما يليه، ولا يبادر إلى الطعام قبل غيره، ولا يحدق إليه، ولا إلى من يأكل، وأن يتأنى، ولا يلوِّث ثوبه، ويعلم تشمير الثوب عند الطعام، والجلوس معتدلاً من غير اتكاء، ويعود الخبز وحده لئلا يرى الإدام حتماً، ويقبح عنده كثرة الأكل، ويحبب إليه الإيثار بالطعام، وعدم الاهتمام به.

(1) في "الزهد": "أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا معمر سألته".

(2)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 283).

ص: 214

وتأمل فيما رواه الشيخان، وابن ماجه عن عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عنه وعن أبويه قال: كنت غلاماً في حجر رسول صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحف، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا غلامُ! سَمِّ الله، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ"(1).

وينبغي أن يعلمه النظافة، ويحسنها له في الثوب والبدن والمجلس، ويحبب إليه الثياب البيض والثياب الخشنة دون الملونات والحرير - وإن كان ذلك مباحًا - ويعرفه أن ذلك يلبسه النساء والمخنثون ليعتاد التمعدد والرجولية.

فأما الصبية فلا بأس بإلباسها شيئًا من ذلك، ويُحفظ الصبي عن معاشرة الصبيان الذين عودوا التنعم والترفه ولبس الثياب الفاخرة، وعن مخالطة كل من يخشى من سريان طبعه إليه.

وقد روى الدينوري في "المجالسة"، ومن طريقه الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" عن سليمان بن داود اليحصبي قال: رأيت محمد ابن الفضل الدمشقي - وكان من نبلاء الصوفية ورؤسائهم - يضرب ابناً له صغيراً، فقمت إليه لأخلصه منه، فقال: إليك عني؛ فإني أحب أن أبلغ من عقوبته اليوم أمراً أرضي الله به.

فقلت: وما قصته؟

قال: رأيته يضحك إلى غلام من أقرانه.

(1) رواه البخارى (5061)، ومسلم (2022)، وابن ماجه (3267).

ص: 215

قلت: وما أنكرت من ذلك؛ صبي ضحك إلى تِرْبه؟

فقال: أكره أن أجرئه على معاصي الله، فيأتي اليوم صغيرة ويركب غداً كبيرة (1).

وإنما الحديث على ما ينشأ عليه من الخير والشر؛ فإنه زجر عن الشر في صغره تخطاه في كبره، وإن هو ترك عليه تمادى في غيه، ولم يشك إلا أنه الأمر الذي ندب إليه.

وروى أبو نعيم عن حسان بن عطية رحمه الله تعالى قال: أبصر أبو الدرداء رجلًا وقد زوق ابنه فقال: زوقوهم بما شئتم؛ فذلك أغوى لهم (2).

ثم ينبغي أن يشغله بتعليم القرآن والكتابة، ويسمعه أحاديث الأخيار والأبرار، وحكايات الصالحين لينغرس حب الصالحين في قلبه، فيرغب في اتباعهم والاهتداء بهديهم، ويُحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر العشق وأهله، ومدح الخمر، وذكر الهزل والمجون؛ فإن ذلك يزرع في قلبه بذر الفساد، ويحسن له سبيل أهل الغي.

وإذا ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمود فينبغي أن يحمد به، ويستحسن منه، ويُكرم عليه، فإن خالف ذلك مرة فينبغي أن يتغافل عنه، ولا يكاشف به، خصوصاً إذا ستره الصبي واستخفى به،

(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(55/ 94).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 223).

ص: 216

فإن عاد إليه مرة أخرى عوقِبَ عليه سراً، وهُوِّلَ عليه فيه، ويقال له: إياك أن يطلع عليك أحد وأنت كذلك فتفتضح!

ولا يكثر عليه الملامة فيهوِّن عليه سماعَها وركوبَ القبائح.

والإفراط في ذلك ربما أوجب في الصبي القحة والجرأة، وربما حملته عرامة نفسه على التجاهر بما كان يستخفي منه، والشيء إذا تجاوز عن حده يعكس إلى ضده.

وليحفظ الأب نفسه الكلام معه، ولا يوبخه إلا أحياناً، وينبغي للأم أن تخوفه من الأب، ولهما أن يخوفاه من المؤدب والمعلم، وينبغي للأم أن تزجره عن القبائح، وتحذره أن يطلع أبوه عليها، ويحذره الأب من اطلاع مؤدبه على قبائحه، ويعظم مقام المؤدب عنده، ويمنع من كثرة الكلام، بل ينبغي لأمه أن تعلمه السكوت والأدب في حضور أبيه ليربو معه هذا الأدب مع أبيه ومع غيره، وتعلمه الأدب في الخطاب والجواب، وحسن المعاشرة، وأن لا يتكلم في أمر مع وجود أكبر منه، ويعلمه والده أن لا يتكلم في مجلس الرجال، بل يسكت ولا يبادرهم بالكلام، بل يكون كلامه جواباً.

روى ابن أبي الدنيا في "الصمت" عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى قال: كان إذا تكلم الحَدَث عندنا في الحلقة آيسنا من خيره (1).

