الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - ومنها: إيثار الدنيا على الآخرة، والطمع في الدنيا
، وسخط ما رزق منها، وعدم الرضا بما قسم له منها، واحتقار منزلته منها، والحسد عليها.
قال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 - 17].
ولا شك في جهل من آثر الدُّون على الخير.
روى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، وأبو نعيم من طريقه عن شميط بن عجلان رحمه الله تعالى قال: يَعْمَدُ أحدهم فيقرأ القرآن، ويطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا يضمها إلى صدره، وحملها فوق رأسه، فنظر إليه ثلاثة ضعفاء: امرأة ضعيفة، وأعرابي جاهل، وأعجمي، فقالوا: هذا أعلم بالله منا، لو لم ير في الدنيا خيره ما فعل هذا، فرغبوا في الدنيا وجمعوها.
قال عبد الله بن شميط: وكان أبي يقول: فمثله كمثل الذي قال الله عز وجل: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25](1).
وروى الدارمي عن عبيد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه: مَنْ أرباب العلم؟
قال: الذين يعملون بما يعلمون.
قال: فما ينفي العلم من صدور الرجال؟
(1) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 130).
قال: الطمع (1).
وعن هشام صاحب الدَّستوائي: أنه قرأ في كتاب بلغه أنه من كلام عيسى عليه السلام: كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه واحتقر منزلته، وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته؟
كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له، فليس يرضى شيئاً أصابه؟
كيف يكون من أهل العلم مَنْ دنياه آثرُ عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة؟
كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه - أو قال: أحب إليه مما ينفعه -؟
كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به، ولا يطلب ليعمل به؟
وأخرجه أيضاً الإمام أحمد في "الزهد" بزيادة (2).
وروى ابن أبي شيبة، والدارمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لا يكون الرجل عالماً حتى لا يحسد من فوقه، ولا يحقر من دونه، ولا يبغي بعلمه ثمناً (3).
(1) رواه الدارمي في "السنن"(575).
(2)
رواه الدارمي في "السنن"(368)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: 75).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34629)، والدارمي في "السنن"(290).
وتقدم من رواية أبي نعيم نحوه (1)، وثمت نحوه عن أبي حازم (2).
وقال ابن سيرين رحمه الله تعالى: سبعة يهلكون بسبعة: أهل البادية بالجفاء، وأهل القرى - أي: غير المدن الكبيرة - بالجهل، والعرب بالعصبية، والدهاقين بالكبر، والسلاطين بالظلم، والعلماء بالحسد.
وروى البيهقي بمعناه حديثاً عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَبْعَةٌ يُعَذِّبُهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ يَومَ القِيامَةِ: الأُمَراءُ بالْجَوْرِ، وَالْعُلَماءُ بِالْحَسَدِ، وَالعَرَبُ بِالعَصَبِيَّةِ، وَأَهْلُ الأَسْواقِ بِالْخِيانَةِ، وَالدهاقِين بِالْكِبْرِ، وَأَهْلُ الرَّساتِيقِ بِالْجَهْلِ"(3).
وروى أبو نعيم عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: الحسد إنما يكون من لؤم العنصر وتعادي الطباع، واختلاف التركيب، وفساد مزاج البنية، وضعف عقد العقل، والحاسد طويل الحسرات، عادم الراحات (4).
وقد علمت فيما تقدم أنَّ أولَ مَنْ حَسَدَ إبليسُ اللعين؛ حَسَدَ آدمَ
(1) تقدم قريباً.
(2)
رواه الدارمي في "السنن"(292)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 243) وسيأتي لفظه.
(3)
ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(3491). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 865).
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(12/ 167).