وينبغي أن يمنع من نوم النهار؛ فإنه يُورث الكسل، اللهم إلا أن

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان"(ص: 265).

ص: 217

يعلم القيلولة.

ويمنع من استيفاء الليل في النوم، ومن النوم عند طلوع الفجر، وفي وقت الضحى، وبعد العصر لما ورد مما يدل على كراهية ذلك.

وُيعَوَّد خشونة المفرش، والأكل، والقيام في أمر نفسه، والقيام في خدمة من يستحق الخدمة من أب أو شيخ، ولا يترك في رفاهيته، ولا يتابع في رأيه، ولا يستناب في شيء، بل يعلم الاستشارة والتأني، ويمنع من العجلة؛ فإن كمال الرأي تابع لكمال العقل، وإنما يتم العقل بالبلوغ، ومن هذا كانت إمارة الصبي مذمومة.

أنشد الإمام أبو بكر الشاشي لبعضم كما رواه ابن السمعاني: [من الكامل]

شَيْئانِ يَعْجَزُ ذُو الرِّياضَةِ عَنْهُما

رَأْيُ النِّساءِ وَإِمْرَةُ الصِّبْيانِ

أَمَّا النساءُ فَمَيْلُهُنَّ إِلَى الْهَوى

وَأَخُو الصِّبا يَجْرِي بِكُلِّ عِنانِ (1)

وينبغي أن يمنع مما يستخفي به لئلا يتعود الجرأة على القبيح، ويعرف أن الله تعالى يطلع على ما يفعله العبد سراً، ويؤاخذه بفعله القبيح سراً أو جهراً لتنغرس التقوى والخوف من الله تعالى في قلبه.

وَيُعَوَّد المشي والحركة في بعض النهار لئلا يغلب عليه الكسل، ويُنهى عن الإسراع في المشي، ويؤمر بأن ينظر إلى ما بين يديه حين

(1) البيتان لأبي عثمان المازني. انظر: "معجم الأدباء" لياقوت الحموي (2/ 352).

ص: 218

يمشي لئلا يعثر أو يؤذى، ويُخَوَّف من الأمور المَخُوفة حالًا ومآلاً، ويمنع من الافتخار على أقرانه بشيء مما يملكه أبوه، أو بمطعمه، أو ملبسه، أو لوحه، أو دُواته، أو بحَسَبه أو نسبه، أو جاه أبيه أو قريبه.

وُيعَوَّد إلى التواضع والتلطف في الكلام، والعفو، والسخاء، والامتناع عن الأخذ من الصبيان أو غيرهم.

وُيقَبَّح له حب الدرهم والدينار، ويُعَرَّف أن الرزق مقسوم، ويُعَلَّم التوكل على الله، وانتظار ما عنده، والسؤال منه لا من غيره، ويُمْنَع عن الطلب من الناس إلا من أبيه أو من يتولَّى أمره.

وُيمْنَع من التأنث في الكلام، ومن كثرة الكلام، ومن كثرة الأيمان، ومن اليمين مطلقًا ولو كان صادقاً.

ويُعَلَّم تعظيم الأكابر والتأدب معهم والقيام لهم، وأن يجلس بين أيديهم متأدباً على ركبه، مسكناً أطرافه، مطرقاً ببصره، ويُمْنَع من لغو الكلام وفحشه، ومن اللعن والسب، ومن مخالطة من يجري على لسانه شيء من ذلك، ويُقَبَّح إليه البصق، والامتخاط، والتجشؤ، والتثاؤب في حضور غيره، ويُحَذَّر من الحُصاص والإضراط بفمه، والإشارة بيده إلى غيره بإساءة الأدب، وأن يستدبر غيره، أو يمد رجليه بين يدي غيره، أو يضع رجلًا فوق أخرى ولو كان خاليًا وحده، أو يضرب بيده تحت ذقنه، أو يعتمد على ساعديه برأسه؛ فإن ذلك دليل الكسل، بل يمنعه مطلقًا من العبث والولع بالشيء خصوصاً بحضرة الناس، ويُعَلَّم كيفية الجلوس.

ص: 219

ويُعَلَّم طاعة أبيه وأمه وبرهما، ويُمْنعَ من سوء الأدب معهما، وأن يتأدب مع معلمه ومؤدبه ومن هو أكبر منه، وأن ينظر إليهم بعين الجلالة والمهابة والتعظيم، ويُعَلَّم مواساة إخوانه ومحبتهم وإيثارهم، ويُقَبَّح إليه الاستئثار عنهم بل مطلقاً، ومهما أساء إلى أحد من إخوته أو غيرهم أُدِّبَ أو عوقب، وإذا ضربه أبوه أو معلمه فينبغي أن يصبر على ذلك، ويُنْهَى عن الجزع والصخب، ويُعَرَّف أنه دأب النساء والمماليك، ولا يذم معلمه في حضرته على ضربه، ولا يعاتب عليه بحضوره، بل يمدح ويشكر، وينسب إلى التقصير في التربية.

ص: 220